توقف المحادثات السعودية مع مليشيا الحوثي .. وتحركات مريبة للمتمردين
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
قالت مصادر غربية، إن المحادثات السعودية الحوثية توقفت، بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، وانخراط محور إيران في المنطقة في مناورات وهمية مع الاحتلال.
ونقلت قناة "بلقيس" عن مصادر غربية -لم تسمها- أن المحادثات بين السعودية ومليشيا الحوثي، التي كانت قد حققت نتائج إيجابية، توقفت بعد بدء إسرائيل شن هجومها على غزة.
وأشارت القناة اليمنية، إلى أن توقف المفاوضات دفع للتساؤل عمّا تبيّته طهران من نوايا، خصوصا في ظل انكشاف التبعية التامة، وحالة الولاء الكامل الذي يربط مليشيا الحوثي بها.
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي، الدكتور عبدالوهاب العوج: "إن الحرب في غزة، ومعركة طوفان الأقصى، خلطت جميع الأوراق، ومنها وتيرة المحادثات السعودية - الحوثية، التي توقفت حتى تنجلي أحداث غزة، ومعرفة نتائجها، والأطراف التي ستتدخل فيها، رغم أن القناعات تقول لا مليشيا الحوثي ولا مليشيا حزب في لبنان، ولا أي فصيل من فصائل الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، سيهاجم الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف العوج أن "الوضع في اليمن سيتوقف بكامله، حتى تنجلي المعركة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، خاصة وأن مليشيا الحوثي أطلقت صواريخ في الهواء، باتفاق مع الأمريكان، لأنه كان بإمكان المليشيا أن تستهدف ميناء إيلات الإسرائيلي بكل سهولة، كما تمكّنت من قصف أرامكو".
وتابع: "سيظل الوضع في اليمن كما هو، لا أحد منتصر فيه، وستظل جميع الأطراف تنتظر ما الذي ستقوله السعودية والإمارات وإيران، ومن خلفها أمريكا".. مشيرًا إلى أن "الوضع في اليمن يزداد سوءًا من الناحية الاقتصادية والمعيشية، وسيتخلى الجميع عن القضية اليمنية، وستبقى اليمن كحرب منسية يعاني فيها المواطن من الضائقة الاقتصادية الكبيرة، مع تدهور العملة الوطنية، وتوقف تصدير النفط، ومع وجود تهديد للحرب، في حالة اللا حرب واللا سلام".
وأشار العوج إلى أن "إيران تريد أن تستفيد من كل الأوضاع، حتى من الحرب الإسرائيلية على غزة، من خلال تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة".
وقال: "إسرائيل تحاول جس النبض في جنوب لبنان، من خلال ما لاحظناه في الأسابيع الماضية، من استهداف لبعض أجهزة المراقبة دون الدخول بمعركة حقيقية مع حزب الله، وهو ما يدل على أن الجميع يترقّب الوضع، كما هي حالة الترقب في اليمن".
وأضاف: "جميع مليشيا إيران في المنطقة لسان حالها يقول لا تعتدوا على إيران، ولن نعتدي عليكم، ولا يهمها ما يجري الآن في غزة، بدليل أن كلامها عن توحيد الساحات قد سقط من خلال الهدوء الواضح في الجبهة اليمنية، حيث لا يوجد أي تهديد من قِبل مليشيا الحوثي، لا على خط الملاحة الدولية، ولا على ميناء إيلات، وكذلك الحال في لبنان وسوريا وغيرها، بل إن العدو الصهيوني يقصف سوريا، ولا يرد عليه أحد".
وتوقف الحديث عن المفاوضات السعودية الحوثية خلال الآونة الأخيرة، كما صعدت المليشيات ضد السعودية، وأعادت ضرباتها المتقطعة على المملكة، حيث استهدفت قبل أسابيع جنودًا بحرينيين في حدودد المملكة، وقتلت عددًا منهم، كما قتلت قبل أيام عددًا من الجنود السعوديين.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی فی المنطقة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
البدريون قادمون من صنعاء ... ستكتشف السعودية كما اليمن أنها الخاسر الأكبر من مخرجات لا تفهم الجغرافيا
الحوثيون لايعملون بعشوائية التحالف، ولا برخاوة الشرعية وغبائها، بل يشتغلون منذ أكثر من 11 سنة على بناء جيل عقائدي خاص بهم، عملوا على إنشاء منظومة تعليمية موازية (غير المدارس الحكومية التي عبثوا بمناهجها)، أبرزها مايُعرف بـ"مدارس البدر" نسبة لبدر الدين الحوثي، وهي مدارس داخلية مغلقة لايُقبل فيها الطالب إلا وفق معايير مشددة، ويمكث فيها الدارس ثمان سنوات؛ يتلقى خلالها منهج خاص خارج إطار التعليم الرسمي، لايشمل أي علوم حديثة، لكنها تصنع فرد مبرمج على الولاء المطلق والفكر الواحد والعداء المستحكم للآخر، إضافة إلى التدريب العسكري على مختلف أنواع الأسلحة..
