عربي21:
2025-05-18@08:17:55 GMT

الدبلوماسيّة القطريّة وحرفة تفكيك الألغام

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

ليس من السهل أن تنجح دبلوماسيّة ما في إدارة مثلّث المتناقضات، بل مثلّث العداء التاريخي، كما نجحت قطر في إدارة شبكة علاقات ملغّمة وتفاهمات بالغة التعقيد كتلك التي حكمت مثلّث برمودا السياسي، ونعني واشنطن- كابل- طهران. فالمحادثات التي قادت إلى الاتفاق الأخير بين إيران والولايات المتّحدة لا تقلّ في أهميّتها وتعقيدها عن المحادثات التي دارت لحساب الجلاء الأمريكي من أفغانستان.

 

شكّلت الدوحة أرضيّة دبلوماسيّة مغرية زاوجت بين المرونة والذكاء، ومميّزات أخرى إيجابيّة، وتمكّنت من جمع رجال القائد الأعلى لطالبان الملّا هبة الله أخوند زاده، بفريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما تمكّنت من الجمع بين رجال المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة في إيران عليّ خامنئيّ، بفريق الرئيس الأمريكي جو بايدن.

لا تحتاج الدبلوماسيّة القطريّة إلى الغوص الأرشيفي لاستخراج إنجازاتها، تحتاج فقط إلى ذهن منصف محصن ضد التعبئة الموجّهة ومتخفّف من الكراهية المصنّعة؛ تلك الحصانة ستسهل على صاحبها الانتباه إلى نجاعة النسيج الدبلوماسي القطري الذي تجلّى كذلك في بناء علاقة سياسيّة اقتصاديّة متطوّرة مع الجزائر، وفي الأثناء أرسل الملك المغربي محمّد السّادس برقيّة شكر وامتنان لمجموعة البحث والإنقاذ القطريّة الدوليّة، على المجهودات التي قدّمتها للشعب المغربي بعد الزلزال الأخير.. دبلوماسيّة تجمع بين علاقتين واحدة قويّة مع المغرب وأخرى متينة مع الجزائر، ثمّ هي الدبلوماسيّة المرشّحة أكثر من غيرها للعب الدور الملحّ والمطلوب لإعادة الدفء للعلاقات الجزائريّة المغربيّة، دبلوماسيّة بهكذا هندسة لا يمكن إلا الإشادة بها والوقوف برويّة عند مقارباتها.

كلّ ما سبق هي ملفّات ضخمة ومعقّدة ومتصلّبة، نجحت الدبلوماسيّة القطريّة في تليينها ثمّ تذويبها، لكن يبقى الملفّ الأضخم هي ألغام الحصار الجائر، هناك تبيّنت حرفيّة الدبلوماسيّة القطريّة في تفكيك الألغام غير التقليديّة، هناك حذقت الدوحة أسلوب المحافظة على تماس دقيق بين الصلابة والتصلّب.

أمّا لماذا نجحت وتنجح وساطات الدوحة، فملخص ذلك أنّ الدبلوماسيّة القطريّة لا تعمل ككاسحة مهمّتها تجريف الطريق أمام المصالح القطريّة، وما يعني ذلك من حسابات وخسائر وتجاوزات وعداوات ومحاصيل ملوّثة بدماء الشّعوب وتاريخها ومصالحها ووحدتها ومصيرها، بل تعتمد دبلوماسيّة الدوحة على عصرنة قطر وتجميل واجهتها وتقديمها كدولة ثريّة، كما تقتطع جانبا من ثروتها للعمل الإغاثي عبر العالم، فهي تقتطع جانبا آخر من ثروتها لبناء السلام حول العالم، بمعنى لا تعتمد قطر الدبلوماسية كمكينة ابتزاز اقتصادي وجغرافي وسياسي، وإنّما تعتمدها للأنسنة العلاقات وبناء جسور الثقة، في المقابل تعتمد على صندوقها السيادي كحاملة اقتصاديّة واعية، صبورة، غير جشعة ومحترفة. 

بالمختصر، عندما تصنع دبلوماسيّة واقعيّة ذكيّة وموثوقة، يمكنك تجاوز الوساطة الأوروبيّة المتلعثمة المخاتلة بين واشنطن وطهران، ومن ثمّ معالجة الملفّ المعقّد بطريقة تثير إعجاب المشاهد المتابع والشّاهد المعني بالتسوية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قطر إيران الدبلوماسية إيران امريكا قطر طالبان دبلوماسية مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد صحافة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

وفد مجلس القيادة الرئاسي في القمة العربية يكسر بروتوكول الإستقبال الدبلوماسي ... إشارات توحي إلى تباين داخلي و خلل في وحدة القرار .. رأي قانوني

 

أحدث وصول رئيس مجلس القيادة الرئاسي وبمعيته عضوي مجلس القيادة عثمان مجلي وفرج البحسني، اليوم إلى العاصمة بغداد للمشاركة في القمتين العربية العادية والتنموية، ارباكا دبلوماسي لدى الجانب العراقي. خاصة بعد إصرار عضوي مجلس القيادة المرور من على السجاد الاحمر والسلام على حرس الشرف ومصافحة رئيس نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي المكلف بإستقبال الوفد اليمني. 

