سقوط جديد لسعر كيلو البصل بالأسواق .. وهؤلاء أبرياء من الأزمة الحالية
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
سجلت أسعار البصل في الأسواق قفزات غير مسبوقة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تجاوز سعر الكيلو 50 جنيها عند بعض تجار التجزئة، ونحو 30 جنيها في أسواق الجملة، ليرتفع بذلك عن المستويات القياسية التي كان قد سجلها البصل في شهر سبتمبر الماضي، وعلى إثرها تم حظر تصديره.
وتسببت بعض الممارسات الاحتكارية الخاطئة من التجار، فضلا عن ضعف المحصول العام الماضي في وصول أسعار البصل لمستويات قياسية، لكن مع بدء ظهور المحصول الجديد، فقد تراجع سعر كيلو البصل إلى نحو يبدأ من 16 جنيها للبصل الأبيض الجديد بأسواق الجملة، ويباع للمستهلك بنحو 17.
5 إلى 20 جنيهاً وهو ما يسجل فارقا بنحو 30 جنيها عن سعر البصل "القديم"، الذي وصل إلى 50 جنيهاً مؤخر.
تقوم الحكومة من خلال أجهزتها المختلفة لتوفير معروض كبير من السلع الأساسية وطرحه بأسعار مخفضة للمواطنين، بهدف تخفيف أثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي تسببت في نقص المعروض العالمي من المواد الغذائية ما تسبب في ارتفاع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه.
وتعمل الحكومة بشكل مستمر للسيطرة على أسعار السلع الأساسية والتصدي للمضاربين والمحتكرين، حيث كثفت من تحركاتها على مسارات عدة تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر على العالم.
وقررت الحكومة قبل عدة أيام العمل بقرار حظر تصدير البصل حتى مارس المقبل، وطباعة الأسعار على أي سلعة يتم إنتاجها في محاولة لتهذيب الأسعار والتصدي لأي زيادة مبالغ فيها من الحلقات الوسيطة بين المنتج والمستهلك مع التأكيد على ضرورة وجود مراقبة على الأسواق للتصدي لجشع التجار.
فيما قالت النائبة أمال رزق الله، عضو مجلس النواب، إنه ورد إليها عدد من شكاوى المواطنين بشأن صعوبة الحصول على بعض السلع الأساسية، ووجود معاناة يومية بسبب السكر و الأرز والزيت مع التأكيد بأن هناك انفلات في الأسعار بشكل متواصل وغير مبرر.
ومن هذا المنطلق تقدمت رزق الله بطلب إحاطة إلى وزير التموين والتجارة الداخلية لتغليظ عقوبة محتكري السلع.
وتنص المادة (8) من قانون حماية المستهلك رقم (181) لسنة 2018 على أن "يحظر حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول وذلك عن طريق إخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأي صورة أخرى، ويصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد المنتجات الاستراتيجية لفترة زمنية محددة وضوابط تداولها والجهة المختصة بذلك وينشر القرار في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار، ويلتزم حائزها لغير الاستعمال الشخصي بإخطار الجهة المختصة بالسلع المخزنة لديه وكمياتها".
ونصت المادة (71) من قانون حماية المستهلك، على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة الف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيمهما أكبر، كل من يخالف المادة (8) من هذه القانون".
ووضع قانون العقوبات رقم (58) لسنة 1937 عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة حال الغش في المعاملات التجارية، حيث نصت المادة (345) على "الأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطؤهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".
بينما ضاعفت المادة ( 346 ) من العقوبة ونصت على " يضاعف الحد الأقصى المقرر لعقوبة الحبس المنصوص عنها في المادة السابقة إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو حطب الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية".
ارتفاع سعر البصلمن جانبه، تحدث حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، عن أزمة ارتفاع أسعار البصل، قائلا إن "المحصول الجديد من البصل بالأسواق الآن وسينخفض سعر البصل قريبًا مع ظهور الموسم الأكبر للبصل في سوهاج والفيوم وبعض محافظات الدلتا"، موضحاً أن "البصل الجديد لا يصدر للخارج وسوقه محلي وحجب البصل عن التداول سبب ارتفاع الأسعار".
وتابع حاتم النجيب: "انخفاض كبير جدًا في سعر البصل سيتم بشكل تدريجي، لكن لن يصل السعر لـ5 جنيهات"، فيما قال محمد فهيم، مستشار وزير الزراعة، إن البصل مثل أي محصول يقع تحت آلية العرض والطلب، كما أنه يتم زراعته في مصر على عروات متتالية تبدأ من سبتمبر والحصاد حتى شهر مايو.
وأضاف فهيم، أن هناك فجوة تبدأ من يونيو حتى أول ديسمبر ليس فيها إنتاج للبصل، ويكون الاستهلاك معتمد على التخزين، متابعا أن التجار هم من يخزنون البصل وليس المزارعين، مشيراً إلى أن مساحة البصل تتراوح من 240 إلى 250 ألف فدان ينتجون من 3.4 مليون إلى 3.6 مليون طن سنويا، وجزء كبير من هذا الإنتاج يذهب للاستهلاك المحلي وجزء يتم تصديره، والصادرات هذا العام أقل من العام الماضي.
