روى الجراح المتطوع مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين، في مستشفى ناصر المتواجد بقلب قطاع غزة المحاصر، نيك ماينارد، تفاصيل تطوّعه جنوب غزة، بالقول: "أنا أكتب من مستشفى ناصر حيث انتهيتُ للتو من إجراء عملية جراحية لطفلة مراهقة، أخرى، تعاني من سوء تغذية حاد". 

وتابع ماينارد، خلال تقرير له، نشرته صحيفة "الغارديان" الأمريكية: "ترقد رضيعة عمرها سبعة أشهر في وحدة العناية المركزة للأطفال، صغيرة الحجم وتعاني من سوء التغذية لدرجة أنني ظننتُها في البداية مولودًا جديدًا.

إن عبارة: جلد على عظم، لا تُنصف ما لحق بجسدها من دمار. إنها تتلاشى أمام أعيننا، ورغم كل جهودنا، لا نستطيع إنقاذها. نشهد الآن تجويعا متعمدًا في غزة".

وأبرز الجراح المتطوّع، عبر التقرير الذي ترجمته "عربي21" بالقول: "هذه هي زيارتي الثالثة لغزة منذ ديسمبر 2023؛ شهدتُ حوادث إصابات جماعية، ودقّقتُ ناقوس الخطر بشأن سوء التغذية في يناير 2024. لكن لا شيء يُهيئني للرعب المُطلق الذي أشهده الآن: معاقبة شعب بأكمله بالتجويع".

وتابع: "أصبحت أزمة سوء التغذية كارثية منذ زيارتي الأخيرة. كل يوم أشاهد المرضى يتدهورون ويموتون، ليس بسبب إصاباتهم، بل لأنهم يعانون من سوء تغذية شديد يمنعهم من النجاة من الجراحة. تنهار عمليات الإصلاح الجراحية التي نجريها، ويصاب المرضى بالتهابات خطيرة، ثم يموتون. يتكرر هذا الأمر مرارًا وتكرارًا، ومن المحزن مشاهدته". 

وأضاف: "توفّي أربعة أطفال رضع في الأسابيع القليلة الماضية في هذا المستشفى، ليس بسبب القنابل أو الرصاص، بل بسبب الجوع"، مردفا: "تبذل العائلات والموظفون قصارى جهدهم لإدخال ما في وسعهم، لكن الطعام المتوفر في غزة لا يكفي. أما بالنسبة للرضع، فنكاد لا نملك حليب أطفال. يُعطى الأطفال سكر العنب (ماء سكري) بتركيز 10 في المئة، وهو عديم القيمة الغذائية، وغالبًا ما تعاني أمهاتهم من سوء التغذية الشديد الذي يمنعهن من الرضاعة الطبيعية".

"عندما حاول زميل دولي إدخال حليب أطفال إلى غزة، صادرته السلطات الإسرائيلية" استرسل المتحدّث نفسه، مضيفا: "نهج نتنياهو مزدوج، هو: منع دخول الغذاء إلى غزة، وترك المدنيين اليائسين بلا خيار سوى التوجّه لنقاط التوزيع العسكرية للحصول على بعض الإمدادات المحدودة".

وأورد الجراح الاستشاري في مستشفى جامعة أكسفورد، الذي يسافر بانتظام إلى غزة منذ 15 عاما: "حتى مايو/ أيار، كان في غزة أكثر من 400 نقطة توزيع مساعدات، حيث يمكن للناس الحصول على الغذاء بأمان. أما الآن، فلم يتبقَّ سوى أربع نقاط من هذه النقاط العسكرية في الجنوب، حيث تتعرض العائلات الجائعة لخطر الهجوم المستمر".


وتابع: "أسمع عن عشرات الإصابات التي تتدفق يوميًا على أقسام الطوارئ في غزة، وكثير منها ناجم عن طلقات نارية من نقاط التوزيع العسكرية. أجريتُ عمليات جراحية لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، يقول أقاربهم إنهم أُصيبوا بالرصاص أثناء محاولتهم الحصول على طعام لعائلاتهم".

