لوقف الاحتجاجات.. تعرّف على المركبات المدرّعة التي تجول شوارع فرنسا لأول مرة
تاريخ النشر: 1st, July 2023 GMT
باريس- حافلات وسيارات محترقة وأقسام شرطة مستهدفة وأضرار بالمباني العامة، مشاهد لأعمال عنف انتشرت في كل المدن الفرنسية لليلة الرابعة على التوالي عقب وفاة الشاب نائل، من أصول جزائرية، على يد شرطي خلال تفتيش مروري بمنطقة نانتير، في ضواحي باريس.
وانطلقت مسيرات أمس الجمعة بهتافات "الكل يكره الشرطة" في ساحة "لاكونكورد" بقلب العاصمة الفرنسية وفي حي مارسيليا الشهير بالميناء القديم، قبل أن تشتعل من جديد شرارة الاشتباكات في جميع أنحاء البلاد.
وعلى ضوء الأحداث الأخيرة المتسارعة، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان، حشد 45 ألفا من عناصر الشرطة والدرك لمحاولة وقف الاحتجاجات وتعزيز الأمن. وقال إن وحدات خاصة سيتم تعبئتها، بما في ذلك الشرطة الوطنية "ريد"، ومجموعة التدخل التابعة لقوات الدرك الوطنية، ولواء البحث والردع.
من جانبه، ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلية أزمة ثانية أمس الجمعة في باريس، واصفا أعمال العنف بـ"غير المبررة".
وتجدر الإشارة إلى أن عمليات نهب بدأت في مدينة ستراسبورغ في ساعات مبكرة من أمس الجمعة؛ حيث سُرق عدد من المتاجر الكبيرة، بما في ذلك متجر "آبل" الواقع بساحة "كليبير". كما شهدت كبرى المدن حرائق كبيرة في المباني والمؤسسات الحكومية وعمليات تخريب واسعة النطاق.
وأعلنت الشرطة الفرنسية، عبر حسابها الرسمي بتويتر، أنها اعتقلت 9 أشخاص في منطقة "نانتير" بحوزتهم زجاجات مولوتوف، في حين فرضت في ضواحي قريبة منها حظر التجول من التاسعة مساء إلى السادسة صباحا وإلى أجل غير مسمى.
"سيتنور".. مدرعة الدفاع الجديدةنشرت قوات الدرك الفرنسية عرباتها المدرعة "سينتور" المخصصة لعمليات استعادة النظام في البيئات المتدهورة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذا النوع من الآليات المتطورة.
وأعلنت وزارة الداخلية اختيارها شركة "سوفرام" الصناعية لتجديد أسطولها في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021 وإنتاج 90 نسخة لسيارة دفع رباعي مدرعة تزن 14.5 طنا، ويبلغ طولها 5.2 مترات وعرضها 2.45 متر وبارتفاع يصل إلى مترين ونصف.
وقالت الوزارة في بيانها إن اسم المدرعة مستوحى من الأساطير اليونانية، وهو مخلوق نصف رجل ونصف حصان ويرمز لتحالف الجسد والعقل والقوة والحكمة.
وعلى عكس الطراز السابق "في بي آر جي" الموجود في الخدمة منذ عام 1974، تتمتع "سيتنور" بقدرات دفع وتنظيف عالية بفضل شفرات مثبتة في الأمام على أسطوانات تعمل بالهواء المضغوط.
كما تحتوي على معدات بصرية متطورة وكاميرات قادرة على التعرف على الأشخاص على بعد أكثر من 10 كيلومترات في وضح النهار وعدة كيلومترات في الليل. وفي الجهة الخلفية من المدرعة، يوجد برج مكون من 4 ميكروفونات مخصصة للكشف الصوتي عن الطلقات.
ومن أهم ما تتوفر عليه المدرعة الجديدة قاذفة قنابل غاز مسيل للدموع قادرة على إطلاق 30 قنبلة مرتين، بينما اقتصرت النسخة السابقة على قنبلة واحدة فقط.
وتشير الوزارة في بيانها إلى أن هذه المدرعة تستخدم لمجموعة متنوعة من المواقف، بما في ذلك "الإرهاب" وحرب العصابات الحضرية.
