الجزيرة:
2025-07-13@07:04:24 GMT

إجابات محتملة بين رفح وبحر غزة

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

إجابات محتملة بين رفح وبحر غزة

لايزال الميناء البحري يطرح أسئلة كثيرة، ويتلقَّى بطبيعة الحال ردودًا ومحاولات إجابة متعددة، ليس بينها إنسانية الفاعل الدولي أو الإقليمي، الذي عرف نفسه وحدد موقعه من الحرب عبر شهور خمسة إلى جانب القتلة، أو – في أفضل الظنون – متفرجًا سلبيًا على المذبحة.

عوامل جوهرية

هذا المقال واحدٌ من تلك المحاولات التي تسعى لقراءة موضوعية لفكرة الميناء البحري.

وهو ميناء طالما حَلُم به الغزيّون، وطالبوا به منذ سنواتٍ وعقود، فمنّت عليهم به الدول. لا يمكن أن يحقق الفاعلون، ومنهم الاحتلال ذاته، مطلبًا كهذا كتعبير عن حسن نوايا تجاه المقتولين بأيديهم. ومن هنا كانت كل التفسيرات التي تحاول البحث عن عقل موضوعي في فكرة الميناء، تتجنب إنسانية الفاعلين، فغيابها ثابت بحكم التجربة الفعلية، وهي أعلى درجات الإثبات العلمي.

لا يمكن فصل الميناء البحري عن رفح: حربها المتوقعة، معبرها، حماس التي تملكها فعليًا. رفح وهذه العوامل الثلاث جوهرية في التفسير. فلو افترضنا علاقة الميناء بالحرب التي يتوعد بها الاحتلال ضد رفح، فإن الفاعلين يعملون على تخفيف العبء الإنساني للحرب المتوقعة التي يغطونها سياسيًا وميدانيًا، لكن يريدونها بشكل لا يضعهم في زاوية أخلاقية أكثر ضيقًا.

فمثل هذه الحرب التي لو استكملت مشوارها باتجاه رفح، فإن "نقط" المساعدات التي تقطر من معبر رفح ستتوقف كليًا، وسيتحول المشهد من عقاب السكان الجماعي جوعًا، إلى قتلهم نهائيًا. وهناك فرق بين الاثنَين.

فمعبر رفح لم يُفتح أصلًا كي نبحث عن بدائل له، لكنه كان كصنبور ماء مغلق تقطر منه قطرات تمنح الحياة والعطش معًا، وهو كافٍ لعقاب السكان جماعيًا بالجوع. أما إغلاقه كليًا، فإن المجاعة ستدخل في طور القاتل المتسلسل الذي لا يرحم ضحاياه، فقط يقتلهم بساديّة.

ضغط أخلاقي

لا يريد العالم التورط بمثل هذا المشهد في ظل الضغط الأخلاقي الذي يتعاظم بفعل الحركة الاجتماعية العالمية على القادة السياسيين المحرومين من اللقاءات العامة دون منغصات ما تخرج من بين جمهور المصفقين. بهذه الحالة، يمنح الفاعلون غطاءَهم لحرب رفح بقدرٍ أفضل من الإنسانية؛ إنسانية القاتل المتسلسل، الذي ربما يقتل ضحيته ويجلس للبكاء عليها قبل أن يكمل مشواره للضحية التالية.

في هذا الجانب أيضًا، يمكن التكهن بعمليات التهجير المتوقعة من رفح، والتي ستتجه نحو غرب جنوب غزة، حيث منطقة الميناء. هناك، يكون من السهل التعامل المباشر مع النازحين من قبل المنظمات الإنسانية المستقبلة لمساعدات الميناء، فيما يلعب الميناء كنقطة جذب بشري لتحفيز عملية التهجير.

في جانب آخر، هناك افتراض بأن معبر رفح، رغم إغلاقه المحكم، والوفاء العالي بالتزامات القائمين على البوابة، فقد انتهت جدواه للمرحلة الحالية على الأقل، التي يطلب فيها الإسرائيلي سيطرةً تامةً على القطاع. يمنح الميناء البحري الذي أقيم بموافقة وتنسيق إسرائيلي كامل، لكن بتمويل دولي (عربي في غالبه)، الفرصةَ للقتلة لتحقيق تلك السيطرة الأمنية الدائمة على غزة.

بهذا يكون الميناء جزءًا من محاولات الأجوبة المفقودة حتى الآن عن أسئلة اليوم التالي للحرب. وهو بهذا المعنى يقول للقائمين على البوابة، لا حاجة لخدماتكم اليوم.

