عربي21:
2025-12-12@22:39:00 GMT

الدبلوماسيّة القطريّة وحرفة تفكيك الألغام

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

ليس من السهل أن تنجح دبلوماسيّة ما في إدارة مثلّث المتناقضات، بل مثلّث العداء التاريخي، كما نجحت قطر في إدارة شبكة علاقات ملغّمة وتفاهمات بالغة التعقيد كتلك التي حكمت مثلّث برمودا السياسي، ونعني واشنطن- كابل- طهران. فالمحادثات التي قادت إلى الاتفاق الأخير بين إيران والولايات المتّحدة لا تقلّ في أهميّتها وتعقيدها عن المحادثات التي دارت لحساب الجلاء الأمريكي من أفغانستان.

 

شكّلت الدوحة أرضيّة دبلوماسيّة مغرية زاوجت بين المرونة والذكاء، ومميّزات أخرى إيجابيّة، وتمكّنت من جمع رجال القائد الأعلى لطالبان الملّا هبة الله أخوند زاده، بفريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما تمكّنت من الجمع بين رجال المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة في إيران عليّ خامنئيّ، بفريق الرئيس الأمريكي جو بايدن.

لا تحتاج الدبلوماسيّة القطريّة إلى الغوص الأرشيفي لاستخراج إنجازاتها، تحتاج فقط إلى ذهن منصف محصن ضد التعبئة الموجّهة ومتخفّف من الكراهية المصنّعة؛ تلك الحصانة ستسهل على صاحبها الانتباه إلى نجاعة النسيج الدبلوماسي القطري الذي تجلّى كذلك في بناء علاقة سياسيّة اقتصاديّة متطوّرة مع الجزائر، وفي الأثناء أرسل الملك المغربي محمّد السّادس برقيّة شكر وامتنان لمجموعة البحث والإنقاذ القطريّة الدوليّة، على المجهودات التي قدّمتها للشعب المغربي بعد الزلزال الأخير.. دبلوماسيّة تجمع بين علاقتين واحدة قويّة مع المغرب وأخرى متينة مع الجزائر، ثمّ هي الدبلوماسيّة المرشّحة أكثر من غيرها للعب الدور الملحّ والمطلوب لإعادة الدفء للعلاقات الجزائريّة المغربيّة، دبلوماسيّة بهكذا هندسة لا يمكن إلا الإشادة بها والوقوف برويّة عند مقارباتها.

كلّ ما سبق هي ملفّات ضخمة ومعقّدة ومتصلّبة، نجحت الدبلوماسيّة القطريّة في تليينها ثمّ تذويبها، لكن يبقى الملفّ الأضخم هي ألغام الحصار الجائر، هناك تبيّنت حرفيّة الدبلوماسيّة القطريّة في تفكيك الألغام غير التقليديّة، هناك حذقت الدوحة أسلوب المحافظة على تماس دقيق بين الصلابة والتصلّب.

أمّا لماذا نجحت وتنجح وساطات الدوحة، فملخص ذلك أنّ الدبلوماسيّة القطريّة لا تعمل ككاسحة مهمّتها تجريف الطريق أمام المصالح القطريّة، وما يعني ذلك من حسابات وخسائر وتجاوزات وعداوات ومحاصيل ملوّثة بدماء الشّعوب وتاريخها ومصالحها ووحدتها ومصيرها، بل تعتمد دبلوماسيّة الدوحة على عصرنة قطر وتجميل واجهتها وتقديمها كدولة ثريّة، كما تقتطع جانبا من ثروتها للعمل الإغاثي عبر العالم، فهي تقتطع جانبا آخر من ثروتها لبناء السلام حول العالم، بمعنى لا تعتمد قطر الدبلوماسية كمكينة ابتزاز اقتصادي وجغرافي وسياسي، وإنّما تعتمدها للأنسنة العلاقات وبناء جسور الثقة، في المقابل تعتمد على صندوقها السيادي كحاملة اقتصاديّة واعية، صبورة، غير جشعة ومحترفة. 

