بوابة الوفد:
2025-07-08@07:04:33 GMT

بوتين الأسود

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

خلال كتابة هذه السطور كانت أفريقيا على موعد لانقلاب جديد تفقد خلاله فرنسا مخزن بترول مهمًا مثلما فقدت من قبل منجم اليورانيوم الفرنسى بانقلاب النيجر.

الانقلاب الجديد حدث فى الجابون خامس مصدر للبترول فى أفريقيا وإحدى مستعمرات فرنسا السابقة.

لم تكن الجابون واحة الديمقراطية الفرنسية كما ستحاول باريس تسويقها بعد الانقلاب؛ لمحاولة إجهاضه، وإنما الجابون حكمها لعقود أب هو عمر بونجو وورثها عنه ابنه على بونجو.

أصابع الرئيس الروسى بوتين بالطبع ليست غائبة عما حدث فى الجابون ومن قبلها انقلابات مالى وبوركينا فاسو والنيجر والتى انتهت جميعها بطرد القوات الفرنسية للأبد من هذه الدول لتحل محلها قوات فاجنر الروسية.

ولا يخفى على أحد الإعجاب الواضح من كل قادة الانقلابات فى هذه الدول بشخصية الرئيس الروسى بوتين، ونزعة التحرر الواضحة التى تجتاح أفريقيا رغبة فى إنهاء الوجود التاريخى لفرنسا فى تلك الدول 

هذا الإعجاب الذى بدا واضحا على قائد انقلاب بوركينا فاسو الشاب العسكرى إبراهيم تراورى الذى لقب ببوتين الأسود.

الكابتن إبراهيم تراورى، كما يطلقون عليه يقال عنه إنه كان تلميذا ذكيا وخجولا، أحدث ضابط يستولى على السلطة فى انقلاب عسكرى فى بوركينا فاسو، إحدى مستعمرات فرنسا السابقة فى الغرب الأفريقى. 

أطاح تراورى برفيقه السابق، اللفتينانت كولونيل بول-هنرى داميبا فى 30 سبتمبر الماضى، بعد أن اتهم الأخير بعدم الوفاء بتعهده بالقضاء على التمرد الإسلامى الذى تشهده بوركينا فاسو منذ عام 2015. 

ولد تراورى عام 1988، أى أنه يبلغ من العمر 34 عاما، ما يجعله أصغر زعيم دولة فى أفريقيا، ويضعه فى مصاف قائدَى الانقلاب الآخريَن فى أفريقيا حاليا، الزعيم الغينى الكارزمى الكولونيل مامادى دومبويا الذى ولد عام 1981، وزعيم مالى الكولونيل أسيمى غويتا المولود فى عام 1983. 

وقال الكابتن تراورى لمسؤولى حكومة بوركينا فاسو بعد الانقلاب : «أعلم أننى أصغر من معظمكم هنا. إننا لم نكن نريد ما حدث، لكن لم يكن أمامنا خيار». 

وعلى نهج ابراهيم تراورى أو بوتين الأسود يسير باقى قادة الانقلابات الجديدة متوجهين جميعا نحو موسكو التى وجدوا فيها الكرامة الأفريقية التى سلبتها فرنسا منهم على مدار عقود، وكما قال أحد قادة الانقلابات الجدد فى تلك الدول:كنا نعامل كعبيد فى بلادنا 

خرجت فرنسا والغرب من أهم معاقلهم ومصدر ثرواتهم رويدا رويدا وانفرط عقد الاستعمار الناعم الذى كان يقوم على سلب الثروات،والسيطرة على القرار الأفريقى بوضع عملاء باريس على رأس السلطة فى هذه الدول 

هل استبدلت افريقيا استعمارا فرنسيا بآخر روسى؟ بوتين يلعب بذكاء شديد ويطرح روسيا شريكا لأفريقيا وليس مستعمرا يبحث عن إرث فرنسا فى ثروات افريقيا، بل يعرض بوتين إرسال الحبوب والغذاء إلى إفريقيا، ويتكفل بتوفيره للقارة الجائعة، ويلوح بورقة بريكس وضم دول جديدة للتجمع الاقتصادى الذى تقوده روسيا، ويستهدف بالأساس دول الجنوب وفى القلب منها إفريقيا.

انفرط العقد الغربى الفرنسى، وإفريقيا تتشكل من جديد بطموحات قومية وقادة شباب يرون فى بوتين رمزا لتحررهم، ومعها تتشكل خريطة جديدة للعالم تنهى تحكم القطب الواحد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فى أوربا، وقد تصبح إفريقيا الجائعة والغنية فى نفس الوقت بثرواتها لاعبا أساسيا فى العالم الجديد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بوتين الأسود السطور الانقلاب الجديد بورکینا فاسو

إقرأ أيضاً:

علي فوزي يكتب.. يوليو الأسود على الجماعة

 

لم يكن شهر يوليو شهرًا عاديًا بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، ففي وقت كانت فيه الجماعة تراهن على تحولات إقليمية أو توازنات دولية تعيد لها شيئًا من الحضور أو الشرعية، باغتها الواقع بسلسلة من الضربات القاسية في أكثر من ساحة، لتدخل في نفق جديد من العزلة والارتباك، فيما يمكن وصفه بحق بـ "يوليو الأسود" على الإخوان.

