خطر يُهدد المجتمع
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com
بدعوة كريمة من الدكتور فؤاد بن جعفر الساجواني، تشرفتُ بحضور "منتدى عمان لرعاية الاحداث الجانحين" والذي أُقيم في جامعة السلطان قابوس، بتنظيم من صحيفة عيون الالكترونية، بالتعاون مع قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي، تحت رعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى بن ماجد آل سعيد رئيس جامعة السلطان قابوس؛ حيث ناقشت الندوة ظاهرة الاحداث الجانحين وكيفية احتوائها من قبل الاسرة والمجتمع.
وهناك العديد من المخاطر التي تواجهها المجتمعات العربية والاسلامية في عصر العولمة والحداثة، وأشدها شراسة وفتكا على المجتمع هي تلك المخاطر التي تتعلق بالناشئة والتي من أخطرها ظاهرة جنوح الأحداث، ويُعرّف الحدث الجانح بـ"الطفل أو المُراهق الذي ينحرف بسلوكه عن المعايير الاجتماعية السائدة بشكل كبير إلى إلحاق الضرر بنفسه أو مستقبل حياته أو اسرته أو مجتمعه"، وهي ظاهرة من الظواهر المصاحبة لمرحلة الطفولة والمراهقة، والتي باتت تشكل خطرًا بليغا على المجتمع، لما لها من أبعاد وأسباب اجتماعية وأسرية وبيلوجية ونفسية، ومن أهم تلك الأسباب ضعف التنشئة الأسرية، وانشغال أولياء الأمور عن توجيه الرعاية الأبوية المناسبة والدقيقة لأبنائهم، وعدم الاهتمام بإشغالهم بما يفيدهم ويصلحهم، مما نتج عن ذلك ارتكاب الأبناء للسلوكيات الإجرامية والمنحرفة كإدمان المخدرات، والاغتصاب والسرقة والعنف وغيرها.
لذا ينبغي عدم الاستهانة بظاهرة جنوح الأحداث بل يجب الالتفات إليها بحزم وحذر وحكمة ووعي، ووضع الحلول المناسبة والمجدية لعلاجها، لينعم المجتمع بالراحة والاستقرار والاطمئنان.
المجتمع العماني كبقية المجتمعات العربية والإسلامية التي تعاني من الظواهر الاجتماعية والاسرية المتحولة، وذلك بسبب تراجع دور بعض مؤسسات التنشئة الاجتماعية والاسرية في ضبط وتعزيز سلوكيات الأفراد، مما سبب ذلك انتشار ظاهرة جنوح الأحداث من الأبناء، تلك الظاهرة التي تؤكد أهمية وضع الاستراتيجيات الواضحة والمتكاملة للحد من تفاقمها وانتشارها وتناميها واستفحالها في المجتمع العماني.
وبحسب الأرقام الصادرة عن دائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية فإن إجمالي عدد الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح خلال عام 2022 بلغ 398 حالة في مختلف محافظات السلطنة، ومن هنا يجب على المجتمع بشرائحه المختلفة أن يعي أن فئة الأحداث الذين يرتكبون حالات العنف والاجرام هم بحاجة ماسّة إلى الدعم الأسري والمجتمعي، فلا يوجد انسان في الوجود منزه من الخطأ، ولكن على الإنسان دائمًا الرجوع إلى العقل وجادة الطريق السوي، لذا ينبغي على المجتمع أن يعلم أن الفئة العمرية التي يمر بها الأحداث من أبناء المجتمع هي لازالت في بداية العمر ولم يكتمل نضجهم وفهمهم، ولكنهم يتميزون بتغيرات كثيرة وسريعة على مستوى العقل والجسم والعاطفة، وهم بالتالي بحاجة كبيرة إلى الكثير من الفهم والاحتواء الإنساني ممن حولهم ليستطيعوا المرور والعبور بأمان وراحة نفسية كبيرة إلى شاطئ الصحة والعافية، خصوصا أن أصحاب فئة الأحداث عادة ما يمرون بحالات نفسية يحتاجون فيها إلى المزيد من الاعتناء والاحتواء من الاسرة والمجتمع.
هناك واجبات تربوية يجب أن تتحملها الاسرة والمجتمع تجاه فئة الأحداث الجانحة من أبناء المجتمع خصوصا في مرحلة طفولتهم ومراهقتهم، وهي توعيتهم بخطورة ما يقومون به من أفعال لا تتناسب مع توجهاتهم الدينية والاجتماعية التي يعيشونها ويواكبونها، ومن أبرز تلك الحلول التي ينبغي التعامل معها لحل ظاهرة جنوح الأحداث هي الآتي:
أولًا: الحوار الايجابي: الحوار له الدور الفاعل في ايصال ما تحتاجه فئة الأحداث الجانحين، لذا ينبغي على الوالدين والمجتمع استخدام الكلمات الإيجابية، واتقان التواصل غير المباشر، كاستخدام عرض الصور أو الفيديوهات التي تحتوي على القيم النبيلة والأخلاق الحميدة، وترسيخ مفهوم الثقة بالنفس، وافهامهم بالطرق السلمية والسوية وأن ما يمرون به ما هو إلا تجربة إنسانية مفيدة لهم تتطلب منهم التعلم والاستفادة منها للوصول إلى النجاح والخير والصحة والعافية في المستقبل القريب. ثانيًا: القدوة الحسنة: فمن الضروري ربط الأحداث الجانحين بالقدوات الصالحة، لأهميتها في تعزيز وتصحيح الأفعال السلوكية التي يمرون بها، بل من الجيد ربطهم بالحالات المشابهة لهم، وكيف استطاعت تلك الحالات علاج نفسها، والتقدم نحو النجاح بخطى ثابتة، وهذا ما فعله الأنبياء والرسل، وخير شاهد على ذلك نبي الله يوسف الذي سُجن وعُذِّب ومرَّ بابتلاءات عظيمة وأليمة جدًا، ولكنه صبر على ذلك الابتلاء وكان بلاءه خيرًا له ولأسرته؛ حيث خرج من ذلك السجن الموحش والمظلم ليصبح عزيز مصر والرجل الأول الآمر والناهي فيها. ثالثًا: الاعلام الهادف: للإعلام الدور الفاعل والكبير في توعية الأسرة والمجتمع بظاهرة جنوح الأحداث، وذلك بتسليط الضوء الواضح والميسر لهذه الفئة، وتشجيع الأسرة والمجتمع وتوعيتهما بأهمية الاهتمام بفئة الأحداث الجانحين، والابتعاد عن الأسباب المؤدية لانتشار تلك الظاهرة، كالطلاق وخطورته على تمزق الأسرة والعنف فيها.ختامًا.. من الضروري أن لا تظل مثل هذه التحديات التي تواجه امن المجتمع وعائلاته ورفاهيته للخطر بأن تبقى في أدراج المكاتب. لقد كانت خطوة كبيرة من صحيفة عيون الإلكترونية بإلقاء الضوء الاعلامي على هذه الأزمة من أجل أن تتضافر الجهود في إيجاد حلول عملية لها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نقلة نوعية تعالج ظاهرة الإجابات «الواثقة غير الدقيقة»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةكشف باحثون من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عن نهج مبتكر يُعيد تشكيل عملية التحقق التلقائي من مخرجات نماذج اللغة الكبرى (LLMs)، موفراً حلاً أكثر كفاءة وأقل تكلفة لمعالجة ظاهرة «الهلوسة» التي تُنتج إجابات واثقة لكنها غير دقيقة. الدراسة، التي نُشرت على الموقع الإلكتروني للجامعة، عُرضت في المؤتمر السنوي لعام 2025 للأميركتين في رابطة اللغويات الحسابية (NAACL).
وفقاً للموقع الإلكتروني للجامعة، طوّر الفريق البحثي، بقيادة الباحث ما بعد الدكتوراه تشُووهان شيه، إطار عمل جديداً يُسمى FIRE (التحقق من الحقائق مع الاسترجاع والتحقق التكراري). يعتمد هذا النهج على تقييم مستوى ثقة النموذج في الادعاءات التي يقدمها، ليحدد ما إذا كانت هناك حاجة للبحث عبر الإنترنت أم يمكن الاعتماد على المعرفة الداخلية للنموذج. هذا الأسلوب لا يقلل فقط من التكاليف المرتبطة بالبحث الخارجي، بل يعزز كفاءة التحقق عبر تخزين المعلومات المستردة لدعم تقييم ادعاءات أخرى ضمن النص نفسه.
يقول شيه: «العديد من الادعاءات بسيطة بما يكفي لعدم الحاجة إلى بحوث إضافية، مما يجعل إطارنا أكثر ديناميكية وقابلية للتوسع». وأظهرت الاختبارات على مجموعات بيانات معيارية أنه تم تقليص تكاليف البحث بمعدل 16.5 مرة، مع الحفاظ على أداء مشابه للأطر الأخرى.
وأشار الباحثون، ومنهم روي شينج وبريسلاف ناكوف
، إلى أن النماذج المتقدمة مثل o1-preview من OpenAI، رغم دقتها العالية، قد لا تكون ضرورية دائماً، حيث حقق FIRE مع نماذج أقل تكلفة توازناً مثالياً بين الأداء والتكلفة. كما كشفت الدراسة عن أخطاء في مجموعات البيانات المعيارية، مما يبرز الحاجة إلى تحسين هذه المعايير لضمان دقة أعلى في العالم الحقيقي، حسبما جاء في تقرير موقع الجامعة.
ويفتح FIRE آفاقاً واعدة لمكافحة المعلومات المغلوطة، ليس فقط في النصوص، بل أيضاً في الصور والفيديوهات، مع إمكانية تطويره لدعم التحقق متعدد الوسائط. ويؤكد شيه أن هذا الابتكار قد يُصبح مصدر معرفة إضافياً يعزز قدرات نماذج اللغة الكبرى، مما يُحدث ثورة في معالجة اللغة الطبيعية.