القارة الأفريقية واجهة الاستثمار العالمي.. ارتفاع معدلات النمو في القارة والتنوع البيئي جعلها جاذبة للاستثمار
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
تمتلك القارة الأفريقية العديد من الموارد التي تجعلها جاذبة للاستثمارات، وتجعلها مقصدا لدول العالم لخلق سوق استثمارية كبرى، وبالرغم من ذلك تعاني القارة من عدم الاستغلال الأمثل لمواردها، وغياب الاستثمار أرجع البعض الأمر لغياب الحكم الرشيد، وعدم استغلال الموارد البشرية والطبيعية، وعمل مناخ جيد يجذب الاستثمارات فعمل المستثمر على الاستفادة من جانب واحد، وتمكين مفهوم التبعية الاقتصادية مما تسبب في زيادة نسب الفقر في القارة لتصل إلى ٤٠%.
أفريقيا أرض جاذبة للاستثمار:
لدى أفريقيا مميزات تنافسية تجعلها جاذبة لعملية الاستثمار وخاصة أنها تمتلك ٧٠% من المعادن المستخدمة في كافة الصناعات التي تحتاجها دول العالم، فهي لديها كميات كبيرة من الذهب والنيكل واليورانيوم والألومنيوم المستخدم في العديد من الصناعات، كما تمتلك الفولاذ المقاوم للصدأ، والذي يبحث عنه الكثير من المستثمرين، بالإضافة للنفط والغاز الذي تحويه باطن الأرض في القارة.
تحتاج القارة العمل لتوفير فرص تسمح بتوفير موازنة استثمارية لتحقيق الأولويات الأساسية للعملية الاستثمارية في القارة حسبما وصف خبراء، وخاصة في مجالات التكنولوجيا والتعليم، والاستفادة القصوى من عملية التنمية البشرية، بالإضافة العمل على تنمية الاستثمار في البنية التحتية، والتي يجب أن تتولاها الحكومات حتى تتغلب على النقص في البينيات التحتيه لدولها، التي تسببت في صعوبة نقل البضائع من القارة الإفريقية وتحديدا في غرب القارة إلى شرقها، تكلفته أعلى من النقل إلى الصين، كما تحتاج القارة إلى ٥٠٠ مليار دولار أمريكي للتغير من البنية التحتية لتوفير مناخ الاستثمار.
أسباب تراجع النمو في السنوات الماضية:
تراجع الاقتصاد الإفريقي في السنوات الماضية مما أثر بالسلب على عملية الاستثمارات الخارجية، ففي عام ٢٠٢٠ انكمش الاقتصاد الإفريقي بنحو ٢.١% حسب دراسة أعدها المركز المصري للدراسات، وكان ذلك بسبب تأثيرات جائحة كورونا، وهي أسوأ فترة ركود للقارة، منذ مايقارب نصف قرن، وفي العام التالي شهدت القارة نموا بنحو ٣.٤% ثم زاد في العام التالي بنسبة ٤.٦ بالمائة وفقا لاحصائيات أعدها بنك التنمية الإفريقية، ومع اختلاف مناخ الاستثمار بين دول القارة، فالدول التي اعتمدت على السياحة مثل موريشيوس وسيشل وجزر القمر تراجع النمو الاقتصادي، أما الدول المصدرة للنفط فشهدت نمو اقتصادي وتمثلت في دول أنجولا، الجزائر والكاميرون، وهناك دول تم اعتبارها ذات موارد كثيقة شهدت نموا اقتصاديا مثل بوركينا فاسو والكونغو الديمقراطية.
عوامل جذب الاستثمار في القارة:
من أهم العوامل التي تجعل القارة الإفريقية جاذبة للاستثمارات اعتبارها منطقة ناشئة تمتلك الكثير من الخيرات التي لم يستغلها أبناء القارة، كما لديها تنوع في الفرص الاستثمارية وخاصة في قطاعات الطاقة والنفط كما هو الحال في شمال القارة، بالإضافة للقطاع التعديني في جنوب القارة، أما جنوب الصحراء الكبرى مازالت تحتاج العديد من العوامل لجذب الاستثمار.
وتمتلك القارة ثلثي الاستثمارات في القطاع الزراعي العالمي لتوافر مصادر المياه، وتمتلك ١٩ دولة إفريقية تمتلك معادن الكروم والمنجنيز، كما تعتبر دول مالي، وغانا، وإريتريا، وإثيوبيا، ورواندا، وزامبيا، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وزيمبابوي، وشرق السودان، الاستثمارات في الذهب،
ويتوفر الاستثمار في النحاس في زامبيا، والسودان، والكونغو، وتمتلك 46 دولة إفريقية، وحدها نحو 124 مليار برميل من احتياطي النفط.
ويمثل التنوع البيئي والبيولوجي أهم عوامل جذب الاستثمارات في إفريقيا فهي ثاني قارات العالم من حيث الأيد العاملة وهو أحد أهم العوامل التي تعمل على تحفيز الاستثمار، وتعدد مصادر المياه واتساع الصحراء التي يمكن استغلالها في زراعة العديد من المحاصيل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بنك التنمية الأفريقية فی القارة العدید من
إقرأ أيضاً:
صناديق الاستثمار الخليجية تتجه نحو الهند وشرق إفريقيا (2- 2)
محمد بن علي بن حمد العريمي
استكمالًا للجزء الأول من المقال، وبالتوازي مع الحراك الخارجي، تشهد سلطنة عُمان نشاطًا داخليًا متناميًا في قطاع التعدين؛ ففي أغسطس 2025، جرى توقيع 3 اتفاقيات في البريمي والوسطى بقيمة 192 مليون ريال عُماني لتطوير مشاريع تعدين ومعالجة تشمل النحاس والكروميت وإنتاج مواد صناعية مثل صودا الكربون والجير المائي.
