جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-19@14:37:44 GMT

أمريكا تكذب

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

أمريكا تكذب

حاتم الطائي

◄ أمريكا تتعمد الكذب لتنفيذ مُخططاتها وإطالة أمد الأزمات

◄ اتهام المقاومة بقصف المستشفى يهدف لتوفير غطاء مُزيّف على جرائم الاحتلال

◄ الضمير الشعبي العالمي يستفيق تدريجيًا من التضليل الغربي

 

حربُ الإبادة التي تُنفِّذها قوات الاحتلال الإسرائيلي حاليًا في قطاع غزة بكل بربرية وهجمية وتوحُّش، عرَّتْ الحقيقة المُرَّة التي يتعمّد البعض إخفاءها؛ فالولايات المتحدة الأمريكية لا تتوقف عن إطلاق الأكاذيب وتعميقها، ونسج القصص الخيالية القائمة على الأوهام والتضليل، إمعانًا في تنفيذ مُخططاتها الإجرامية حول العالم، مُستعينةً في ذلك بآلة إعلامية ضخمة، ودعاية سوداء تُمارسها ليل نهار أذرعها العنيفة في وكالات الاستخبارات جنبًا إلى جنب الإعلام الإسرائيلي الذي يطفح بالأكاذيب والأباطيل على مرأى ومسمع من العالم، الذي سقطت عنه آخر ورقة توت كانت تستر عوراته السياسية والدبلوماسية ونهج الكيل بمكيالين.

سقطت أمريكا للمرة الألف في بئر الأكاذيب، وانزلقت أقدامها في وحل الافتراءات التي لا أساس لها، عندما زعم جو بايدن رئيسها "الديمقراطي"- ويا للعجب- أنَّ المقاومة الفلسطينية ارتكبت جرائم ذبح للأطفال الإسرائيليين خلال عملية "طوفان الأقصى"، وأنَّ هذه المقاومة نفذت فظائع أخرى، دون أن يُقدّم دليلًا واحدًا، غير أنَّه في حقيقة الأمر تعمّد الكذب وطَرَحَ رواية مُزيّفة اختلقها في عقله، واستقاها من أكاذيب "الموساد" الإسرائيلي، في مسعى يائسٍ منه لإقناع قوى الغرب بالموافقة لإسرائيل على تنفيذ حرب إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة المدنيين العُزل.

غير أنَّ الكذبة الكبرى التي أطلقها بايدن تمثلت في توجيه أصابع الاتهام إلى المقاومة الفلسطينية في قصف مستشفى المعمداني، وهي جريمة الحرب الإسرائيلية التي نفذتها قوات الاحتلال بدمٍ بارد، وتسببت في استشهاد 500 فلسطيني على الأقل، كان من بينهم مرضى يتلقون العلاج، ولائذون من ويلات القصف الغاشم على مدن شمال القطاع.

ولذلك نسأل.. هل كان بايدن يُدرك أبعاد هذه الكذبة السخيفة، التي لا تنطلي على طفل صغير، فما بالنا بعالمٍ يقف مشرئبًا يرقبُ ما يحدث في القطاع؟!

أمثال بايدن لا يُلقون بالًا لنتائج أكاذيبهم الفجّة، فكل رئيس أمريكي يُمارس الكذب المُتعمّد كما يأكلون ويشربون، ولو تتبعنا رؤساء أمريكا منذ قيامها وإلى اليوم، لوجدنا أنَّ أغلب الرؤساء مارسوا الكذب علنًا جهارًا نهارًا، وكانت عواقب ذلك إما الإطاحة به وفشله في الفوز بولاية رئاسية ثانية، أو تلطيخ سمعته السياسية والحزبية.

الأكاذيب الأمريكية لا حصر لها، لكن ماذا عن فضيحة "إيران جيت" أو "إيران كونترا"، عندما باع الرئيس رونالد ريجان- سرًا- أسلحة لإيران في الحرب العراقية الإيرانية، بينما كان الموقف الأمريكي الرسمي داعمًا ومُساندًا للعراق!!

