38 عاما على انتفاضة الحجارة.. كيف تحولت جنازة إلى ثورة عارمة بفلسطين؟ (شاهد)
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
تحل اليوم الذكرى الثامنة والثلاثين، للانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي أطلق عليها انتفاضة الحجر، في الثامن من كانون أول/ديسمبر 1987، والتي تفجرت مع تصاعد انتهاكات الاحتلال، وتصاعد الاحتقان في كافة أرجاء فلسطين المحتلة.
ورغم أن حادثة حافلة العمال الفلسطينيين من جباليا البلد، كانت شرارة الانفجار، إلا جملة الانتهاكات وأعمال التنكيل اليومية، والتشريد والاعتقالات بحق الفلسطينيين، قادت إلى رد شعبي كبير، على تهميش الفلسطينيين، ومحاولة إنهاء قضيتهم وسعيهم للتحرر من الاحتلال.
كيف تفجرت الانتفاضة
في مساء الثامن من كانون أول/ديسمبر 1987، كان عدد من أنباء منطقة جباليا البلد شمال قطاع غزة، عائدين من العمل في الأراضي المحتلة عام 1948، وخلال توقف حافلتهم بمحطة وقود قرب معبر بيت حانون "إيرز"، أقدم مستوطن يقود شاحنة على تعمد دهسهم، ما أدى إلى استشهاد 4 منهم.
وسعى الإعلام العبري، لتصوير عملية الدهس على أنها حادث سير عادي، لتنفيس غضب الفلسطينيين، لكن الجريمة كانت أصعب من محاولة إخفائها، وخلقت حالة غضب عارمة في صفوف الفلسطينيين.
وفي اليوم التالي لاستشهاد العمال، وخلال جنازاتهم في جباليا البلد، خرج عدد كبير من المشيعين، وتحولت الجنازة إلى تظاهرة غاضبة، وما إن وصلت إلى أحد مراكز جيش الاحتلال في المنطقة، حتى بدأ المشيعون برشق الجنود بالحجارة والزجاجات الفارغة، وكان ذلك أحد أول ردود الفعل ضد الاحتلال، والذي قام بإطلاق النار على الفلسطينيين وإصابة عدد منهم.
وتفجر الموقف مع اعتداء الاحتلال على المشيعين، وبات من الصعب السيطرة على الأوضاع، وبدأت تخرج بصورة يومية، تظاهرات، وأعمال احتجاج ضد الاحتلال، كانت السمة البارزة فيها، رشق الحجارة على الجنود وآليات الاحتلال، وبات تجول الجنود على خلاف السابق بأعداد كبيرة وبحذر بسبب الترصد لهم من قبل الفلسطينيين لاستهدافهم.
وكان من المفارقة، رغم حدة الاحتجاجات، إلا أن القائد العسكري للمنطقة، ومع احتشاد عدد كبير من الجنود، وطلب تعزيزات، إلا أن اعتقد أن الأوضاع سرعان ما ستهدأ لذلك لم يطلب اتخاذ إجراءات مثل حظر تجوال أو إجراء تضييقات كبيرة على الفلسطينيين، لكن ما حدث كان العكس واشتعلت الأوضاع بصورة أكبر.
وساد إضراب عام بين الفلسطينيين ورفض العمال التوجه إلى مناطق عملهم، كما أن طلبة الجامعة الإسلامية، ساروا في الشوارع بتظاهرات لحشد الناس من أجل الخروج للاحتجاج والاشتباك مع جيش الاحتلال.
وجرى محاصرة الطلبة داخل الجامعة والاعتداء عليهم بإطلاق النار والغاز المسيل للدموع، ما زاد من اشتعال الاحتجاجات بعد خروج أهاليهم لفك الحصار عنهم، فيما هاجم شبان مركبات الاحتلال وصعدوا عليها، فضلا عن إحراق إحداها بزجاجات المولوتوف.
تصعيد وأساليب مواجهة
رغم مضي نحو 20 عاما على استتباب الاحتلال، في كافة أنحاء فلسطين المحتلة، بعد نكسة عام 1967، إلا أن الانتفاضة، جلبت معها أساليب لجأ إليها الفلسطينيون لمواجهة الاحتلال، سواء على صعيد تكبيد الاحتلال خسائر اقتصادية، أو بشرية باستهداف جنوده.
