شبكة اخبار العراق:
2025-05-16@06:31:56 GMT

خيانة الحقيقة وكرم الثقافة

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

خيانة الحقيقة وكرم الثقافة

آخر تحديث: 20 فبراير 2024 - 9:35 صبقلم: فاروق يوسف يذهب عراقيو الخارج مدعوين إلى بلادهم ليساهموا في حفلة تزييف الواقع. فهم يلتقطون الصور في المطاعم والقاعات ومقاه بعينها ومجمعات التسوق كما يفعل الأجانب من غير أن ينشروا صورة واحدة عن الحياة اليومية كما هي من غير تزويق، فهم يحرصون على أن توجه إليهم مرة أخرى.

حين يتحدثون عما رأوه وعما عاشوه يظن المرء أنهم كانوا في واحدة من مدن الخليج وليس في بغداد. كل شيء طبيعي وكل شيء جيد. يقول لك أحدهم “ما تسمعه من أخبار لا يعبر عن الواقع”. ولسوء الحظ أن تلك الجملة ترددها أجهزة الإعلام في مختلف البقاع المنكوبة في محاولة لتكذيب الصورة التي يتداولها المراسلون المحايدون. تلك جملة مكررة وزائفة ولا تنقل الحقيقة يصر البعض على تحمل تبنيها طلبا لنفاق صار عادة مزمنة لم تنفع الكوارث في علاجها. ومما يجدر قوله هنا إن العراقيين لم يكونوا يوما مرضى بحب الوطن ولم تصل وطنيتهم إلى درجة الهوس كما هي الحال لدى شعوب عربية أخرى. غالبا ما كان العراقي يلجأ إلى التذمر والسخط والغضب في مواجهة أصغر مشكلة يواجهها ويكون النقد المتطرف سلاحه في الدفاع عن حقه المفترض. غير أن الشعوب بتراكم الأزمات تتغير. وهو ما يبدو على العراقيين وهم ينكرون ما وصل إليه وطنهم من رثاثة في ظل هيمنة الميليشيات على مؤسسات الدولة ومنها المؤسسات الثقافية التي صارت تُقاد من قبل أفراد ترشحهم تلك الميليشيات لتمثيلها في السلطة. أتذكر أن وفدا من اتحاد الأدباء زار ذات يوم زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي للسلام عليه والاهتداء بتوجيهاته. أيمكن بعد تلك الزيارة الحديث عن مؤسسات ثقافية وطنية مستقلة؟ لا أحد من أولئك المثقفين العراقيين الذين يذهبون باستمرار إلى العراق بدعوات رسمية كتب يوما ما عن الفقر هناك وهو ظاهرة صارت مرئية بسبب وقوع ملايين البشر تحت خط الفقر. لا أحد كتب عن خريجي الجامعات العاطلين عن العمل وتقارير الحكومة تفيد بأن نسبة البطالة تصل أحيانا إلى “40 في المئة” من بين القوى القادرة على العمل. لا أحد كتب عن انهيار قطاعي التعليم والصحة وانتشار الأدوية الزائفة. لا أحد كتب عن المخدرات التي صارت تفتك بشريحة الشباب حيث دخل مصطلح الكبسلة مفردة في معجم الحياة اليومية. يذهب أحدهم يوم الجمعة ليلتقط صورا في شارع المتنبي وهو أحد أزقة شارع الرشيد من غير أن يجرؤ على التقاط صورة واحدة في شارع الرشيد الذي صار ممرا تخترقه العربات التي تجرها الحمير في حين كان قبل عقود لا تسير فيه سوى السيارات الفاخرة. في كل الصور التي يلتقطها عراقيو الداخل يظهر ذلك الشارع الذي هو رئة بغداد كما لو أنه زريبة. لا أعتقد أن أحدا في النظام الطائفي كان قد وضع خيانة الواقع شرطا لتلبية دعواته التي توجه لمثقفين تختارهم مؤسساته بعناية لحضور مهرجاناته الثقافية المتلاحقة. ولكن العيب في المثقف نفسه. المثقف الذي قرر أن يخون مهمته في قول الحقيقة والاصطفاف وراءها ليلتحق بأعدائها الذين يصنعون واقعا قائما على الاحتيال والكذب والخديعة. وليس الصمت سوى واحد من وجوه ذلك النفاق. أن لا يقول المثقف شيئا في الأزمنة العصيبة التي يعيشها شعبه ووطنه فذلك نوع من الخيانة. ما من أحد من الذين ذهبوا إلى العراق للمساهمة في المهرجات الثقافية التي تُقام هناك لتلميع صورة النظام الطائفي اخترق جدار ذلك الصمت. الصور التي ينشرونها في مواقع التواصل الاجتماعي كانت كافية لفضح موقفهم المنسجم مع أهداف النظام الذي يعرفون جيدا أنه لا يتعامل معهم إلا باعتبارهم أدوات رخيصة قادرة على إشاعة النفاق وتطبيعه. ولكن قوائم المدعوين تخلو دائما من أسماء مبدعين عراقيين يقيمون في الشتات. وفي ذلك معان كثيرة. كثرة المنافقين وأعداء الحقيقة -ولا أقول الخونة- أمر طبيعي في كل المراحل التي مرت فيها الشعوب بأزمنة عصيبة. ما يهم أن هناك مثقفين عراقيين يقيمون خارج العراق رفضوا أن يكونوا شهود زور ولم يشاركوا في حفلات تلميع نظام طائفي معاد لأدنى شروط الإنسانية. مهما فعل أشباه المثقفين من أجل تزوير الواقع فإن في إمكان كلمة واحدة من مثقف حقيقي أن تُخرسهم. وليست مسألة حظ أن يمتلك العراق عددا من المثقفين الأوفياء له. فهو بلد كريم ومعطاء ولا يمكن سوى أن ينتج بناة لثقافة حية لا عمل لهم سوى الدفاع عن الحقيقة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: لا أحد

