عقدت ثاني جلسات مؤتمر أدباء إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي في دورته الثالثة والعشرين، والذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، بمحافظة الفيوم تحت عنوان "الفعل الثقافي في زمن التحولات" برئاسة الشاعر محمد حسني إبراهيم، وأمانة الشاعر محمد شاكر.

جاءت الجلسة بعنوان "التلقي ومفارقات الزمن" بمكتبة الطفل والشباب بطامية، وأدارها الأديب أحمد قرني، وتضمنت 4 محاور ناقشها كل من د.

عايدي على جمعة، الناقد د. محمد سيد عبد التواب، الفنان حسن زكي، والأديبة نورا غنيم، وشهدت حضور الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ولاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي.

في بحثه "المتلقي وتحولات الوسيط" تحدث د. عايدي علي جمعة، عن عملية التلقي التي شغلت جزءا كبيرا في مجال الدراسات النقدية المعاصرة، واستطاع التركيز على أهميتها البالغة أن يحل مشكلات جوهرية في هذه الدراسات.

وأضاف أنه نتيجة تميز المتغيرات الرقمية بالسرعة الفائقة، ظهرت شركات تتنافس بشكل كبير من أجل جذب الجمهور، وحققت مكاسب مادية مهولة جدا، الأمر الذي جعل من المتغيرات الرقمية حالة شديدة الهيمنة على العالم كله، مشيرا إلى الذكاء الاصطناعي كحالة قائمة، يتم استخدامه حاليا في كتابة المقالات والكتب.

وعن المواقع الرقمية قال: أسهمت بدور كبير جدا في انفجار المعرفة، من خلال بث الأفلام التسجيلية والفيديوهات التي تلقي الضوء على المواقع الأثرية الخالدة في جميع أنحاء العالم، وعلى الأحداث والشخصيات التاريخية التي لعبت دورا كبيرا في حياة البشرية، وعلى المتلقي اختيار المحتوى الذي يناسبه.

من جانبه قدّم الفنان حسن زكي بحثا بعنوان" آليات التلقي الموسيقي والتشكيلي" ناقش خلاله مفهوم التنوع الثقافي نتيجة الاكتشافات العلمية في العصر الحديث التي ساهمت بشكل كبير في سرعة الانتقال بين الدول، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التفاعل مع المنتج الثقافي والإبداعي، فعرف الأدب العربي أنواعا أدبية جديدة ومتباينة.

وأضاف أن التحول الرقمي ساهم بشكل واضح في رسم خريطة للواقع الثقافي أقرب إلى الحقيقة، لأنه أتاح النشر بسهولة بالغة لكل من لديه ملكة الكتابة، حيث يمكن للكاتب أن ينشر ما يكتبه بسرعة فائقة، بل ويتلقى الكثير من الآراء حول إنتاجه من خلال تعليقات القراء.

أما عن الموسيقى والفن التشكيلي في عصر الرقمية وأنماط الإعلام الجديد، أشار "زكي" أن الإعلام الآن يمكنه أن يستوعب الكثير عن المسرح، نظرا لانتشاره بأشكاله المقروءة والمسموعة والمرئية، التي جاءت محل السينما والمسرح والندوة والكتاب والمحاضرة والمعلم ذاته.
ويرى "زكي" أن الإعلام عمل على خلخلة القيم والموروث الثقافي في أكثر المجتمعات تماسكا، دون أن يميّز في ذلك بين ريف وحضر، بحجة الاطلاع والانفتاح.
كما تناول البحث عدة مفاهيم أهمها "الإعلام البديل"، و"الذائقة الموسيقية والتشكيلية"، يقول "زكي": تسبب الإعلام البديل في حدوث رَجة شديدة فى عرش الإعلام الرسمي، من خلال ظهور جيل جديد، يفكر بشكل جديد يصنع الأشياء ببساطة وله قاموس مغاير. فأنتج البديل جيلا كبيرا من المذيعين والمطربين والناقدين، مما أحدث صراعا شديدا بين الإعلام البديل الذي يمتلك المستقبل وبين الإعلام الرسمي الذي يمتلك الخبرة.