في صنعاء وحدها، هناك 28 مركز ديني وشرعي خاص، تتبع منهج الجماعة وملازمها، تعمل بوتيرة واحدة، بعضها داخل مساجد كبرى مثل جامع الصالح (الذي حُوّل إلى جامع الشعب) ويضم معسكر داخلي دائم، وهناك عشرات المراكز المماثلة في بقية المحافظات والمديريات والعُزل المختلفة، والمحصلة أكثر من 250 ألف شاب كلهم تحت سن العشرين تخرجوا حتى الآن من هذه المراكز، لايعرفون الفيزياء ولا التاريخ ولا اللغات، لكنهم مبرمجون عقائدياً ومدربون عسكريا، ومؤهلون للتعامل مع كل أشكال السلاح..
نحن لانتحدث عن جيل متدين فحسب، ولسنا أمام مخرجات تعليمية عادية، وهذه ليست مجرد أرقام، بل جيل مبرمج بطريقة لاتترك أي مجال للتسامح أو التعايش، عبارة عن ألغام وقنابل فكرية موقوتة، مخرجات يصعب التعايش معها مستقبلاً، لأنها نشأت على أفكار لاترى الآخر إلا كخصم يجب إخضاعه أو استئصاله، ويتعاملون مع الخلاف الفكري أو السياسي كما لو كان كفر يستحق الاجتثاث..
خريجوا تلك المراكز لم يتم اعدادهم لخدمة الجماعة سياسيا أو عسكريا فقط، بل تم تشكيلهم وتلقينهم والاعتناء بهم ليكونوا الوقود العقائدي لأي صراع طويل الأمد، يعبث بالتاريخ ويتجاوز حدود الجغرافيا..
هذا المشروع الذي يحتفل بتخرج دفعاته سنوياً منذ 11 سنة، يقابله فشل الشرعية الذريع؛ ليس في مواجهته فقط، بل انها قدّمت النقيض، تركت المدارس تنهار، والطلاب يتسربون، والمعلمين يتذمرون بلا مرتبات، يُذلون في طوابير المساعدات، دون خطة بديلة أو دعم جاد لمواجهة التجريف العلمي الذي يتم في صنعاء وبقية المحافظات التابعة للحوثيين، لم تكن هناك أي محاولة لبناء مشروع مضاد، لافي التعليم ولا في الإعلام ولا في الوعي العام، بل إنها لم تنجح في أي قطاع اتجهت إليه، ووقفت عاجزة أمام أخطر معركة تخوضها الأمم؛ معركة بناء الإنسان.
أما التحالف، وعلى رأسه السعودية، فقد تورطت في معركة بلا أفق محدد، وأصبح التراخي، وإطالة أمد الحرب، وغياب أي مشروع وطني أو تربوي مقابل، بمثابة شيك على بياض للحوثيين بتنفيذ برنامجهم التربوي والعقائدي بكل أريحية، والنتيجة أن المنطقة برمتها ستدفع ثمن هذه "المرحلة الرخوة من تاريخ اليمن" التي تحوّل فيها الحوثيون من مجرد جماعة ميليشيا مسلحة؛ إلى مدرسة قتالية وماكينة تربية مغلقة، تُنتج مقاتلين عقائديين مؤمنين بمشروع لايعترف بالحدود ولا بالشراكة ولا بالاختلاف، وستكتشف السعودية، كما اليمن، أنها الخاسر الأكبر من هذه المخرجات، التي ستكون في الغد القريب أدوات صراع، لا أدوات تعايش..
لقد أثبتت الحرب أن الخطر لايكمن في الجبهات فقط، بل في المدارس والمناهج والمراكز العقائدية، ومن يُهمل هذه الجبهة، ويفشل في خوض هذه المعركة، سيُهزم وسيفقد المعركة كلها، حتى لو انتصر عسكرياً، لأن من يُشكل العقول، يحصد المصير ويتحكم بالمستقبل..