وأضاف: "في الأسبوع الماضي، توفّي طفل في الثانية عشرة من عمره على طاولة العمليات، متأثرًا برصاصة اخترقت بطنه، في ما يمكن وصفه بأنه فخّ مميت لمن يسعون للحصول على قوت يومهم. كما أبلغ زملائي في قسم الطوارئ عن نمط مثير للقلق: حيث تركزت الإصابات على أجزاء محدّدة من الجسم في أيام مختلفة، الرأس، والساقين، والأعضاء التناسلية؛ ما يشير إلى استهداف متعمد لتلك الأجزاء من الجسم".

وأكّد: "في الأيام الأخيرة، أجريتُ عملية جراحية لامرأتين أُصيبتا برصاص طائرات رباعية المحركات أثناء احتمائهما في خيامهما قرب أحد المواقع، وفقًا لمن أحضروهما. كانت إحداهما تُرضع طفلها عندما أُصيبت، بينما كانت الثانية حاملًا. لحسن الحظ، نجتا من إصاباتهما حتى الآن".

"لم تكن هاتان المرأتان تطلبان المساعدة، بل كانتا ببساطة تحتميان في مناطق يُفترض أنها "آمنة" لكنها معرضة لنيران عشوائية من جهاز الجوع المُجهز بأسلحة الجيش الإسرائيلي" بحسب التقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".

واسترسل: "ليس المرضى هنا وحدهم من يعانون من سوء التغذية، بل أيضًا العاملون في مجال الرعاية الصحية. عندما وصلتُ لأول مرة، بالكاد تعرفتُ على زملائي الذين عملت معهم العام الماضي، فقد بعضهم 30 كيلوغرامًا من وزنهم. في وقت الغداء، يتّجه بعض الأطباء والممرضين إلى مواقع التوزيع، مدركين أنهم يُخاطرون بحياتهم، لكن لا خيار أمامهم إن أرادوا إطعام عائلاتهم".

وأبرز: "مستشفى ناصر هو آخر مستشفى رئيسي عامل في جنوب غزة، لكننا نعمل على حافة الانهيار، نعاني من آثار الهجمات السابقة، ونعاني من كثرة الإصابات، كل ذلك في ظل نقص حاد في كل شيء. لقد أدى تدمير نتنياهو الممنهج للنظام الصحي في غزة إلى حصر الاحتياجات الطبية الملحة في هذا المرفق الوحيد، مستهدفًا بشكل مباشر العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى". 

وأضاف: "هذا الأسبوع فقط، قُتل أحد ممرضينا الأعزاء في قسم العمليات في خيمته مع أطفاله الثلاثة الصغار. وفي غزة رأيت معاناة الأطفال وبطولة العاملين في المجال الصحي وهم يحاولون إنقاذهم".

وأورد بالقول: "أود أن أكون واضحا: ما يُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة وحشيٌّ ويمكن منعه تمامًا. لا أصدق أننا وصلنا إلى مرحلةٍ يتفرّج فيها العالم على أهل غزة وهم يُجبرون على تحمّل الجوع والقصف، بينما المساعدات الغذائية والطبية موجودةٌ عبر الحدود على بُعد أميالٍ منهم".


وأوضح: "سوء التغذية القسري والهجمات على المدنيين ستودي بحياة آلاف آخرين إن لم تتوقف فورًا. كل يوم من التقاعس يعني موت المزيد من الأطفال، ليس فقط بالرصاص أو القنابل، بل أيضًا من الجوع. إن وقف إطلاق نار دائم، وتدفق المساعدات بحرية وأمان عبر منظومة الأمم المتحدة، ورفع الحصار، كلها أمور ضرورية الآن، وكلها قابلة للتحقيق بالإرادة السياسية".

