أعلنت وزارة المالية أن مصر وفريق صندوق النقد الدولي، توصلا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية اللازمة للانتهاء بنجاح من إجراءات المراجعتين الأولى والثانية بشأن «التسهيل الائتماني الممدد» في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.

يأتي هذا الاتفاق في ظل ما يتعرض له الاقتصاد المصري من صدمات خارجية متتالية التى كان آخرها الحرب على قطاع غزة، التي أثرت على الموارد الأجنبية الواردة من حركة التجارة الخارجية، وعبور السفن عبر قناة السويس، وعلى قطاع السياحة بشكل سلبي.

. والتى تعد امتدادًا للعديد من الصدمات خلال الأربع سنوات الأخيرة عقب جائحة كورونا، وفي ظل ذلك سيكون هناك زيادة في التمويل المتاح من صندوق النقد الدولي للبرنامج المصرى ليصل إلى ٨ مليارات دولار بدلاً من ٣ مليارات دولار، خلال مدة البرنامج، ويجرى عرض هذا الاتفاق المعدل على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قبل نهاية الشهر الحالى. 

تستهدف حزمة الإجراءات والسياسات الاقتصادية المتسقة والمتكاملة التي سيتم تطبيقها في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، العمل على إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد الكلى لمصر، وخفض مستويات الدين الحكومى وصولاً إلى ضمان استدامته، واستعادة استقرار الأسعار فى الأسواق المحلية، وخفض معدلات التضخم، مع الاستمرار في الدفع بالإصلاحات الهيكلية العميقة لتعزيز النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص، بما يسهم فى زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى وخلق فرص العمل.

وستعمل، الإصلاحات المستهدفة فى المدى المتوسط، وكذلك السياسات النقدية والمالية بشكل متسق ومتكامل على إعادة التضخم إلى المستوى المستهدف والمساعدة في الحفاظ على القدرة على تحمل الديون من جانب الدولة المصرية، في حين أن التقدم المستمر في أجندة الإصلاح الهيكلي الواسعة سيساعدنا على تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً بقيادة القطاع الخاص.
ومن المتوقع أن يحظى برنامج الإصلاح الاقتصادي المصرى بمساندة ودعم وتمويل مالى موسع من كل شركاء التنمية الدوليين ومؤسسات التمويل الدولية، ومن أهم صور هذا الدعم مؤخرًا، الإعلان وبدء تنفيذ صفقة «رأس الحكمة» التي ستخفف من القيود التمويلية على المدى القصير والمتوسط. 

ومن المتوقع أيضًا أن الإصلاحات الشاملة التي يدعمها برنامج صندوق النقد الدولي ستجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزز إمكانات التصدير في مصر، من خلال زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، وتوفر فرصًا متقدمة للقوى العاملة الماهرة في مصر.

وفى هذا الإطار، أكدت الحكومة المصرية والبنك المركزي المصرى، على التزام الدولة المصرية بالتحرك الفوري على جميع الجوانب المهمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وعودة حركة ومعدلات النشاط الاقتصادي إلى طبيعتها، وفى هذا السياق، ستقوم وزارة المالية بتعزيز وتكثيف الجهود لخفض نسبة المديونية للناتج المحلى وضمان استدامة مستويات الدين العام واستمرار الحفاظ على الانضباط المالي وزيادة الإيرادات العامة التي تؤول إلى الخزانة العامة. 

أوضحت الحكومة المصرية، أنها تدرك الظروف الصعبة التي يواجهها المواطنون، وتؤكد التزامها بحماية الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتحرص على اتخاذ إجراءات اجتماعية، من شأنها التخفيف من تأثير السياسات الاقتصادية المتبعة على الأسر المصرية، وقد تم اتخاذ خطوات إضافية لحماية الفئات الأكثر ضعفًا، 
بتكلفة تصل إلى ١٨٠ مليار جنيه، وسيبدأ تفعيلها بشكل كامل بداية من الشهر الحالى، للتخفيف من  أثر ارتفاع معدلات التضخم، وستستمر الدولة والحكومة المصرية فى العمل على زيادة الإنفاق الاجتماعي، على نحو يضمن تقديم الحماية والمساندة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط طوال فترة البرنامج.

