هل يجوز الكذب لإخفاء الصدقة .. الموقف الشرعي
تاريخ النشر: 7th, July 2025 GMT
الصدقة من العبادات التي حثّ عليها الإسلام، وهي من الإنفاق المأمور به شرعًا، فإذا أُعطيت بإخلاص ونية صادقة، كانت سببًا في الأجر والثواب، ويُؤجر صاحبها سواء كان عليه دين أو لم يكن، ما دامت توافرت فيها شروط القبول وأُخرجت خالصة لوجه الله.
في هذا السياق، أفتى عدد من علماء الأزهر والمؤسسات الدينية حول عدد من الأسئلة الشائعة بشأن أحكام الصدقة:
هل يجوز الكذب لإخفاء الصدقة
أكد العلماء أنه لا يجوز الكذب لإخفاء الصدقة، لأن الكذب محرّم شرعًا في جميع الأحوال، إلا في حالات ضيقة نصّت عليها الشريعة، كإنقاذ النفس من الهلاك أو الخداع في الحروب أو الإصلاح بين الزوجين.
وقد ذُكر في رد على سؤال حول شخص قال إنه "وجد مالًا" ليُخفي صدقته أن هذا الفعل يُعد كذبًا لا يجوز، ويُستحب له التوبة والاستغفار، مؤكدين أن قيمة الصدقة لا تتوقف على حجم المال، بل على الإخلاص في النية، ولو كانت بشق تمرة كما ورد في الحديث النبوي الشريف.
هل تقبل الصدقة من مال فيه شبهة
أوضح الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة القاهرة، أن وجود شبهة في المال لا تعني بالضرورة عدم قبول الصدقة، طالما لم يُتيقن من حرمة المال.
فالله وحده هو من يحاسب على النيات، كما أن الناس غير مطالبين بالتحقق من مصادر أموال من يقيمون موائد الرحمن أو يقومون بأعمال خيرية، بل الأصل أن تُقبل الصدقة والله أعلم بالسرائر.
حكم المجاهرة بالصدقة
ذكر الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، أن الأصل في الصدقة أن تكون في السر، لكن يجوز إعلانها في حالة واحدة وهي أن يقصد المتصدق بذلك التشجيع على فعل الخير ونشر ثقافة العطاء، لا الرياء ولا طلب السمعة.
هل تجوز الصدقة عن الميت لأقارب؟
أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن الصدقة الجارية من الأعمال التي ينتفع بها الميت بعد وفاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث".
وأكدت اللجنة أنه يجوز للإنسان أن يُخرج الصدقة عن والده المتوفى لأخته المتزوجة، ما دامت من غير من تلزم المتصدق نفقته، وتُعد في هذه الحالة صدقة وصلة رحم في الوقت ذاته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصدقة إخلاص النية المجاهرة بالصدقة هل یجوز
إقرأ أيضاً:
هل يجوز إخراج العم زكاة ماله لأولاد أخيه الصغار؟.. الإفتاء تجيب
العم.. أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، جاء مضمونه كالتالي: هل يجوز للعم أن يُخرِج زكاة ماله لأولاد أخيه الصغار؟.
حكم إخراج العم زكاة ماله لأولاد أخيه:وقالت الإفتاء إن كان عم الأولاد تلزمه النفقة على أولاد أخيه الصغار لعدم وجود مَن ينفق عليهم من أب أو جد أو نحو ذلك من الأصول أو الفروع أو العصبات، أو يوجد لكن ألزمه القاضي بالنفقة؛ فلا يجوز للعمّ أن ينفق عليهم من أموال الزكاة؛ فنفعها عائدٌ إليه، فكأنَّه أخْرَجَهَا على نفسه.
وأما إن كان لا يلزمه نفقتهم فيجوز شرعًا الإنفاقُ عليهم مِن أموال الزكاة ما داموا فقراء لا يملكون نفقتهم، وللعم في ذلك أجران: أجر الزكاة، وأجر الصِّلة والمودة.
دور العم في حياة أولاد أخيه
والعم أب في حياة الأب وبعد وفاته، من حيث الولاية والرعاية والحفظ والحنو؛ سيما إذا كان الأولاد صغارا، وقد ورد في نصوص الشرع ما يدل على أن العم والد؛ قال تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].
دور العم في حياة أولاد أخيه :
قال الإمام القرطبي رحمه الله: والعرب تجعل العم أبا كما أخبر الله عن ولد يعقوب أنهم قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وإسماعيل عم يعقوب. [تفسير القرطبي 7/ 31]
وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟» [أخرجه مسلم]؛ قال الإمام النووي رحمه الله: أي مثل أبيه. [شرح النووي :7/ 57]
دور العم في حياة أولاد أخيه ماديًّا :
كما أن نفقة أولاد الأخ المُتوفى الذين لا مال لهم من أبيهم واجبة على العم، قدر الوسع والكفاية؛ لأن قرابته توجب الإنفاق عليهم؛ شريطة عجزهم عن الكسب، وقدرته على الإنفاق؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى قَرَابَتِهِ، أَوْ عَلَى ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهَا هُنَا وَهَا هُنَا». [أخرجه النسائي]
وقدر الكفاية في نفقة العم القادر على أبناء أخيه الذين لا مال لهم؛ تشمل ما يسد جميع حاجاتهم قدر الكفاية في العادة، قال الإمام النووي رحمه الله: "القريب يلزمه كفايته من كل وجه حتى الدواء وأجرة الطبيب". [المجموع شرح المهذب (6/ 191)]
العم:
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: "والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز والأدم والكسوة، بقدر العادة .. لأن ذلك من تمام كفايته". [المغني لابن قدامة 8/ 222]
وإذا كان أبناء الأخ المُتوفى لهم مال يُغنيهم، أو قادرين على الكسب فلا تجب عليهم النفقة، وينفق الوصي عليهم من مالهم قدر كفايتهم في العادة، بما يحفظ عليهم مالهم، ويرعى به مصالحهم.
وقيام العم على شئون أبناء أخيه المُتوفى -في عمومها- ولاية تقتضي حقوقًا معنوية؛ كحسن تربيتهم، وتوجيه سلوكهم، وحمايتهم وصيانتهم، ومتابعة دراستهم، ورعاية مصالحهم في الصغر، وإرشادهم إلى اختيار الزوج الصالح، والوقوف بجانبهم في دروب الحياة، وعند الحاجة في الكبر.
دور العم في رعاية بنات أخيه:
وحث الشرع الشريف العم على القيام برعاية بنات أخيه وحسن تربيتهن وتوجيههن، وفي قيام العم بهذا الواجب عند فقد الأب عظيم الأجر والثواب؛ سيما وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالى أن يجعل للعم إرثًا شرعيًّا مع بنات أخيه في مال أبيهن، لحِكِم جليلة، منها: كونه أب لهن بعد الأب، والقاعدة الفقهية تقرر: أن الغُنمَ بالغُرمِ.