وعرّف "زكي" المفهوم الثاني الخاص بالتذوق الفني مشيرا إلى أنه عملية اتصال تقتضي وجود طرفين أحدهما مرسل والثاني مستقبل، مضيفا أن عملية الاتصال لها مصادر متنوعة ووسائل كثيرة، الأمر الذي جعل المفكرون ينظرون إلى ضرورة إعادة التفكير حول ما كان سائدا من أفكار ونظريات بخصوص عملية التذوق الفني ومنها نظرية الدوافع المحركة لعملية التذوق، ونظرية التحليل النفسي.

واختتم حديثه مشيرا إلى أن التطور التكنولوجي والرقمي فى العقود الأخيرة، غيّر من ذائقة الجمهور المتلقى، فأصبحنا نعاني من تشوّه الذائقة، مؤكدا ضرورة الاستعانة بما أثاره موضوع البحث، من أجل تجاوز كل هذه التحديات والانتصار للإبداع والجمال واستكمال رحلة البشرية الطويلة فى الفنون والبناء.

أما الأدبية "نورا غنيم" فقدمت بحثا بعنوان "دراما المنصات الرقمية بين توجهات الإنتاج وفرضيات التلقي"، تناولت خلاله فرض المنصات الرقمية لنوع جديد من الدراما لا يزيد عدد حلقاتها على 15 حلقة، وأحيانا 5 فقط ويمكنها أن تحقق ملايين المشاهدات، وتتصدر قائمة اهتمامات المشاهدين لأسابيع وربما شهور.

وأضافت أن الدراما التقليدية وما يهدد عرشها فى العالم العربى تحديدا لا يرتبط بظهور المنصات، فالحلقات الممطوطة ومحدودية الأفكار وضيق دائرة اختيار النجوم وتدويرهم، كل هذه العوامل أسهمت فى اتساع هيمنة المنصات على ساعات المشاهدة والمشاهدين، كما أن زحف الإعلانات وتنوعاتها المزعجة، أثر فى قيمة الأعمال الفنية، فالمشاهد أحيانا ينسى ما كان يشاهده بين الفواصل الإعلانية.

كما طرحت خلال البحث أسباب عزوف المشاهد عن الدراما التليفزيونية، من خلال تقديم مجموعة من العناصر لحصر  المميزات المشتركة فى مختلف المنصات المصرية والعربية والعالمية، من أهمها عدم وجود فواصل إعلانية، والمشاهدة الحصرية، إتاحة التحميل للمشاهدة في وقت لاحق، وتنوع الأعمال وجودتها وتنوع أفكارها وأسلوب إخراجها وتقديم مواهب جديدة.

وأشارت إلى ضرورة انتقاء المٌشاهد للمحتوى المقدم عبر تلك المنصات لما قد يتناوله من أفكار تختلف عن ثقافة المجتمع الشرقي (التطبيع) الأمر الذي يشكل خطرا على الشباب والمراهقين.

وأكدت "غنيم" في ختام حديثها على أنه مهما تغيرت وسائل أو أساليب التعبير عن الفن والإبداع، أو تطورت قنوات الاتصال ووسائطه، سيظل الفن هو الرسالة الأقوى والأبقى بما يحمله من قضايا للمجتمع واشتباكاته وصراعاته.

وركز د. عبد التواب في بحثه "المتلقي الرقمي وهوية النوع الأدبي" على السمة المميزة للجيل الرقمي الحالي الذي يتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمحتوى المرئي، الأمر الذي يقتضي دراسة السلوك الإنساني أو بالأحرى دراسة " منهج علم اجتماع الأدب " الذي يدرس الأدب بوصفه ظاهرة اجتماعية نتاج لفعل ينتجه فاعل اجتماعي محدد ويتوجه به إلى آخرين في سياقات معينة.

وأشار إلى أن عصر "الرقمنة" الذي نعيش فيه، ساهم في ظهور ما يسمى بالأدب الرقمي الذي أعطى للكاتب حرية كبيرة في إنتاج ونشر النص بعيدا عن مشكلات الطباعة والتوزيع، فأصبح يمكنه إنتاج النص بنفسه مستغلا برمجيات تساعده على الإنجاز.