إقرأ أيضاً:

80 عامًا من تاريخ هزائم الجيوش العربية أمام كيان العدوّ.. اليمن يصنعُ تاريخًا جديدًا [الحقيقة لا غير]

يمانيون../
يستعرضُ هذا التقريرُ جانبًا مختصَرًا من أرشيف الحروب التي شنها العدوُّ الإسرائيلي على الدول العربية خلال العقود الماضية، والتي تعودُ إلى تاريخ قريب، وليس بعيدًا أَو مضى عليها زمن طويل، حَيثُ لا يزال في الدول العربية أفرادٌ على قيد الحياة كانوا شهودًا وجُزءًا من تلك الحروب والهزائم التي تجرّعها العرب على أيدي اليهود الصهاينة، ودفعت الشعوبُ العربية ضريبةَ هزائم الجيوش والأنظمة العربية أثمانًا باهظة جِـدًّا.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8%20%D9%85%D9%86%20%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A.mp4
لكي ندركَ اليومَ مدى قيمة وأهميّة وحجم التحول التاريخي الذي يحقّقه اليمن في مواجهة مشروع العدوّ الإسرائيلي، من الضروري العودة قليلًا إلى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حَيثُ نعود إلى ماضٍ حافل بالقهر والظلم والقتل والتهجير والأَسْر وغيرها من أشكال التنكيل والإبادة التي مارسها العدوّ الإسرائيلي بحق الشعوب العربية، وبالأخص أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك بحق البلدان العربية المجاورة لفلسطين المحتلّة.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89%20%D8%B9%D8%A7%D9%85%201948.mp4
تاريخ العرب -للأسف الشديد- مليءٌ بالهزائم والنكبات أمام اليهود الصهاينة الذين قَدِموا من شتى أنحاء العالم لاحتلال الأراضي الفلسطينية العربية وتهجير سكانها، وإقامة كَيانٍ لهم تحت اسم “إسرائيل”.

