إدارة بايدن في مرمى الانتقادات والهدنة ضرورة قصوى
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
في الوقت الذي يزداد فيه عناد و تصميم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمضي قدما في عمليته العسكرية رغم المتاعب الكبيرة التي تتكبدها قواته على حدود قطاع غزة، يبدوا أن الادارة الأمريكية قد أصبحت تمارس ضغوطا عليه وتحثه على هدنة انسانية بعد أن أصبحت الجوانب الاخلاقية فيها مسألة تحرج ادارة بايدن وتضعها تحت ضغط داخلي وخارجي ، لاسيما وأن دعمها المطلق لاسرائيل في حربها ضد حماس يشوش على علاقاتها مع شركاءها في المنطقة، ومن هذا المنطلق فان الادارة الأمريكية اذ تحث نتنياهو على هدنة انسانية فهي تبحث من خلال ذلك عن اضفاء التوازن مابين دعم اسرائيل والاصغاء لشركاءها الرافضين لاستمرار الحرب بهذه الطريقة.
حمل وزير الخارجية انتوني بلينكن في زيارته الثالثة لاسرائيل حملت خطة أمريكية تقضي باعطاء فرصة أكبر لجهود الوساطة بشان الرهائن، ورغم الحرص الشديد له باظهار الدعم الأمريكي المطلق لاسرائيل لكنه في نفس الوقت قد لمح بأن للادارة الأمريكية تصوراتها الخاصة حول طريقة القضاء على حماس، وهي غير راضية عن المسار الذي اتخده نتنياهو في التعامل مع قطاع غزة بعد طوفان الأقصى، طبعا ليس لأن ادارة بايدن تحرص على حياة المدنيين الفلسطينيين ولكنها حريصة أن ينسب لها النجاح في تحقيق هدنة انسانية تبعد عنها تهمة السكوت عن حرب الابادة الجماعية .
لم تكتف هذه الحرب بعرقلة مسار التطبيع بين السعودية واسرائيل ، و بتقديم الفرصة لبوتين للهجوم على الادارة الامريكية وتحميلها مسؤولية فشل حل الدولتين وبتعليق البحرين لعلاقاتها الاقتصادية مع اسرائيل، لقد امتد اثرها السلبي ليحدث انقساما داخل البيت الأمريكي وخاصة من قبل اليساريين حول موقف ادارة بايدن من الحرب وانحيازها الواضح لاسرائيل دون الاهتمام بحياة المدنيين في غزة، وتبع ذلك استقالة جوش بول الذي كان يشغل منصب مدير شؤون الكونغرس بالخارجية الأمريكية كما تقدم أكثر من 100 عضو في الكونغرس الأمريكي برسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن طالبوا فيها بتحرك أميركي فوري مطالبين بالضغط على اسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة، كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرتها مؤسسة غالوب تراجعا كبيرا في شعبية بايدن بسبب انحيازه السلبي لاسرائيل في الحرب.
ادارة بايدن تضع في الحسبان تداعيات حرب أوكرانيا على الورقة الانتخابية وهي مدركة أيضا لانعكاسات هذه الحرب على أصوات الناخبين المسلمين واليهود المعتدلين ونحن على بعد عام فقط من انتخابات الرئاسة، وهو مايعني أن الرهان على ورقة نتنياهو الخاسرة قد يصبح مقامرة من شأنها أن تضر بمصالح بايدن في طريق البحث عن ولاية رئاسية ثانية، وبالتالي فان الوصول الى هدنة من شأنه أن يقلل من حدة الانقسام وأن يضبط الأمور استعدادا لاستحقاق 2024.
بالرغم من أنه نجى من الضغوط الشعبية التي حصلت في معركة التعديلات القضائية، الا أن سقوط نتنياهو بات مصيرا محتوما، بعد أن انضمت أصوات أخرى لتطالب برحيله ومحملة اياه مسؤولية الفشل السياسي والأمني اللذان قادا اسرائيل لما حصل في 7 أكتوبر، ولا شك أن الادارة الأمريكية قد استشعرت بأن أيام هذا الرجل على رأس حكومة اسرائيل قد باتت معدودة، وأن اصراره على فرض تصوره الخاص في هذه الحرب وربط الهدنة بملف الرهائن لايهدف سوى لاطالة أمد الأزمة وذلك بغية الهروب الى الامام والافلات من المسائلة التي يعدها معارضوه للنيل منه وانهاء مشواره السياسي.
