علاقة السمنة بالسرطان أسوأ مما يظن البعض !
تاريخ النشر: 2nd, August 2025 GMT
أظهرت الأدلة المتزايدة أن وفيات السرطان المرتبط بالسمنة في ارتفاع رغم أن الوفيات التي يسببها مرض السرطان في تراجع، بشكل عام.
فقد كشف تقرير شامل جديد حول اتجاهات السرطان في الولايات المتحدة، نُشر في أبريل الماضي، أن أنواع السرطان المرتبطة بالسمنة أصبحت أكثر شيوعًا. ووجدت دراسة أخرى، عُرضت في يوليو الماضي خلال الاجتماع السنوي لجمعية الغدد الصماء في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة، أن الوفيات الناجمة عن سرطانات مرتبطة بالسمنة تضاعفت بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال العقدين الماضيين.
تُعد السمنة، بعد التدخين، أحد الأسباب الرئيسية للسرطان التي يمكن الوقاية منها. ومع ذلك، فحتى مع زيادة وعي الجمهور بمخاطر التدخين بشكل كبير، يحذر الخبراء من أننا قللنا من تقدير مدى قدرة الوزن الزائد، والبيولوجيا المعقدة التي تكمن وراءه، على تأجيج المرض، ووفقا لموقع webmd.com.
هذا الارتباط بين السمنة والسرطان ليس مفهومًا تمامًا، لكن الخبراء يُشيرون إلى بعض الاحتمالات القوية. قد يكون هرمون الأستروجين، أو الخلايا الدهنية، أو الميكروبيوم (مجموع الميكروبات المتعايشة مع إنسان)، أو مقاومة الأنسولين، أو كل ما سبق. أمر واحد مؤكد: إن خطر السمنة على الصحة العامة في ازدياد مستمر.
فماذا يعني هذا للوقاية من السرطان، وكيف يُمكن حماية نفسك؟
خطر على النساء
أدى انخفاض كبير في عدد المدخنين والسرطانات المرتبطة بالتدخين إلى انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان بشكل عام. قال الدكتور إيثان لازاروس، أخصائي طب السمنة في كولورادو "من أكثر الإحالات شيوعًا بالنسبة لي أطباء السرطان". فقد أظهرت الأدلة مرارًا وتكرارًا أن زيادة كمية الأنسجة الدهنية تزيد من خطر عودة السرطان. ويرتبط فقدان الوزن بتحسن معدلات النجاة من السرطان، وخاصةً سرطان الثدي والقولون.
تميل النساء إلى أن تكون لديهن معدلات سمنة أعلى من الرجال، ومعدلات أعلى من السمنة المفرطة، على وجه الخصوص، مما قد يفسر جزئيًا سبب تأثرهن أكثر بالسرطانات المرتبطة بالسمنة. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن العديد من أنواع السرطان المرتبطة بالسمنة خاصة بالنساء أو أكثر شيوعًا بينهن.
لكن هذا لا يفسر السؤال الأهم: لماذا تزيد السمنة من خطر الإصابة بالسرطان لدى النساء، أو لدى أي شخص آخر؟
الدهون تسبب المرض
قال الدكتور سكوت سامرز، المدير التنفيذي المشارك لمركز أبحاث السكري والتمثيل الغذائي في جامعة يوتا الصحية "الحقيقة هي أنه لا أحد يعرف حقًا لماذا تُسبب السمنة السرطان".
لكن مجموعة سامرز البحثية تعتقد أن الخلايا الدهنية جزء كبير من المشكلة. يضيف سامرز "الخلايا الدهنية غريبة، ويمكن أن تكون ضارة".
وقد صاغ خبراء السمنة مصطلحًا لنقطة التحول عندما تبدأ الخلايا الدهنية بالتأثير على صحتك: "اعتلال الشحم" (adiposopathy) من "adipos" تعني الدهون، و"pathy" تعني المرض، كما قال لازاروس.
أولاً، قد تُسبب هذه الأنسجة السرطان لمجرد قربها. فوفقاً لمراجعة نُشرت عام 2023 في مجلة Frontiers in Endocrinology، تظهر جميع أنواع السرطان المرتبطة بالسمنة تقريباً في أجزاء الجسم التي تتركز فيها الأنسجة الدهنية أو بجوارها، مثل البطن والثدي. وتُظهر الأبحاث، التي أُجريت على الفئران، أن سرطان الثدي يكون أكثر عدوانية عندما يكون مُحاطاً بالمزيد من الأنسجة الدهنية.
تقول الدكتورة بريا جايسنغاني، أخصائية طب السمنة في مدينة نيويورك، إن إحدى النظريات الشائعة هي أن الأنسجة الدهنية "نشطة هرمونياً"، خاصةً بعد انقطاع الطمث، أي أنها تُطلق هرمونات مثل الأستروجين، والتي قد تُسبب نمو بعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي أو بطانة الرحم. في الواقع، يُعد سرطان الثدي بعد انقطاع الطمث أكثر أنواع السرطان المرتبطة بالسمنة شيوعاً لدى النساء.
دور الالتهاب والأنسولين
يُعتبر الالتهاب سببًا آخر للمرض. فمع تراكم الخلايا الدهنية ونموها، أو مع زيادة الوزن، تُحفز هذه الأنسجة استجابة مناعية. يقول سامرز "هناك عدة طرق لحدوث ذلك. إحداها هي تسلل الخلايا المناعية إلى الأنسجة الدهنية للتخلص من الخلايا الدهنية الميتة". يُنتج هذا التنشيط المناعي التهابًا مزمنًا منخفض الدرجة، مما يزيد من خطر تلف الحمض النووي والطفرات الخلوية، مما قد يُهيئ الجسم للإصابة بالسرطان.