وتجدر الإشارة إلى من أهم تلك الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرًا من جانب الحكومة المصرية: العمل على توسيع نطاق تغطية برنامج «تكافل وكرامة» إلى أكثر من ٥ ملايين أسرة والإعلان عن حزمة إضافية من الإجراءات الاجتماعية بقيمة ١٨٠ مليار جنيه في فبراير ٢٠٢٤ للعام المالي ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، التي تتضمن إقرار زيادة تبلغ ٥٠٪؜ في الحد الأدنى للأجور للعاملين بالدولة وإقرار زيادة قدرها ١٥٪؜  في قيمة المعاشات، ورفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة تتجاوز ٣٠٪؜ إضافة إلى زيادة قيمة العلاوات المقدمة للمعلمين والأطباء.

أشارت الحكومة المصرية، إلى أنها سوف تتبني إطارًا  أقل وتيرة فى تنفيذ المشروعات الاستثمارية العامة بما فيها الاستثمارات غير الموازنية، وسيتم وضع سقف  لإجمالي الاستثمارات العامة، يشمل كل المشروعات الاستثمارية لأجهزة الموازنة العامة والشركات المملوكة للدولة والهيئات الاقتصادية والكيانات الأخرى المملوكة للدولة، وتتولى لجنة برئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات مراجعة تنفيذ ذلك. 
أكدت الحكومة المصرية، استمرار تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وتعزيز المنافسة بين القطاعين الخاص والعام وهو ما يعتبر ضمن أولويات الحكومة المصرية خلال المرحلة المقبلة، بما يسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي، ومن أهم الإصلاحات المتخذة في هذا الشأن هو الدفع بوتيرة برنامج التخارج وإتاحة مزيد من الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص وإلغاء أى معاملة ضريبية تفضيلية لكل الشركات المملوكة للدولة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: برنامج الإصلاح الاقتصادی صندوق النقد الدولی الحکومة المصریة

إقرأ أيضاً:

‏اقتصاد ليبيا بخير وفق مؤشرات صندوق النقد الدولي

‏على الرغم من البنية الهشة من حيث الأساس للاقتصاد الوطني الليبي نتيجة اعتماده على النفط مصدرا شبه وحيد للدخل، ونتيجة لطبيعته الريعية منذ عقودٍ اتسمت بانفراد الدولة بكل شيء على حساب تضاؤل دور القطاع الخاص، هذا عدا أنه اقتصاد منكشف على الخارج بشكل شبه كامل، ‏إلا أن مؤشرات تعافي اقتصادنا وفق توقعات صندوق النقد الدولي حقيقية؛ إذ توقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) لليبيا بنسبة 8 في المئة عام 2024، وهو بلا شك مؤشر ناطق على قدرة ليبيا على تحقيق انتعاش اقتصادي قوي ومستدام، وهو ذات التوجه الذي أيد فيه خبراء مجلس التطوير الاقتصادي رأي خبراء صندوق النقد الدولي.

‏ولم يكن التعافي المرصود مفاجئا لنا أو وليد الصدفة، بل هو ناتج عن عوامل لعل أهمها:

‏زيادة إنتاج النفط والغاز؛ إذ ساهمت الجهود الوطنية باستعادة القطاع عافيته، وتجاوز الإنتاج معدل مليون ومائتي ألف برميل يوميا، وجاري تنفيذ مشاريع استراتيجية تستهدف رفع معدلات الإنتاج والتصدير إلى مليون وأربعمائة ألف برميل يوميا بحلول نهاية العام الجاري 2024، والوصول إلى معدل مليوني برميل يوميا خلال السنوات الثلاث القادمة. ولعل تحقيق إيرادات سيادية من هذا القطاع خلال السنوات الثلاث الأخيرة تتجاوز 75 مليار دولار أمريكي أودعت خزانة مصرف ليبيا المركزي؛ مؤشر واضح على تعافي هذا القطاع.

لعل من أبرز عوامل التعافي الغائبة منذ سنوات؛ حالة التنافس على التنمية وإنجاز المشاريع في شتى أنحاء البلاد، في ميادينٍ للحياة بدلا من التنافس في ميادين الحرب والدمار والموت والدم والدموع والتهجير التي كانت سمة العقد الماضي
يضاف إلى ذلك، الاكتشافات المسجلة للاحتياطيات المؤكدة من الغاز التي تصل إلى تريليوني قدم مكعب. وقد كان للميزانية الاستثنائية التنموية التي خُصصت لقطاع النفط والغاز دور أساسي في تحقيق هذا النمو، ولا يستهان بالجهود الجبارة للعاملين في القطاع والساهرين على حمايته من مختلف أنحاء البلاد، شرقا وغربا وجنوبا ووسطا، هذا بالإضافة إلى حالة الوعي الوطني التي أبدتها كافة الأطراف بتحييد هذا القطاع الهام عن أي تجاذبات أو صراعات، وهو بحد ذاته مؤشر إيجابي يدعو إلى التفاؤل.

‏أن تمتع ليبيا باحتياطيات من الذهب والنقد الأجنبي تتجاوز قيمتها 86 مليار دولار أمريكي لدى مصرف ليبيا المركزي، عدا مجموعة أصولٍ للمؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي الليبي) تتجاوز في قيمتها 72 مليار دولار أمريكي، لتكوِّن في مجملها خط دفاعٍ للاقتصاد الوطني بقيمة تتجاوز 158 مليار دولار أمريكي؛ يُعد مؤشرا على قدرة اقتصادنا على استدامة النمو والتعافي.

‏إن ما بُذل ويبذل من جهود استثنائية في مشروعات التنمية وإعادة إعمار البنية التحتية، لعل أهمها زيادة معدلات إنتاج الطاقة الكهربائية بضعف معدلات الإنتاج السابقة لتصل إلى حوالي تسعة آلاف ميجاواط والإنتاج في تصاعد، بعد معاناة انقطاع الكهرباء التي أرهقت المواطن لعقدٍ أو أكثر من الزمان، لهي نقلةٌ مهمةٌ ما كانت لتتحقق لولا جهود العاملين بقطاع الكهرباء في شتى أنحاء بلادنا مدعومين بميزانية استثنائية تخصص لأول مرة في تاريخ القطاع، يضاف إلى ذلك جملة من مشاريع الطرق والجسور والمياه والصرف الصحي والمطارات، عدا عن برامج تطوير الموانئ والمناطق الحرة وتخطيط المدن.

عودة المستثمرين الأجانب لليبيا بعد غيابٍ طال، وتعمقهم في دراسات جدوى ومفاوضات جادة للاستثمار في قطاعات جبارة كالطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، يعد من أبرز مؤشرات التعافي للاقتصاد الوطني
‏ولعل من أبرز عوامل التعافي الغائبة منذ سنوات؛ حالة التنافس على التنمية وإنجاز المشاريع في شتى أنحاء البلاد، في ميادينٍ للحياة بدلا من التنافس في ميادين الحرب والدمار والموت والدم والدموع والتهجير التي كانت سمة العقد الماضي.

‏لقد كنت متفاخرا بما تشهده بلادي من تحسن، وأنا أعدّد لزميلي الأمريكي الذي يخطط لزيارة ليبيا خطوط الطيران ومدن العالم التي يمكنه الوصول من خلالها إلى طرابلس وبنغازي، كروما ودبي ومالطا وإسطنبول والقاهرة والإسكندرية وتونس ودمشق وقريبا الدوحة وغيرها من مدن العالم، وذلك بعد أن أضحت مطاراتنا خلال سنواتٍ عجافٍ سابقةٍ بيئة طاردة لخطوط الطيران العالمية.

‏إن عودة المستثمرين الأجانب لليبيا بعد غيابٍ طال، وتعمقهم في دراسات جدوى ومفاوضات جادة للاستثمار في قطاعات جبارة كالطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، يعد من أبرز مؤشرات التعافي للاقتصاد الوطني التي نعول عليها في خلق تنوعٍ في مصادر الدخل على المدى المتوسط والطويل.

إن جهود فرض سيادة القانون واستعادة هيبته والحيلولة دون الإفلات من العقاب التي يكابدها مكتب النائب العام ومن خلفه المحامون العامون في سائر أنحاء البلاد في ظل ظروف استثنائية؛ لهو عامل أساسي ومؤثر في النمو الحاصل.

‏إن للمبادرات المجتمعية التي أُطلقت لتحسين معيشة المواطن خلال الثلاث سنوات الأخيرة كرفع الحد الأدنى للأجور وصرف منحة الزوجة والأبناء وصندوق الزواج؛ أثرٌ نسبي في تحسين الأوضاع المعيشية وتخفيف المعاناة، مع النظر إلى أنها معاناة عادت للسطح مجددا بسبب قرار إضعاف قوة الدينار الليبي ليهوي إلى ما يتخطى حوالي سبعة دنانير للدولار الأمريكي، بعد أن كان عند معدل حوالي أربعة دنانير ونصف للدولار الأمريكي.

الوصول لحالة التعافي التام المنشود يتطلب جملة من التدابير والسياسات الأخرى التي سيتسع لها المقام في سانحةٍ أخرى، ولعل ليس أقلها الاستمرار في جهود مكافحة الفساد وحفظ المال العام، وإصلاح السلطة النقدية التي باتت نشازا أمام حالة التعافي ومعرقلا لها، وأيضا إحداث التناغم المفقود بين السياسات المالية والتجارية والنقدية، وإصلاح التشوّه في هيكل الإنفاق العام، واستعادة القطاع المصرفي لدوره
‏ودون أدنى شك فإن العوامل السابقة ما هي إلا العوامل الأبرز فقط، وتضاف لها عوامل أخرى تساندت جميعها لتحقيق المؤشرات الإيجابية الصادرة عن صندوق النقد الدولي، كما أن الوصول لحالة التعافي التام المنشود يتطلب جملة من التدابير والسياسات الأخرى التي سيتسع لها المقام في سانحةٍ أخرى، ولعل ليس أقلها الاستمرار في جهود مكافحة الفساد وحفظ المال العام، وإصلاح السلطة النقدية التي باتت نشازا أمام حالة التعافي ومعرقلا لها، وأيضا إحداث التناغم المفقود بين السياسات المالية والتجارية والنقدية، وإصلاح التشوّه في هيكل الإنفاق العام، واستعادة القطاع المصرفي لدوره المعدوم في تمويل المشروعات وتقديم خدمات بنكيةٍ تليق بالمواطنين، ورفع القيود غير المدروسة على النقد الأجنبي، والتي ساهمت في تخفيض قيمة الدينار الليبي واحتكار العملة الصعبة في يد قلةٍ قليلةٍ، كما ساهمت في تنامي دور السوق السوداء واقتصاد الظل وتقييد حركة التجارة والإنتاج.

‏يضاف إلى ذلك، واجب إطلاق حزمة أخرى من المبادرات الاجتماعية كالإقراض الاسكاني وتمويل المشروعات الصغرى والمتوسطة، وإعادة صرف منحة الزواج، هذا بالإضافة إلى الاستمرار في جهود مكافحة تهريب الوقود وإصلاح الدعم وتخصيص الفائض في دعم شبكات الحماية الاجتماعية، فضلا عن تحسين خدمات الرعاية الصحية والعلاج بما يحفظ أرواح وكرامة المواطنين.

‏ختاما، نكرر أن اقتصاد بلادنا يتعافى وبخير، ولا بد أن ينعكس هذا التعافي فورا على تعزيز قوة الدينار الليبي، وتحسين معيشة المواطن، وأن لا يكون الاقتصاد ميدانا لتصفية الحسابات السياسية وزيادة المعاناة. الاقتصاد الليبي هو مناخٌ اقتصادي مهيأ للانفتاح؛ فلا لتقييده ونعم لتحسين المعيشة لا لزيادة المعاناة، ولا نقبل التسويف لعقود وننتظر أن يتحول اقتصادنا لاقتصاد نموذجي، بل علينا المضي في مبادرات لإنعاشه.

(العضو الممثل لليبيا في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)

مقالات مشابهة

  • سهل تجمع 6 ملايين دولار في جولتي تمويل أولي Series A
  • انخفاض الأسعار.. الاهتمام بالصحة والتعليم.. الإصلاح الاقتصادي «مطالب على رأس أولويات الحكومة الجديدة»
  • احتياطيات النقد الأجنبي للبنك التركي ترتفع إلى 6 مليارات دولار
  • احتياطيات تركيا من النقد الأجنبي ترتفع إلى 6 مليارات دولار
  • ‏اقتصاد ليبيا بخير وفق مؤشرات صندوق النقد الدولي
  • النقد الدولي يتوقع حصول نمو في الاقتصاد العراقي
  • إطلاق برنامج منح «صندوق تمويل أبحاث متحف زايد الوطني»
  • إطلاق برنامج مِنَح «صندوق تمويل أبحاث متحف زايد الوطني»
  • أحمد موسى يكشف تفاصيل جديدة عن الحكومة المقبلة وموعد الإعلان عنها (فيديو)
  • صندوق النقد: مصر سددت 2.56 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2024