حملة مختلفة.. تحديات وتحذيرات تواجه إسرائيل في جنوب غزة
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
بينما يؤكد مسؤولون إسرائيليون بارزون على مواصلة الحملة العسكرية في غزة عقب انتهاء "الهدنة" السارية ليومين إضافيين، تُسلط تحذيرات أميركية، كشفت عنها وسائل إعلام الضوء، على "تحديات" ومشهدٍ معقد قد ينعكس بالسلب ويخلف كارثة إنسانية كبيرة في حال استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته على الأرض، تحديدا في جنوبي القطاع.
ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي قوله، الثلاثاء، إن "إدارة بايدن تشعر بالقلق إزاء عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في جنوب غزة"، وأنها "أبلغت إسرائيل بأن "النزوح الذي قد يحصل على إثرها سيتجاوز قدرة أي شبكة دعم إنساني".
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن "رد فعل الحكومة الأسرائيلية كان مقبولا"، كاشفا عن "وجود تفاهم على ضرورة شن نوع مختلف من الحملة في الجنوب"، في إشارة إلى تغير عسكري قد يطرأ في حال استؤنفت العملية.
وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة حذّرت إسرائيل من أنها يجب أن "تقاتل بشكل جراحي (دقيق) في جنوب القطاع وتتجنب المزيد من التهجير الجماعي للفلسطينيين في حربها ضد حماس".
واعتبرت الصحيفة الموقف الأميركي "أقوى تحذير من إدارة بايدن للمسؤولين الإسرائيليين حتى الآن بشأن المرحلة التالية من عمليتهم العسكرية".
ولا يعرف ما إذا كانت الهدنة التي تم تمديدها يوم الاثنين ليومين آخرين قد تسير على مسار ثابت، بمعنى أن تتجه إسرائيل وحماس إلى المضي فيها لأيام أكثر في المرحلة المقبلة، مقابل الاستمرار بعمليات تبادل الرهائن والمعتقلين.
ومع ذلك يتضح من حديث المسؤولين الإسرائيليين أن إسرائيل لن تتراجع عن عمليتها العسكرية في غزة حتى تحقيق كامل الأهداف، وعلى رأسها تفكيك حركة حماس، وأنها بصدد استئناف القتال والتوجه جنوبا.
"لا خيار آخر"وفي أحدث المواقف الرسمية، قال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس خلال زيارته للجنوب: "بعد وقف إطلاق النار سيكون هناك إطلاق نار متجدد. مجلس الحرب بأكمله متحد في هذا الموقف، ولا يوجد خيار آخر".
و"نحن نستعد للمراحل التالية من الحرب"، كما أضاف غانتس.
بينما أكد رئيس الأركان، هرتسي هاليفي أن "جيش الدفاع جاهز للاستمرار في القتال"، وقال: "نستغل أيام فترة تعليق النشاطات العسكرية مؤقتا للتعلم وتعزيز الجاهزية والموافقة على الخطط العملياتية للمراحل اللاحقة".
وفي تعليقه على التحذيرات الأميركية أضاف هاليفي: "أتحدث كثيرا مع القيادة العليا في الولايات المتحدة وأيضا مع القادة السياسيين هناك، نجري حوارات.. ونسمع المقترحات".
وتابع: "هم يدركون جيدا أنه ليس من الجيد لنا أن نخوض قتالا في منطقة مليئة بالمدنيين. كيف نقوم بهذا الإخلاء؟ هناك أساليب مختلفة وسنختار منها ما يناسبنا في غزة، وأعتقد أن المسؤولون في الولايات المتحدة سيتفهمون ما نقوم به".
ويعتقد ألكسندر لانغلويس، وهو باحث أميركي يركز على شؤون الشرق الأوسط، أن "زيادة الضغوط الأميركية تمثل أمرا هاما في الوقت الحالي، رغم أن إسرائيل تميل إلى تجاهلها أو استمالة المصالح الأميركية لتفعل ما يحلو لها".
وفي المقابل يرى الباحث، في حديثه لموقع "الحرة" أن "الضغوط قد تبدو أشبه بتواطؤ على شكل غطاء سياسي لإسرائيل". وفي حين أنها متزايدة، وقد تدفع الأخيرة لإعادة التفكير في العمليات، فإن لانغلويس يشكك في فعالية ذلك.
وعلى مدار أسابيع، كان البيت الأبيض حريصا على الإعلان إنه لا يملي كيفية قيام إسرائيل بعملياتها العسكرية، لكن الرئيس بايدن وكبار موظفيه أصبحوا أكثر إلحاحا مع تكشف الأزمة الإنسانية، وفق "نيويورك تايمز".
وتأتي الضغوط، حسب الصحيفة، في الوقت الذي يعرب فيه مسؤولو الإدارة الأميركية عن تفاؤلهم بإمكانية استمرار دخول المساعدات إلى غزة، حتى عند استئناف القتال.