لقد عبّرت مصادر مصرية عن انزعاجها من فكرة الميناء، رغم الضمانات التي جرى الحديث عنها سابقًا للتقليل من مخاوف القاهرة.

وقد يكون انتهاء جدوى معبر رفح متعلقًا بمشروع التهجير ذاته، الذي لايزال جدّيًا حتى بعد انتهاء الحرب، والرغبة بدفع جموع بشرية باتجاه المنطقة المصرية المحاذية في رفح المصرية، وبالتالي دفع المعبر عدة كيلومترات لعمق سيناء. يمنع هذا ترتيبات محور فيلاديلفيا المنصوص عليها في اتفاقية كامب ديفيد. لكن المشهد القريب يعلمنا أن لا شيءَ مقدسًا في جانبنا العربي، كل شيء قابل للنقاش والتعديل إلا نحن.

دور استثنائي

في الجانب الثالث، فإن هناك أمرًا ما متعلقًا بحماس التي لاتزال أدواتها فاعلة في معظم أنحاء القطاع بدرجة ما، رغم الضربات الرهيبة التي تعرضت لها على مدار أكثر من 160 يومًا من القصف العظيم. ستكون حماس أكثر تماسكًا في رفح، التي يجري الحديث عن كتائبها الأربع، وأجهزتها الإدارية هناك. فدخول أية مساعدات من معبر رفح، سيجعلها بالضرورة تحت رقابة حماس في رفح، وبالتالي إمكانية التموين لعناصرها وأجهزتها. فيكون الميناء بهذا الشكل محاولة لتجنب العقدة المتماسكة للحركة في الزاوية الصح من القطاع.

لا يمكن تجاهل هذا الشق تحديدًا، فكل صندوق مساعدات أو كيس طحين دخل القطاع كان يخضع لمعايير شديدة، كلها أو جلّها يخضع لاعتبار موقع حماس من هذا الصندوق أو ذاك الكيس.

في نهاية المطاف، وتجنبًا للمبالغات التي باتت طبيعة السلوك الوحشي للمحتل وأغطيته الدولية، فإن معبر رفح لم يفقد دوره نهائيًا حتى الآن. وسيبقى لاعبًا استثنائيًا في حياة أهل غزة، وجزءًا من وعيهم الأبدي بالساكنين على طرفيه، وناقوسًا لذاكرتنا الإنسانية.

وفي ثنايا التطور المتعلق بالميناء البحري، فإن أهل غزة على موعد مع بناء اجتماعي جديد يدخل حياتهم ويشكل بدرجة ما تصوراتهم عن أنفسهم عبر رصيف بحري، وسفن ترسو وتغادر، في سياق الحفاظ على المأساة بدرجة العقاب لا الإعدام. كذلك كان ولا يزال معبر رفح، جزءًا من وعي الغزّيّ الذي سافر وشهد ماذا يعني العبور من هناك.

سيبقى أن نذكر أن الفرق بين ميناء رفح البري وميناء غزة البحري، أن الأول نظريًا باتجاهين، فيما الثاني باتجاه واحد. وبالنظر لكون معبر رفح مخصصًا للأفراد، فإن فكرة تخصيص ميناء للبضائع عبر البحر، قد يعفي الاحتلال من ضغط قاعدته الموغلة بالكراهية، والتي تحاصر معابر البضائع؛ لمنع دخول مساعدات لأهل غزة، فيبدو الميناء كجهدٍ دولي، فيما يسترضي نتنياهو قطعانَ الوحوش لديه.

رغم كل ما سبق، فإن قيمة ميناء غزة البحري هذا تتحدد بقدر ما سيتيحه من عيشٍ وطنيٍ كريم لمن تبقى من أهل القطاع، لا عبر تحليلات قد تصيب وقد تخطئ، وعاجزة حتى اللحظة عن بناء نوايا حسنة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المیناء البحری معبر رفح

إقرأ أيضاً:

محاولة اغتيال ترامب بالذكرى الأولى.. أسئلة بلا إجابات للآن

(CNN)-- بعد مرور عام على محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خيّم إحباط عميق على جهاز الخدمة السرية بسبب تعامله مع الإخفاقات الأمنية في ذلك اليوم.

وفي مقابلات مع شبكة CNN، وصف عشرات من مسؤولي إنفاذ القانون الفيدراليين الحاليين والسابقين والمشرعين غيابًا عامًا للمساءلة، لا سيما فيما يتعلق بكبار مسؤولي الخدمة السرية والعملاء المرافقين لترامب خلال التجمع الانتخابي في بتلر، بنسلفانيا، في يوليو الماضي.