ومن يتأمل في مجريات الحروب السابقة ويراجع تفاصيل ما قام به اليهود الصهاينة في معاركهم التي حقّقوا خلالها انتصارات على الجيوش العربية وأنظمتها، لا بد أن يشعر بالحزن الشديد والأسى أمام حجم الجرائم والاستباحة التي مارسها الأعداء اليهود عند أَسْرِهم للجنود العرب أَو احتلالهم للأراضي العربية، حَيثُ استباحوا سكان تلك المناطق وتعاملوا مع المدنيين والأسرى بأساليبَ إجرامية لا توصف، من إبادة وتعذيب وقهر، وهذه الأساليب التي يمارسُها الأعداء وَفْقَ ما تَنُصُّ عليه كتبُهم المحرَّفة “عبادة”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%201948.mp4
هذا جانبٌ من المجازر والإبادة التي ارتكبها اليهود بحق عدة مجتمعات عربية في عام 1956م، وفي الواقع عندما نرجع قليلًا إلى الخلف، نجد سلسلة طويلة من الهزائم والنكبات التي مُنيت بها الجيوش العربية أمام العدوّ الإسرائيلي، وهناك تاريخ يُظهِرُ جزءًا من الكراهية والجرائم الصهيونية اليهودية ضد العرب، وهذا يجعل فكرة السلام والتعايش بين العرب والصهاينة مُجَـرَّدَ وَهْمٍ وخدعة كبيرة جِـدًّا؛ فمن يرغب في فهم اليهود وطبيعتهم وأهدافهم وتاريخهم ونظرتهم تجاه العرب والمسلمين، عليه أن يعود 50 إلى 60 عامًا فقط ليشاهد ما فعلوه بحق الشعوب العربية في فلسطين، ولبنان، ومصر، والأردن، وسوريا؛ هذه الدول المجاورة لفلسطين والتي شاركت جيوشُها في الحروب، لكنها خسرت أمامَ كيان العدوّ الصهيوني المجرم.

هذه هي أهمُّ نتائج الهزيمة العربية أمام اليهود الصهاينة عام 1948، والتي تُعرَفُ بـ “النكسة الكبرى” أَو “النكبة”، وهي حقًا كارثةٌ عظيمة لا تزال آثارها المدمّـرة مُستمرّة حتى يومنا هذا، ولولا التخاذُلُ والضعف والخيانة التي تميزت بها بعضُ الأنظمة العربية في تلك المرحلة، لما استطاع العدوّ الإسرائيلي أن يتحولَ إلى غدة سرطانية إجرامية مدمّـرة، يواصل إجرامَه منذ العام 48 وحتى اليوم.

ما نشهده هذه الأيّام من عمليّات عسكرية يمنية ضد العدوّ الإسرائيلي، سواءٌ من خلال الحصار البحري أَو الضربات الصاروخية والمسيَّرات الجوية، وما أسفرت عنه هذه العمليّات من تأثير متصاعِدٍ على الجبهة الداخلية للعدو، كلها مؤشراتٌ على تغيُّرٍ جذري في مسار الصراع العربي الإسرائيلي؛ فقد كان العرب طوال هذه السنوات دائمًا في موقع المهزومين والمستهدَفين من قبَلِ اليهود منذ 48م، ليس في فلسطين فقط بل في الدول العربية المجاورة لها أَيْـضًا، ولا يكاد يوجدُ استثناءٌ في التاريخ العربي إلا ما حقّقه حزبُ الله منذ عام 2000م وحتى معركة “طوفان الأقصى”.

وبالعودة إلى انضمام اليمن إلى خَطِّ الإسناد لغزة ومواجهة العدوّ الإسرائيلي، لم يكن أحد قادرًا على استيعاب أن التطورات ستأخذ هذا المنحى التصاعدي، وبثبات وقوة تأثير، مع قرار حازم بالاستمرار في هذا الموقف، أما خلال الأيّام الماضية، وبعد دخول الولايات المتحدة على خط الدعم والإسناد للعدو الإسرائيلي، وعلى الرغم من فشلها وإخفاقاتها المتكرّرة خلال إدارة بايدن السابقة، وكذلك إدارة المجرم ترامب التي تميّزت بسلوك عدائي، وفي ظل ثبات واستمرارِ العمليّات اليمنية التي تضرب العُمق الإسرائيلي بأسلحة حديثة ومتقدمة قادرة على اختراق دفاعات العدوّ الإسرائيلي والأمريكي؛ فَــإنَّنا نشهد تحوُّلًا كَبيرًا وجديدًا في مسيرة الأُمَّــة، وفي تاريخ العرب والمسلمين، وفي مسار الصراع ضد المعتدين الصهاينة القَتَلَة والمحتلّين.