واختتم حديثه موضحا أننا لسنا بحاجة إلى الناقد التقليدي، ولكننا في حاجة ماسة إلى ناقد يمتلك قدرا كبيرا من الوعي والثقافة، ويتمتع بمواصفات تفرضها عليه عملية إنتاج الأنواع الأدبية الرقمية في ظل تداخل الأنواع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مؤتمر أدباء إقليم القاهرة الكبرى الهيئة العامة لقصور الثقافة عمرو البسيوني الفعل الثقافي في زمن التحولات الشاعر محمد شاكر الثقافی فی الأمر الذی من خلال

إقرأ أيضاً:

زوجان لامرأة واحدة.. تقليد هندي يتحدى الزمن ويستغل القانون لحماية الأرض

في قرية شيلاي الهندية، تحوّل حفل زفاف استمر ثلاث ليالٍ إلى محور اهتمام واسع النطاق بعد أن تزوّجت الشابة سونيتا تشوهان من شقيقين، براديب وكابيل نيجي، من جماعة الهاتي القبلية، في خطوةٍ أعادت إلى الواجهة تقليدًا قديمًا يُعرف محليًا باسم «جوديدارا»، وهو شكل من أشكال تعدد الأزواج لا تزال تمارسه بعض المجتمعات في شمال البلاد.

انطلق الزفاف يوم 12 يوليو الجاري وامتد حتى 14 منه، تخلله رقصات وأغانٍ شعبية، إلى جانب طقوس تقليدية مثل «جاجدا» و«سينج» التي أداها كاهن محلي، وبحسب صحيفة «تايمز أوف إنديا»، شارك مئات من أهالي المنطقة في الحفل الذي نُظم في الهواء الطلق، وسط أجواء احتفالية نادرة لمثل هذه المناسبات التي عادةً ما تتم بعيدًا عن الأعين.

يُعرف تعدد الأزواج في الهند بأنه زواج امرأة من أكثر من رجل، غالبًا ما يكونوا إخوة، ورغم كونه ظاهرة نادرة، إلا أنه لا يزال موجودًا في بعض المناطق القبلية حول العالم، وفي قبيلة الهاتي، يُنظر إلى هذا التقليد على أنه وسيلة للحفاظ على وحدة الأرض والممتلكات الزراعية، لا سيما في منطقة «ترانس – جيري» الجبلية الوعرة حيث يتطلب العمل الزراعي توزيعًا منصفًا ومشتركًا للموارد.

وفقًا لكوندان سينج شاستري، الأمين العام لجمعية «كندريا هاتي ساميتي»، فإن تعدد الأزواج يمنع تقسيم الأراضي بين الإخوة، مما يحافظ على وحدة الملكية ويعزز الاستقرار الاقتصادي للأسرة، وتشير بيانات إدارة الإيرادات في ولاية هيماشال براديش لعام 2024 إلى أن أكثر من 70% من عائلات الهاتي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيس للدخل، ما يجعل نمط الزواج هذا أداة عملية قبل أن يكون ثقافية.

ويرى شاستري أن الأسرة التي تضم عددًا أكبر من الرجال تتمتع بأمان أكبر، حيث يشترك الأخوة في حماية الأسرة والزوجة والأطفال، كما أن هذا النظام يُبقي على استمرارية الزواج في حال وفاة أحد الأزواج، إذ يتولى الأخ الآخر مهام الزوج، وفقًا لتقاليد مستمدة من الملاحم الهندوسية.

بالنسبة إلى شعب الهاتي، الذي حصل رسميًا على صفة «القبيلة المجدولة» في عام 2022، فإن «جوديدارا» ليس مجرد نمط زواج، بل هو تعبير عن هوية ثقافية متجذرة، ويقول أميتشاند كمال، أحد قادة الجمعية القبلية، إن هذه الممارسة لا تزال قائمة في عدد من القرى شمال البلاد، لافتًا إلى أنه برغم ارتفاع معدلات التعليم بين نساء الهاتي، والتي وصلت إلى 80% حسب إحصاء 2023، والتغيرات الاقتصادية المستمرة، لا تزال هذه الممارسة تحظى بقبول واسع داخل المجتمع.