 

وفي أول تعليق قانوني حول تجاوزات الوفد اليمني لبروتكول الاستقبال خلال مشاركتهم في القمة العربية قال المحامي فهمي الزبيري 

" في المحافل الدولية، يشكل احترام البروتوكولات الرسمية أحد أركان السيادة والتمثيل الدبلوماسي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر برئيس الدولة أو من ينوب عنه، وفي حالة اليمن، حيث يتشكل مجلس القيادة الرئاسي من رئيس وعدد من النواب، فإن أي مشاركة خارجية ينبغي أن تخضع لتنسيق دقيق ومسبق مع الدولة المضيفة، بما يراعي تركيبة القيادة اليمنية ويضمن التقدير اللائق لكل عضو وفقاً لموقعه وصلاحياته.

 

 المحامي فهمي الزبيري "للأسف، لوحظ في مناسبات سابقة أن عدم وضوح آلية التنسيق أو تجاهل الترتيبات البروتوكولية أفضى إلى مواقف محرجة في ترتيب الاستقبال، مما ينعكس سلباً على صورة الدولة اليمنية ومكانة ممثليها.

وتأسيساً على قواعد القانون الدولي للعلاقات الدبلوماسية (اتفاقية فيينا 1961)، والبروتوكولات المعمول بها في الأعراف الدولية، فإن غياب الوضوح في تمثيل القيادة قد يُفسَّر بشكل خاطئ من قبل الدولة المضيفة أو الإعلام الدولي، وربما يُستغل للتشكيك في وحدة القرار السياسي اليمني، وهو أمر يحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية بالغة الحساسية.

وأضاف الزبيري في منشور قانوني نشره على منصة فيسبوك " من منظور قانوني ودبلوماسي، هذه الإشكالات لا تُعد مجرد هفوات شكلية، بل قد تُفسر – دولياً – كإشارات إلى تباين داخلي أو خلل في وحدة القرار، وهو ما قد يُستثمر ضد المصلحة الوطنية.

لذا، فإن من الأهمية تفعيل التنسيق الكامل والمسبق بين دوائر رئاسة الجمهورية، وزارة الخارجية، والمراسم في الدولة المضيفة، وتحديد طبيعة الوفد الرسمي بوضوح مع الصفة التمثيلية البروتوكولية لضمان وحدة الموقف اليمني أمام العالم.

واضاف"إن الحفاظ على كرامة الدولة يبدأ من تفاصيل الاستقبال، والمصافحة، وترتيب الكلمات، وليس انتهاءً بمن يمثل اليمن، وكيف يُمثلها، والتهاون في هذا الجانب قد يبعث برسائل سلبية، ولو عن غير قصد، في وقت نحن أحوج فيه لتثبيت شرعيتنا واستعادة حضورنا الدولي.

 

 .

مقالات مشابهة

  • وفد مجلس القيادة الرئاسي في القمة العربية يكسر بروتوكول الإستقبال الدبلوماسي ... إشارات توحي إلى تباين داخلي و خلل في وحدة القرار .. رأي قانوني
  • وزيرة خارجية السويد لـ "الفجر": انضمامنا للناتو عزز من موقفنا الدبلوماسي والعسكري عالميا
  • شركة تركية تدفع ثمن الخلاف الدبلوماسي مع الهند وتلجأ للقضاء
  • تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في سرقة السيارات بالعروي
  • وفاة دبلوماسي سويدي بعد أتهامه بالتجسس
  • تفكيك أخطر شبكة احتيال رقمي في تركيا
  • سوريا: الانتهاكات الإسرائيلية تهدد وحدة التراب السوري وتستهدف تفكيك البلاد
  • الإمارات تغلق مسجد الشيخ زايد لاستقبال الرئيس الأمريكي.. وترامب يعلق «هذه هي المرة الأولى التي يُغلقون فيها المسجد ليوم واحد إنه شرفٌ للولايات المتحدة
  • معهد قطر أمريكا للثقافة.. صرح قطري شامخ لإثراء التبادل الثقافي القطري- الأمريكي
  • تفكيك خلية “تجارة الماستر”.. هل تمتد التحقيقات إلى مسؤولين ومنتخبين ؟