وماذا عن توريط أمريكا للرئيس العراقي الراحل صدام حسين ليرتكب خطأه الاستراتيجي باحتلال الكويت، بتحريض أمريكي، فقد أخبروه أن الولايات المتحدة ستعتبر ذلك بمثابة "شأن داخلي"!!

وفي أفغانستان، أطلقوا الأكاذيب وحرضوا على الزج بالعرب للذهاب إلى أفغانستان بزعم "الجهاد" ضد النظام الشيوعي، وذهب شباب الأمة لمعركة لا تخصهم، فمنهم من مات، ومنهم من عاد مُتطرفًا وفجّر نفسه بين أهله وفي قلب وطنه، لنكتشف بعد ذلك أنَّها كانت أكذوبة رخيصة، هدفت إلى وضع شوكة في خاصرة روسيا، ونقطة استراتيجية لزعزعة استقرار الصين التي تتشارك حدودًا كبيرة مع أفغانستان.

وماذا عن كذبة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش عندما زعم أنَّ العراق يملك أسلحة دمار شامل، واتخذ من ذلك ذريعة لاحتلال هذا البلد العربي الكبير وتدميره وسحقه. وعزز كذبته وزير دفاعه آنذاك كولن باول، الذي تعمد عرض "فيلم مُزيّف" في مجلس الأمن الدولي عن تلك المزاعم الكاذبة، ثم ندم أشد الندم ووصف ذلك في مذكراته بـ"الكذبة الحمقاء"! 

وماذا عن كذبة الرئيس دونالد ترامب عندما ادعى أنَّ شركات التكنولوجيا الصينية تتجسس على الولايات المتحدة، ونفذ أعنف حربٍ اقتصادية ضد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ليس لشيء سوى أنه يتوجس من صعود التنين الصيني بنموذجه التنموي الرائد وسعيه الحثيث لإحلال السلام والتنمية في العالم. وقد كشف ترامب في خطاب جماهيري له على الملأ، الكذب الذي مارسه الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، عندما أكد بالوثائق أن تنظيم "داعش" صناعة أمريكية، وأن أوباما وكلينتون كانا يقدمان لهذا التنظيم كل الدعم اللازم.

وماذا عن الكذب والافتراء بأنَّ إيران تُهدد دول الخليج، وأن المحور الإيراني السوري سيبتلع المنطقة ما لم يتم القضاء عليهما! ما دفع بعض دول المنطقة لشراء أسلحة وصواريخ بمليارات الدولارات، كان من الأولى إنفاقها على التنمية والتعمير وبناء المدارس والمستشفيات، وتعزيز الاستثمارات البينية المشتركة.

مسلسل الأكاذيب الأمريكية لا نهاية له؛ بل هو أحد أعمال هوليوود الأصلية بامتياز؛ فالولايات المتحدة تحترف صناعة الأكاذيب وتُتقن ذلك بشدة، ولا مانع من تهيئة المشهد السينمائي، من خلال تجهيز مسرح الأحداث، ووضع الأهداف في أماكنها، وتسليح الأطراف، وإطلاق الدعاية الإعلامية المُضللة، وسكب الزيت على النَّار.. كل ذلك منهجية أمريكية تتبعها واشنطن لتحقيق أهدافها المُعلنة والسرية، على السواء، بينما تدفع الثمن الشعوب المُستضعفة، ويكتوي بنيران الحرب المدنيون، الذين يتجرعون مرارة الفقد والحرمان من الأحباء.

