فورين أفيرز: لماذا على تايوان إعادة إحياء مفاعلاتها النووية؟
تاريخ النشر: 2nd, August 2025 GMT
حذّرت مجلة فورين أفيرز الأميركية من أن الخطوة المفصلية التي اتخذتها تايوان بإغلاق آخر مفاعل نووي لديها في مايو/أيار الماضي، خطوة حساسة جدا، في ظل تصاعد التهديدات الصينية.
وأضافت المجلة، في تقرير مطول بقلم كل من جيم إليس وستيفن شو، أن القرار التايواني الذي أنهى 4 عقود من الاعتماد على الطاقة النووية، جاء تتويجا لمسار طويل بدأ بعد انتهاء الحكم العسكري عام 1987.
وزادت أن الطاقة النووية ارتبطت في أذهان النشطاء الديمقراطيين التايوانيين بالإرث الاستبدادي، وتعززت هذه القناعة مع كارثة فوكوشيما اليابانية عام 2011، ما قوّى الضغط الشعبي الذي نجح في دفع الحكومة لإغلاق 6 مفاعلات نووية، وإيقاف العمل على إنشاء مفاعلين آخرين.
لكن هذا التحول -تتابع المجلة- ورغم دوافعه البيئية والحقوقية، ترك الجزيرة مكشوفة، وذكرت أن تايوان اليوم تستورد نحو 98% من احتياجاتها الطاقية من الخارج -على شكل نفط وغاز وفحم- مما يجعلها عرضة للابتزاز أو الحصار.
وأوضح التقرير أن خطورة الأمر لا تكمن في الطاقة وحدها، بل في ما تمثّله تايوان من أهمية حيوية لسلاسل الإمداد العالمية، فشركات التكنولوجيا الأميركية تعتمد بشكل شبه كامل على الشرائح الإلكترونية التي تنتجها تايوان، لاسيما في مجال الذكاء الاصطناعي.
وذكرت أنه برغم وجود محاولات لبناء مصانع بديلة في الولايات المتحدة، فإن الثقل الصناعي والمعرفي التايواني لا يمكن تعويضه سريعا.
وقالت إن مصانع الرقائق في تايوان تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء، وضربت على ذلك مثلا بشركة "تي إس إم سي" التي تستهلك وحدها 8% من إجمالي الطاقة في البلاد، وهو رقم يعادل تقريبا نصف استهلاك المنازل التايوانية مجتمعة.
وأبرزت أن تايوان تواجه تحديات متعددة في بنيتها التحتية الكهربائية، فالطاقة تُنقل من الجنوب إلى الشمال عبر 3 خطوط جبلية فقط، في ظل احتياطيات كهربائية تقل أحيانا عن 10%، وهو مستوى مقلق حتى بمعايير الدول الصناعية. وقد شهدت البلاد انقطاعات متكررة في الكهرباء، أثّرت بشكل مباشر على مناطق صناعية حساسة مثل حدائق التكنولوجيا.
إعلانكما أن قدرات التخزين الطاقي -تتابع مجلة أفيرز- ضعيفة، ففي حين تخزن دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية الغاز الطبيعي لفترات تمتد من شهر إلى أكثر، لا تملك تايوان مخزونا يتجاوز 10 أيام فقط، ما يجعلها عرضة لأي اضطراب.
وتوضح فورين أفيرز أنه برغم طموحات الحكومة لبلوغ الحياد الكربوني بحلول 2050، لم تشكل الطاقة المتجددة سوى 12% من إجمالي الكهرباء في 2024، وهو أقل بكثير من الهدف المحدد بـ20% لعام 2025.
ويرجع ذلك إلى قيود تنظيمية، وارتفاع التكاليف، ورفض المجتمعات المحلية إنشاء مشاريع الطاقة في مناطقها. وبحسب المجلة، يرى مراقبون أن تايوان تسير على خطى ألمانيا، التي أغلقت مفاعلاتها النووية واعتمدت على الغاز الروسي، قبل أن تجد نفسها في مأزق بعد غزو أوكرانيا، غير أن تايوان لا تزال تملك فرصة لتصحيح المسار، يوضح التقرير.
