تلاميذ يحاولون نسيان فاجعة زلزال المغرب تحت خيام تحولت مدرسة
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
آسني "أ.ف.ب": خرج ابراهيم البورد فجرا ومشى ساعات من قريته النائية مع ابنه عبد الصمد إلى خيمة جُهزت لإيواء فصول دراسية في بلدة آسني جنوب مراكش، بعدما عطل الزلزال الذي ضرب المنطقة الدراسة في إعداديتها وتسبب بإغلاق نُزل الطلبة.
قطع ابراهيم مع ابنه البالغ من العمر 13 عامًا نحو 14 كيلومترا من قرية تينغار، مستعينين بمصباح يدوي، ومحاولين تجنب الكلاب الضالة على الطرق الجبلية الوعرة.
يقول الأب البالغ من العمر 45 عاما، "أبذل كل هذا الجهد لأجله. لا أريده أن ينقطع عن الدراسة. لكن الأمر صعب... لا أعرف إن كان سيتمكن من الاستمرار على هذا المنوال".
في ساحة فسيحة في بلدة آسني، بإقليم الحوز الأكثر تضررا من الزلزال، نصبت وزارة التربية الوطنية 32 خيمة لاستقبال 2800 تلميذ يدرسون في المستويين الإعدادي والثانوي من القرى المجاورة.
لكن إبراهيم يقول إن الكثير منهم يأتون من قرى بعيدة ويعرب عن "أمله في أن تفكر السلطات في توفير حافلات لنقلهم".
وهو ما ينطبق أيضا على سميرة آيت عشيشو (15 عاما) التي جاءت برفقة والدها من قرية أوسترك التي تبعد أكثر من 50 كيلومترًا إلى الشرق من آسني، مستعينين بسائقين على الطريق أقلوهما.
كانت سميرة تقطن في المدرسة الداخلية المخصصة لتلاميذ القرى النائية. لكنها أغلقت بسبب ما لحقها من أضرار جراء الزلزال الأعنف الذي هز المنطقة في 8 سبتمبر مخلفا نحو 3 آلاف قتيل حسب الأرقام الرسمية.
أدت الكارثة إلى إغلاق 530 مدرسة و55 مدرسة داخلية في المجموع، وتعليق الدراسة في أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة المنكوبة جنوبي مراكش والتي تضم قرى جبلية نائية منتشرة بين تضاريس وعرة.
وتضرر نحو مليون تلميذ من هذا الوضع الذي اعتبرته منظمة اليونسكو "مقلقا".
ورغم الظروف الاستثنائية ومشاق الطريق، مثل استئناف الدراسة متنفسا لأبناء المناطق المنكوبة لنسيان الفاجعة، كما هي الحال بالنسبة لسميرة التي قالت باستحياء "الطريق صعب، لكنني سعيدة بالعودة للمدرسة".
جاء التلاميذ بأعداد كبيرة إلى المخيم قبل استئناف الدراسة فعليا امس ، "لاعتبارات تنظيمية"، كما يوضح مدرس الفرنسية عبد الله زاهد.
ويضيف المدرس (32 عاما) "في مرحلة أولى نركز على الإنصات لتلامذتنا ومرافقتهم نفسيا... لكننا مستعدون لاستئناف الدروس ومراجعة برامجنا وإنجاح هذه السنة التي تبدو صعبة".
لكن أثر الزلزال ما زال عميقا في نفوس التلاميذ. تقول خديجة آيت علي (17 عاما) "لست في أفضل حالاتي، لكن عودتي للثانوية ولو تحت خيمة محاطة بصديقاتي يشعرني بالارتياح. لم أعد أرغب في البقاء وحيدة لأن ذلك يجعلني لا أفكر سوى في الزلزال".
وتتطلع خديجة لأن تصبح يوما ما مدرسة في إقليم الحوز.
