لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من الاتفاق على مشروعي قرارين مقدمين من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حول تصاعد الوضع في غزة وإسرائيل والأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

التغيير ــ وكالات

صوت الأعضاء أولا على مشروع القرار الأمريكي. استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، بعد حصوله على تأييد 10 أعضاء ومعارضة 3 (روسيا والصين ودولة الإمارات العربية المتحدة) وامتناع عضوين عن التصويت.

أما مشروع القرار الروسي، الذي شارك في تقديمه السودان وفنزويلا، فقد حصل على تأييد 4 أعضاء فقط فيما عارضه عضوان وامتنع 9 عن التصويت. لم يُعتمد مشروع القرار لعدم حصوله على العدد الكافي من الأصوات.
مشروع القرار الأمريكي
أعربت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد عن خيبة أملها بشأن استخدام كل من روسيا والصين لحق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الأمريكي، ووصفت مشروع القرار الذي قدمته بلادها بأنه كان “قويا ومتوازنا. وجاء نتاج مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن”.

ومضت قائلة: “لا ينبغي أن نشجع سلوك روسيا غير المسؤول والساخر”، من خلال التصويت على مشروع القرار الروسي الذي وصفته بأنه تم إعداده “في اللحظة الأخيرة وبدون مشاورات”.

وقالت إن بلادها مستعدة للعمل مع كافة الدول الأعضاء لدعم جهود الأمين العام والرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

كما أعلنت استعداد بلادها للتعاون مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن وفي المنطقة من أجل بناء مستقبل أكثر سلاما وأمنا لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

مشروع القرار كان يرفض ويدين بشكل قاطع “الهجمات الإرهابية الشنيعة التي شنتها حماس والجماعات الإرهابية الأخرى في إسرائيل اعتبارا من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وكذلك أخذ وقتل الرهائن والقتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي واستمرار الإطلاق العشوائي للصواريخ”.

وأكد من جديد الحق الأصيل لجميع الدول في الدفاع الفردي والجماعي عن النفس، وعلى ضرورة امتثال الدول الأعضاء- لدى الرد على الهجمات الإرهابية- لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

ودعا مشروع القرار إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، التي تشمل على وجه التحديد الهُدَن الإنسانية، للسماح بالوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى غزة.

الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، شانغ جون قال إن بلاده صوتت ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة لأنه يشمل عناصر كثيرة “تفرق ولا تجمع، وتتجاوز البعد الإنساني”.

وأضاف أن نص مشروع القرار “غير متوازن ويخلط بين الحق والباطل، وطُرح على عجالة ولم يحصل على التوافق المطلوب بالنسبة لفعاليته”، مؤكدا أن عددا من أعضاء المجلس ومنهم الصين وروسيا اقترحوا تعديلات، لكن تم تجاهل مشاغلهم، وتم إدخال تعديلات تجميلية.

وأضاف أن مشروع القرار الأمريكي “لا يعكس الدعوة القوية لوقف إطلاق النار وإنهاء العنف”، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار ليس مجرد عبارة دبلوماسية، ولكنه يعني “الحياة والموت” لكثير من المدنيين.

وأوضح ممثل الصين كذلك أن مشروع القرار الأمريكي “انتقائي” في ذكر الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية في غزة.

وأضاف أن تبني ذلك المشروع يعني الإطاحة بأفق حل الدولتين، ويدخل الطرفين في دائرة مفرغة من المواجهة والكراهية. وقال إنه بناء على هذا تصوت الصين لصالح مشروع القرار الروسي.
مشروع القرار الروسي
أعرب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن أسفه لأن المجلس “لم يتمكن من انتهاز فرصة جديدة أتيحت للتصدي للأزمة غير المسبوقة في الشرق الأوسط”.

وجدد التأكيد على أن مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة غير مقبول، معربا عن أسفه لأن “الأعضاء لم يتسموا بالشجاعة والحكمة لدعم النص الروسي” حسب تعبيره، مشيرا إلى أن مجلس الأمن “لم يلبِ التطلعات”.

مشروع القرار الروسي كان يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وقفا فوريا ودائما يُحترم بالكامل، وأدان بشدة جميع أشكال العنف وأعمال القتال المرتكبة ضد المدنيين.

ورفض المشروع وأدان “بشكل قاطع الهجمات الشنيعة التي شنتها حماس في إسرائيل وأخذ الرهائن المدنيين”.

وأدان أيضا بشكل قاطع “الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأعيان المدنية في قطاع غزة التي تؤدي إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين”. وأدان ورفض الإجراءات الرامية إلى “ضرب حصار على قطاع غزة يحرم السكان المدنيين من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة”.

