«التجارة العالمية».. إلى أين؟
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
جرت مياه كثيرة في مجرى منظمة التجارة العالمية منذ تأسيسها عام 1995، إذ تغيرت العلاقات الاقتصادية والسياسية بصورة جذرية خلال الثلاثين عاماً الماضية التي أعقبت خروج العالم من نظام متعدد الأقطاب إلى عالم أحادي القطب، حيث سادت أجواء من عدم اليقين حول سير العلاقات الدولية بسبب الضبابية.وكنا في دول مجلس التعاون الخليجي نحاول الخروج بتصورات عملية حول كيفية التعامل مع الوضع الجديد، خصوصاً وأن التجارةَ تشكل أهميةً كبيرة لدول المجلس بحكم موقعها وثرواتها، حيث تم إعداد بعض الدراسات، والتي أدت بدورها إلى إسراع دول المجلس للانضمام إلى المنظمة تباعاً إلى جانب 160 دولة عضواً و24 دولة مراقبة، وهو القرار الصحيح الذي اتخذ في حينه.
وعلى مدى عشرين عاماً اكتسب التوجه العالمي الذي قادته المنظمة والرامي إلى تحرير تجارة السلع والخدمات زخماً ليس بالقليل والذي من خلاله تم توفير ملايين فرص العمل، وبالأخص في البلدان الأقل نمواً. إلا أن هذا الخط التصاعدي أخذ في الانحسار منذ عشر سنوات تقريباً متأثراً بجوانب عدة يأتي مِن ضمنها التغير الذي طال موازين القوى العالمية، بما في ذلك العودة لعالم متعدد الأقطاب، كما أشار «جوزيف بوريل» مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وذلك إلى جانب أن العديد من الدول، وبالأخص المتقدمة التي تبنت ودافعت بقوة عن تحرير التجارة، وجدت أن هذا التوجه قد أضر بوضعها التجاري والاقتصادي بسبب تكاليف الإنتاج والقدرات التنافسية.وبما أن الدول المتقدمة هي مَن وضع أنظمةَ منظمة التجارة خلال عملية تحضير استمرت أكثر من أربعين عاماً، فقد أخذت في التخارج من نطاق الالتزامات، خصوصاً وأن العديد من قضايا النزاعات التجارية التي رفعت لمنظمة التجارية العالمية جاءت لغير صالح هذه الدول.
وفي المؤتمر الأخير الذي عقد بالعاصمة أبوظبي في شهر فبراير الماضي، والذي وفرت له دولة الإمارات كل أسباب النجاح، جرت خطوات مهمة للإسهام في تجاوز العديد من المآزق، رغم تفاوت المواقف بين الدول الكبيرة، وبالأخص تلك التي انتقلت خلال السنوات الماضية من دول نامية إلى ناشئة مثل الهند التي رفضت الاتهامات الموجهة إليها بعرقلة المحادثات خلال المؤتمر قائلة إنها «تريد فقط العدالة في الاقتصاد العالمي الذي تقف قواعده منذ وقت طويل ضد الدول الفقيرة»، كما أوضح وزير التجارة الهندي «بيوش غويال» الذي أضاف قائلاً: «إن أهم أولوية للمنظمة هي استعادة هيئة الاستئناف التابعة لها والمسؤولة عن تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء والمكونة من 7 دول والمتوقفة عن العمل منذ أواخر 2019»، وهو ما يؤكد استنتاجنا السابق حول القرارات التحكيمية الصادرة في السنوات الأولى من عمر المنظمة.وإضافة إلى ذلك، سارت الأمور عكس التيار الذي قادته المنظمة الرامي إلى تحرير التجارة، حيث تزايدت الحمائية والحمائية المضادة في الكثير من البلدان النامية والمتقدمة، وذلك بعد أن شهدت العديد من الدول احتجاجات بسبب الانفتاح الذي أضر ببعض قطاعاتها الإنتاجية، مثل احتجاجات المزارعين الأوروبيين والتي ما زالت مستمرة منذ أكثر من شهرين.