ومن الواضح أن الحكومة الفرنسية اعتبرت أن الأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد هي الوقت المناسب لتدشين آخر إصداراتها للتدخل باستخدام القوة وردع أعمال العنف، وذلك وسط أنباء عن إرهاق عناصر الشرطة وتساؤلات حول مدى قدرتهم على الاستمرار في امتصاص الصدمة.
معدات وإجراءات أخرى
وأدت طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات الجوية للدرك الوطني "إي سي-145" (EC-145) الشهيرة باللونين الأصفر والأحمر، مهمة المسح والمراقبة طوال الأيام الماضية.
كما صرحت بلديات العديد من المحافظات باستخدام الطائرات بدون طيار "الدرون" لالتقاط ونقل صور الاشتباكات والمشاركين فيها حتى غدا الأحد، مع إمكانية تمديد المدة.
ومن بين الإجراءات الوقائية التي اعتمدتها المحافظات الفرنسية أيضا:
منع نقل أو حمل أسلحة بدون سبب مشروع. منع بيع ونقل واستخدام المنتجات القابلة للاحتراق وحمض "الهيدروكلوريك" والألعاب النارية.في المقابل، يبدو أن مخزون المحتجزين لا ينضب من قذائف الألعاب النارية الموجهة للشرطة؛ حيث أصبحت السلاح الأساسي للرد على تدخل عناصر الأمن، وأدت في كثير من الأحيان إلى إلحاق أضرار بالغة بالسيارات والمباني.
وانتشرت مساء أمس الجمعة أنباء عن مداهمة متجر لبيع الأسلحة في مرسيليا وسرقة عدد من بنادق الصيد، في حين استخدم ملثمون بنادق كلاشينكوف في ليون ورون ألب.
وفي حين ألقى رئيس الجمهورية باللوم على وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو بتأجيج الأوضاع، مطالبا الآباء بتحمل المسؤولية، تبرز تساؤلات كثيرة في الخارج عن تداعيات الاحتجاجات قبل أشهر من استضافة فرنسا لكأس العالم لرياضة "الركبي" في الخريف والألعاب الأولمبية في صيف 2024.
ولم تتمكن الشرطة حتى الآن من وضع حد للعنف الذي هزّ مدنا كثيرة في البلاد منذ الثلاثاء الماضي، رغم اعتقال أكثر من 900 شخص، حيث استُهدف أكثر من 500 مبنى وتم حرق ألفي سيارة، فضلا عن سرقة عشرات المتاجر.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
جيل زد يستأنف الاحتجاجات في المغرب (شاهد)
بعد توقف مؤقت دام لأيام قليلة، عاد صوت حركة "جيل Z 212" في المغرب، ليرتفع من جديد، معلنا عن استئناف احتجاجاته السلمية في مختلف المدن، يوم السبت 18 أكتوبر، وذلك من أجل الكرامة، العدالة، والمساءلة.
"لسنا في تراجع.. نحن نعيد ترتيب الصفوف"، هكذا قال أحد الشباب لـ"عربي21"، قبل أن تتابع: "أوقفنا الاحتجاجات بشكل مؤقّت لأننا لا نُريد فقط الصراخ.. بل نريد أن نُفكر بخطواتنا".
من خلف الشاشات
بدأ كل شيء في الشوارع، ومن خلف الشاشات. خلال الأسابيع الماضية، تحوّلت تعليقات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مظاهرات فعلية، شارك فيها الآلاف من الشباب في عشرات المدن المغربية، من تطوان شمالا إلى كلميم والعيون جنوبا. لم يكن وراء هذا الزخم حزب أو نقابة، بل جيل بأكمله، يشعر أن ما يُقال في الإعلام الرسمي لا يشبه واقعه.
"الصحة والتعليم حق، لا امتياز"، "أين وعودكم؟"، "ما بغيناش كأس العالم، بغينا نعيشو بكرامة"، كانت بعض الشعارات التي رفعها المتظاهرون في الدار البيضاء وفاس والرباط والناظور وخريبكة وغيرها.