وشرع الفلسطينيون بكفاح شعبي، عبر المواجهة بالحجارة واستخدام المقلاع لضرب الجنود، فضلا عن استخدام زجاجات المولوتوف ومهاجمهة النقاط العسكرية.
كما صارت التظاهرات حدثا يوميا، فضلا عن الإضرابات العامة في المصالح التجارية وعلى صعيد العمال ما ألحق أضرارا باقتصاد الاحتلال رغم الظروف الصعبة التي يعانيها الفلسطينيون.
وباتت جنازات الشهداء كذلك شكلا من أشكال مقاومة الاحتلال، عبر مشاركات حاشدة في المدن والقرى الفلسطينية، ورفع اللافتات التي تنادي بالتخلص من الاحتلال والتحرر.
ولجأ الفلسطينيون إلى رفض الأوامر العسكرية، والتوقف عن دفع الضرائب للاحتلال، وكل أشكال القهر المادي الممارس بحقهم، وبدأ تحريض الموظفين الفلسطينيين في أجهزة ما يعرف بالإدارة المدنية التي يديرها جيش الاحتلال، باتخاذ موقف والتوقف عن العمل، احتجاجا على ما يجري لأبناء شعبهم.
كما لجأ سكان بلدات عديدة إلى تسليم هوياتهم للحكام العسكريين بمناطقهم، احتجاجا على ما يجري ورفضا لدفع الضرائب للاحتلال.
وعلى صعيد المقاومة الخشنة، قام الفلسطينيون باستهداف آليات الاحتلال، بالزجاجات الحارقة، وإشعال الإطارات وإغلاق الشوارع أمامها، لعرقلة حملات التنكيل والاعتقالات، فضلا عن إلقاء زيوت السيارات في الطرق لعرقلة حركة الآليات والجنود، ووضع حواجز حديدية، في طريق الدوريات والمستوطنين.
ونشط الفلسطينيون ضد عملاء الاحتلال في المدن والقرى، وكان العميل يواجه عملية عزل اجتماعية شديدة، ومن تورط في تسليم مقاومين أو التسبب في استشهادهم كان يجري التحقيق معهم وتصفيتهم.
وكان من أبرز وسائل تحدي الاحتلال، رفع العلم الفلسطيني، الذي كان يعد رفعه من المحرمات لدى الاحتلال، على أعمدة الكهرباء وفي الطرقات، وعلى المساجد والكنائس، وخط عبارات تحدي الاحتلال والدعوة لمواجهته على الجدران والأماكن العامة، وكان الاحتلال يجهد في مكافحة كل هذه الوسائل ويستنزف طاقته في ملاحقة الشبان النشطاء بالانتفاضة.
ورغم أن منظمة التحرير كان موجودة في المشهد، إلا أن الانتفاضة الأولى، اتسمت بظهور حركة حماس، بعد تفجر الأوضاع بعدة أيام، إذا أعلن عن انطلاق حماس، بعد 6 أيام على قتل العمال، وانخرطت بصورة مباشرة في نشاط الانتفاضة، وشكلت جهازا سريا، وظيفته ملاحقة عملاء الاحتلال من أجل تأمين الانتفاضة وضمان استمراريتها في مواجهة الاحتلال.
كما جرت خلال الانتفاضة العديد من محاولات أسر الجنود، من أجل مبادلتهم بأسرى فلسطينيين، مثل عملية الجندي نسيم توليدانو، والذي خطفته خلية تتبع حركة حماس، في القدس المحتلة، وهددت بقتله إذا لم يفرج عن الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة.
تكسير العظام
في مواجهة الانتفاضة الشاملة، خرج الاحتلال الذي كان يرأس حكومته آنذاك إسحق شامير، بسياسة تكسير العظام كما أطلق عليها، وانتشرت لقطات شهيرة لجنود يعتقلون شبانا فلسطينيين، ويقومون بتحطيم أيديهم بوحشية بواسطة الحجارة في إحدى المناطق الجبلية، والتي أثارت ضجة عالمية حينها.
كما أن الاحتلال استخدام أساليب وحشية في مداهمة مدن الضفة وغزة والقرى، عبر التنكيل بالسكان وتدمير مملتكاتهم، والاعتقالات الواسعة لوأد الانتفاضة بكافة السبل.