لكن أمينة آيت عبد الله قالت إنها "لا تشعر بأنها مستعدة لاستئناف الدراسة... لم أستوعب بعد المأساة التي عشناها ولا أتوقف عن التفكير في البيت الذي فقدناه".
وأضافت أمينة وهي من سكان قرية ويركان الواقعة على بعد نحو 14 كيلومترًا جنوب غرب آسني، "كما أنني لا أطيق الخيام التي تذكرني بالزلزال والأحزان". وعبرت صديقاتها اللواتي أحطن بها عن الشعور نفسه.
من جهتها، قالت حسناء الحدادي إن ما يؤلمها هو أن ابنها يحيى ما زال يكتم الأسى الذي يشعر به جراء تداعيات الصدمة. وأضافت "أحاول أن أفعل كل ما بوسعي لأجعله يعبر عن قلقه. لديه خوف شديد من الهزات الارتدادية".
وقالت إن استئناف الدراسة يمثل "يوما خاصا" بعد كل ما عاشته الأسرة التي فقدت بيتها.
وهي حاولت إقناع ابنها البالغ من العمر 11 عاما بالانتقال إلى مراكش لكي يتابع دراسته هناك لكنه أبى. عن ذلك قال يحيى "أريد أن أبقى بجانب أصدقائي أنا سعيد بلقائهم اليوم".
ويأمل الآباء في أن تساعد العودة إلى أجواء الدراسة، ولو تحت الخيام، أبناءهم في الخروج من أجواء الأسى الذي خيم على المنطقة.
وقال جمال آيت حمان (43 عاما) الذي رافق إحدى بناته إلى آسني من قرية تمكوسني على بعد نحو 100 كيلومتر "أريدهن أن يكملن دراستهن لأن هذا سيتيح لهن نسيان مأساة الزلزل".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الجواهري: مشروع قانون العملة الرقمية قيد الدراسة
زنقة 20 ا الرباط
أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن المملكة دخلت رسميًا مرحلة الإعداد لإطار قانوني خاص بالعملة الرقمية، في خطوة تهدف إلى مواكبة التحولات المتسارعة في مجال الأصول الرقمية على الصعيد العالمي.
وأوضح الجواهري، في ندوة صحفية عقدها اليوم الخميس 3 يوليوز 2025، على هامش افتتاح المنتدى الـ23 للاستقرار المالي الإسلامي المنعقد بالعاصمة الرباط، أن بنك المغرب أنهى إعداد مشروع قانون خاص بالعملة الرقمية وأحاله على وزارة الاقتصاد والمالية، التي بدورها قامت بتشكيل لجنة مختصة لدراسة النص ومواكبته من حيث الإعداد التشريعي والمؤسساتي.
وأضاف المسؤول ذاته أن البنك المركزي يعمل بالتوازي على صياغة النصوص التنظيمية والتطبيقية المرتبطة بهذا الورش، مبرزًا أن تسريع وتيرة العمل أضحى ضرورة ملحة في ظل التحولات التكنولوجية العميقة، وتنامي الاهتمام العالمي بالأصول الرقمية، في سياق دولي تطبعه الشكوك الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية.
وفي السياق نفسه، كشف الجواهري أن توجه بنك المغرب نحو تقنين العملات الرقمية يشمل أيضًا البيتكوين وغيره من العملات المشفّرة، بما في ذلك دراسة المخاطر التي تطرحها على النظام المالي الوطني.
وأشار والي البنك المركزي إلى أن التحدي الأكبر في هذا الورش لا يرتبط فقط بالتكنولوجيا أو البنية التقنية، بل يتعلق أساسًا بـالعنصر البشري المؤهل، موضحًا أن المغرب يفقد سنويًا حوالي 20 مهندسًا متخصصًا يتم استقطابهم من الخارج، ما يُفاقم معضلة هجرة الكفاءات الرقمية التي تحتاجها البلاد لإنجاح مثل هذه المشاريع الطموحة.