أما الآفاق فتبدو قاتمة بسبب كثرة الغيوم التي تحيط بعمل المنظمة والسياسات الحمائية المتوسعة، حيث أعربت الصين على سبيل المثال مؤخراً عن «قلقها البالغ إزاء التحقيق التجاري الذي بدأه الاتحاد الأوروبي بشأن السيارات الكهربائية الصينية»، إذ هناك منافسة حادة بين الصين والاتحاد الأوروبي حول تجارة السيارات الكهربائية التي تتفاوت أسعارها بين الجانبين بصورة كبيرة.
لذا يدور السؤال الجوهري حول دور المنظمة المستقبلي: هل ستؤدي التغيرات الاستراتيجية العالمية السريعة في موازين القوى الاقتصادية إلى تغير قواعد اللعبة في التجارة الدولية، أم أن الجميع سيسهم في مساعدة المنظمة على القيام بدورها المهم في تنمية التجارة وتسهيل انسياب التبادل التجاري بين الدول لما فيه مصلحة كل الأطراف؟
د. محمد العسومي – صحيفة الاتحاد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العدید من
إقرأ أيضاً:
الصحة العالمية تحذر: 70 دولة تعاني من نقص العلاج وإغلاق منشآت طبية
حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، من تفاقم أزمة صحية عالمية تهدد حياة الملايين، جراء تخفيضات التمويل المخصصة لقطاع الرعاية الصحية.
وأكد جيبريسوس أن سكان أكثر من 70 دولة حول العالم يواجهون نقصًا حادًا في الأدوية والخدمات العلاجية الأساسية.
وفي كلمته خلال الدورة الثامنة والسبعين لجمعية الصحة العالمية، التي انطلقت أعمالها الاثنين في مدينة جنيف السويسرية، قال تيدروس: "يعاني المرضى في 70 دولة على الأقل من نقص العلاج. أُغلقت منشآت صحية، وفقد العديد من العاملين في القطاع الصحي وظائفهم، واضطر الناس إلى دفع تكاليف العلاج من جيوبهم الخاصة".
وأوضح المدير العام أن هذه التخفيضات أثّرت بشكل خاص على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، التي تعتمد بدرجة كبيرة على التمويل الدولي والمنح الخارجية لتشغيل مستشفياتها وتوفير الأدوية والعلاجات الأساسية.
وأضاف أن نقص الموارد أدى إلى إغلاق مرافق صحية بالكامل، وتوقف برامج تحصين، وخسارة كوادر طبية لوظائفها، مما تسبب في فجوات حادة في تقديم الرعاية الصحية.
"In 1951, the newly-born WHO was already being buffeted by the prevailing geopolitical winds of its time – just as it is today.
In her opening address, the Acting President of the World Health Assembly that year, Rajkumari Amrit Kaur, the first Minister of Health of India, and… pic.twitter.com/FJVBPv4lwM — World Health Organization (WHO) (@WHO) May 19, 2025
وتشير تقارير حديثة صادرة عن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي إلى أن نحو نصف سكان العالم لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية، وأن نحو 100 مليون شخص يُدفعون إلى ما دون خط الفقر كل عام بسبب نفقات العلاج من أموالهم الشخصية.
وفي ظل تصاعد الأزمات الجيوسياسية، وارتفاع أعباء الدين العام في كثير من الدول، وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، بات تمويل الصحة في وضع حرج.
وفي ختام كلمته، دعا تيدروس الدول الأعضاء والمنظمات الدولية إلى مضاعفة الجهود لضمان تمويل عادل ومستدام لقطاع الصحة، مشددًا على أن "الحق في العلاج لا يجب أن يكون رهينة للضغوط الاقتصادية أو أولويات المانحين"،
وأضاف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، : "الاستثمار في الصحة ليس تكلفة، بل هو استثمار في مستقبل أكثر استقرارًا وإنسانية".
LIVE: Recognition of outstanding achievements in global health. #WHA78 https://t.co/HRVnv5NEAl — World Health Organization (WHO) (@WHO) May 19, 2025
وتعد جمعية الصحة العالمية الهيئة العليا لاتخاذ القرار في منظمة الصحة العالمية، وتجمع وزراء الصحة وممثلي الدول الأعضاء لتحديد السياسات العامة، وتعقد دورتها السنوية في شهر أيار / مايو الجاري بجنيف، وتناقش قضايا تمويل الصحة، الطوارئ الصحية، الأمن الغذائي، والتغطية الصحية الشاملة.