حكم غسل الجمعة.. هل هو من الواجبات وما طريقته الصحيحة ؟
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
حكم غسل الجمعة وهل هو من الواجبات؟ سؤال يكثر البحث عنه مع دخول ليلة الجمعة الأخيرة من جمادى الأولى 1445 هجريا، ونجيب عنه من خلال دار الإفتاء المصرية.
حكم غسل الجمعة وهل هو من الواجبات؟وقد اختلف العلماء في حكم غُسْل الجمعة، والذي نختاره أنَّه سُنَّة لمَن يحضر الجمعة وإن لم تجب عليه؛ كالصبي والمرأة، ويتأكد استحباب الالتزام به خروجًا مِن خلاف مَن قال بوجوبه من الفقهاء.
يقول الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية في جواب سائل يقول : ما هي طريقة الاغتسال الصحيحة ؟ إن الاغتسال هو سيلان الماء على جميع البدن بِنِيَّةٍ، وهو مشروع بالكتاب والسنة ، يقول الله تعالى: {وَإِن كُنتُم جُنُبٗا فَٱطَّهَّرُواْ} [المائدة: 6]، ويقول سبحانه : {وَلَا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطهُرنَ} [البقرة: 222] أي: حتى يغتسلن .
وتابع: الغُسْل قد يكون واجبًا كالاغتسال من الجنابة أو الحيض ، وقد يكون مسنونًا كغسل الجمعة والعيدين .
ثانيًا : تحصل طريقة الاغتسال الصحيحة بإزالة الإنسان ما به من نجاسة إن وُجِدت ، وينوي ثم يعمم جميع بدنه وشعره بالماء ، ودليل ذلك ما رواه جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : تذاكرنا غسل الجنابة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : " أَمَّا أَنَا فَآخُذُ مِلْءَ كَفِّي ثَلَاثًا ، فَأَصُبُّ عَلَى رَأْسِي ، ثُمَّ أُفِيضُهُ بَعْدُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي " .
ولفت إلى أن الكمال في الغسل يكون كما ورد في السنة العمليَّة، حيث جاء في «الصحيحين» عَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ . ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ . ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ . ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعرِ . حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ - الحفنة ملء اليد -، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ . ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ " . وفي رواية لهما أي للبخاري ومسلم : " ثم يخلل بيديه شعرَه حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات " .
وشدد أن الغُسْل يتحقق بالنية وتعميم جميع البدن والشعر بالماء ، وهناك طريقة الكمال في الغُسل ، وتحصل بذلك أيضًا مع مراعاة سنن الغسل وآدابه كما ورد في الحديث السابق .
حكم غسل الجمعةكما قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية إن صلاة الجمعة واجبة على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ ذَكَرٍ مقيمٍ صحيحٍ، فلا تجب على الصبي، ولا المرأة، ولا المسافر، ولا المريض، وعلى هذا اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة. ينظر: "الاختيار لتعليل المختار" للعلامة ابن مودود الموصلي (1/ 13، ط. دار الكتب العلمية)، و"التاج والإكليل" للإمام المواق (2/ 543، ط. دار الكتب العلمية)، و"المهذب" للإمام الشيرازي (1/ 205، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي في فقه الإمام أحمد" للعلامة ابن قدامة المقدسي (1/ 321، ط. دار الكتب العلمية).
وقد شُرِع في الجمعة الظهور بالـمَظْهَر الحَسَن الذي يستدعي الاغتسال والتطيب، حتى لا يتأذَّى الناس من بعضهم برائحةٍ كريهة؛ وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة أيضًا على أنَّ درجة هذه المشروعية من حيث الأصل هي السُّنَّة والاستحباب، وليس الوجوب؛ قال العلامة ابن مودود الموصلي في "الاختيار لتعليل المختار" (1/ 13):[قال: (وغسل الجمعة والعيدين والإحرام سنة) وقيل: مستحب] اهـ.