واستخدم الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط بصورة كبيرة، وكان الاستهداف لشبان الحجارة في المناطق العلوية من الجسم، في الصدر والرأس فضلا عن استهداف العينين ما أدى لإعاقة المئات من الفلسطينيين.
ووفقا للإحصاءات حول فترة الانتفاضة الأولى، فقد استشهد 1126 فلسطينيا، بينهم 241 طفلا، برصاص الاحتلال والمستوطنين.
وتعرض 90 فلسطينيا، لإصابات بجروح متفاوتة، 40 بالمئة منهم بإعاقات دائمة، و65 بالمئة بالشلل الدماغي أو النصفي، أو إعاقة بأحد الأطراف، فضلا عن إصابات البتر لأطراف هامة في الجسم مثل الأيدي والأرجل.
وبلغت حصيلة المعتقلين في كافة أنحاء المناطق الفلسطيني قرابة 60 ألف معتقل، إضافة إلى تدمير أكثر من 1200 منزل، وعشرات آلاف أشجار الزيتون والمحاصيل، وحرمان الفلسطينيين من الكثير من حقوقهم سواء بالسفر أو العلاج في الخارج.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الفلسطينية الاحتلال الانتفاضة الأولى فلسطين الاحتلال الانتفاضة الأولى المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فضلا عن إلا أن
إقرأ أيضاً:
قافلة «زاد العزة» الـ 90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
شرعت قافلة شاحنات المساعدات الإنسانية الـ90 في الدخول إلى الفلسطينيين بقطاع غزة، عبر البوابة الفرعية لميناء رفح البري باتجاه معبري كرم أبو سالم والعوجة، تمهيدًا لإدخالها إلى القطاع.
وصرح مصدر مسؤول بميناء رفح البري في شمال سيناء اليوم الثلاثاء بأن الشاحنات اصطفت في ساحة الانتظار ضمن قافلة «زاد العزة.. من مصر إلى غزة»، مشيرًا إلى أن الشاحنات تخضع للتفتيش من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة قبل إدخالها إلى القطاع.
يذكر أن قافلة «زاد العزة.. من مصر إلى غزة» التي أطلقها الهلال الأحمر، انطلقت في 27 يوليو حاملة آلاف الأطنان من المساعدات تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية، دقيق، ألبان أطفال، مستلزمات طبية، أدوية علاجية، مستلزمات عناية شخصية، وأطنان من الوقود.
ويتواجد الهلال الأحمر كآلية وطنية لتنسيق وتفويج المساعدات إلى قطاع غزة منذ بدء الأزمة في أكتوبر 2023.. ولم يتم غلق ميناء رفح البري نهائيا خلال تلك الفترة، ويواصل تأهبه في كافة المراكز اللوجستية وجهوده المتواصلة لإدخال المساعدات بواسطة 35 ألف متطوع.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أغلقت المنافذ التي تربط قطاع غزة، منذ يوم 2 مارس الماضي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وعدم التوصل لاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، واخترقت الهدنة بقصف جوي عنيف يوم 18 مارس الماضي، وأعادت التوغل بريا بمناطق متفرقة بقطاع غزة كانت قد انسحبت منها.
كما منعت سلطات الاحتلال دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والوقود ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب على غزة، ورفضت إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وإعادة الإعمار إلى قطاع غزة.. وتم استئناف إدخال المساعدات لغزة في مايو الماضي وفق آلية نفذتها سلطات الاحتلال وشركة أمنية أمريكية رغم رفض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمخالفتها للآلية الدولية المستقرة بهذا الشأن.
وأعلن جيش الاحتلال «هدنة مؤقتة» لمدة 10 ساعات (الأحد 27 يوليو 2025)، وعلق العمليات العسكرية بمناطق في قطاع غزة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، فيما واصل الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) بذل الجهود من أجل إعلان اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين، حتى تم التوصل فجر يوم 9 أكتوبر 2025، إلى اتفاق ما بين حركة حماس وإسرائيل حول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشرم الشيخ بوساطة مصرية أمريكية قطرية وجهود تركية.
اقرأ أيضاًعاجل| قافلة «زاد العزة» الـ89 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
قافلة «زاد العزة» الـ88 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
الهلال الأحمر يطلق قافلة المساعدات الإنسانية «زاد العزة» 87 إلى غزة