ومن بينهم شون كوران، العميل الأعلى رتبةً في فريق ترامب ذلك اليوم، والذي رُقّي منذ ذلك الحين إلى منصب مدير الخدمة السرية.

وكشفت العديد من تحقيقات الكونغرس والتقارير الفيدرالية، بما في ذلك تحليل جهاز الخدمة السرية نفسه، عن إخفاقات متعددة، بما في ذلك انقطاع الاتصالات مع الشرطة المحلية التي رصدت مطلق النار وواجهته على سطح قريب قبل أن يستهدف ترامب.

وبعد عشرة أيام من التجمع الانتخابي، استقالت كيمبرلي تشيتل، مديرة جهاز الخدمة السرية آنذاك، وسط تدقيق في الثغرات الأمنية، ومنذ ذلك الحين، لم يتم اتخاذ إجراءات تأديبية إلا ضد ستة أفراد من جهاز الخدمة السرية ــ حيث صدرت بحقهم قرارات إيقاف قصيرة عن العمل دون أجر ــ وهو القرار الذي بدا متناقضا بالنسبة للعديد من العاملين في الوكالة. 

وقال مسؤول رفيع سابق في الوكالة، والذي تحدث مثل غيره بشرط عدم الكشف عن هويته للحفاظ على علاقاته مع زملائه السابقين في جهاز الخدمة السرية: "لم تتم محاسبة أي من هؤلاء الأشخاص العاملين، بل تمت ترقية بعضهم".

وذكرت مصادر أن غالبية الذين واجهوا أي نوع من أنواع التأديب هم من مكتب بيتسبرغ الميداني التابع للوكالة، مما أثار شعورًا لدى البعض بأن المكتب كان كبش فداء لإخفاقات كبار المسؤولين، وخارج المكتب، تم إيقاف شخص واحد فقط من ذوي الرتبة المنخفضة من فريق أمن ترامب وأحد أفراد مكافحة القناصة الذين تم نشرهم في ذلك اليوم عن العمل، ويستأنف اثنان على الأقل من الستة قرارات الإيقاف، وحتى الآن، لم يكمل أي موظف في جهاز الخدمة السرية أي إجراءات تأديبية مقترحة، وفقًا لمصدر مطلع.

ووسط تداعيات مسيرة بتلر، شهدت الوكالة أيضًا خسارة كبيرة في المعرفة والخبرة المؤسسية مع مغادرة عدد من كبار المسؤولين، مما أثار مخاوف بشأن هجرة الأدمغة المحتملة في جهاز الخدمة السرية، وفقًا لمصادر.

وتلقت قيادة جهاز الخدمة السرية الأسبوع الماضي استدعاءً من السيناتور راند بول، الرئيس الجمهوري للجنة الأمن الداخلي بمجلس الشيوخ، يطلب فيه سجلاتٍ تتعلق بمن خضع لعقوباتٍ تأديبية في الجهاز بسبب قضية بتلر، وفقًا لما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة على الاستدعاء لشبكة CNN وأوضح أحد المصادر أن الاستدعاء أُسقط بعد أن سارعت الخدمة السرية إلى تسليم السجلات التي كان بول يبحث عنها.

ولم يستجب مكتب بول لطلباتٍ متعددة للتعليق. ولم يُعلق متحدثٌ باسم الخدمة السرية على الاستدعاء أو يُجب على طلباتٍ متعددة للتعليق على هذه القصة.

وفي بيانٍ صحفي أصدره جهاز الخدمة السرية، الخميس، قال كوران إن تجربته في قضية بتلر كانت على رأس أولوياته كمدير، وإن "الجهاز اتخذ العديد من الخطوات لضمان عدم تكرار مثل هذا الحدث في المستقبل".

مقالات مشابهة

  • محاولة اغتيال ترامب بالذكرى الأولى.. أسئلة بلا إجابات للآن
  • إغلاق معبر كسب وحرائق متجددة في اللاذقية رغم مشاركة أكثر من 150 فريق إطفاء
  • حرائق اللاذقية تتسبب بإغلاق معبر حيوي مع تركيا
  • تعديلات جديدة على السفر البحري في تركيا.. ما الذي سيتغير قريبًا؟
  • 26 شهيدا في قصف إسرائيلي استهدف مناطق متفرقة من قطاع غزة
  • الإمارات.. ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة السبت
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • قائد أنصار الله: كل شركات النقل البحري التي تتحرك لصالح العدو الإسرائيلي ستعامل بالحزم
  • إجابات امتحان تاريخ الأردن توجيهي 2025 في الأردن
  • لليوم الثاني على التوالي.. الإضراب العمالي المفتوح في بلدية الميناء مستمر