اختتم في بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي أمس حفل افتتاح مجلس الأخوة الإنسانية..الذي جمع قيادات عالمية ومسؤولين دوليين سعياً إلى تعزيز الحوار وتبادل الأفكار بهدف توحيد الجهود المشتركة الرامية إلى تجسيد مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية بتنظيم من مجلس حكماء المسلمين ووزارة التسامح والتعايش واللجنة العليا للأخوة الإنسانية.

وقد احتفل هذا الحدث التاريخي بالذكرى الخامسة لإطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية من أبوظبي والتي وقّعها فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي عام 2019.

وانعقد المجلس، هذا العام، للمرة الأولى بمشاركة قيادات عالمية ومسؤولين دوليين، مؤكدا على أهمية التنمية المستدامة في بناء المجتمعات ودور الشباب والمرأة في تجسيد قيم وروح التضامن والأخوة.

وقال سعادة السفير الدكتور خالد الغيث، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية: “لا يمكن أن يكون هناك تجسيد أفضل لمعنى الأخوة الإنسانية من اجتماع هذه المجموعة المتنوعة من القادة في حوار متساوٍ، على أساس الإيمان المشترك بأهمية التعايش السلمي”، وتابع سعادته: “في عالمنا المترابط بشكل متزايد، لا يمكن التقليل من أهمية المشاركة في هذه الحوارات العميقة والهادفة حول بعض القضايا الأساسية التي تؤثر على مصير العالم ومسار الإنسانية اليوم، ومن خلال مجلس الأخوة الإنسانية، لدينا فرصة لتعزيز الحوار الحيوي بين كياناتنا ومكوّناتنا المختلفة، وبناء علاقات الصداقة والتفاهم المتبادل، حيث إننا لن نتمكن من شق الطريق نحو مستقبل سلمي ومترابط عالميًا إلا من خلال التعاون وتقاسم الجهود والعمل معًا”.

وتابع : “نحن ندرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تعزيز الأخوة الإنسانية يبرز كمسعى حاسم. ومن خلال عملي في اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، أتطلع إلى حث الأفراد والمجتمعات على تبني التنوع وتعزيز التفاهم وبناء الجسور عبر الانقسامات الثقافية والدينية والاجتماعية”.

وكان سعادة خالد الغيث الذي تم تعيينه مؤخراً أميناً عاماً للأخوة الإنسانية، قد شغل العديد من المناصب الدبلوماسية الحكومية، من سفير فوق العادة ومفوض لدى ماليزيا، وسفير غير مقيم لدى بروناي، ومساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية بدرجة وكيل وزارة.

وقد تضمنت فعاليات انعقاد الدورة الافتتاحية لمجلس الأخوة الإنسانية جلسات حول الاستدامة، أبرزها “التعاون والإشراف البيئي: تعزيز الأخوة من أجل مستقبل مستدام”، “المرأة في القيادة: تجاوز التحديات وبناء مجتمعات شاملة”، “القيادات الشابة كسفراء للوحدة والتنوع”. ولم تسلط هذه المناقشات الضوء على التحديات التي يواجهها مجتمعنا العالمي فحسب، بل سعت إلى استشراف مستقبل التعاون الإنساني المشترك واستعراض الحلول المبتكرة والتعهدات الواجب العمل بها في سبيل تنفيذ هذه الحلول على أرض الواقع.

و شارك في تنظيم مجلس الأخوة الإنسانية اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، مجلس حكماء المسلمين، ووزارة التسامح والتعايش، واستضافه بيت العائلة الإبراهيمية. وشدد هذا التعاون على أهمية العمل الجماعي وقوة الوحدة في معالجة القضايا الملحة في عصرنا.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ودول الخليج

 

 

 

تشو شيوان **

في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، برزت القمة الثلاثية بين رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" والصين ومجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في كوالالمبور يومي 27 و28 مايو 2025، كحدث استثنائي يعكس إدراكًا مشتركًا لأهمية التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات العالمية، ومن الواجب أن ننظر للقمة على أنها لم تكن مجرد اجتماع دبلوماسي روتيني، بل كانت خطوة استراتيجية نحو تشكيل شراكة اقتصادية قادرة على إعادة رسم خريطة القوى في نظام دولي يتجه نحو التعددية القُطبية.

جاءت القمة في وقت تواجه فيه العديد من دول آسيان تحديات اقتصادية جراء الرسوم الجمركية الأمريكية التي تراوحت بين 10% و49%؛ مما أثر على صادراتها، ومن هنا أكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم على أهمية هذه الشراكة الثلاثية لتعزيز المرونة الاقتصادية وبناء أسواق بديلة تقلل من الاعتماد على الاقتصادات الغربية، وهذه النقطة تحديدًا أجدها من أهم النقاط التي جاءت في القمة فكما يبدو أن هناك نهج عالمي يقول أنه من الواجب تقليل الاعتماد على الاقتصادات الغربية طالما لنا فرص وأهداف مشتركة بين دول الشرق والجنوب.