ومن جانب إسرائيل يوضح المحاضر في مركز الدبلوماسية العامة في تل أبيب، غولان برهوم، أن "هدفها في القضاء على حماس لن يتم التراجع عنه"، دون أن يستبعد "طرقا جديدة وأدوات ربما تختلف من مكان لآخر"، قاصدا شمال غزة وجنوبه.
ويعتقد برهوم أن أي عملية عسكرية، وفي نهاية المطاف، يجب أن تصل إلى نقطة إدخال القوات البرية على الأرض، وهو ما قد يحصل في جنوب القطاع، في حال تم استئناف الحرب بعد "الهدنة".
ويقول: "القوة البرية سيحتاجها الجيش الإسرائيلي، وسيواصل أيضا العمل كقوات كاملة من البحر والجو والقوات الهندسية والمشاة".
هل يختلف شكل الحملة؟أسفرت الحرب الإسرائيلية في شمال قطاع على مدى شهر ونصف الشهر عن مقتل الآلاف من المدنيين في غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، ودفعت بقرابة مليون شخص إلى النزوح جنوبا.
وأصبح 45 بالمئة من إجمالي المنازل في جميع أنحاء القطاع مدمرا للغاية بحيث لا يمكن العيش فيها، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وفي غضون ذلك، ومنذ أصدرت إسرائيل أوامر الإخلاء لأول مرة في شمال قطاع غزة في 13 أكتوبر نزح ما يقدر بنحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى الجنوب، في ظل سعي إسرائيل للإطاحة بـ"حماس".
ولم ينته الجيش الإسرائيلي بعد من عملياته في شمال القطاع، وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ خاض مواجهات مع مسلحي حماس على أكثر من جبهة.
والآن، وبينما يواصل التهديد بتوسيع رقعة انتشار قواته في غزة ومناطق الشمال ويقول مسؤولوه إنهم بصدد الانتقال جنوبا، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن هذه المرحلة ستكون "الأصعب"، لاعتبارات عدة أبرزها كثافة تواجد المدنيين هناك.
ويوضح الدكتور، عامر السبايلة، وهو أستاذ جامعي ومحلل جيوسياسي أن "الكارثة الإنسانية التي تخشاها الآن الولايات المتحدة تشكلت وباتت أرضيتها متوفرة".
ويقول لموقع "الحرة: "اليوم نتحدث عن غذاء ودواء، وبعد أيام سنتحدث عن مأساة تتعلق يالأمراض والبنى التحتية ومصادر العيش.. واشنطن أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل وخشيتها الآن من كارثة حديث متأخر".
وإذا ما استؤنفت المرحلة التالية من الحرب "ستكون أقل ضررا على المدنيين وأكثر مواجهة فعليا مع حماس"، وبالتالي "ستكون عمليات ذات أبعاد نخبوية".
ويضيف السبايلة أن "إسرائيل كان هدفها الوصول لهذه النقطة، التي توقفت عندها من أجل الهدنة".
وأضاف: "إسرائيل وضعت أساسات للكارثة لأنها تريد إعادة رسم جغرافيا غزة وتفريغها ديمغرافيا بحيث لا تبقى حاضنة لفكرة ميليشيات أو تنظيمات لما كانت عليه".
ولا يرى الباحث الأميركي لانغلويس كيف يمكن لإسرائيل التغلب قانونيا على قضية الكثافة السكانية في جنوب غزة.
ويقول: "لا يوجد مكان يذهب إليه هؤلاء الأشخاص والمجتمعات، ويمكن منطقيا اعتبار المناطق الآمنة الإنسانية الصغيرة في الجنوب أهدافا مستقبلية نظرا للإجراءات الإسرائيلية حتى الآن خلال حرب عام 2023".
ولم تثبت إسرائيل بعد أنها "لا تشن ضربات غير متناسبة أو عشوائية".
وفي حال التزمت بتجدد القتال في الجنوب يتابع لانغلويس: "سوف نشهد أضرارا جسيمة للمدنيين مثلما حدث في الشمال"، وقد يضغط هذا على واشنطن للدعوة بشكل علني إلى إنهاء القتال.
"الأهداف مترابطة"وتنظر إسرائيل إلى أهدافها الثلاثة في قطاع غزة على أنها مترابطة، حسب ما يقول المسؤول السابق، أيوب قرا، وهي القضاء على حماس وتحرير الرهائن و"اليوم التالي" بعد انتهاء الحرب.
ويضيف قرا لموقع "الحرة": "لا يمكن أن تنتهي الحرب مع بقاء حماس كقوة عسكرية، ومن هذا المنطلق هناك خلاف في وجهات النظر"، معتبرا أن "الأميركيين قد يفكرون بمنظور مختلف والإسرائيليين كذلك. لكن هناك تقاطع على أن تستمر الحرب".