في كلمته أمام مجلس الأمن بعد رفض مشروع القرار المقدم من بلاده، قال السفير الروسي إن كل الجهود الرامية لتلافي التصعيد في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سوف تكون في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن المقرر أن تستأنف الجمعية العامة غدا الخميس عقد دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة التي تحمل عنوان: الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأعلن السفير الروسي تأييد بلاده لمشروع القرار المطروح من الأردن أمام الجمعية العامة والذي تشارك روسيا في تقديمه، داعيا الدول كافة لدعم نص مشروع القرار.

وصوتت السفيرة لانا نسيبة الممثلة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة لصالح مشروع القرار الروسي، الذي شارك في تقديمه السودان وفنزويلا.

وعقب التصويت، قالت إن أي قرار يعتمده المجلس ينبغي أن يعطي الأولوية لمسائل “وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وإطلاق سراح كل الرهائن وكذلك وصول المساعدة الإنسانية الآمنة والكافية والوقود للمستشفيات ومحطات تحلية المياه وكذلك الامتثال للقانون الدولي الإنساني”.

وتابعت قائلة: “سمعنا يوم أمس عشرات البيانات التي تناشد هذا المجلس إعطاء القيمة نفسها لحياة الفلسطينيين مثلما يعطي القيمة لحياة الإسرائيليين. يجب ألا نسمح بأي لبس حول هذه النقطة. ما من هرمية في حياة المدنيين”.

وكان مشروع القرار الروسي يرفض الإجراءات الرامية إلى “ضرب حصار على قطاع غزة يحرم السكان المدنيين من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني”.
أسف إسرائيلي لعدم اعتماد المشروع الأمريكي
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان تحدث بعد التصويت وشكر الولايات المتحدة وكل من صوت لصالح مشروع القرار الذي قدمته لإدانته الواضحة “للأعمال الإرهابية الوحشية” وتأييد حق الدول الأعضاء في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب.

وقال إن معارضة بعض الدول الأعضاء لمشروع القرار أصابه بالصدمة، وقال موجها كلامه للدول التي صوتت ضد مشروع القرار: “إذا واجهت أي من دولكم مجزرة مماثلة، أنا واثق من أنكم كنتم ستتصرفون بقوة أكبر من إسرائيل”.

وتساءل عما كانت ستفعله روسيا أو الصين إذا تعرضتا لهجمات مشابهة لما حدث في إسرائيل. واتهم المجتمع الدولي بأنه “يكيل بمعيارين”.

وقال: “أولئك الذين صوتوا ضد مشروع القرار الذي قادته الولايات المتحدة، أظهروا للعالم أن هذا المجلس غير قادر على القيام بأبسط المهام بإدانة إرهابيين مشابهين لإرهابي داعش، وتأكيد الحق في الدفاع عن النفس لضحايا هذه الجرائم الشنيعة”.

وقال إن بلاده ما زالت تتعرض للهجوم جنوبا من حماس وشمالا من حزب الله. وانتقد مشروع القرار الروسي وذكر أنه كان يسعى لتقييد يد إسرائيل ومنعها من القضاء على التهديد الوجودي الذي يواجهها، والسماح “لإرهابيي الإبادة الجماعية بإعادة ترتيب صفوفهم كي يذبحونا مرة أخرى” حسب تعبيره.
تصويت الأسبوع الماضي

وكان المجلس قد صوت مرتين الأسبوع الماضي على مشروعي قرارين بهذا الشأن. الأول مشروع روسي كان مدعوما من عدد من الدول العربية.

لم يحصل مشروع القرار على العدد المطلوب من الأصوات لاعتماده، إذ أيده 5 أعضاء وعارضه 4 مع امتناع 6 عن التصويت.

وفي الثامن عشر من الشهر الحالي صوت أعضاء المجلس على مشروع قرار برازيلي لم يُعتمد بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده فيما أيده 12 عضوا وامتنع عضوان عن التصويت هما روسيا والمملكة المتحدة.

الوسومإسرائيل الصين روسيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إسرائيل الصين روسيا

إقرأ أيضاً:

منفعة الأمان الوظيفي.. حقٌ مشروع لا يجوز المساس به

حمود بن سعيد البطاشي

منذ أن تم الإعلان عن "منفعة الأمان الوظيفي" في سلطنة عُمان، نظر الكثير من المواطنين إلى هذه الخطوة بوصفها علامة فارقة في مسيرة الحماية الاجتماعية والعدالة الاقتصادية. هذه المنفعة لم تكن هبةً أو عطيةً من جهةٍ ما، بل وُلدت من رحم الحاجة المجتمعية، وتأسست على مبدأ التضامن والتكافل، حيث تم استقطاع 1% من راتب كل موظف عامل في القطاعين العام والخاص، ليكون هذا المبلغ شبكة أمان للعامل في حال تم تسريحه من عمله قسرًا أو نتيجة ظروف خارجة عن إرادته.