ولفت إلى أن هناك توجيهات من وزير الزراعة لكل اللجان والهيئات بالوزارة للنزول على كل مفارش البصل الموجودة بحملات تفتيشية، والمفاجأة أن هناك كميات ضخمة ومئات الآلاف من الأطنان موجودة تحت القش، وجدنا أن هناك ممارسة احتكارية ومخالفة للقانون، وسيتم طرح الكميات بقانون منع الممارسات الاحتكارية، وسيتم طرح الكميات في الأسواق.
من جهته قال حسين عبدالرحمن أبو صدام نقيب عام الفلاحين، إن الهجوم غير المبرر على تجار البصل يعتبر وسيلة للهروب من المسؤولية وشماعة لتعليق الأخطاء، لافتا إلى أن تجار البصل يشترون البصل كل عام ويخزنونه ويبيعون منه حسب الطلب ولم تحدث أزمة في السنوات الماضية.
وأضاف أبو صدام: إذا افترضنا أن ما يحدث الآن ضد تجار البصل هو الحل للأزمة، فعلى الحكومة الهجوم على أصحاب مزارع عجول التسمين لحل أزمة اللحمة والهجوم على تجار الغلال وبيعها لحل أزمة ارتفاع أسعار الدقيق والخبز، وكذلك لكل المنتجات مرتفعة السعر في مصر.
وتساءل نقيب عام الفلاحين: "كيف يبيع الفلاح منتجه من البصل العام المقبل، إذا عرفنا أن الإنتاج يزيد عن 3 ملايين طن من البصل يجني أغلبه في شهر أبريل وكيف نوفر البصل طوال العام بدون تخزينه والبيع منه طوال العام حيث لا يوجد انتاج بصل من شهر يوليو وحتي شهر ديسمبر من كل عام ويعتمد السوق المحلي في هذه الفترة علي البصل المخزن" .
وأشار عبدالرحمن، إلى أن أزمة البصل في قلة الانتاج العالمي وقلة مساحات البصل محليا في الموسم المنقضي وزيادة صادرتنا منه مع زيادة الاستهلاك المحلي لزيادة طلب الدول المجاورة للبصل المحلي وزيادة ضيوف مصر مع الزيادة السكانية.
وأردف نقيب عام الفلاحين أن المساحة المنزرعة من البصل حاليا كبيرة جدا، وأن بشائر البصل المقور مطروحة في الأسواق بأقل من 20 جنيه للكيلو، وأن تجار البصل مضطرون لبيع ما لديهم من البصل القديم لا نه لا يمكن الاستمرار في تخزينه مده أطول حيث يفسد البصل نتيجة رطوبة المناخ ويبدأ في التزربع والإنبات مكان تخزينه، بما يؤدي لفساده وعدم صلاحيته للاستخدام، كما أن دخول الموسم الجديد عليه سوف يؤدي لانخفاض أسعاره بالإضافة الي قرار الحكومي بوقف تصدير البصل.
ضخ كميات بصلوأكد أبو صدام، أن التاجر الذي اشترى المحصول من المزارعين شهر مايو الماضي بـ 6 آلاف جنيه للطن دفع مبالغ كبيرة من فترة يستحق أن يكسب، وتعرضت مشترياته من البصل للنقصان نتيجة للجفاف وفساد الكثير جراء التخزين، مشيرا إلى أن أسعار البصل تتجه نحو الانخفاض كلما اقتربنا من موسم الحصاد في أبريل المقبل؛ ليباع كيلو البصل في حالة استمرار منع تصديره بالتراب.
جدير بالذكر أن وزارة التموين والتجارة الداخلية ضخت منتجات الخضروات والفاكهة بفروع منافذ المجمعات الاستهلاكية، وفروع الشركات التابعة للوزارة، كما وفرت كميات كبيرة من البصل في المنافذ بأسعار منافسة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البصل أسعار البصل الحكومة قانون حماية المستهلك مجلس النواب نقيب عام الفلاحين سعر كيلو البصل ارتفاع أسعار البصل أسعار البصل تجار البصل کیلو البصل سعر البصل البصل فی من البصل أن هناک إلى أن
إقرأ أيضاً:
انتشار البرباشة في شوارع تونس يعكس الأزمة الاقتصادية في البلاد
يزداد عدد "نبّاشي القمامة" أو "البرباشة" باللهجة العامية في تونس، والذين يجوبون الشوارع بلا كلل في القيض والبرد بحثا عن أي قارورة بلاستيكية، مما يشكل انعكاسا للأزمة الاقتصادية وأزمة الهجرة.
يضع حمزة الجباري منشفة على رأسه تقيه أشعة الشمس الحارقة، ويثبت كيسين مليئين بالقوارير البلاستيكية على ميزان في نقطة تجميع في حي البحر الأزرق الشعبي في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس.