قد يُسهم الالتهاب المزمن أيضًا في اختلال وظائف الأنسولين، مما قد يُعزز الإصابة بالسرطان. غالبًا ما يُعاني الأشخاص المصابون بالسمنة من مقاومة الأنسولين، أي أن خلاياهم لا تستجيب بشكل صحيح للمستويات الطبيعية من الأنسولين، وهو الهرمون الذي يفرزه البنكرياس لتنظيم سكر الدم. عند حدوث ذلك، يُفرز البنكرياس المزيد من الأنسولين للحفاظ على مستوى السكر في الدم تحت السيطرة، مما يرفع مستويات الأنسولين في الدم، مما قد يُحفز نمو الأنسجة، بما في ذلك أنسجة السرطان، وفقًا لسامرز.
ما يحدث في الأمعاء
كشف فريق سامرز عن عامل مُحتمل في الأمعاء: وهو نوع من جزيئات تخزين الدهون يُسمى "الشحميّات السفينجوليّة" (sphingolipids)، والذي يتراكم في الجسم أثناء السمنة. يقول سامرز: "نعتقد أنها تُسبب ضررًا كبيرًا في السمنة، وهي علامة على امتلاء المسارات الأخرى لتخزين الدهون".
في دراسات أُجريت على الفئران، أدت إزالة الشحميّات السفينجوليّة إلى القضاء على أمراض مرتبطة بالسمنة مثل أمراض الكلى، ومرض الكبد الدهني، والسكري، وقصور القلب. وأظهرت إحدى الدراسات أن الشحميّات السفينجوليّة تُعزز الإنتاج السريع للخلايا الجذعية في الأمعاء، وهي نتيجة غير متوقعة تُشير إلى أن جزيئات الدهون قد تُحفز تكاثرًا مفرطًا للخلايا في القولون، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون، وفقًا لسامرز.
يُعد هذا الأمر بالغ الأهمية نظرًا للارتفاع العالمي غير المُفسر في سرطان القولون بين الأشخاص دون سن الخمسين. وتُشير البيانات إلى أن السمنة المُستمرة تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة تصل إلى 57%.
لا يزال الكثير من الناس، بمن فيهم الأطباء، ينظرون إلى السمنة على أنها مشكلة تتعلق بأسلوب الحياة وليست مشكلة طبية. غالبًا ما يتم تجاهل الأعراض المبكرة للسرطان ويُعزى ذلك إلى زيادة الوزن. وغالبًا ما تُترك السمنة دون علاج، ولا يكتشف السرطان لدى الأشخاص المصابين بها.
يقول الخبراء إنها أزمة صحية عامة تتطلب، مثل التدخين وسرطان الرئة، نهجًا صحيًا عامًا. ولكن يمكنك اتخاذ خطوات لحماية نفسك أيضًا. فإذا كانت لديك مخاوف صحية تتعلق بالسمنة، فهي مشكلة طبية، ومن المناسب تمامًا طلب العلاج.
لا تزال النصائح القياسية للوقاية من السرطان سارية: إجراء فحوصات وقائية، وممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين الرياضية المعتدلة أسبوعيًا، وإعطاء الأولوية للنوم لمدة تتراوح بين ست وثماني ساعات ليلًا.
مصطفى أوفى (أبوظبي) أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: السرطان السمنة الأنسجة الدهنیة الخلایا الدهنیة سرطان الثدی مما قد ی من خطر
إقرأ أيضاً:
تسبب السمنة المبكرة.. احذري من تناول طفلك هذه المنتجات الغذائية
تعد مرحلة الطفولة من أهم مراحل تكوين جسم الإنسان فيما بعد، لذا لابدمن اتباع عادات غذائية سليمة لطفلك يمكنهم من بناء جسمهم وعقلهم، إلا أن دراسة حذرت من مخاطر الأطعمة فائقة المعالجة الموجهة للأطفال.
مخاطر الأطعمة فائقة المعالجة الموجهة للأطفالوبحسب الدراسة البريطانية، التي أجراها باحثون من جامعة ليدز، فإن هذه الاطعمة فائقة المعالجة تمهد الطريق لتبني عادات غذائية غير صحية تؤدي إلى السمنة وتسوس الأسنان لطفلك منذ سن مبكرة.
وأشارت الدراسة، إلى أن نحو ثلث المنتجات الغذائية المخصّصة للرضّع والأطفال الصغار تُصنّف ضمن فئة «الأطعمة فائقة المعالجة»، وهي أطعمة تُنتج بكميات كبيرة وتحتوي على مكونات صناعية وإضافات متعددة، وقد ثبت ارتباطها بالعديد من المشكلات الصحية المزمنة.
وحذّر الباحثون من أن رفوف المتاجر مليئة بمنتجات معالجة ومليئة بالسكر تُسوّق كخيارات صحية، ما يضلل الآباء ويفشل سبيلهم لحماية صحة أطفالهم، حيث تسبب هذه المنتجات السمنة وتسوس أسنان الأطفال.
اقرأ أيضاًيتناولها الكثير يوميًا.. 3 أطعمة ومشروبات تُصيبك بالشيخوخة المبكرة
«70%» نسبة اكتشاف الإصابة المبكرة بـ سرطان الثدي في مبادرة «صحة المرأة»
«ديبيارون».. دواء جديد لعلاج مرضى السكر والسمنة نهائيا