بدأ الخبراءُ والمتخصصون يتابعون بعنايةٍ آفاقَ نتائج وتأثيرات الموقف اليمني في المواجهة ضد العدوّ الإسرائيلي، الذي يشهدُ نجاحًا كَبيرًا وتصاعُدًا نحو إحقاق الحق وإبطال الباطل، بإذن الله تعالى.

لقد بدأ الجميع يعترف بأن اليمن -بفضل الله تعالى- نجح حتى الآن في تضييق الخناق على العدوّ الإسرائيلي وإدخَاله في موقف حرج للغاية، وحشره في زاوية ضيقة، لا سِـيَّـما بعد استهداف مطار اللُّــد الذي يطلق عليه العدوّ تسميةَ مطار [بن غوريون]، وأصبح الموقفُ اليمني يشكِّلُ حصارًا محكمًا على هذا الكيان العدواني، سواءٌ في البحر أَو في الجو.

وبعيدًا عن تأثيرِ الحصار البحري اليمني على العدوّ الإسرائيلي، والذي تتضح نتائجه للجميع من خلال تصريحات الصهاينة أنفسهم، هناك نتائجُ جوهرية أُخرى لا تقلُّ أهميّةً، تكمُنُ في أن الشعب اليمني اليوم يمثل نموذجًا يُحتذَى به للأُمَّـة العربية الحرة، وليس لأُولئك العرب الجبناء والخونة، بل نموذجُ العربي القوي ذِي الإرادَة الراسِخة والعزيمة والثبات والتصميم؛ إذ لا مكانَ للارتداد أَو التراجع في قاموس اليمنيين.

هذا العزمُ اليمني والثباتُ في الموقف لم يؤثر على العدوّ الإسرائيلي فقط في البُعد الاقتصادي، بل أسقط هيبةَ ورمزية هذا الكيان المجرم، فأضحى كَيانًا ذليلًا يستعطف أمريكا وأُورُوبا لرفع الحصار اليمني عنه، ولكن الجميع غير قادر، كما لا يستطيعُ الكيان نفسُه لا بالتهديد ولا بالتحَرّك، أن يعمل شيئًا أمام موقف اليمن، وأصبح العدوّ واقعًا في قبضة مصيره المحتوم، وعاجزًا عن فعل أي شيء يؤثِّر على ثبات اليمن.

يتضح للمراقبين والاستراتيجيين جليًّا أن العدوَّ الإسرائيلي، في ظل معادلة الصراع الراهنة التي يفرضها اليمن مع المقاومة في غزة، يتجه نحو زاوية ضيِّقة تقودُه إلى حالة من الحصار الشديد، لا تقتصرُ تبعاتُها على المجرم نتنياهو وحكومتِه فحسب، بل تشملُ الكَيانَ بأكمله.

ولهذا تسعى الولايات المتحدة في الوقت الحالي للحفاظِ على بقايا ما تُسمى “إسرائيل”، من خلال مقترحات ترامب التي يبدو أنه سيفرضُها على المجرم نتنياهو، وذلك ليس من منطلق الرحمةِ أَو الحب للفلسطينيين، وإنما نتيجة الإنجازات الكبيرة والاستراتيجية التي حقّقتها المقاومة في غزة ومواقف الشعب اليمني وجبهات الدعم المختلفة، والتي ستؤدي إلى إضعاف هذا الكيان المجرم وتمهيد الطريق لانهياره وسقوطِه مستقبلًا، بإذن الله.

وهنا تتجلى المقارنةُ بين نحو ثمانين عامًا من الهزائم العربية المُستمرّة، والاستباحة المتكرّرة للأراضي والشعوب العربية من قِبَلِ العدوّ الصهيوني، وبين ما حقّقه اليمنُ مع جبهات الدعم في معادلة الردع والرد والمواجهة ضد هذا العدوّ الخبيث، الذي اعتاد على اقتلاع أبناء الأُمَّــة، وإبادة جيوشها، وقهر شعوبها، واحتلال أراضيها بدون أي رادع أَو موقف يصدر من قبل الأُمَّــة أَو حكامها أَو قادتها أَو جيوشها.

وبذلك ترسَّخت المعادلةُ القائلة بأن “إسرائيل” تتمتعُ بـ (جيش لا يُغلب ولا يُقهر)، وأنه على الدول العربية وحكوماتها الرضوخ للهيمنة الإسرائيلية والارتباط بالمشروع الصهيوني، وإلا فَــإنَّ النتيجة ستكون هزيمةً قاسيةً ومدمّـرة على يد قادة بني صهيون.

تأْريخُ الجرائم الصهيونية التي ارتُكبت بحق الشعوب العربية، للأسف، يُسعَى إلى طمسه وحذفه من كتب التاريخ وأَرشِيف الدول العربية والإسلامية؛ بهَدفِ أن تنشأ أجيالٌ لا تعرف ما قام به الكيانُ الصهيوني في حروبه ضد الدول العربية منذ عام 1948 وحتى 1967، بالإضافة إلى جولات التوسُّع الصهيوني واحتلال الأراضي العربية الفلسطينية.

لمن يرغب في فَهم مدى وحجم الهزيمة التاريخية التي عاشها ويعيشها العرب أمام اليهود، يجب عليه الاطلاع على كيفية تعامل اليهود الصهاينة مع أسرى الجيوش العربية في مختلف جولات الحروب، لا سِـيَّـما حرب 67م، حَيثُ قام الصهاينةُ بقتل مئات الآلاف من أسرى الجيوش العربية؛ نتيجةَ تخلِّي حكوماتهم عنهم، ولم يقتصر الإجرام الصهيوني بحق الأسرى العسكريين فقط، بل كانوا، في أية بلدة يحتلونها، يقومون بجمعِ الرجال وقتلِهم بشكل جماعي.

مَرَّ تاريخٌ طويل مملوء بالقهر والظلم، تاريخ مظلم وكئيب ومروِّع، وما كانت المكافأةُ على فظائعِ هذا العدوّ سوى التطبيع معه في النهاية، وبالرغم من جرائمه، تتم مكافأتُه بأن يفتحَ له حكامُ العرب الخونة أبوابَ البلدان العربية، ليواصل مهمتَه في الالتفاف عليها بذرائعِ السلام والتعايش وغيرها من الشعارات الزائفة والمضلِّلة التي تُقدَّمُ للشعوب والأجيال العربية والإسلامية؛ إذ يتم إغفالُ وتغييبُ التاريخ الحقيقي لليهود، واستبدالُه بتأريخٍ آخرَ مزوَّرٍ يتقمَّصُ فيه اليهودُ دورَ الضحايا المساكين الذين يهدّدهم ما يُسَمَّى (الإرهابَ العربي) و(الإرهابيين الإسلاميين)، وهم بالأَسَاس المقاومون المظلومون أصحابُ الأرض والحق وأبناء وأحفاد الشعوب التي تعرَّضت للإبادة والقتل على يد العدوّ الإسرائيلي على مدى العقود الماضية.

هذا جزء من التاريخ؛ فالعدوّ الإسرائيلي واليهود -في تعاملهم مع الشعوب العربية، وهؤلاء كلهم ممن قتلهم اليهود بشكل وحشي وضمن مجازرَ جماعية على مر العقود الماضية- لم يكن لديهم أي تمييز بين الضحايا، سواءٌ أكانوا مصريين أَو أردنيين أَو سوريين أَو فلسطينيين، ولم يكن يهمهم أن يكونوا سُنَّةً أَو شيعةً عندما كانوا يستهدفونهم بدباباتهم.

باعتبارك عربيًّا ومسلمًا، تُعتبَرُ عدوًّا مصنَّفًا يستوجِبُ القتلَ والإبادة، كما عبّروا سابقًا بأنهم لا يعترفون بوجودٍ عربي جيِّد؛ فـ العربيُّ الجَيِّدُ هو العربي الميت فقط، فمتى ستصحو الشعوب العربية من غفلتها؟ ولماذا تسعى الأنظمة إلى طمس هذا التاريخ القريب من الصراع العربي الصهيوني؟.

وفي النهاية، وعند النظر إلى التاريخ العربي الحديث، ندرك أكثر قيمة وأهميّة المواقف التي يحقّقها الشعب اليمني، من ضربات مؤلمة لهذا الكيان الغاصب.

ما يحدث في اليمن، من مواقفَ متكاملةٍ يمثِّلُ بدايةً جديدةً لأمتنا، وحقبة نطهِّرُ فيها عار الهزائم أمام اليهود المحتلّين، الذين ضرب الله عليهم الذل والهوان، ونعمل على استعادة هُويتنا كأمة إسلامية، بما يعنيه انتماؤنا للإسلام من كرامة وعزّة واستقلال، وقوة في مواجهة الأعداء، والسعي لتحرير الأرض والإنسان والمقدَّسات.

تلخِّصُ مواقفُ السيد القائد -يحفظه الله- ونبرته الحماسية العديدَ من الدلالات المهمة، أبرزُها الثباتُ والإصرار على موقف الشعب اليمني، حتى وقفِ العدوان ورفعِ الحصار المفروضِ على غزة، وتتوقّف الحملات الصهيونية الظالمة ضد إخواننا في فلسطين وأية دولة عربية أُخرى.

لقد أصبح موقف اليمن حديثَ العالم بأسره، وفي الوقت الذي يعترف فيه الصهاينة والكيان المحتلّ بالعجز ويعبِّرون عن استيائهم وغضبهم من الفشل الأمريكي والأُورُوبي، لا تصدر عن اليمنِ سوى مواقفَ قوية وموجعة للعدو. وقد استطاع اليمن -بفضل الله تعالى، وبإرادَة شعبه المخلص وجنوده الأبطال وقائده الرباني الاستثنائي الذي يخط تاريخًا جديدًا لهذه الأُمَّــة- أن يتخطَّى حاجزَ الجغرافيا ويصبح له تأثيرٌ مباشرٌ على الداخل الصهيوني، وهو إنجازٌ عظيمٌ يُكتَبُ بتاريخ هذه الأُمَّــة العريقة.

الموقفُ كبيرٌ جِـدًّا وهو ثمر من ثمار الجهود المبكِّرة التي بذلها الشهيدُ القائد -رضوان الله عليه- منذ انطلاقة هذا المشروع القرآني، مشروعٌ تحمَّلَ المسؤوليةَ واتخَذَ موقفًا حازِمًا أمام أعداء الله، وها هي الثمرة والنتيجةُ التي باركها الله، ترتقي باليمن وشعبه ليكونَ على يدي أبنائه خَلاصُ المستضعَفين والأُمِّةِ بإذن الله سُبحانَه وتعالى.

عباس القاعدي| المسيرة

مقالات مشابهة

  • محافظ الدقهلية لـ الصحفيين أنتم مرآة ولسان حال المواطنين تنقلون الحقيقة المجردة التي تشكل وجدان الرأي العام
  • المعلومات المتداولة حول اغتصاب 40 طفلا بوهران.. وزير العدل يكشف الحقيقة
  • المعلومات المتداولة حول اغتصاب 40 طفلا بوهران ..وزير العدل يكشف الحقيقة
  • كاتبة هندية: الحقيقة هي إحدى ضحايا حرب الهند وباكستان
  • هل يُشكّل زلزال اليونان خطراً على لبنان؟.. خبير يكشف الحقيقة
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • العاصفة شيماء تضرب البلاد .. الأرصاد الجوية تكشف الحقيقة الكاملة
  • هل انتهى الخطر.. زلزال المتوسط وتوابعه| خبير يوضح الحقيقة
  • سينر ينجح في «اختبار الحقيقة»!
  • 80 عامًا من تاريخ هزائم الجيوش العربية أمام كيان العدوّ.. اليمن يصنعُ تاريخًا جديدًا [الحقيقة لا غير]