"الحرب على غزة: أن تكون فلسطينيا نقمة وليست نعمة"، بهذا العنوان استهل بهزاد الأخرس -طبيب فلسطيني وباحث في السياسة الصحية- مقالا نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، علق فيه على 3 قصص عن صدمة الأطفال في غزة التي تتجاوز أسوأ كوابيس أي شخص.

بالنسبة للكثيرين منا، فإن الرغبة في تجربة العالم مرة أخرى كطفل بكل البراءة التي تجلبها، أمر شائع.

وكونك طفلا هو أحد أعظم النعم في الحياة، والطفولة هي المكان الذي نبدأ فيه الوقوع في حب هذا العالم. ومع ذلك، ليس هذا هو حال الجميع، وخاصة أطفال غزة الذين يرزحون تحت القصف الإسرائيلي المجرم.

الطفلة فاطمة

ويرسم الأخرس صورة لإحساس الطفل في غزة اليوم تحت القصف الإسرائيلي في قصة الطفلة فاطمة عندما لا تستيقظ على الابتسامات المألوفة واحتضان أمها وأبيها في المنزل، بل تستيقظ وحدها في ممر إحدى المستشفيات مرتبكة وخائفة ومصدومة، والغبار يغطي عينيها الصغيرتين والدم على خديها، والألم الشديد في ساقها المكسورة.

وتتساءل فاطمة عن الخطأ الذي ارتكبته حتى تعيش هذا الكابوس، ولماذا لم توقظها أمها؟ ولماذا والدها ليس موجودا ليواسيها ويعانقها ويطمئنها كما يفعل دائما عندما تكون خائفة؟

وتقول فاطمة في نفسها "أعلم أني شقية أحيانا، لكن هذا ليس عذرا لمعاقبتي بهذه الطريقة". وتنتظر الطفلة، ويمضي الوقت متثاقلا، وببطء تبدأ في التعرف على واقعها الجديد.

فوالدها مفقود تحت الأنقاض، ووالدتها راقدة في الممر باردة وبلا حياة، وإخوتها بين من هو في العناية المركزة أو في غرفة العمليات أو في ثلاجة المشرحة.

وتبدأ الصغيرة بملاحظة ملامح الوجوه من حولها. إنهم بشر، لكن ماذا حدث لهم ليبدوا هكذا كالأشباح؟ ولماذا وجوههم بلا دم ولا حياة؟

وفي تلك الأثناء تسمع صوتا يعلن وصول شقيقتها الكبرى بيسان، التي تتدرب لتكون طبيبة الأسرة. وأخيرا سترى فاطمة أختها الحبيبة لتمنحها حنينها وبعض المواساة. وتسمع شخصا يقول مرة أخرى "وصلت بيسان"، لكنها كانت جثة متفحمة.

أحمد ابن عم فاطمة

وتحدق فاطمة ذاهلة معتقدة أن بيسان وصلت لعلاج وتضميد جراح جسمها المكسور. لكنها تفيق من ذهولها وتبدأ في البكاء والصراخ لتملأ هذا العالم بالضجيج، في محاولة أخيرة للاستيقاظ من هذا الكابوس بطريقة تتجاوز أسوأ خيالاتها.

ويبدأ أحد المسعفين تنظيف وجه فاطمة ويمسح الغبار والدم عن وجهها، بينما يقوم طبيب آخر بفحص كسورها وممرضة تهدئها خلال هذا الجنون المستمر.

يرتسم الذهول والصدمة على وجوه أطفال غزة من هول القصف الإسرائيلي (مواقع التواصل الاجتماعي)

وينتقل الكاتب إلى مشهد آخر على بعد مئات الأمتار فقط حيث يرقد ابن عم فاطمة، أحمد، وهو في عمرها، في ظلام دامس، يصرخ طلبا للمساعدة، ولكن لا مجيب. وبينما هو عالق ومضطرب ومذعور، لا يدرك بعد أنه مدفون تحت أنقاض المبنى المكون من 6 طوابق.

ويحاول تهدئة نفسه ويواسيها ظانا أن والده، بطله الخارق الحقيقي، الذي كان يحميه دائما ويؤمنه من الخوف سيجده في النهاية وينقذه. وبينما هو ينتظر بدأ يشعر بملامح جثة الشخص الذي تحته. وبدأ ببطء يتذكر ما حدث عندما وقع القصف. وتنبه أنها جثة والده الذي حماه بجسده من الانفجارات والانهيارات ومات في هذه الأثناء منقذا طفله.

حنان الرضيعة

وفي مكان قريب، ربما كانت حنان، ابنة الـ11 شهرا، أول رضيعة في العالم تختبر رحلة طيران مجانية من مبنى من 4 طوابق. فبعد أن كانت مع أمها على سطح المنزل الذي يفترض أنه كان آمنا، حملها صدى انفجارات القصف في الهواء، مثل طائرة ورقية، إلى مزرعة قريبة، حيث هبطت بسلام بين أغصان شجرة كانت بمثابة أمها.

