وكالة الصحافة المستقلة:
2025-12-14@03:35:33 GMT

من كوة الخراب والدمار سيصمد البشر

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

نوفمبر 11, 2023آخر تحديث: نوفمبر 11, 2023

رامي الشاعر

قصيدة الحصار للشاعر أيمن أبو الشعر تتحول إلى أغنية لتمجيد صمود الشعب في غزة

نشر الشاعر أيمن أبو الشعر على قناته في تلغرام قصيدة ملحنة رائعة هي أنشودة الحصار يتحدث فيها بإجلال عن معاناة وصمود الشعب الفلسطيني في غزة، وقد لاقت القصيدة -الأغنية رواجا وترحيبا وتفاعلا من الشرفاء المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني وقضيته، حيث أبدع الملحن معن دوارة في تلحينها، وأدتها المطربة الموهوبة لانا هابراسو بإتقان وحس عميق بمضامينها، وكأنها تشدو من روحها، ولكن لنشيد الحصار هذا قصة مثيرة…

كتب الشاعر أيمن أبو الشعر هذه القصيدة الصغيرة نسبيا عندما زار لينينغراد ومقبرة ضحايا النازية وحصار القوات الهتلرية للمدينة، وذلك في الفترة الأولى من وصوله إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة العليا، وقد جسد فيها بآن معا مدى الخراب والدمار وعشرات آلاف الضحايا ومعاناة مئات آلاف المشردين… وشاءت الظروف أن يؤديها على العود في لقاءات الطلبة التقدميين في موسكو آنذاك إبان حصار بيروت عام 1982 ، وبدت بالفعل وكأنها كتبت لبيروت أيضا، ثم ضاعت القصيدة لسنوات، وما إن عثر عليها بين أوراق مكتبه حتى نشرها في مجموعته الأخيرة “تغريبة” أهل الشام، قبل عامين، ولم يكن يتوقع حينها أنها ستنهض من جديد لتكون لسان حال غزة المحاصرة الشهيدة المقاومية الصامدة البطلة، حتى أن الفنان الملحن معن دوارة، والفنانة المطربة لانا هابراتسو حين شرعا بتنفيذها كنشيد لم يخطر ببالهما أبدا أنها قصيدة قديمة، بل تخيلا ان الشاعر كتبها للتو، ولا غرو فالآلام الإنسانية واحدة  في كل مكان وفي كل الأزمان كما يقول الشاعر نفسه: “وصراخ الإنسان سيبقى ذات الصوت بأي مكان فيه حناجر تتألم؟؟؟”

ولابد من ذكر حقيقتين هامتين في مسيرة الشاعر أيمن ألو الشعر كنت شاهدا عليهما مرات، الأولى أنه كرس جل نتاجاته الشعرية للقضية الفلسطينية حتى أن الشعراء محمود درويش ومعين بسيسو وسميح القاسم حين التقوه قال كل واحد بطريقته ولكن بمعنى واحد بكل صراحة وبساطة: كنا نعتقد أنك فلسطيني وإذ بك ابن الشام، وكان جوابه “إنني شامي المولد

فلسطيني الهوى!” والأمر الثاني أن لأيمن أبو الشعر تجربة مميزة جدا حيث كان يحمل عوده وينطلق للقرى والأحياء الشعبية يغني أشعاره ومعظمها عن فلسطين حتى أن الشاعر شوقي بغدادي والكاتب نصر الدين البحرة  لقباه “بشاعر- تروبادور العرب”، ومن أهم أعماله الشعرية الموسيقية

أوبريت “أوديب ثائرا” وهو عمل فني موسيقي غنائي يستمر 15 دقيقة في أسقاط كامل على القضية الفلسطينية ومسارها، ومحاولة الغرب خداع الشعب الفلسطيني وتصوير أن فلسطين ليست أرضه، وأن قدر الفلسطيني أن يتشتت، وهذا الأوبريت من تلحينه وغناء المطرب فهد يغن مع جوقة وأداء مسرحي.

لذا يمكن القول بثقة أن التعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني ليس غريبا أبدا عن الشاعر أيمن أبو الشعر، بل سيكون غريبا إن لم يتفاعل مع هذه المعاناة، ناهيك عن تطابق وصف الأعداء مع ما جاء في القصيد فالزواحف وأصحاب الحراشف هي الكائنات الشنيعة السامة كالأفاعي والوحوش الضارية القميئة التي تصطاد في الماء العكر كالتماسيح، وهي صفات تتناسب وطبيعة الصهاينة، والتأكيد على الاستمرار في النضال رغم هول الدمار والضحايا هو أيضا من صفات شموخ الشعب الفلسطيني، والأمر الآخر هو مدى نجاح هذا الثلاثي في التجربة الإبداعية الغنائية الجديدة والذي بدأها الشاعر في إحدى أمسياته كرد على انتشار الأغاني السوقية التافهة بقوله خير لي أن أشعل شمعة من أن ألعن الظلام ألف مرة، وقد قدم قبل سنة عملا آخر عن فلسطين بعنوان عودة حبيب أيضا من تلحين الفنان معن دوارة وغناء المبدعة لانا هابراتسو، وهي  تحكي قصة حبيبة تنتظر حبيبها فيعود شهيدا…