بالمختصر، عندما تصنع دبلوماسيّة واقعيّة ذكيّة وموثوقة، يمكنك تجاوز الوساطة الأوروبيّة المتلعثمة المخاتلة بين واشنطن وطهران، ومن ثمّ معالجة الملفّ المعقّد بطريقة تثير إعجاب المشاهد المتابع والشّاهد المعني بالتسوية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قطر إيران الدبلوماسية إيران امريكا قطر طالبان دبلوماسية مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد صحافة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

لبنان يواصل الخيار الدبلوماسي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وسط تزايد الضغط الدولي

قال أحمد سنجاب، مراسل قناة القاهرة الإخبارية من بيروت، إن الدولة اللبنانية تعتمد الخيار الدبلوماسي والسياسي كسبيل وحيد للتعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية، من خلال تكثيف الاتصالات للضغط على إسرائيل لوقف الهجمات، أو على الأقل مد الفترات المحددة لنزع سلاح حزب الله وحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية.

وزير خارجية لبنان يرفض زيارة طهران ويقترح لقاءً في دولة محايدة إعلام عبري: واشنطن تطلب مزيدا من الوقت من أجل لبنان الموقف الأمريكي عبر عنه السفير الجديد في لبنان

وأضاف سنجاب، خلال مداخلة مع الإعلامية آية لطفي، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الموقف الأمريكي عبر عنه السفير الجديد في لبنان، ميشيل عيسى، مؤكدًا أن المفاوضات، سواء المباشرة أو غير المباشرة مع إسرائيل، وخاصة اجتماع لجنة الميكانيزم المرتقب في العاشر من الشهر الجاري، لا تعيق استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب أو في عمق لبنان وصولًا إلى العاصمة بيروت.

وأشار المراسل إلى سلسلة اللقاءات والزيارات التي قام بها سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعدد من المسؤولين الدوليين، بالإضافة إلى زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان للعاصمة بيروت لليوم الثالث على التوالي، حيث التقى السياسيين وكافة الأطراف اللبنانية، وتهدف هذه اللقاءات إلى بحث سبل الضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات، وتقديم ضمانات تشمل زيادة عدد القوات الأممية في الجنوب، والبحث عن بدائل لقوة اليونيفيل التي ستختتم أعمالها بنهاية العام المقبل، وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي.

لبنان منفتح على كافة الخيارات

وأوضح سنجاب أن لبنان منفتح على كافة الخيارات، بينما ترى إسرائيل الحل العسكري فقط، مستمرة في تنفيذ ضرباتها في الجنوب اللبناني والبقاع وعمق الدولة اللبنانية.

وبخصوص وتيرة التصعيد الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، أشار المراسل إلى أن الأسبوع الماضي شهد أعلى مستويات التصعيد، فيما حدت الأحوال الجوية، بما في ذلك العواصف المطرية والثلجية، من عمليات الطيران والمسيرات الإسرائيلية على العاصمة بيروت والمناطق الجنوبية.

مقالات مشابهة

  • أوهام الازدهار العالمي.. تفكيك أسباب الفقر في عالمٍ يزداد غنى .. كتاب جديد
  • واشنطن: خدمة الأمن الدبلوماسي تتعاون مع الفيدراليين لتطوير تكنولوجيا الأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار
  • الوادي: تفكيك شبكة إجرامية وحجز 10 آلاف قرص مهلوس مموهة وسط التمور
  • لبنان يواصل الخيار الدبلوماسي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وسط تزايد الضغط الدولي
  • اكثر من 10 الاف يمني .. ضحايا القنابل العنقودية للعدوان الامريكي السعودي
  • مركز التعامل مع الألغام: 10,689 شهيداً وجريحاً بمخلفات الحرب والقنابل العنقودية حتى ديسمبر 2023
  • زيلينسكي: وتيرة العمل الدبلوماسي خلال هذه المرحلة سريعة
  • جوتيريش: 80 عاما ندافع عن حقوق الإنسان وندعم التعليم والانتخابات ونزيل الألغام
  • المدية: تفكيك شبكة تحترف تزوير العملة الوطنية
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى