آخر تحديث: 7 غشت 2025 - 11:41 ص خضير الزيدي نندهش أمام عملية الرسم التي تنطوي على جمال، فهي ممارسة لا نعرف أسرارها وطبيعة العلاقات التي تتمثل بين الفنان ولوحته، ولا نفهم الأسباب التي تجعل فنانا يتجاوز السبعين من عمره وهو يمارس الرسم بكل ما أوتي من ذهنية وخيال وإرادة. فما الذي يعني كل هذا؟ هل هناك امكانية خيال تريد توضيح الحقائق في الحياة اليومية أمام عين المتلقي، أم هو استعمال لحرفة الغاية منه الربح وتحقيق اتصال ما يمكن أن نطلق عليه الاعتراف بذات الفنان أمامنا؟ كل ذلك لوحده لا يكفي أن نطلق الآراء، فهناك استجابة نفسية حادة وروح تلجأ إلى الجمال وتبحث فيه.
ففي حقب معينة كان الفن قضية جوهرية وكان انتقاءً له خصائص مميزة أسوة بغيره من الفنون الإنسانية، وبات التعامل مع اللوحة وكأنه جزءٌ فعالٌ من ذات الفنان وهويته في المجتمع. ويمكن أن تقوم عملية الرسم عند البعض على أنها تعويض عن غياب أو فقدان لجوانب معينة وحينها ستعكس وعيا مختلفا لا يمكن أن نطلق عليه جزافا أنه اغراء يخصص لوقت معين وأناس معينين. الفن عند طبقة ممن يمارسه بدقة مسؤولية أخلاقية، وله مواقف تضيء ذات الفنان وهنا سيكون من المفيد أن نذكّر القارئ عن وجود منهج معرفي معين يتبعه الفنان. يتخذه سبيلا لاعتماد نتاجه من الرسومات وحتى التكوينات الشكلية الغريبة على المتلقي، التفكير في الرسم يأتي من تفاعل مخيلة مع وعي حاد وموقف يبنى بما ينسجم مع البيئة الاجتماعية والمعرفية. إن فنانين تأملوا الطبيعة ولم يفعلوا مع الرسم ما يشابهها في الشكل إنما خرجوا بصيغ تجريبية لا يمكن أن تقارن بالأشكال المخططة لها في وجود الطبيعة تأكيدا على بعد نظري لما يحيي الفن، والواقع لهذا سنجد ممن يمارس الرسم لا يقارن لوحته بالطبيعة وسيكون هذا التشويه على وفق مستويات معرفية وإدراك لحاجة نفسية ملحة على العكس ممن انغمروا بالتفكير بنقل الوقائع اليومية والتراثية. فهؤلاء أرادوا ربط التاريخ بحبل سري يلقي بآثاره على نمط من مسوغات الوقائع، لكن بالمقابل التفكير بهدم الميثولوجيا والمعتقدات والطور التقليدي للفن سيحتاج لكسر رتابة التكرار، ومن هنا سيعتمد الفنانون على ايصال فكرة مغايرة لصالح رؤية تؤسس لخطاب التغيير والتجريب في الرسم وهذا ما صنعه (موندريان وسيزان وبيكاسوا). لا نجد حاجة تفرض علينا أن نتابع اعمالا فنية بلا متخيل يذكر، مع أن لكل فنان حرية شاسعة من التفكير والتوجه والاطمئنان إلى ما سيوثقه العمل الفني من تركات، لكن بالمقابل سنتابع عشرات اللوحات من دون غاية تعبيرية، فهل ينطبق هذا الأمر على عملية التفكير بمخرجات نص بصري له تأثيرات على إحساسنا؟ إننا نجابه ما يحدده الشكل والمنجز مع الاعتقاد المسبق بأن ليس كل شكل في اللوحة عملا يثيرنا، فما الحل في مثل هكذا موضع؟ العديد من الفنانين يتجاوزون موضوعة الشكل في حدود اطار لعبة تتداول في مخيلتهم، لكننا كمتلقين نصر على ايجاد روابط بين الشكل وما يرسله من تعبيرية. ثمة نوع من التعالي والقفز على حقيقة المتلقي وبقدر ما يلف العمل الفني الغموض والتشويه فان مهابة اللوحة تفقد أكثر من حقل ونحن نهم باستكشاف تبعاتها المضمونية، لن يكون الشكل صعبا في مواجهة التمثيل واستشراف الوصف الرمزي، لكن يبدو أن تفكير الفنان في حدود عمله الفني لا يكرس مبدأ الفصل بين ما يريده المتلقي، وما يبعده الفنان من شوائب في لوحته كما يحصل في تشويه الوجوه والرأس ورسم أجساد بشرية بدينة. إن ذلك الايقاع الذي نبحث عنه في تعبيرية هذه الأوصاف لا يستطيع الفنان شرحها لانه غير مسؤول عن جهلنا أو عدم درايتنا بما يفكر به، لهذا يبقى التفكير بالرسم قضية الفنان لوحده، وليس لدينا الحق في أن نسترق السمع فيما يدور في خلجات نفسه، لأن الفنان الذي يبهرنا ما زال يتحدث مع خياله.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
بدء عملية تسليم جثث المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة
أفاد مراسل قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل، ببدء عملية تسليم جثث المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه يشكر ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، على جهوده في إعادة المحتجزين من غزة.
وأضاف الرئيس الأمريكي، خلال كلمته في الكنيست، أننا نشهد يوما عظيما ونشكر كل من ساهم في ذلك، ونحتفل بإعادة المحتجزين الإسرائيليين وتعزيز السلام في المنطقة.