بعد تعرضها لضغوط من داخل بيت الحزب الديمقراطي و الشارع الأمريكي ومن حلفاءها في المنطقة أصبحت ادارة بايدن في مرمى الانتقادات بعد أن فشلت في كبح جماح نتنياهو الذي لا يعترف بالخطوط الحمراء، وهي اليوم أحوج من أي طرف آخر لتحقيق اختراق يفضي الى هدنة انسانية ترفع بعضا من الحرج عنها، ومن غير المستبعد أن تفرض الضغوط الدولية والاقليمية وتطورات المشهد السياسي في اسرائيل تحولا دراماتيكا في الموقف الامريكي في الأيام القليلة القادمة سيترجم بالمطالبة بوقف فعلي لاطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات في حال فشلت العملية البرية في حسم الحرب وهو فشل متوقع لاعتبارات عديدة منها طبيعة الميدان الذي ستجري فيه المواجهة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: هدنة انسانیة ادارة بایدن بعد أن
إقرأ أيضاً:
تصعيد متواصل رغم دعوات التهدئة الأمريكية.. نتنياهو يخطط لمنطقة «منزوعة السلاح» في سوريا
البلاد (القدس المحتلة)
في أحدث تصريحات تعكس توجهاً أكثر تشدداً في الملف السوري، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس (الثلاثاء)، أن تل أبيب تسعى لإنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد من العاصمة السورية دمشق حتى جبل الشيخ، مشدداً على أن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع دمشق قائمة، لكن”مع التمسك الكامل بمبادئ إسرائيل”.
وجاءت تصريحات نتنياهو خلال زيارة أجراها إلى مستشفى شيبا، حيث التقى جنوداً من اللواء 55 أصيبوا خلال تبادل لإطلاق النار داخل الأراضي السورية، مشيراً إلى أن الحكومة”مصممة على الدفاع عن البلدات الإسرائيلية المحاذية للحدود، بما في ذلك الحدود الشمالية”.
وقال نتنياهو:” إن المتوقع من سوريا هو إقامة منطقة عازلة خالية من السلاح من دمشق وصولاً إلى حدود المنطقة العازلة، ومن مداخل جبل الشيخ وقمته”، مكرراً أن الاحتفاظ بهذه المناطق “ضرورة لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين”. وأضاف: “بوجود نوايا حسنة وفهم لمبادئنا، يمكن التوصل إلى اتفاق، لكننا لن نتنازل عنها بأي حال”.
تأتي هذه التصريحات في ظل توتر متصاعد على الحدود السورية – الإسرائيلية منذ انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وسيطرة القوات الإسرائيلية على أجزاء واسعة من المنطقة العازلة في الجولان، المندرجة ضمن اتفاق فصل القوات لعام 1974. كما نفذت تل أبيب خلال الأشهر الماضية مئات الغارات الجوية داخل سوريا، وتوغلت قواتها في القنيطرة في 8 ديسمبر الماضي، رغم الانتقادات الدولية.
وبالتوازي، دعا الرئيس الأمريكي، الحكومة الإسرائيلية إلى تجنب أي خطوات قد تعرقل مسار الانتقال السياسي في سوريا، مؤكداً أن واشنطن “راضية جداً” عن أداء الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع. وشدد ترامب، في منشور على منصة “تروث سوشيال”، على ضرورة “الحفاظ على حوار قوي وحقيقي بين إسرائيل وسوريا، وعدم اتخاذ إجراءات قد تعطل مسار تحول سوريا إلى دولة مزدهرة”.
وكان نتنياهو قد صعّد موقفه في فبراير 2025 بإعلان مطالبته بـ”نزع كامل للسلاح في جنوب سوريا” بما يشمل درعا والقنيطرة والسويداء، محذراً من السماح لقوات الجيش السوري الجديد بالاقتراب من جنوب دمشق، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على توجه إسرائيلي لترسيخ معادلات أمنية جديدة في الجنوب السوري خلال مرحلة ما بعد الأسد.