وبعد عشرة أيام من التظاهر اليومي، كانت الحركة قد أعلنت في بيان رسمي أنها قرّرت توقيفا مؤقتا للاحتجاجات حتى يوم الخميس، من أجل "إعادة تقييم التحركات وتحضير المرحلة القادمة". لكن سرعان ما أعلنت مساء أمس الاثنين، عن العودة إلى الشارع يوم السبت 18 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
قرار الاستئناف لم يكن ارتجاليا. مصادر خاصة لـ"عربي21" كشفت أنّ: "الحركة قد أجرت تصويتا داخليا عبر قنوات تواصل خاصة، شارك فيه مئات الأعضاء، لتحديد موعد العودة، وشكل التحركات القادمة".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
الاحتجاج يعود.. وأحاديث عن اختراق
بالتزامن مع هذا الحراك المتصاعد، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبار عن تعرض سيرفرات حركة "جيل Z" على منصة "ديسكورد" للاختراق، وتسريب بيانات الآلاف من الشباب المتورطين في التعبئة والاحتجاجات.
لكن الحركة قد نفت بشكل قاطع تلك الأنباء، موضحة أنّ: "الخلل الأمني الأخير يعود إلى شركة "Zendesk"، وهي المزود التقني لمنصة "ديسكورد"، ولا علاقة له بخوادمها أو نشاطها".
وقالت الحركة في بيان رسمي، إنّ: "أي ربط بين هذا الحادث وحراكنا هو محاولة للتشويش والتضليل". فيما أكدت منصة "ديسكورد" لاحقا أن البيانات المسربة تعود لما يُناهز 70 ألف مستخدم؛ بينهم من تقدموا باستئنافات تتعلق بالعمر، وهو ما يثير مخاوف أمنية خصوصا بشأن كشف مواقع المستخدمين أو بياناتهم الشخصية.
ورغم هذه الحملة الإعلامية التي اعتبرها بعض النشطاء "محاولة لتخويف المشاركين"، استمرّ الحراك الشبابي، مع تعزيز إجراءات الحماية الرقمية وتشفير الاتصالات بين منسقي المدن.
"لا للوصاية الحزبية"..
بعيدا عن الميدان؛ أعلنت الحركة الشبابية عن رفضها القاطع لمحاولات بعض الأحزاب السياسية استقطابها أو ركوب موجة الغضب الشعبي، وكان آخرها إعلانها مقاطعة لقاء شبابي نظمته شبيبة حزب بارز في مراكش، واصفة إياه بأنه "محاولة لسرقة النضال".
مصادر من داخل الحركة قالت لـ"عربي21" إنّ: "أحد أبرز أهداف المرحلة الحالية هو: قطع الطريق على محاولات التوظيف الحزبي، خاصة في ظل اقتراب موعد الانتخابات التشريعية".
أيضا، أكدت الحركة أنها تعمل على تشكيل قيادات شبابية محلية في كل مدينة، من أجل ضمان استمرارية التنسيق، ومنع تحوّل المبادرة إلى حراك غير مُنظّم يسهل اختراقه أو تحريف مساره.
من الشارع إلى الاقتصاد
في تطوّر لافت، كانت "جيل Z 212" قد أعلنت عن توسيع أشكال الاحتجاج، لتشمل حملة وطنية لمقاطعة عدد من العلامات التجارية المرتبطة اقتصاديا برئيس الحكومة، عزيز أخنوش. وتضمّنت الحملة مقاطعة 12 علامة تجارية رئيسية.
الحملة لا تتوقف هنا. فقد أعلنت الحركة في السياق نفسه عن تنظيم لقاءات توعوية ونقاشات مفتوحة في الأحياء والجامعات، بغرض إشراك المواطنين في فهم القضايا الأساسية، من التعليم إلى الصحة والبطالة ومساءلة المسؤولين.
في مقابل كل هذا الزخم، لا يزال الصمت هو ما يخيّم على ردود الفعل الرسمية. فرغم دعوات الحكومة للحوار والإصلاح، فإن الحراك يصف تلك التصريحات بأنها "بلا أثر"، ويعتبر أن "التغيير الجذري لا يمكن أن يأتي من مؤسسات فقدت ثقة الشارع".
ومع غياب القمع المباشر الذي طبع الأيام الأولى من الاحتجاجات، تُطرح أسئلة عما إذا كانت السلطات تسعى إلى امتصاص الغضب.. أم أنها تراقب بصمت.
إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّه يوم السبت، سيعود جيل Z إلى الشوارع، فيما باتت الحركة توصف بكونها: "لم تعد مجرد موجة احتجاجية عابرة، بل تمثل جيلا يطالب بالعيش بكرامة، مطالبا بالصحة والتعليم الجيد".