"‌واحسرتاه! الموقف الغربي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص لم يتطور رغم مآسي إسرائيل، فإنها تستغل إلى حد كبير موجة "الإسلاموفوبيا" التي تجتاح أوروبا، خاصة فرنسا، حيث لن أجرؤ على التنبؤ بما ستختار إسرائيل أن تفعله بالأنقاض المتراكمة في غزة، ولأن أجندة نتنياهو، هي أجندة انتخابية بحتة، ومن الواضح أن أهدافها داخلية أكثر منها إقليمية، كذا خلفية حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين أفقدها الكثير من الدعم".



هكذا ‌أعرب المفكر الفرنسي ومدير الأبحاث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي، فرانسوا بورغا، عن أسفه من عدم تطور الموقف الغربي من الحرب في قطاع غزة والتعاطي معها بإنسانية لاعتبارات سياسية.‌

ودخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر أسبوعها الخامس، وتحولت خلال الأيام الأولى إلى سلسلة من المجازر ومن ثم انتقلت إلى مسمّى "إبادة جماعية"، لم يشهدها القطاع في التاريخ المعاصر؛ بسبب موقف المجتمع الدولي.

‌وانقسم المجتمع الدولي، سواء العربي أو الإسلامي أو العالمي، إلى قسمين، الأول يرفض العدوان ولكنه غير قادر على فعل شيء حيال سياسة "التهجير" و أعمال "الإبادة الجماعية"، أما الثاني، فهو يؤيد العدوان، ويقف مع الاحتلال في رفض حتى الهدنة الإنسانية.

أعلنت السلطات في قطاع غزة، الخميس، أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 1100 مجزرة في عدوانه على القطاع، مشيرة إلى أنه تم حصر أكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت بشكل كامل. فيما قال رئيس مكتب الإعلام الحكومي، سلامة معروف، إن "المحرقة، خلفت حتى اللحظة 10569 شهيدا، منهم 4324 طفل و2823 امرأة".

‌وبلغ عدد الإصابات 26475، إضافة إلى أكثر من 3000 مفقود تحت الأنقاض أو على جوانب الطرق وأحياء قطاع غزة، لم يتسن جلبهم للمشافي بسبب شدة القصف.

وفي هذا السياق، ألقى بورغا باللوم على الحكومات الغربية في التمادي مع موجة "الإسلاموفوبيا" والتماهي مع اليمين واليمين المتطرف، ورؤية الحرب بعين إسرائيلية والانحياز التام والكامل لإسرائيل والتغاضي عن فظائع الحرب على الجانب الفلسطيني:

وتاليا إلى نص الحوار:

بعد 35 يوما من الحرب في قطاع غزة وارتكاب آلاف المجازر بحق المدنيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم واحتياجاتهم ونسف كل مظاهر الحياة الطبيعية، فيما بات يعرف بـ"الإبادة الجماعية" والعقاب الجماعي.. ما هو تطور الموقف الغربي؟

واحسرتاه! فالموقف الغربي بشكل عام، والفرنسي بشكل خاص، لم يتطور. أو بالتأكيد ليس في الاتجاه الصحيح، وهو الانحراف عن "الدعم غير المشروط" الممنوح، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، للرد الإسرائيلي بالعنف غير المحدود، والذي يزداد كل يوم بشكل غير متناسب إطلاقا.

وإذا أردنا أن نكون متفائلين نقول إن هناك، على اليسار واليمين، استثناءات تؤكد هذه القاعدة؛ لأن هناك عدد قليل جدًا ومعزول جدًا من هؤلاء السياسيين الذين يحافظون على ميثاق الشرف الإنساني.

هل تضعنا في صورة هذا التطور الضئيل من قبل الأحزاب والسياسيين؟
على اليسار، يأتي في المرتبة الأولى اسم جان لوك ميلينشون، الذي يمثل حزبه حوالي 17% من الناخبين. وعلى اليمين، من الواضح أننا يجب أن نستشهد برئيس الوزراء السابق، دومينيك دو فيليبان، المعروف بأنه أعرب للأمم المتحدة عن رفض فرنسا تحت قيادة جاك شيراك لدعم غزو العراق.‌

وكان لدى د. دو فيلبان كلمات قوية للغاية، وأنا أتفق معها تماماً: "الدفاع عن النفس ليس حقاً عشوائياً لقتل المدنيين". وشدد أيضًا على الطبيعة العكسية لهذا المنطق الانتقامي الذي من خلاله تحقق إسرائيل بوضوح، على حد تعبيره، "عكس ما تريد" وتعرض نفسها للخطر بهذا النوع من الحرب وهذا النوع من الضربات. هذا تأكيد على أن "الرد الوحيد على الإرهاب هو العدالة".