هذه الاستثمارات لا تعزز فقط الصناعات المحلية وتوفر فرص عمل؛ بل تهيء عُمان لتكون مركزًا إقليميًا لمعالجة وتصدير المعادن، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية إضافية في الأسواق العالمية. كما أطلقت وزارة الطاقة والمعادن في سبتمبر 2025 جولة جديدة للمزايدة على أربع مناطق امتياز تعدينية؛ حيث تشير المؤشرات الأولية إلى وجود الذهب والفضة والنحاس، ما يعكس الرغبة في استكشاف موارد جديدة وتنويع مصادر الدخل.
كل هذه الخطوات تندرج ضمن رؤية استراتيجية أوسع تسعى عُمان ودول الخليج إلى تكريسها: الخروج من أَسر الاقتصاد الريعي النفطي إلى اقتصاد متنوع يستند إلى شراكات عالمية واستثمارات استراتيجية طويلة الأمد. الهند وشرق إفريقيا ليستا مجرد أسواق جديدة؛ بل منصات لتوسيع النفوذ الاقتصادي والسياسي، وضمان الأمن الغذائي والطاقة، والمشاركة في الاقتصاد الأخضر العالمي.
ومن زاوية أوسع، يمكن القول إن ما يحدث اليوم هو إعادة صياغة لدور الخليج في الاقتصاد العالمي. فبعد أن كان دور المنطقة يقتصر لعقود على تصدير النفط، أصبحت اليوم طرفًا فاعلًا في تمويل الابتكار في الهند، وتطوير الزراعة في إفريقيا، واستكشاف المعادن في السلطنة نفسها. ومع أصول تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، فإن صناديق الاستثمار الخليجية، وعلى رأسها الصناديق التابعة لجهاز الاستثمار العُماني، تتحرك لتكون ركيزة أساسية في بناء اقتصاد ما بعد النفط.
إن هذه الاستثمارات لا يمكن النظر إليها كأرقام مجردة؛ بل كجزء من مشهد استراتيجي أشمل؛ حيث تلتقي المصالح الاقتصادية مع الاعتبارات الجيوسياسية. فالهند بالنسبة للخليج ليست مجرد شريك اقتصادي؛ بل حليف استراتيجي في ممرات التجارة البحرية والمحيط الهندي. وإفريقيا ليست فقط أرضًا للفرص الزراعية والمعدنية؛ بل أيضًا ساحة نفوذ يتقاطع فيها الخليج مع الصين والهند وأوروبا. لذلك فإن هذه التحركات تحمل في طياتها بعدًا سياسيًا لا يقل أهمية عن بعدها الاقتصادي.
ومع استمرار هذا التوجه، من المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة تزايدًا في حجم الاستثمارات الخليجية في الهند وشرق إفريقيا، مع دخول قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والطاقة الهيدروجينية. أما بالنسبة لعُمان، فإن نجاحها في موازنة استثماراتها بين الداخل والخارج، وخاصة في مجالات التعدين والذهب والزراعة، يجعلها في موقع يسمح لها بتعزيز مكانتها الاقتصادية إقليميًا وعالميًا، ويمنحها فرصة للمشاركة بفعالية في صياغة مستقبل الاقتصاد الخليجي بعد النفط.
إنَّ النجاح اللافت لصناديق الاستثمار الخليجية في اختيار أسواق الهند وشرق إفريقيا يبرهن على رؤية اقتصادية بعيدة المدى ومهارة فائقة في إدارة الموارد المالية. فقد ارتفعت صادرات دول الخليج إلى إفريقيا من 30 مليار دولار عام 2016 إلى 65 مليار دولار عام 2022، مما يعكس توسعًا ملموسًا في الروابط التجارية والثقة المتبادلة. وفي نفس الإطار، تجاوزت إجمالي الاستثمارات الخليجية في القارة 100 مليار دولار عام 2023، موزعة بين الإمارات 59.4 مليار، السعودية 25.6 مليار، قطر 7.2 مليار، وعُمان ضمن استثماراتها نحو 3.3 مليار ريال عُماني في قطاعات الطاقة والبنية الأساسية.
وفي قلب هذا النجاح يبرز جهاز الاستثمار العُماني كفاعل استراتيجي محوري؛ إذ تجاوزت أصوله 53 مليار دولار عام 2024، مُحققًا أرباحًا صافية بلغت 4.12 مليار دولار، ما يعكس قدرة الجهاز على توظيف رؤوس الأموال بذكاء في قطاعات الابتكار والطاقة والبنية الأساسية، وتعزيز الشراكات مع صناديق الثروة السيادية العالمية.
وتُجسّد هذه التحركات الاستثمارية الخليجية نموذجًا متقدمًا للإدارة الاقتصادية الذكية؛ حيث يجتمع التخطيط الاستراتيجي مع التنفيذ الدقيق، فتتحول الاتفاقيات إلى أدوات حقيقية لتعزيز النمو والتنويع الاقتصادي وتستند هذه الاستثمارات إلى دوافع استراتيجية واضحة: تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط والغاز، والاستفادة من النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة، واستثمار الموقع الاستراتيجي والعلاقات التاريخية لتعزيز الثقة، وتوسيع النفوذ الإقليمي من خلال شراكات اقتصادية وسياسية.
وكل هذه العوامل مجتمعة تؤكد أن الاتفاقيات الخليجية، وبالأخص العُمانية، ليست مجرد صفقات مالية؛ بل خارطة طريق نحو اقتصاد مستدام، ومتوازن، ومزدهر، يجمع بين الرؤية الذكية والتنفيذ الدقيق والقدرة على خلق قيمة حقيقية للأجيال القادمة.