والرائع هنا أيضا أن أنشودة الحصار هذه التي أهداها الشاعر أيمن أبو الشعر والملحن معن دوارة، والمطربة لانا هابراتسو إلى الشعب الفلسطيني في غزة هي في حقيقة الأمر أغنية للصمود رغم الحصار وهول المأساة، فمن “كوة الخراب والدمار سيصمد البشر حقا!” وكان الرئيس الروسي فلادمير بوتن على حق حين شبه حصار غزة بحصار لينينغراد وهذا تأكيد مباشر على صحة ما طرحه أيمن أبو الشعر.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

د.نزار قبيلات يكتب: العربية والموسيقى والشعر

التناغم الحاصل بين الموسيقى واللغة العربية لا ينبع من البنية الصوتية للكلمات وحسب، وذلك وفق رؤية المتذوقين والنقاد الموسيقيين، فهو يكمن في جوهر الكلمة قبل إيقاعها، والشّاهد على ذلك هو قصيدة النثر والشعر الحر والقصيدة السردية...، إذ الإيقاع لم يعد معقوداً في السُّلم الموسيقي القادم من بحور الشعر ومقاماته بل من جوهرهِ الكامن في البنية العميقة للكلمة العربية وقدرتها الإحالية التي تنقل معها المعنى المصاحب نحو مدارات مختلفة من المعاني، محققة بذلك شعريّة تخرج حين القراءة من حدود البنية الصرفية والصوتية الصغرى إلى أقصى حدود الدلالة والمعنى، فالوزن الشعري يفترض الإيقاع المنسجم والمتماسك، وقد يحدث نظمُه على سبيل المثال دون المعنى، فهناك نظم وهناك شعر مقفى، حيث الكلمة العربية بنية مجردة لكنها حين تتواشج في النسق الجمالي تحتاج إلى شاعر يجيد ترويضها وصقلها وغرس المعاني المختلفة فيها رغم وجود الصّوت ورنينه، إذ للكلمة العربية عاطفتها حتى في الحوار اليومي التواصلي، فهي لغة جاهزة للتلحين في أي وقت شاء العازف أو الشاعر أو المغني حملها على الوتر أو النسق الشعري أو حتى على أحجار البيانو...، فالأدوات الموسيقية تسهم في تثوير التعبير العاطفي سواء بالإلقاء الصوتي أم بالعزف على آلة موسيقية ما، أما اللغة العربية وبسبب ميزانها الصرفي والتركيبي فهي جاهزة كذلك الأمر على أن تحمل على الأوتار والأوتار الموسيقية، إذ الآلة الموسيقية وبفضل مهارة العازف قادرة على أن تَحمل اللغة بكافة مستوياتها الصوتية والصرفية والدلالية وتخوض بها في تموج إيقاعي متعدد ومختلف، والسرّ ربما يكمن في التشابه القائم بين الصوت الموسيقي المولود من رحم الطبيعة بحفيف أشجارها وهدير أمواجها وهمسات الطبيعة... ومن الحرف العربي المتشكل بدوره نتيجة محاكاته لبيئة الإنسان وواقعه الحيوي.
فالنقاد لا يصلون للمعنى إلا من خلال الشرط التركيبي للنص، لكن الموسيقيين يصلون للمعنى من خلال انسجام الصوت وبنية الحرف والكلمة والجملة، أما الشعراء فيتدفق المعنى لديهم من الإحساس المرهف بالمعنى في محيطه المجازي ومناسبته الزمانية والمكانية وحاجتهم له، ثمة تكامل إذاً بين الشاعر والموسيقي وشكل النص العربي الذي سمح بتلك العلاقة ببعد فلسفي قبل أن يكون بعداً جمالياً، وهو تكامل يخضع لقانون الجاذبية الذي يتأثر به المستمع كما الشاعر والملحّن.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: جابر جاسم.. أيقونة الزمن الجميل د. نزار قبيلات يكتب: مِن آداب المجلِس إلى ثَقافة السّرعة

مقالات مشابهة

  • د.نزار قبيلات يكتب: العربية والموسيقى والشعر
  • زيت جوز الهند: فوائد مذهلة للجسم والشعر والبشرة
  • الوطني الفلسطيني: تصريحات السفير الأمريكي حول الاستيطان تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي
  • تحالف أسطول الحرية يعلن خططًا لتوسيع رحلات كسر حصار غزة عام 2026
  • الأونروا: نملك إمدادات لمليون و300 ألف نازح خارج غزة والاحتلال يمنع دخولها رغم السيول والدمار
  • أمريكا.. من إرث الإبادة إلى هندسة الخراب العالمي
  • خيوط المؤامرة من «حانات» الرياض إلى تهجير غزة.. هندسة المنطقة على وقع الخراب والانسلاخ!!
  • بدون أدوية.. مشروبات تساعد على نمو الشعر
  • الشيف أبو جوليا: نسبة البطالة في غزة وصلت لـ 60% بسبب الحصار الإسرائيلي
  • الشاعر جمال بخيت يُعلق على أزمة محمد صلاح عبر فيسبوك