إزاء هذا الصمت الغربي بل والدعم والانحياز المطلق لإسرائيل رغم سقوط آلاف الضحايا وإبادة أسر وأحياء سكنية بأكملها ونفاد الأدوية والمياه والأغذية والأغطية هل سكان غزة شعب من الدرجة الثانية؟

في قلب تصوري، هناك ملاحظة مفادها أن دولة إسرائيل تستغل إلى حد كبير موجة الإسلاموفوبيا التي تجتاح أوروبا وفرنسا. وبعبارة أخرى، فإن الدعم الأعمى للعنف الإسرائيلي هو ممارسة نفس العنف، "بالوكالة"، ضد الطبقة السياسية التي يشكلها العنصر المسلم من السكان الفرنسيين بشكل واضح ومتزايد.

أصبحت الفزاعة الإسلامية اليوم في فرنسا هي الورقة الرئيسية التي تدور حولها المنافسة بين المعارضة اليمينية المتطرفة وحكومة ماكرون الذي قرر، في مقاومة خصومه في التجمع الوطني، أن يتبنى معظم هواجسهم المعادية للمسلمين.

ما علاقة صعود اليمين المتطرف في أوروبا عموما وفرنسا خاصة في الانحياز إلى إسرائيل وتراجع الدعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته واسترداد حقوقه؟

في هذا السياق، فإن ما يزيد من تفاقم هذا التحالف الفرنسي مع التطرف الإسرائيلي هو حقيقة أن الحزبين اليمينيين المتطرفين، الحكومة والمعارضة، ليس لديهما أي أيديولوجية تقريبًا.‌

منذ أن ظهرت حماس في فلسطين، ومن باب أولى، منذ أن وصلت إلى السلطة، تراجعت المعارضة للدولة اليهودية والدعم للمقاومة الفلسطينية بشكل كبير. وفي الواقع، فإن قوى اليسار، سواء كانت اشتراكية أو شيوعية، التي ينبغي أن تبطئ هذه الدوامة، قد تم "إخراجها من الخدمة" بسبب حقيقة أن المقاومة الفلسطينية في هذه اللحظة هي "إسلامية"، وتم تصويرها كاريكاتوريًا. ربما يكون هذا الوصف دينياً.

لماذا تراجع دور اليسار في دعم المقاومة أو حتى حقوق الشعب الفلسطيني إزاء صعود تيار اليمين المتطرف؟‌
في الحقيقة، فإن قلب "البرنامج" التاريخي لليسار هو هذا النواة القديمة المناهضة لرجال الدين الموروثة من السياق الخاص جدًا للثورة الفرنسية حيث كانت الكنيسة الحليف الطبيعي للديكتاتورية الملكية.


ولذلك فإن برمجيات اليسار تمنعه من اعتبار القوى السياسية اليوم شرعية، مهما كانت ثورية، طالما أنها تستخدم معجما دينيا... حتى لو كان ذلك يعني نسيان أن القوة الإسرائيلية، التي كانت ذات يوم محمية بستار من العلمانية، لقد أصبح في حد ذاته تماما ... ثيوقراطي.

أخيرا.. ما هي قراءتك للمشهد مستقبلا، أي ما الذي سيحدث في غزة؟ ماذا ستفعل إسرائيل؟

لن أجرؤ على التنبؤ بما ستختار إسرائيل أن تفعله بالأنقاض المتراكمة في غزة. أحد الأسباب التي تجعل التبصر صعبا بشكل خاص هو أن أجندة نتنياهو هي أجندة انتخابية بحتة، إلى حد كبير.‌

ومن الواضح أن أهدافها داخلية أكثر منها إقليمية وقصيرة المدى أكثر من متوسطة أو طويلة المدى. يريد "الصديق العزيز بيبي" لإيمانويل ماكرون، قبل كل شيء إنقاذ سلطته. ومن الضروري أن يستعيد مصداقيته وشعبيته التي تضررت بسبب الإهانة الرهيبة التي وقعت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والقيام بذلك من خلال تملق الرأي العام المتطرف من خلال المزيد من المزايدة.

‌وعلى هذا فقد أثبت نتنياهو بوضوح أن الإدارة العقلانية لمصالح بلاده في الأمدين المتوسط والبعيد لم تعد تشكل همه الأساسي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات فرنسا فلسطين فرانسوا بورغا فلسطين فرنسا غزة فرانسوا بورغا مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموقف الغربی قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

عائلات أسرى إسرائيل بغزة تغلق طريقا بتل أبيب للمطالبة بإعادة ذويهم

أغلقت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة ، اليوم الأربعاء 28 مايو 2025، طريقا سريعا في تل أبيب، وذلك في اليوم الـ600 للحرب، وفي محاولة لمواصلة الضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق يضمن عودة ذويهم دفعة واحدة، وفق إعلام عبري.