من تركيا إلى لندن.. أبواب تغلق

بداية الشهر حمل إشارات صريحة من أنقرة، التي كانت يومًا ما الحاضن الأكبر لقيادات الإخوان بعد 2013، بأن تركيا لم تعد مستعدة لأن تكون منصة دائمة لأنشطة التنظيم.

تصريحات مسؤولين أتراك عن "ضرورة احترام سيادة الدول العربية" و"عدم التدخل في شؤونها الداخلية"، أعقبها تقليص فعلي لنشاط قنوات ومنصات إعلامية تابعة للجماعة على الأراضي التركية، مع قيود غير معلنة على تحركات بعض رموزها.

في بريطانيا، التي مثلت تقليديًا ملاذًا آمنًا للقيادات السياسية والإعلامية، كانت المفاجأة الأكبر هذا الشهر مع تشديد الخطاب الأمني ضد "جماعات الإسلام السياسي" ومراجعة الحكومة البريطانية لوضع بعض الكيانات المرتبطة بالإخوان، خصوصًا بعد تصاعد الانتقادات في البرلمان بشأن تمويلات مشبوهة وتحريض عبر وسائل إعلام مرتبطة بالجماعة.

في مصر.. عودة الدولة وتآكل الرصيد

في الداخل المصري، بدا أن الجماعة فقدت ما تبقى من تعاطف شعبي، فمع تصاعد الدور التنموي للدولة وتراجع الأزمات الاقتصادية تدريجيًا، لم تعد الرواية الإخوانية تجد صدى واسعًا.

الأسوأ للجماعة، هو بروز شهادات جديدة من داخل بعض السجون، تحمل نقدًا ذاتيًا قاسيًا لتجربة الإخوان في الحكم، وتشير إلى أن التنظيم أخفق في إدارة الدولة وتسبب في انقسام خطير للمجتمع.

إرهاب الإخوان 
التنظيم الدولي.. تفكك وتصدعات

في يوليو أيضًا، طفت إلى السطح صراعات علنية بين أجنحة التنظيم الدولي للإخوان، خصوصًا بين مكاتب الخارج (لندن–إسطنبول–الدوحة) حول الرؤية المستقبلية للجماعة.

تقارير إعلامية تسربت عن صراع نفوذ على مصادر التمويل، وعن اتهامات متبادلة بالفشل والاختراق، تؤكد أن "وحدة التنظيم" لم تعد قائمة، وأن القيادة المركزية فقدت زمام الأمور.

الرأي العام العربي.. الوعي يتقدم

التحولات الكبرى التي شهدها الرأي العام العربي خلال العقد الأخير، كانت أحد أكبر التحديات التي تواجه الإخوان اليوم.

فمفردات مثل "التمكين"، "الخلافة"، "الشرعية"، فقدت بريقها في وجدان الشعوب التي عايشت آثار الفوضى والانقسام.

يوليو جاء محمّلًا برسائل من شعوب المنطقة – لا سيما في السودان وتونس وليبيا – بأن التجربة مع الإسلام السياسي كانت مكلفة، وأن مستقبل الاستقرار لا يمر عبر بوابة التنظيمات المؤدلجة.

سقوط بلا ضجيج

الجماعة التي كانت تملأ الدنيا صخبًا ذات يوم، تمر الآن بواحدة من أكثر مراحلها خفوتًا وهشاشة.

يوليو 2025 لم يكن مجرد شهر عادي في تقويم الإخوان؛ بل كان شاهدًا على ما يبدو أنه بداية النهاية لنفوذهم، ليس بفعل قرار سياسي واحد، ولكن نتيجة تراكم فشل، وتراجع حاضنة، وسقوط سردية.

لقد دخلت الجماعة طور "الكمون السلبي"، لا تملك مشروعًا واضحًا، ولا قيادة موحدة، ولا سندًا إقليميًا صلبًا، ومع تعاظم الوعي الشعبي، يبدو أن طريق العودة إلى الواجهة قد أغلق.. على الأقل في الأمد المنظور.

 

 

علي فوزي الباحث في الشؤون العربية والإفريقية 

مقالات مشابهة

  • رباعي الغطرسة الأمريكية الزائف
  • المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي سفير بوركينا فاسو
  • بتر ذراع امرأة استرالية بعد هجوم أسد
  • قادة بريكس بغياب بوتين وشي ينتقدون الحمائية التجارية
  • ثورة 30 يونيو.. 12 عاما على الانطلاق «تصاعد الأزمة ومؤامرة الإخوان»
  • مصير العرب بعد لقاء ترمب مع نتياهو
  • علي فوزي يكتب.. يوليو الأسود على الجماعة
  • مقتل 10 جنود نيجريين في هجومين مسلحين
  • طب قصر العيني تستقبل وفد سفارة بوركينا فاسو دعمًا لبرنامج KAF
  • بعد 27 عاما.. رامي إمام يعيد مقطع فيديو لوالده من حفل زفافه