لذلك نؤكد أن الكذبة الأمريكية الخسيسة بأنَّ المقاومة هي التي قصفت مستشفى المعمداني، محض هراء بيِّن، ومزاعم لا ترقى حتى إلى مستوى الشُبهات، ويكفي أن إسرائيل فور قصف المستشفى أعلنت مسؤوليتها، لكنها تراجعت وزعمت أنها ضربت "مرآب" المستشفى وليس المستشفى نفسه!! الخبراء العسكريون أكدوا بالأدلة الدامغة أن أسلوب التفجير الذي وقع في المستشفى سبق تنفيذه في حوادث سابقة، وهو أسلوب يعتمد على إطلاق قنبلة أمريكية يتم توجيهها بدقة لإصابة الأهداف بمعدل خطأ صفر تقريبًا، وهي قنبلة تسمى "MK-48" وهي من الأسلحة النوعية التي أعلنت أمريكا إرسالها إلى إسرائيل قبل هذه الجريمة، بنحو 3 أيام، وما جمعه المراقبون من شظايا التفجير يُبرهن ما سبق، وهي قنبلة سبق أن استخدمها الجيش الأمريكي في سوريا والعراق، ولذلك كُنَّا نجد حصيلة وفيات هائلة دون هدم كبير للمباني التي تعرضت للقصف، وهذا هو سر هذه القنبلة الخطيرة.

الوقائع تؤكد أن أمريكا أدمنت الحروب، والاقتصاد الأمريكي يقتات على غنائم الحروب، فمبيعات السلاح الأمريكي سنويًا تتخطى في المتوسط 140 مليار دولار، ولذلك من مصلحة أمريكا تأجيج نيران الحرب هنا وهناك، وعدم وضع حلول للصراعات؛ بل إدارتها!

ويبقى القول.. إنَّ الأكاذيب الأمريكية بلغت من الوقاحة مبلغًا لم يعد يُحتمل، لا سيما وأن العواقب دائمًا ما تكون كارثية، وتؤكد هوان الإنسان وضعفه أمام هذا الجبروت الأمريكي الإسرائيلي، لا سيما في فلسطين المحتلة، ويبقى على العالم الحر الواعي الذي بدأ يستفيق من الخطاب الإعلامي المُضَلِّل، وقد عبّر عن ذلك في الاحتجاجات العارمة التي عمّت أنحاء العالم وتحديدًا في أوروبا وأمريكا، حتى إن المحتجين على الدعم الأمريكي الغربي للوحشية الإسرائيلية اقتحموا مبنى الكونجرس وتظاهروا في بهو هذا المبنى الذي يُعد قلعة حصينة، أن يُدرك حقيقة هؤلاء القادة وتلك الدول التي تمارس الكذب دون صفرة وجل ولا حمرة خجل؛ بل ويُمعنون في ترديد القاعدة الدعائية النازية "اكذب ثم اكذب.. حتى يصدقك الناس".. وهو ما يفرض علينا جميعًا أن نواصل معارك الوعي وصحوة الضمير واليقظة الدائمة لكل ما يُحاك لنا ويُطمر في سراديب السياسات الغربية ضد منطقتنا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: وماذا عن التی ت

إقرأ أيضاً:

الوحدة .. سر النجاح الذي غاب عن البقية

 

 