لكن المفاجأة الكبرى جاءت عندما تم الإعلان عن إيقاف صرف منفعة الأمان الوظيفي، دون توضيح دقيق وشفاف لأسباب هذا الإيقاف أو الآلية التي تم اتخاذ القرار من خلالها. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أين تذهب تلك المبالغ التي تم اقتطاعها على مدى السنوات الماضية؟ وهل من العدل أن يُحرم المسرَّح من عمله -وهو في أمسّ الحاجة لهذا الدعم- من المنفعة التي اقتُطعت من راتبه، بل من قوت يومه، طوال سنوات عمله؟

دعونا نُذكّر بأن الغرض الأساسي من هذا النظام كان واضحًا منذ البداية: دعم العامل المسرح من عمله مؤقتًا إلى حين إيجاد فرصة عمل بديلة، وضمان استقرار أسرته، وتوفير الحد الأدنى من المعيشة الكريمة. فالعامل المسرَّح لا يفقد مصدر دخله فقط، بل يتعرض لضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية قد تُهدد استقراره بالكامل، خصوصًا إذا كان العائل الوحيد لأسرته.

إننا اليوم أمام حالة تستدعي الوقوف الجاد والمراجعة العميقة. فإيقاف صرف المنفعة دون تقديم بدائل واضحة أو خطة إصلاح شفافة يُعد قرارًا يحمل تبعات خطيرة، ليس فقط على الأفراد، بل على النسيج المجتمعي والاقتصادي برمته. وما يُثير القلق أكثر أن هذا القرار يأتي في وقتٍ تزداد فيه معدلات التسريح والتحديات الاقتصادية، ما يجعل الحاجة إلى المنفعة أشد من أي وقت مضى.

وهنا لا بد أن نطرح بعض الأسئلة على الجهات المختصة: هل تم إجراء تقييم موضوعي لنظام الأمان الوظيفي قبل اتخاذ قرار الإيقاف؟ هل شارك المعنيون من شرائح المجتمع، ومن ضمنهم المسرَّحون أنفسهم، في النقاش حول مستقبل هذا النظام؟ وما مصير المبالغ التي تم جمعها من استقطاعات الموظفين؟ هل ستُعاد لهم؟ أم ستُستخدم في برنامج آخر؟

لا نُنكر أن كل نظام قابل للتطوير والتعديل، لكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب الفئة الأكثر ضعفًا في المجتمع، ولا يجب أن يتم التغيير دون حوار مجتمعي شفاف يضمن حقوق الجميع.

إننا نطالب بمراجعة القرار الذي تم اتخاذه بشأن إيقاف صرف منفعة الأمان الوظيفي، ومطالبة الجهات المعنية بإعادة النظر فيه بصورة عاجلة. كما نُهيب بمجلس الشورى، والمجالس البلدية، ومؤسسات المجتمع المدني، وأصحاب الرأي والخبرة، أن يتبنوا هذا المطلب العادل، فالسكوت في مثل هذه القضايا يُعدّ تفريطًا في الحقوق.

ختامًا، إن العدالة الاجتماعية لا تتحقق بالشعارات فقط، بل بالأفعال والسياسات التي تحمي المواطن وقت الشدة، لا التي تتخلى عنه عند أول اختبار. ومَن استُقطع من راتبه طيلة سنواتٍ يستحق أن يُرد له جزء من هذا الدين عند الحاجة، لا أن يُترك وحيدًا في مهبّ الأزمات.

 

مقالات مشابهة

  • منفعة الأمان الوظيفي.. حقٌ مشروع لا يجوز المساس به
  • ترامب عقب تصريحات رئيس مجلس الأمن الروسي: النووي سيكون التهديد النهائي
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • المبعوث الأمريكي يوضح عدد الساعات التي قضاها في غزة والهدف من زيارته
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟
  • تصعيد تجاري جديد تقوده إدارة ترامب يشمل كندا وإسرائيل ودولاً أخرى
  • مصطفى بكري يكشف خطة التنظيم الدولي للإخوان الإرهابية وإسرائيل لإرباك الدولة المصرية «فيديو»
  • بعد انضمام البرتغال إلى الدول الساعية للاعتراف بفلسطين.. هل ينجو نتنياهو من تصاعد الضغط الدولي؟
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة يعتمد قرارين لصالح فلسطين