وقالت إن استطلاع رأي أجرته "كومنويلث ماغازين" التايوانية في أغسطس/آب 2024 أظهر أن 70% من التايوانيين يؤيدون الحفاظ على الطاقة النووية، وهو تحول لافت للرأي العام، إلا أن المعارضة النووية، وإن كانت أقلية، لا تزال منظمة ومؤثرة في النظام الديمقراطي.
أمن الطاقة في تايوان لم يعد شأنا بيئيا فحسب، بل أصبح مسألة سيادية، إذ في ظل تصاعد التوترات مع الصين، قد يكون بقاء النظام الديمقراطي في تايوان مرهونا بقدرتها على توليد الطاقة وتخزينها
الانخراط الأميركيونبّه الكاتبان إلى أن الولايات المتحدة إذا أرادت ضمان الوصول إلى رقائق الذكاء الاصطناعي التايوانية، وتجنب أزمة جيوسياسية مع الصين، فعليها أن تساعد تايوان في تعزيز أمنها الطاقي، سواء عبر تحسين التخزين أو دعم العودة للطاقة النووية.
وأوضح التقرير أن الخبراء يدعون إلى دور فعّال لواشنطن في مساعدة تايبيه على تقييم خياراتها الطاقية من جديد، وذكروا أنه منذ 9 سنوات لم تُحدّث إدارة معلومات الطاقة الأميركية بياناتها عن تايوان.
كما أنهم يطالبون بتعاون فني لإعادة تشغيل مفاعلات مغلقة، وبحث إمكانية استخدام مفاعلات صغيرة من الجيل الجديد أكثر أمانا وكفاءة، وذلك إلى جانب تأسيس مجموعة عمل مشتركة بين الولايات المتحدة وتايوان لتسريع تطوير قدرات التخزين والتصدير في قطاع الغاز.
وتؤكد المجلة أن أمن الطاقة في تايوان لم يعد شأنا بيئيا فحسب، بل أصبح مسألة سيادية، إذ في ظل تصاعد التوترات في مضيق تايوان، قد يكون بقاء النظام الديمقراطي في الجزيرة مرهونا بقدرتها على توليد الطاقة وتخزينها، بعيدا عن رحمة الرياح الجيوسياسية التي تهدد المنطقة بشكل مستمر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات الطاقة النوویة أن تایوان فی تایوان الطاقة فی
إقرأ أيضاً:
رئيس تايوان: ترامب يستحق نوبل للسلام في هذه الحالة
قال الرئيس التايواني لاي تشينغ ته إنه يتعين منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام إذ أقنع نظيره الصيني شي جين بينغ بالتخلي عن استخدام القوة ضد الجزيرة التي تعتبرها بكين إقليما منشقا.
وتعد واشنطن أكبر داعمي تايوان على الساحة الدولية رغم عدم وجود علاقات رسمية بينهما، لكن لم يعلن ترامب، منذ توليه منصبه خلال العام الجاري، عن أي مبيعات أسلحة جديدة للجزيرة.
وقد يلتقي ترامب مع شي خلال الشهر الجاري، ويشعر خبراء في السياسة الخارجية والشعب التايواني بالقلق من أنه قد لا يكون ملتزما بالدفاع عن الجزيرة بالقدر الذي كان عليه الرؤساء الأميركيون السابقون، وربما يعرض على بكين تنازلات لإبرام صفقة تجارية كبيرة.
وأشار لاي أثناء حديثه خلال الأسبوع الجاري في برنامج "كلاي ترافيس وباك سيكستون"، الذي يُبث على أكثر من 400 محطة إذاعية ويتبنى وجهات نظر محافظة، إلى تعليقات ترامب في أغسطس والتي قال فيها إن شي أبلغه بأن الصين لن تشنّ غزوا على تايوان طيلة فترة توليه الرئاسة الأميركية.
وأوضح لاي: "نأمل أن يواصل الرئيس ترامب دعمنا. حال إقناع ترامب الرئيس الصيني بوقف أي عدوان عسكري ضد تايوان، فسيكون الرئيس ترامب بلا أدنى شك فائزا بجائزة نوبل للسلام".
وذكر ترامب أنه يستحق هذا التكريم (الفوز بجائزة نوبل للسلام) الذي تلقاه أربعة من أسلافه في البيت الأبيض.
جدير بالذكر أنه سيجري الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام هذا العام في النرويج يوم الجمعة.