ويعتقد المسؤول السابق أن خط الاتصال القائم والنقاشات التي يتم تبادلها بين إسرائيل وواشنطن "ترتبط بتفكير سياسي لا عسكري"، من منطلق أن الأهداف على الأرض "يجب تحقيقها".
ومن جانبه يضيف الباحث السياسي غولان برهوم أن إسرائيل "لم يعد بإمكانها العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر. هي لن تقبل بأي وجود لحماس سواء في الشمال أو الجنوب. وفي حال قبلت ستكون قد سلمت مفاتيح دولة إسرائيل".
"المعركة التالية مسألة وقت وستكون أقوى"، وبينما لا يستبعد برهوم أن تسفر المطالب الأميركية عن إبطائها، يعتبر أن "بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يلعب على حبلين مثل ما فعل في تسعينيات القرن الماضي بشأن اتفاق أوسلو".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی جنوب فی غزة فی حال
إقرأ أيضاً:
نتنياهو لن يوقف الحرب في غزة إلا برحيل حماس.. والمعارضة تهاجمه وتتهمه بالكذب
أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة سيكون "مؤقتًا"، مشددًا على أن العملية العسكرية لن تتوقف حتى تحقق "إسرائيل" سيطرة أمنية كاملة على القطاع، والقضاء الكامل على حركة حماس.
وقال نتنياهو "إذا وجدت إمكانية لوقف إطلاق نار مؤقت مقابل استعادة الأسرى، سنوافق، لكن عند انتهاء عملية عربات جدعون، ستكون مناطق قطاع غزة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وسيتم القضاء على حماس تمامًا".
هجوم على إدارة بايدن
وحمّل نتنياهو الرئيس السابق جو بايدن مسؤولية إعاقة ما وصفه بـ"تحقيق النصر المطلق في غزة"، قائلاً:"نحمل إدارة بايدن مسؤولية عدم قدرتنا على تحقيق النصر الكامل جراء حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل".
يأتي هذا التصريح بعد تقارير متواترة عن تأخير واشنطن تسليم شحنات ذخيرة وقنابل موجهة لتل أبيب، في إطار ضغوط لمنع اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، وهو ما أكده مسؤولون أمريكيون في تصريحات نقلتها صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي
وزعم نتنياهو نجاحات عملياتية ميدانية، مؤكدًا:"على ما يبدو، لقد قمنا بتصفية محمد السنوار" شقيق رئيس حركة حماس الشهيد يحيى السنوار.
وأضاف نتنياهو في تصريحاته أن "إسرائيل" أعادت 177 أسيرًا، بينهم 148 أحياء، بينما يُعتقد أن 20 رهينة لا يزالون على قيد الحياة. وقال: "نحن مستعدون لوقف مؤقت إذا كان الثمن هو استعادة الأسرى، ولكن نهاية الحرب ستكون فقط عندما تُسلّم حماس سلاحها، ويُنفى قادتها، وتُعاد جميع الأسرى".
وفي ختام حديثه، أكد أن "خطة ترامب للسلام" يمكن تنفيذها فقط بعد القضاء على حماس – في إشارة إلى مباردة ترامب لتهجير الفلسطينيين وكذلك "صفقة القرن" التي أطلقها الرئيس الأمريكي عام 2020، وتواجه رفضًا فلسطينيًا واسعًا
هجوم المعارضة على نتنياهو
من جانب أخر هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد تصريحات نتنياهو، واصفًا إياها بـ"الكاذبة"، وقال: "نتنياهو كذب الليلة عندما قال إن لديه تنسيقًا كاملاً مع الإدارة الأمريكية. في الحقيقة، هو فقد حتى تعاطف ترامب".
بدوه، قال زعيم حزب الديمقراطيين في دولة الاحتلال يائير غولان: "رأيت عرضا لرجل كاذب ومضغوط ومهووس.. لدي وعدان لنتنياهو: سأقاضيك بتهمة التشهير بسبب الأكاذيب التي تنشرها عني وسنهزمك في الانتخابات قريبا جدا".
من جهتها، هاجمت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، نتنياهو، وقالت إنه "لا يملك خطة حقيقية وهذه الحكومة تجر إسرائيل إلى عملية إخفاق القرن وتزرع أوهام النصر".
تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد العمليات الإسرائيلية في رفح، ووسط ضغوط دولية متزايدة لوقف الحرب التي أوقعت أكثر من 50 ألف شهيد في القطاع، وفق وزارة الصحة في غزة، كما يواصل الاحتلال منع دخول المساعدات الإنسانية في وقت يترقب فيه أهالي القطاع بدء دخول قوافل المساعدات بعد إعلان الإمارات اتفاقها مع الاحتلال الإسرائيلي على السماح بتسليم مساعدات إنسانية عاجلة سترسلها إلى القطاع.