وأردف: "استمرار تواطؤ حكومة المملكة المتحدة في فظائع إسرائيل أمرٌ لا يُطاق، ولا أريد أن أقضي يوما آخر أُجري عملياتٍ جراحيةً لأطفالٍ أُطلِقَ عليهم النار وجوعوا على يد جيشٍ تدعمه حكومتنا. سيُحاسب التاريخ ليس فقط مرتكبي هذه الجرائم، بل أيضًا مَن وقفوا متفرجين".

وختم بالقول: "من داخل مستشفى ناصر، أقول لكم: هذا مُتعمّد، هذا يُمكن تجنّبه، ويجب أن يتوقف الآن".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية غزة غزة أطفال غزة جراح بريطاني جريمة انسانية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سوء التغذیة مستشفى ناصر من سوء فی غزة

إقرأ أيضاً:

فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية بقرى الدقهلية

أعلن الدكتور حمودة الجزار، وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، أنه تم توقيع الكشف الطبي على 65,745 طالبًا بالمرحلة الابتدائية بالمنشآت التعليمية بريف المحافظة، وذلك خلال الأسبوع الأول من العام الدراسي الجديد، وفي إطار انطلاق المبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية (الأنيميا – السمنة – التقزم والنحافة)، التي تستهدف تحسين المؤشرات الصحية للأطفال في سن التعليم المبكر.

تأتي المبادرة تحت رعاية 
الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، وبإشراف الدكتورة منى خليفة، مدير عام إدارة المبادرات، والدكتور تامر سمير، منسق المبادرة الرئاسية بوزارة الصحة.

وأوضح “الجزار” أن الفرق الطبية المنتشرة بجميع الإدارات الصحية تواصل أعمال الفحص داخل المدارس الابتدائية، لقياس الطول والوزن ونسبة الهيموجلوبين بالدم، بهدف الاكتشاف المبكر لأي مشكلات صحية قد تؤثر على النمو الجسدي والعقلي للطلاب، مشيرًا إلى أن المديرية تتابع تنفيذ المبادرة بشكل يومي لضمان تحقيق أهدافها.

وأكدت الدكتورة زينب ربيع أن المبادرة تشمل تغطية جميع مدارس الريف طبقًا لخطة متكاملة، مع توفير المتابعة والعلاج المجاني للحالات التي يثبت إصابتها بأي من أمراض سوء التغذية، مشيرةً إلى أن الجهود مستمرة للوصول إلى جميع طلاب المحافظة.

وأشارت الدكتورة ولاء السعيد  الى أن التعاون بين الإدارات التعليمية والمجتمع المدني ساهم في تسهيل أعمال الفحص وضمان دقة النتائج، مؤكدةً استمرار المبادرة خلال الفترة المقبلة حتى استكمال الفحص في باقي المدارس.

طباعة شارك الدقهلبة محافظة وكيل صحة طلاب

مقالات مشابهة

  • تقرير بريطاني: الحكومة الشرعية تفقد أهميتها والحوثي خرج أقوى بعد حرب إسرائيل (ترجمة خاصة)
  • أم تكتشف مفاجأة صادمة في حديثه مع “روبوت”
  • 90 % من سكان غزة يعانون من سوء التغذية و100 ألف طفل يواجهون المجاعة
  • دراسة صادمة: كل دقيقة أمام الشاشة تكلف الطفل علامة في تحصيله الدراسي
  • فوائد صادمة لـ "الكيمتشي".. ما علاقته بصحة القلب ؟
  • نصف مليون يعودون إلى غزة وأرقام صادمة عن الدمار الهائل
  • دعم بريطاني لبرامج الأمم المتحدة لتعزيز حقوق المرأة في لبنان
  • الدقهلية: فحص 65 ألف طالب للكشف عن أمراض سوء التغذية
  • فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية بقرى الدقهلية
  • فحص 65 ألف طالب ضمن مبادرة علاج أمراض سوء التغذية بالشرقية