من حيث الأرقام، فإنَّ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وآسيان بلغ 137 مليار دولار في 2022، بينما تجاوزت التجارة بين الصين وآسيان 700 مليار دولار، مما يجعل هذه الكتلة الاقتصادية قوة لا يستهان بها في النظام التجاري العالمي، وقد لعبت الصين دورًا محوريًا في القمة، حيث سعت إلى تعزيز شراكتها مع كل من آسيان ومجلس التعاون الخليجي عبر مبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي دعمت مشاريع بنية تحتية كبرى في جنوب شرق آسيا، كما أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ عن استعداد الصين لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الأطراف الثلاثة، مما سيعزز التكامل الاقتصادي ويسهل تدفق السلع والاستثمارات، وأن توجد القمة مشاريع كبرى مثل المناطق الحرة المشتركة أجده أمرًا مهمًا سيدفع بالنمو الاقتصادي في كلٍ من دول الآسيان ودول مجلس التعاون الخليجي وأيضًا الصين.

إن المصالح والأهداف المشتركة هي الضامن الأكيد لنجاح مثل هذا التعاون؛ فالصين بوصفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تسعى لتوسيع شراكاتها التجارية والاستثمارية في كل من منطقة جنوب شرق آسيا والخليج، وهما منطقتان غنيتان بالموارد الطبيعية وتشهدان نموًا اقتصاديًا عاليًا، وفي المقابل تتطلع دول آسيان ومجلس التعاون الخليجي إلى الاستفادة من السوق الصيني الضخم والتكنولوجيا المتقدمة التي تمتلكها الصين، بالإضافة إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على القوى الغربية، ومع تحقق هذه المصالح المشتركة سنشهد علاقات أكثر ترابطًا في المستقبل.

وفضلًا عن الجانب الاقتصادي، تحمل هذه القمة دلالات سياسية مهمة؛ ففي عالم تسوده التوترات الجيوسياسية، يمثل تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل بين الحضارات المختلفة ضرورة مُلحَّة، وفي هذا الجانب قد أكد رئيس مجلس الدولة الصيني على أهمية "إدارة الخلافات بشكل فعّال من خلال التفاهم المتبادل، واستكشاف مسار جديد للتقدم الشامل لمختلف الحضارات"، وهذه التصريحات تشير إلى رغبة مشتركة في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وتعددية، بعيدًا عن الهيمنة القطبية الواحدة التي باتت عبئًا سياسيًا واقتصاديًا على العديد من دول العالم.

في الختام.. يمكن القول إن القمة الثلاثية في ماليزيا تمثل خطوة مُهمة نحو بناء شراكة استراتيجية متينة بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي، وإن نجاح هذه القمة يعتمد على قدرة الأطراف الثلاثة على تحويل الخطط إلى واقع ملموس، والمؤشرات إيجابية خاصة مع توقعات بأن يتجاوز حجم التجارة بين مجلس التعاون وآسيان والصين 500 مليار دولار بحلول 2030، وهذه الشراكة ليست فقط خطوة نحو تعافي اقتصادات المنطقة؛ بل أيضًا رسالة واضحة بأن العالم لم يعد أحادي القطبية، وأن الشراكة قادرة على صياغة مستقبل أكثر توازنًا، وأجد أن القمة الثلاثية نموذجًا للتعاون في عالم متعدد الأقطاب؛ حيث تبرز قوى جديدة تقودها مصالح مشتركة ورؤى استراتيجية بعيدة المدى، والدرس الأهم هنا هو أن التعاون الإقليمي لم يعد خيارًا؛ بل ضرورة في عالم مليء بالتحديات.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مجلس التعاون .. نظرة على فكرة التأسيس
  • «زايد العليا» تُمكّن أصحاب الهمم بمشاريع تدعم الصناعات الغذائية
  • الشناوي: لاعبو بيراميدز دوليين ويمتلكون الخبرات.. والإعلام يتحدث عنا على استحياء
  • الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ودول الخليج
  • الرهوي يُكرّم عددًا من أعضاء اللجنة العليا للمؤتمر الثالث “فلسطين قضية الأمة المركزية”
  • الرهوي يُكرّم عددًا من أعضاء اللجنة العليا للمؤتمر الـ3 فلسطين قضية الأمة المركزية
  • المرعاش: الأزمة الليبية أمنية بالدرجة الأولى.. والحلول السياسية لن تنجح وحدها
  • دبرز: المحكمة العليا لم تحكم لتكالة أو المشري برئاسة مجلس الدولة
  • شرطة أبوظبي تبحث التعاون في التدريب التقني
  • همومة: المحكمة العليا رمت الملف للائحة الداخلية.. والصراع بين المشري وتكالة لا يزال مفتوحًا