وقال العلامة الخَرَشي في "شرح مختصر خليل" (2/ 85، ط. دار الفكر): [غُسْل الجمعة سُنَّة مُؤكَّدة على المشهور على كلّ مَن حضرها، ولو لم تلزمه مِن مسافر وعبدٍ وامرأةٍ وصبي، كان ذا رائحة كالقَصَّاب والحَوَّات -أي اللحَّام-، والسَّمَّاك، أو لا، وقَيَّد اللخمي سُنِّيَّة الغُسْل بمَن لا رائحة له، وإلَّا وجب] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 201، ط. دار لفكر): [(فصل في الأغسال المسنونة):.. فمنها غسل الجمعة، وهو سنة عندنا وعند الجمهور] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (2/ 256، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب لمَنْ أَتَى الجمعة أن يَغْتَسل، ويلبس ثوبين نظيفين، ويتطيب، لا خلاف في استحباب ذلك] اهـ.
بينما ذهب إلى القول بوجوب غسل الجمعة: الظاهرية، وهو رواية عن الإمام أحمد، ومروي أيضًا عن بعض السَّلَف.
قال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (2/ 256): [قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا على أن غُسْل الجمعة ليس بفرض واجب. وحكي عن أحمد رواية أخرى أنَّه واجب، وروي ذلك عن أبي هريرة، وعمرو بن سليم رضي الله عنهما، وَقَاوَلَ عمار بن ياسر رضي الله عنه رجلًا، فقال عمار: أنا إذًا أَشَرُّ ممَّن لا يغتسل يوم الجمعة] اهـ.
وجاء في "المحلى" للإمام ابن حزم الظاهري (1/ 255، ط. دار الفكر): [وغسل يوم الجمعة فرض لازم لكل بالغ من الرجال والنساء] اهـ.
ويدلّ لرجحان القول بسُنِّيَّة الغسل لصلاة الجمعة عدة أدلة؛ منها ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ».
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (6/ 146، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه فضيلة الغُسْل وأنه ليس بواجب] اهـ.
ومنها ما رواه الإمام النسائي والترمذي في "سننيهما" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أَنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ».
وشدد بناءً على ذلك: فإنَّ غسل الجمعة سُنَّة لمَن يحضر الجمعة وإن لم تجب عليه؛ كالصبي والمرأة، ويتأكد استحباب الالتزام به خروجًا مِن خلاف مَن قال بوجوبه من أهل العلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غسل الجمعة غسل يوم الجمعة الجمعة الأخيرة من جمادى الأولى ليلة الجمعة دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم دار الکتب العلمیة رضی الله عنه قال العلامة ل الجمعة الغ س ل
إقرأ أيضاً:
تخصيص خطبة الجمعة لتوعية المصلين بأحكام مناسك الحج
الرياض
وجه معالي وزير الشؤون الإسلامية، رئيس اللجنة العليا لأعمال الوزارة بالحج والعمرة والزيارة، الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، خطباء الجوامع بتخصيص خطبة يوم الجمعة القادمة الموافق الثالث من شهر ذي الحجة 1446هـ، لتوعية المصلين بالأحكام والآداب المرتبطة بمناسك الحج، والتأكيد على أسباب تحقيق مقاصد هذه الشعيرة، وضرورة الأخذ بوسائل السلامة العامة التي تضمن للحجاج تأدية الفريضة بكل يسر وطمأنينة وسلامة تامة، وذلك وفق المحاور التالية:
1.توجيه من أراد الحج بأن يلتزم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم – في الحج، فعن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (يا أيها الناس، خذوا عني مناسككم).
2.التنويه بالرخص الشرعية في الحج التي فيها تيسير على النفس والآخرين، يقول الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وعن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه).
3.التأكيد على الحجاج بالتزام السكينة في أداء نسكهم، فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقول للناس في حجة الوداع: (أيها الناس، السكينة السكينة).
4.التذكير بآداب الحج، ومن ذلك الصبر والرفق واللين، وتجنب التدافع وإيذاء الآخرين، وأن يصون المسلم حجه عن كل مايفسده أو ينقصه ، يقول الله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).
5.التأكيد على الالتزام بالأنظمة والتعليمات التي تصدر من الجهات الرسمية، كأجهزة الأمن وغيرها من الأجهزة الخدمية، وأن هذا من طاعة ولي الأمر، والله عز وجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
6.بيان أهمية الأخذ بالأسباب المشروعة لحفظ النفس في الحج، ومن ذلك التوقي عن التعرض المباشر لأشعة الشمس، وشرب القدر الكافي من الماء، والبعد عن أماكن الزحام.