مع جمود النشاط الرياضي والشبابي، في العاصمة صنعاء وتوقفه على مستوى المسابقات، خاصة في كرة القدم، والألعاب الجماعية الأخرى.. تختفي الحلول ويظهر نادي وحدة صنعاء كمنقذ.
نادي وحدة صنعاء تعدى مسمى ناد بالمصطلح القديم المتعارف عليه قديما في بلادنا، للعبة أو لعبتين.
من يدخل من إحدى بوابات النادي، تتملكه الدهشة، ولو لا أنه دخل بقدميه أو سيارته، لظن أنه خارج اليمن.. هذه حقيقة لا ينكرها إلا من لم يدخله خلال السنوات الحالية، أو أنه في خلاف مع كل التطورات التي يشهدها النادي.
كسر الجمود الصيفي؛ تمثل في احتضان النادي لفعاليات وأنشطة الملتقى الصيفي التاسع في مختلف الألعاب، في تأكيد ميداني وليس كلاماً انشائياُ؛ على أن النادي أصبح متنفسا للشباب والرياضيين، حين ضاقت بهم السبل في بقية الأندية.
عندما انتقد النادي كناد، لإقامته هذه الفعالية الشبابية وتلك المسابقة الرياضية، فأنا في خصومة ليس مع النادي فحسب؛ بل مع كل من يحتضنهم، ويوفر لهم الممارسة الممتعة.
ليس من العيب أن أكون ناقدا، لأنها مهمة كل إعلامي، ولكن من المعيب أن أضع نفسي في الحرج، حينما أرى شيئا يستحق الإشادة ولا أفعل ذلك، والأكثر حرجا عندما أحاول تشويهه.
الأندية الرياضية في بلادنا يترأسها رجال مال وأعمال، فلماذا لم يستنسخوا كنادي الوحدة!! هل ينقصهم المال، بالطبع لا، ولكن ينقصهم الإبداع والتميز وامتلاك روح جميلة تنعكس على الأرض.
المال أداة من أدوات النجاح، ولكنه لا يصنع النجاح بمفرده، وإلا لماذا من يملكون ثروات مهولة، واقعهم لا يدل أي لمسات جمالية يقدمونها لمحيطهم الرياضي والشبابي؟
أمانة العاصمة صنعاء ووزارة الشباب والرياضة، ينبغي أن تكون ممتنة لنادي الوحدة، فلو افترضنا أن وفدا رياضيا جاء لصنعاء ليشاهد منجزاتها الرياضية، فلن تجد الدولة أفضل منه مكانا لزيارته، ليخرج بانطباع مغاير عما يسمعه عن اليمن، وافتقادها للمنشآت الرياضية النموذجية.
من السهولة أن تلعن الظلام.. ولكن ما هي النتيجة؟ ستبقى في العتمة حتى تفقد البصر والبصيرة.. وهذا هو الفرق بين من همه الوحيد ليس فقط اصطياد الأخطاء، بل توهم وجودها والبناء على ذلك الوهم نقدا يناقض الواقع ويصور قائله على أنه إما أعمى أو يريد شيئا في نفسه، بالطبع ليس للمصلحة العامة أي دخل فيها.
فعلا اتحسر على وحدة صنعاء، لأنه من نسخة واحدة، وأتمنى أن تمتلك بقية الأندية نفس روح الإبداع والتألق، حتى يجد الشباب والرياضيون أكثر من نموذج مشرف ومشرف، ليس فقط في العاصمة صنعاء، بل في مختلف المدن اليمنية.
لو زرت أي ناد، وكررت الزيارة بعد عدة سنوات، قد لا تجد أي تطور أو جديد، ولكن ستحزن على ما كان فيه وانتهى.
في الوحدة الأمر مغاير، ففي السنة الواحدة تجد شيئا جديدا، وكأنك تتعرف على المكان لأول مرة.. وهنا يكمن سر النجاح الذي استقر في الوحدة وغاب عن البقية.

مقالات مشابهة

  • «جهاز دعم الاستقرار» يدين حملات التضليل الإعلامي ويتهم جهات رسمية بتلفيق الأكاذيب
  • التواتي: عندما تكذب فإنك تحتاج لعشرين كذبة للتغطية على الكذبة الأولى
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • لأول مرة شركة وطنية تنظم مباراة في أمريكا.. المتحدة للرياضة تنظم وتذيع مباراة الأهلي وباتشوكا حصريًا عبر أون سبورت
  • «معلوف»: ترامب يريد الظهور بمظهر الرجل القوي الذي يدير شؤون العالم
  • هدد الشرطة التركية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. فما الذي حصل؟!
  • من أعماق الأناضول إلى صروح العالم.. الحجر الذي أذهل ترامب!
  • الوحدة .. سر النجاح الذي غاب عن البقية
  • موعد مباراة لوس أنجلوس وكلوب أمريكا في تصفيات كأس العالم للأندية
  • «سنأكل العشب في أمريكا».. بيلينجهام يتعهد بإعادة بريق ريال مدريد بمونديال الأندية