وهذه ليست المرة الأولى التي تغلق فيها تلك العائلات طرقا في إسرائيل، إذ تواصل باستمرار احتجاجات مناهضة لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو في مسار الحرب، ورضوخه لليمين المتطرف ضاربا بعرض الحائط مصير الأسرى لدى حركة حماس في قطاع غزة.

وقالت العائلات في منشور على منصة إكس: "تشارك حشود من المواطنين منذ ساعات الصباح الباكر في فعاليات وعروض فنية في جميع أنحاء البلاد إحياء لذكرى مرور 600 يوم على الحرب وأسر المخطوفين".

من جهتها، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية بأن أفرادا من تلك العائلات "أغلقوا حركة المرور على طريق سريع وسط تل أبيب"، مطالبين باتفاق شامل يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى ولو على حساب وقف الحرب بغزة.

ونقلت الصحيفة عن هؤلاء الأفراد قولهم: "600 يوم من افتقاد أحبائنا، 600 يوم وتحتجزهم حماس وتتخلى عنهم الحكومة الإسرائيلية اللعينة، للحفاظ على سلامة ائتلافها".

واعتبرت العائلات أن ذويها أصبحوا "ضحايا سياسات رخيصة لنتنياهو".

وأشار ممثلو العائلات للصحيفة إلى أن الحكومة برئاسة نتنياهو "لم تقدم قط اقتراحا مناسبا" لإطلاق سراح الأسرى بغزة.

وأضافوا أن نتنياهو يفضل إعادة الأسرى على مراحل من خلال "قوائم انتقائية، يحكم على بعضهم بالمؤبد وعلى آخرين بالإعدام، بدلا من إعادتهم جميعا"، على حد قولهم.

والاثنين، أعلنت عائلات الأسرى الإسرائيليين رفضها رغبة نتنياهو في إبرام اتفاق جزئي مع حركة حماس، ودعت إلى صفقة شاملة تعيد ذويهم من قطاع غزة دفعة واحدة.

وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، بمواصلة الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة.

بدورها، عرضت حماس سابقا التوصل إلى اتفاق شامل تطلق بموجبه جميع الأسرى مقابل وقف الحرب على غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل القطاع وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وتأتي مطالبات تلك العائلات بوقف الحرب من أجل إعادة الأسرى، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي في 16 مايو/ أيار الجاري، توسيع إبادته الجماعية في قطاع غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها حملة "عربات جدعون"، والتي تشمل عمليات برية موسعة شمال وجنوب القطاع.

وفي 22 أبريل/ نيسان الماضي، ارتفع عدد الإسرائيليين الموقعين على عرائض تطالب بإعادة الأسرى من قطاع غزة مقابل وقف الحرب، إلى نحو 143 ألفا مع ارتفاع عدد العرائض بهذا الخصوص إلى 58، وفق موقع "عودة إسرائيل" وهو موقع خاص ينشر عرائض التوقيع.

وذكر أن من بين موقعي العرائض رئيس الوزراء الأسبق رئيس أركان الجيش الأسبق أيهود باراك، ورئيس أركان الجيش الأسبق دان حالوتس.

وتقدر تل أبيب وجود 58 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة عشرات منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية إسرائيل تعلن شن غارات جديدة على مطار صنعاء نتائج التحقيق في معركة "كرم أبو سالم" صباح 7 أكتوبر صحيفة: مفاوضات غزة مستمرة وإسرائيل تحافظ على الغموض الأكثر قراءة الرئيس عباس يطلق نداءً عاجلا لقادة دول العالم حول الوضع الكارثي في غزة تطورات سياسية غير مسبوقة صحة غزة: الاحتلال يستهدف مولدات المستشفيات ويُفاقم الكارثة الطبية بينهم 3 سيدات.. الاحتلال يعتقل 20 مواطنا على الأقل من الضّفة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • عربي21 تكشف تفاصيل ارتباط مجموعة مسلحة جنوب قطاع غزة بالاحتلال
  • بن غفير يطالب بـ«إبادة شاملة» في غزة.. والأمم المتحدة تحذر: القطاع أصبح أكثر بقاع الأرض جوعًا
  • مقرر أممي: ما يحدث في قطاع غزة “إبادة جماعية وتجويع وجريمة ضد الإنسانية
  • إسرائيل.. احتجاجات عارمة ضد العدوان على غزة تتحول إلى أعمال عنف واعتقالات
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • “يونيسيف”: أكثر من 50 ألف طفل استشهدوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة
  • عائلات أسرى إسرائيل بغزة تغلق طريقا بتل أبيب للمطالبة بإعادة ذويهم
  • تحول في الموقف الأوروبي تجاه الحرب الإسرائيلية في غزة
  • 300 كاتب فرنسي: ما يجري في غزة بـ "إبادة جماعية" ويجب معاقبة إسرائيل
  • إعلام إسرائيلي: تصريحات غولان عن غزة تُغيّر الموقف الدولي من إسرائيل