صحيفة الاتحاد:
2025-06-06@01:11:19 GMT

ذكر الله يحيي القلوب ويمحو الخطايا والذنوب

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

إعداد - إبراهيم سليم

أخبار ذات صلة أمسية رمضانية في «الأرشيف والمكتبة الوطنية» «العلماء الضيوف»: السعيد من يقضي رمضان في طاعة الله

دلت آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية المطهرة على فضل الذكر وعموم نفعه، والثناء على أهله والحث على الإكثار منه، ولا شك أن من أعظم ما يتقرب به المسلم إلى ربه - عز وجل - خاصة في مثل هذه الأيام المباركات التي يضاعف فيها الأجر، ذكر الله تعالى الذي تحيا به القلوب، وتحط به الخطايا والذنوب، وترفع به الدرجات، فالحمد لله الذي أذن لنا بذكره، ورضي منا بشكره، فيقول الله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ.

..)، «سورة آل عمران: الآية 191». ويقول الله عز وجل: (... وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، «سورة الأحزاب: الآية 35»
وعن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت»، (صحيح البخاري، 6044). ورمضان موسم للتنافس في عمل الصالحات والاجتهاد في تحصيل القربات، فهو شهر الخيرات والبركات، ومضاعفة الأجر والحسنات، فيه تتنزل الرحمات الربانية، وتتجلى النفحات النورانية، والصائم في هذا الشهر الفضيل يسارع إلى مرضاة الله تعالى، ويسابق في اغتنام الأجر والثواب.
وفضل الذكر في رمضان عظيم، وأفضل الذكر تلاوة القرآن الكريم، ويتضاعف الأجر والثواب للذاكر في رمضان، والذكر هو رياض المؤمن ومرتعه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» قلت: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: «المساجد» قلت: وما الرتع يا رسول الله؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»، (سنن الترمذي، 3509). وإن الذاكر لله - عز وجل - يكون في معية ربه تعالى حال ذكره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: أنا مع عبدي حيثما ذكرني وتحركت بي شفتاه»، (صحيح البخاري 7523). وإن من أفضل الذكر في رمضان تلاوة القرآن الكريم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في ذلك، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عيله وسلم أجود الناس، كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة»، (صحيح البخاري، 6).  فينبغي للصائم أن يُكثر من تلاوة كتاب الله تعالى وتدبر معانيه والتفكر في آياته، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ليجتمع قلبه وفكره على ربه عز وجل، ويكثر من ذكره ومناجاته. هذا ولقد سن النبي صلى الله عليه وسلم أذكاراً كثيرة، فيها الخير العظيم والثواب الجزيل، منها: أذكار الصباح والمساء، فحري بالصائم أن يواظب عليها في رمضان وغيره من الأوقات، ومنها كذلك: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مئة مرة، حطت خطايا، وإن كانت مثل زبد البحر»، (متفق عليه).
فعلى الصائم أن يلازم ذكر الله تعالى دائماً، ولا يغفل عنه أو يتكاسل، وليكن ذلك أفضل ما يشغل به نفسه ووقته بعد أداء الفرائض، حتى يكتب عند الله من الذاكرين الله كثيراً، والذاكرات.
مستحبات الصائم
إنَّ الصيام من أجلِّ العبادات التي نتقرب بها إلى الخالق -عز وجل-، وهو خير زاد للآخرة، وقد جعل الله تعالى أجره على نفسه وتكفل به، مما يدل على عظمة ثواب الصيام، قال جل في علاه في الحديث القدسي عن رَسُولُ اللهِ: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ: إِنَّ ‌الصَّوْمَ ‌لِي وَأَنَا أَجْزِي بِه»، فحريّ بالمسلم أن يحرص على صيامه ويحفظه مما يفسده، ويصونه مما يجرحه، فيجتهد في أداء واجباته واجتناب مفسداته، ويحرص على مستحباته وآدابه. إنَّ للصيام مستحبات عديدة، منها: أكلة السحور، والتي بها تتنزل على الصائمين البركات، ويتقوون بها على الصيام والعبادات، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ: «‌تَسَحَّرُوا ‌فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»، وتعجيل الفطور من المستحبات أيضاً، ولو على جرعة من ماء، فقد ورد في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا ‌عَجَّلُوا ‌الفِطْرَ»، ومن المستحبات كذلك أن يكثر الصائم من العبادات، كذكر الله وتلاوة القرآن وبذل الصدقات وإطعام الطعام وتفطير الصائمين، قال النَّبِيِّ: «‌منْ ‌فَطَّرَ ‌صَائِمًا، كَانَ لَهُ، أَوْ كُتِبَ لَهُ، مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا». والفطر على رطبات أو تمرات أو جرعات من ماء، سُنة مستحبة فقد «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُفْطِرُ عَلَى ‌رُطَبَاتٍ ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ». ومن آداب الصيام المستحبة حفظ اللسان وتقليل الكلام، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا ‌يَرْفُثْ ‌وَلَا ‌يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ». ويجب على الصائم أن يجتنب المحرمات ويمتنع عن المنهيات، طاعة لربه جل وعلا، وطلباً للقبول والفوز بالثواب العظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ ‌قَوْلَ ‌الزُّورِ ‌وَالعَمَلَ ‌بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» فينبغي على المسلم أن يحرص على واجباته ومستحباته، وأن يجتنب مفسداته، ليكون تاماً خالصاً لوجه الله.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: القرآن الكريم رمضان السنة النبوية رسول الله صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه الله تعالى فی رمضان عن أبی عز وجل

إقرأ أيضاً:

وقفات إيمانية من الرحاب الطاهرة

يقف اليوم حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم حيث تكتظ جنبات المكان الطاهر بالحجاج الذين قدموا من مختلف بقاع الأرض تلبية ورغبة في محو السيئات وتكفير الذنوب وحصول على الأجر والثواب من الله تعالى.

