إيكونوميست: عدو أوكرانيا الجديد غربٌ أنهكته الحرب
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن الإرهاق الناجم عن حرب أوكرانيا أضحى واضحا في الغرب، إذ تتعثر المساعدات العسكرية لكييف في الكونغرس الأميركي ويحقق الشعبويون غير الداعمين لها مكاسب في أوروبا.
وأوضحت -في تقرير لها- أن الولايات المتحدة كانت لأزيد من 600 يوم من الحرب أعظم منقذ لأوكرانيا، إذ حشدت الأسلحة والمال والمزيد للمساعدة في صد الروس، لكنها تحولت الآن إلى أحد أكبر مخاوف أوكرانيا، إذ بدأت مساعداتها لكييف تنفد بسرعة، وتعوق مشاكل يواجهها الكونغرس أي مساعدات جديدة.
ونسب التقرير إلى أحد المصادر المطلعة قوله إن أوكرانيا تواجه "شتاء قاتما" وسط قدر كبير من عدم اليقين، فقد فشل هجومها المضاد في اختراق الخطوط الروسية.
كما يزيد عدوها الروسي إنتاجه من الأسلحة، في ظل إصابة حليفها الحيوي (أميركا) بالشلل بسبب الاضطرابات السياسية وتشتت انتباهه بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأشارت المجلة إلى أن ميزان القوى في الكونغرس به جناح انعزالي من الحزب الجمهوري، خاصة في مجلس النواب، يحظى بتعاطف الرئيس المؤقت للمجلس باتريك ماكهنري.
وقد أقر الكونغرس مرتين منذ سبتمبر/أيلول "قرارا مستمرا" لتجنب الإغلاق الفدرالي، واستبعد مرتين مساعدات جديدة لأوكرانيا.
ويحاول مجلس الشيوخ فتح المساعدة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، قبل أن يلوح الإغلاق مرة أخرى في يناير/كانون الثاني المقبل.
كما طلب الرئيس جو بايدن ميزانية تكميلية قدرها 106 مليارات دولار، منها 61 مليار دولار لأوكرانيا، والباقي لإسرائيل وغيرها من أولويات الأمن القومي.
ويربط الجمهوريون المساعدات المقدمة لأوكرانيا بإجراءات أكثر صرامة للحد من الهجرة عبر الحدود الأميركية مع المكسيك.
حمى الانتخاباتوتضيف المجلة أنه كلما طال التأخير، أصبحت الأحزاب مستهلكة بحمى الانتخابات الرئاسية، وإذا لم يكن هناك اتفاق قبل أعياد الميلاد، سيشعر البعض في الكونغرس بالقلق، إذ قد تتأخر أي مساعدات جديدة لأوكرانيا إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وقد يجهز عليها بالكامل في حال إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي العلن على الأقل، يرفض القادة الأوكرانيون فكرة أن أميركا يمكن أن تقطع مساعداتها.
وقال أندريه يرماك، أحد كبار مساعدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، "لا أعتقد أن ذلك سيحدث"، مشيرا إلى أنه وجد "دعما قويا من الحزبين" خلال زيارة لواشنطن هذا الشهر.
صعود الشعبويينأوروبيا، دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الدول الأوروبية إلى ملء الفجوة التي تنتج عن انخفاض الدعم الأميركي إذا لزم الأمر.
كما أصدرت الحكومات الأوروبية سلسلة من الوعود الجديدة مؤخرا، إذ قالت ألمانيا إنها تخطط لمضاعفة دعمها لكييف العام المقبل إلى 8.5 مليارات دولار، وستقدم أيضا مزيدا من أنظمة الدفاع الجوي.
وأعلنت هولندا وفنلندا وليتوانيا عن حزم جديدة من المساعدة العسكرية، لكن غيوما تلوح في الأفق.
فمن المرجح أن يعرقل حكم المحكمة الدستورية في ألمانيا خطط زيادة المساعدات.
كما يعارض حزب الحرية اليميني المتشدد بزعامة خيرت فيلدرز، الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الهولندية الأخيرة، إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، مما يثير تساؤلات حول إذا ما كان لا يزال بإمكان هولندا قيادة التحالف لتزويد أوكرانيا بطائرات إف-16.
وكانت الحكومة السلوفاكية الجديدة قد أوقفت بالفعل المساعدات العسكرية.
ويشعر الأوكرانيون بالقلق من أنه بدون القيادة الأميركية، قد يفقد الأوروبيون حماستهم.
نقص حاد في القذائفمن جهته، يقول مايكل كوفمان من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن أوكرانيا تعاني "نقصا حادا في القذائف"، في حين أن الإنتاج الغربي منها آخذ في الارتفاع مع مساع لزيادته إلى 3 أضعاف، لكن ذلك سيستغرق عاما أو أكثر وسيتم استخدام بعض منها لتجديد المخزونات الغربية.
ونقل التقرير عن كوفمان قوله إنه إذا تضاءل الدعم الأميركي، فلن تتمكن أوكرانيا من شن هجوم مضاد كبير آخر.
فمن الممكن أن تحاول كييف الاستفادة بشكل أكبر من الطائرات بدون طيار، لكن في نهاية المطاف سيتوجب عليها اللجوء لإستراتيجية "التخندق" التي نجحت فيها روسيا. فكلما كانت دفاعاتك أقوى، قل عدد القذائف والقوات التي تحتاجها للاستمرار في المواجهة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا: توقعات بتراجع صادرات الحبوب في موسم 2025-2026
توقعت وزارة الزراعة الأوكرانية أن تتراجع صادرات البلاد من الحبوب خلال موسم 2025-2026 إلى ما بين 35 و40 مليون طن، في ظل انخفاض متوقع في حجم الإنتاج الإجمالي وتواصل تأثير الحرب مع روسيا على القطاع الزراعي.
وقال تاراس فيسوتسكي، النائب الأول لوزير الزراعة الأوكراني، في تصريحات لوكالة "رويترز"، الجمعة، إن حجم الصادرات سيعتمد بشكل رئيسي على كميات المحاصيل المنتجة، مضيفاً أن صادرات القمح وحدها قد تتراوح بين 14 و15 مليون طن خلال الموسم المذكور.
تراجع في الإنتاج الزراعي هذا العامأفادت الحكومة الأوكرانية أن إجمالي محصول الحبوب لهذا العام قد يشهد انخفاضاً بنسبة 10 بالمئة، ليبلغ حوالي 51 مليون طن، مقارنة بـ57 مليون طن في الموسم السابق، وفقاً لتقديرات وزارة الزراعة.
ويعزو المسؤولون هذا التراجع إلى الظروف المناخية غير المواتية، إلى جانب القيود الأمنية الناتجة عن استمرار الحرب، التي دخلت عامها الرابع، وأدت إلى تراجع القدرة الإنتاجية في العديد من المناطق الزراعية الحيوية في شرق وجنوب البلاد.
الزراعة الأوكرانية تحت الضغط العسكريتُعد أوكرانيا من أبرز منتجي الحبوب في العالم، وواحدة من أكبر موردي القمح والذرة وزيت دوار الشمس إلى الأسواق العالمية، خاصة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن الحرب مع روسيا أثّرت بشكل حاد على هذا القطاع الاستراتيجي.
ووفق بيانات برنامج الأغذية العالمي، فإن الحرب أدت إلى تضرر نحو 25 بالمئة من الأراضي الزراعية في أوكرانيا، إما بسبب الألغام أو بسبب العمليات العسكرية المباشرة.
كما اضطر مزارعون كثر إلى تقليص المساحات المزروعة أو التخلي عنها كلياً بسبب المخاطر الأمنية أو نقص الوقود والتمويل.
وكان تقرير مشترك للبنك الدولي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في عام 2023، قد حذر من استمرار تراجع الإنتاج الزراعي في أوكرانيا إذا لم تتم إزالة الألغام وتأمين سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية، لا سيما في مناطق الجنوب والشرق.
تراجع تدريجي في صادرات الحبوبأظهرت بيانات رسمية أن أوكرانيا صدرت 38.5 مليون طن من الحبوب حتى الرابع من يونيو الجاري، من بينها 14.9 مليون طن من القمح، وذلك في سياق موسم 2024-2025.
وتشير هذه الأرقام إلى انخفاض تدريجي مقارنة بأرقام ما قبل الحرب، حين بلغت صادرات الحبوب الأوكرانية أكثر من 50 مليون طن سنوياً.
وكانت روسيا قد انسحبت في يوليو 2023 من "مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب"، وهي الاتفاقية التي رعتها الأمم المتحدة وتركيا لضمان تصدير الحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود.
ومنذ ذلك الحين، تعتمد كييف على ممرات بديلة عبر نهر الدانوب والحدود الغربية، لكنها تبقى أقل فاعلية من الناحية اللوجستية وتزيد من تكلفة النقل.
خطر على الأمن الغذائي العالمييؤكد مراقبون أن استمرار تراجع الإنتاج والصادرات من أوكرانيا يُهدد الأمن الغذائي في عدد من المناطق، خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط، التي تعتمد بشكل كبير على الحبوب الأوكرانية.
وقد دفعت هذه التطورات منظمة الأغذية والزراعة إلى إطلاق تحذيرات متكررة بشأن ارتفاع الأسعار العالمية وتقلبات الإمدادات.
وفي ظل التوقعات بتراجع صادرات أوكرانيا في الموسم المقبل، تبقى الأسواق العالمية في حالة ترقب، خاصة في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية والتحديات المناخية التي تواجه سلاسل إنتاج وتوريد الغذاء حول العالم.