كما يؤكد وجهاء المنطقة على أن عشرات الزيجات المشابهة حدثت خلال الأعوام الأخيرة، خاصةً في قرية «شيلاي»، التي شهدت وحدها خمس زيجات متعددة خلال السنوات الست الماضية، بحسب تقرير لـ«إنديا توداي».

تعدد الأزواج غير معترف به قانونًا بموجب قانون الزواج الهندوسي لعام 1955، والذي ينص على الزواج الأحادي بين رجل واحد وامرأة واحدة، ووفقًا للبنود القانونية، فإن أي زواج يتعدى ذلك يُعتبر باطلًا، بل وتصل العقوبات إلى السجن لعدة سنوات بموجب القانون الجنائي.

لكن في المقابل، تمنح المادة 371 من الدستور الهندي استثناءات لبعض المناطق الجغرافية والثقافية، مما يسمح باستمرار بعض التقاليد العرفية في مناطق مثل هيماشال براديش، طالما لم تُسجل قانونيًا، وهو ما يضع ممارسات تعدد الأزواج للمرأة في منطقة قانونية رمادية، حيث تُمارس اجتماعيًا وثقافيًا دون رقابة رسمية.

على الرغم من ندرته عالميًا، لا يزال تعدد الأزواج قائمًا في بعض المناطق المحدودة، نذكر منها:

• في التبت ونيبال، يُمارس الشكل الأخوي من تعدد الأزواج بين المجتمعات الريفية للحفاظ على تماسك الأرض والممتلكات، وقدّرت شبكة «ناشيونال جيوجرافيك» في دراسة عام 2023 أن 10% من العائلات الريفية في التبت لا تزال تتبع هذا النمط.

• في أجزاء من نيجيريا والكاميرون، تتبع قبائل مثل الإيريجوي والماساي نمط تعدد الأزواج غير الأخوي، حيث تتزوج المرأة من رجال غير مرتبطين بصلة.

• أما في جزر ماركيساس في جنوب المحيط الهادئ، فقد كان تعدد الأزواج وسيلة لتقاسم الموارد بين المجتمعات، لكنه تراجع بشكل كبير في العصر الحديث بسبب التأثيرات الغربية.

بالعودة إلى الحديث عن حفل الزفاف المثير للجدل، فشهدت منصات التواصل الاجتماعي انتشار صور وفيديوهات العروس وزوجيها بشكل واسع، ولاقت تفاعلًا كبيرًا من مستخدمين داخل الهند وخارجها، وقال أحد الزوجين براديب نيجي في تصريحات صحفية: «لم نكن نتوقع هذا الاهتمام، كنا فقط نحتفل بتقليد نعتز به»، أما شقيقه كابيل فأكد التزامه بدعم الزوجة، مضيفًا: «سنمنحها الاستقرار والحب، كما تنص تقاليدنا».

المصري اليوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام الفلسطيني: مصر تصدّت لمحاولات التهجير ولا يجوز لأحد المزايدة على مواقفها
  • ختام مسابقة الأندية للإبداع الثقافي بمحافظة ظفار
  • قبل اختفائها.. سباق مع الزمن لاستكشاف حطام سفينة حربية عمرها 300 عام
  • “إلى أين؟”.. عرض ليبي يُجسّد القلق الوجودي ضمن مهرجان المونودراما العربي في جرش 39 اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت ا
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • الرئيس الفلسطيني: مؤتمر حل الدولتين شكل حراكا دبلوماسيا ستكون له نتائج إيجابية
  • تجارية القاهرة: الغرف تتقدم بخطوات عملية لدعم استقرار الأسعار
  • زوجان لامرأة واحدة.. تقليد هندي يتحدى الزمن ويستغل القانون لحماية الأرض
  • التلقي الطبيعي للأدب
  • قبل الصمت الانتخابي.. أضخم مؤتمر لمرشحي مستقبل وطن في استاد القاهرة (20 صورة)