وعلق الأخرس على المشهد بأنه كان معجزة حقيقية في زمن ولت فيه المعجزات، لكنها كانت المعجزة الوحيدة التي حلت بالعائلة.

أما الباقون فقد قضوا نحبهم جراء الغارة الجوية، وتحطمت أجسادهم ودُفنت تحت الأنقاض، تاركين ملاكهم الصغير الناجي الوحيد بمعجزة ومن مذبحة في الوقت نفسه.

وختم مقاله بأن هذه القصص ليست ملفقة أو كوابيس أو قصصا خيالية للأطفال، ولكنها أحداث حقيقية وفعلية من ليلة واحدة في حي واحد في غزة. وهذه هي الحقائق الحية لحياة الأطفال في القطاع. والقارئ لها لديه خيار قراءتها كقصص أو كوارث حقيقية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

قصر النظر.. مشكلة متنامية تستدعي تحركًا صحيًا ومجتمعيًا

تشير التقديرات العالمية إلى أن قصر النظر يمثل مشكلة بصرية متنامية الانتشار، حيث يُعتقد أن حوالي 30% من سكان العالم يعانون منه في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير ليصل إلى حوالي 50% بحلول عام 2050، مما يعني أن نصف سكان العالم قد يكونون مصابين بقصر النظر. وتُعتبر مناطق شرق آسيا الأعلى في معدلات الانتشار، حيث قد تصل النسبة بين الشباب إلى مستويات مقلقة تتراوح بين 80 و90% في بعض الدول. كما يزداد انتشار قصر النظر بشكل ملحوظ بين الأطفال في سن المدرسة في العديد من أنحاء العالم، وتشير الأبحاث إلى أن زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال في الأنشطة الداخلية واستخدام الأجهزة الإلكترونية قد يكون له دور في هذه الزيادة المقلقة في معدلات الإصابة بقصر النظر.

في الثالث والعشرين من مايو يطل علينا الأسبوع العالمي للتوعية بقصر النظر، وهي مبادرة عالمية بالغة الأهمية تهدف إلى تعزيز الوعي حول مشكلة قصر النظر، تلك الحالة البصرية الشائعة التي تؤثر على نطاق واسع من الأفراد حول العالم، وتحديداً الأطفال الذين يُعتبرون الأكثر عرضة لمضاعفاتها طويلة الأمد. فقصر النظر، أو ما يُعرف أيضاً بقصر الرؤية، يتجلى في عدم وضوح الرؤية للأشياء البعيدة، بينما تبقى الأجسام القريبة في نطاق رؤية واضحة.

غالباً ما يبدأ ظهور قصر النظر في المراحل المبكرة من الطفولة، وقد يستمر في التطور والزيادة تدريجياً حتى سن الثامنة عشرة، وتزداد أهمية التوعية بهذه الحالة نظراً لتأثيرها المحتمل على صحة عيون الأطفال على المدى البعيد، حيث إن عدم التدخل المبكر للسيطرة على قصر النظر يمكن أن يزيد من خطر تطور مشاكل بصرية أخرى أكثر تعقيداً.

وتهدف الحملة العالمية للتوعية بقصر النظر إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية تصب في مصلحة صحة المجتمع البصرية. في مقدمة هذه الأهداف، يأتي حث المجتمع بكل فئاته على إدراك الأهمية القصوى للفحص الدوري للعين والعلاج المناسب، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال وضرورة خضوعهم لفحوصات مبكرة للكشف عن أي علامات لقصر النظر. كما تسعى الحملة إلى تثقيف المجتمع بشكل شامل حول المضاعفات المحتملة لقصر النظر في حال إهماله وعدم علاجه، وتوعيتهم بالمشاكل الصحية الأخرى التي قد تنجم عنه، ولا تغفل الحملة أهمية نشر المعرفة حول الأسباب والعوامل المختلفة التي قد تساهم في ظهور قصر النظر وتطوره، سواء كانت عوامل وراثية أو بيئية أو مرتبطة بنمط الحياة اليومي.

جريدة الرياض

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شريف عامر: العالم يعيش صدمة بسبب التصعيد الإسرائيلي في القدس
  • محامي نوال الدجوي: إذا كانت الضغوط تولد الانتحار فإن موكلتي بطلة ضغوط العالم
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • هل على نتنياهو أن يخشى من جيل الأطفال الذي شهد الإبادة؟
  • ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟
  • اسكتلندا: معاناة غزة تفوق الوصف وعلى العالم الضغط لوقف الحرب
  • قصر النظر.. مشكلة متنامية تستدعي تحركًا صحيًا ومجتمعيًا
  • لماذا سكتت الأبواق، التي كانت تعارض المقاومة الشعبية فى نوفمبر 2023م
  • ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟
  • ليس الكباب ولا البقلاوة.. تعرف على الطبق التركي الذي نال إعجاب العالم!