كان قد جاب منذ الرابعة صباحا، شوارع عدة قبل أن يقوم عمّال النظافة بتفريغ حاويات القمامة.ويقول الرجل الأربعيني الذي يعيش من جمع البلاستيك منذ خمس سنوات "هذا هو العمل الأكثر توفرا في تونس في غياب فرص العمل".
لكن هذا العمل مرهق جدّا فيما يُباع الكيلوغرام الواحد من القوارير البلاستيكية الموجهة لإعادة التدوير ما بين 500 و700 مليم (16 إلى 23 سنتا).
ولذلك فهو في سباق لا ينتهي مع الزمن والمكان لملء أكبر عدد ممكن من الأكياس للحصول على بضعة دنانير لتوفير قوته اليومي.
انتشرت في تونس خلال السنوات الأخيرة مهنة جمع المواد البلاستيكية وبيعها للتدوير. فبات من المألوف رؤية نساء يبحثن عن القوارير المستعملة على جوانب الطرق، أو رجال يحمّلون أكواما من الأكياس على دراجاتهم النارية يجوبون الشوارع ويقفون عند كل ركن تلقى فيه القمامة للبحث فيها.
"عمل إضافي"
تؤكد منظمات غير حكومية محلية أنه من الصعب تحديد عدد "البرباشة"، إذ إن نشاطهم غير منظم قانونا.
لكن وفق حمزة الشاووش، رئيس الغرفة الوطنية لمجمعي النفايات البلاستيكية، التابعة لمنظمة التجارة والصناعة، فإن هناك 25 ألف "برباش" في تونس ينشط 40% منهم في العاصمة.يقول الجباري إن "الجميع أصبحوا برباشة!".
ويوضح الشاوش الذي يدير أيضا مركز تجميع للمواد البلاستيكية في ضاحية تونس الجنوبية، أن "عددهم ازداد في السنوات الأخيرة بسبب غلاء المعيشة".
ويلفت إلى تحول في القطاع الذي كان "من ينشطون فيه بالأساس أشخاصا بلا دخل" لكن "منذ نحو سنتين، بدأ عمال ومتقاعدون وخادمات في المنازل في ممارسة هذا النشاط كعمل إضافي".
في العام 2024، تجاوزت نسبة الفقر في تونس 16%، بحسب الأرقام الرسمية.وما تزال الأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها في تونس مع نسبة بطالة تناهز 16% ونسبة تضخم تقارب 5,4% في العام 2025.
ومنذ العام الفائت، بدأ عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء أيضا بجمع القوارير البلاستيكية وبيعها لتحصيل رزقهم.يعيش معظم هؤلاء المهاجرين في فقر مدقع.
وقد عبروا دولا كثيرة بهدف واحد هو الوصول إلى أوروبا عبر البحر، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين في تونس التي شدّدت الرقابة على السواحل بعد إبرامها اتفاقا بهذا الخصوص مع الاتحاد الأوروبي.
"منافسة"
يقول المهاجر الغيني عبد القدوس إنه صار "برباشا" لكي يتمكن من العودة إلى بلده.ويعمل الشاب البالغ 24 عاما منذ شهرين في محطة لتنظيف السيارات ولكنه يحتاج إلى تكملة لراتبه المتدني.
يساعد جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير الشاب الذي حاول مرتين عبور البحر إلى أوروبا بشكل كبير في حياته ويمكنه من دفع الإيجار وشراء أغراض مثل الأدوية.يقول عبد القدوس لفرانس برس متنهدا بعمق "الحياة هنا ليست سهلة".
اضطر الشاب إلى مغادرة مدينة صفاقس الساحلية الكبيرة في الوسط الشرقي إلى العاصمة تونس بعد أن تلقى "الكثير من التهديدات".
وقد شهدت بلدات قريبة من صفاقس تفكيك عدة مخيمات غير منظمة للمهاجرين هذا العام.في العام 2023، تفاقمت أزمة المهاجرين بعدما اعتبر الرئيس قيس سعيّد أن "جحافل المهاجرين من جنوب الصحراء" تهدد "التركيبة الديموغرافية" لتونس.
وانتشرت بعد ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي خطابات حادة وعدائية ضد المهاجرين.ألقت هذه التوترات بظلالها على قطاع جمع القوارير البلاستيكية.
ويقول حمزة الجباري "هناك منافسة قويّة في هذا العمل"، في إشارة إلى المهاجرين.
ويضيف "هؤلاء الناس جعلوا حياتنا أكثر صعوبة... لم أعد أستطيع جمع ما يكفي من البلاستيك بسببهم".
ويذهب الشاوش أبعد من ذلك، فمركز التجميع الذي يشرف عليه "لا يقبل الأفارقة من جنوب الصحراء" ويمنح "الأولوية للتونسيين".
في المقابل، يؤكد عبد الله عمري وهو صاحب مركز تجميع في البحر الأزرق على أنه "يقبل الجميع".ويضيف الرجل البالغ 79 عاما "من يقوم بهذا العمل هم بحاجة" سواء "كانوا تونسيين أو من جنوب الصحراء أو غيرهم".
ويختم بفخر "نحن ننظّف البلاد ونوفر لقمة العيش للعائلات".