يقفون بلباسهم الأبيض كالمزن المحمل بالخير، يرجون مغفرة ورحمة من ربهم جلّ في علاه، يقفون بقلوب وجلة وألسنة تفيض بالدعاء بكل أمنياتهم في الحياة الدنيا، ويطلبون ما عند الله تعالى الثواب والأجر والخير والرزق والجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض، يسألون الله العفو والغفران من جميع ذنوبهم وما اقترفته أيديهم.

إلى ذلك، يرى علماء الدين أن في الحكمة من ملابس الإحرام هي أن هذه الهيئة تبعث صاحبها على الخشوع والتواضع والخضوع لله تعالى، وتذكر الآخرة حيث لم تغره الزخارف والظاهر والزينة.

يعد يوم عرفة الذي يصادف كل عام يوم اليوم التاسع من شهر ذي الحجة من أفضل الأيام عند المسلمين، إذ إنه أحد أيام العشر من ذي الحجة، كما أنه يوم أغر تتنزل فيه الرحمات والخيرات من عند الله تعالى، وفيه يتوجه الحجاج إلى خالقهم بكلمات الضراعة والمشاعر الجياشة لينالوا المغفرة من دنس الذنوب والخطايا، يتوجهون إلى المولى تعالى أن يكفّر عنهم سيئاتهم وأن يتقبل منهم هذا الركن الإسلامي العظيم.

إذن نحن أمام موقف سنوي مهيب، فيه الكثير من العبر والتفكر والتأمل والتذكر، فما أجمله من مشهد ترق له النفوس، وتسر برؤيته العيون، لكم هي اللحمة الإسلامية التي تتجلى عندما يقف حجاج بيته الحرام في نطاق محدد كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا على صعيد عرفات الطاهر الذي يعتبر «أفضل يوم طلعت فيه الشمس»، ومع غروبه تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة، ويصلون بها المغرب والعشاء، ويقفون بها حتى فجر غد العاشر شهر ذي الحجة وأول أيام عيد الأضحى المبارك، لأن المبيت بمزدلفة واجب حيث بات رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى بها حتى الفجر، ليكمل الحجاج مسيرهم وشعائرهم بترتيب وانتظام.

إننا نعيش هذه الساعات المباركة التي يرفع فيها حجاج بيت الله الحرام أياديهم إلى السماء داعين المولى عز وجل أن يلم شمل المسلمين وأن يفرّج الكربات عنهم، وأن يزيح عن الأمة العربية والإسلامية كل هم وضيق وأن يعم السلام أوطاننا العربية والإسلامية، وأن يجعلها بلاد أمن وأمان واستقرار، وأن يتقبل من جميع حجاج بيت الله الحرام مناسكهم وصالحات أعمالهم، وأن يعيدهم ببركته وعنايته إلى أوطانهم سالمين غانمين، وقد غُفرت لهم جميع ذنوبهم بعد أداء هذا الركن الإسلامي العظيم.

من لطائف القول ذكره ما قاله الدكتور محمد المختار الشنقيطي: «يوم عرفة يوم مشهود، هذا اليوم يذكر بالموقف بين يدي الله عز وجل؛ ولذلك إذا وقف العبد بعرفات، ونظر إلى تلك البريات، ونظر إلى تلك الأصوات والصيحات، فسبحان من علم لغاتها! وسبحان من ميز ألفاظها! وسبحان من قضى حوائجها! لا يخفى عليه صوت، ولا تعجزه حاجة، أحد فرد صمد، لا يعييه سؤال سائل».

ومما ورد في كتب التفسير والبيان «أن في هذا اليوم المبارك، أي يوم عرفة، نزل قوله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا»، فقد شهد يوم عرفة في الحج خلال حجة الوداع اكتمال الدين الإسلامي وتمام النعمة الإلهية على المسلمين، مما يجعله لحظة فارقة في تاريخ الإسلام».

سيبقى الحج أمرا مهما بالنسبة للمسلمين في كل مكان، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: أفضل الحجاج أكثرُهم ذكرًا لله عز وجل. أما عن وجوب المبادرة إلى الحج لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، فقد أكد علماء الدين على أنه يجب على من لم يحج وهو يستطيع أن يبادر إليه؛ لما رُوي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعجَّلوا الحجَّ -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له))، رواه أحمد.

مقالات مشابهة

  • مشروعية الفرح في العيد.. ولتكبّروا الله
  • الوقوف بعرفات.. الحجاج يؤدون الركن الأعظم في أجواء روحانية تهزّ القلوب (فيديو)
  • ألقى في موضعه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خطبة حجة الوداع.. “مسجد نمرة” تهفو إليه قلوب الحجيج في يوم عرفة
  • حدث وأنت نائم| عامل يستدرج طفلا ويعتدي عليه بمقهى.. والاستئناف على براءة محمد رمضان
  • في العيد.. "التنمية الأسرية" بالأحساء تدعو للتسامح وتصفية القلوب
  • نداء الإسلام من جبل الرحمة
  • وقفات إيمانية من الرحاب الطاهرة
  • دعاء يوم التروية مستجاب قبل المغرب.. أمامك فرصة ردده يقضي حوائجك ويمحو ذنوبك
  • إخوتي في الله.. العيد فرصة لنحر الذنوب و تصفية القلوب.
  • بهذه الطريقه.. محمد محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده