شدد محمد شياع السودانى، رئيس مجلس الوزراء العراقى، على أن العراق ينظر إلى مصر دائما على أنها ركيزة اقتصادية مهمة، وسند وظهير له فى المنطقة، وأن الاقتصاد والتنمية هما مفتاح التقارب ورافعة التعاون بين الشعبين، وأن التكامل الاقتصادى بين البلدين حاضر بقوة فى جميع لقاءاته مع الرئيس السيسى، خاصة أن الهموم بين مصر والعراق مشتركة، والمصلحة فى استقرار المنطقة وإحداث التنمية المستدامة، أيضاً مصالح مشتركة ومتشابكة، فمصر تمثل عمقاً ثقافياً واجتماعياً للعراق، والأمر معكوس أيضاً، وعلاقات الشعبين المصرى والعراقي، لا شيء طارئ فيها، فهى تمتد لقرون،  قائلاً  إنه لا يبالغ لو قال إنها تمتد حتى للجذور الحضارية القديمة، بين بلاد ما بين النهرين ووادى النيل.


وتابع السودانى، خلال حواره مع الكاتب الصحفي علاء ثابث رئيس تحرير الأهرام فى بغداد، أن مصر والعراق يمثلان أعمق البؤر الحضارية فى المنطقة، بل وفى العالم أجمع، والبلدان يمتلكان الإرادة اللازمة لمواجهة التحديات، ومن خلال التعاون الوثيق، سينتج مكانة مضافة فى هرم الاقتصاد العالمى لكل من العراق ومصر، وبالتالى سنرتقى بالقدرة الإقتصادية الفعلية لبلدينا، فمصر لديها تجارب رائدة فى مجال الصناعات المختلفة، والإسكان والطاقة، الى جانب قطاعات مختلفة، وفى المقابل فإن العراق أرض خصبة لجميع النشاطات، والحقيقة ان وحدة الرؤية والموقف إزاء التحديات التى تواجهها شعوبنا، سوف تقوّى من صوتنا فى الساحة الدولية، وخاصة فى مجالات الاقتصاد ومواجهة التغير المناخي، فضلاً عن ملفات الأمن والاستقرار وتدعيم التنمية. وتنسيق المواقف، بالتأكيد سيعزز من قوة الاطروحة المشتركة. 


وحول مشروعات التعاون والتكامل الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن، أكد رئيس وزراء العراق أنه ليس ترفاً البحث عن الحلول في ضوء ما يتوفر لدي البلدان الثلاثة من معطيات إقتصادية، وأفضل الحلول دائما هى التى تلازم الواقعية، وتنظر الى المُمكنات، وهو ماظهر فى مؤتمر قمّة بغداد للتعاون والشراكة، بنسخته الثانية التى استضافها الأردن الشقيق، وقد كانت ملفات الاستثمارات المتبادلة، وترابط البنى التحتية موجودة دائما على طاولة النقاش، فهموم احتياجات الشعوب متقاربة، وموقف الدولة الثلاث من محاربة الإرهاب متطابقة، إضافة إلي العمل المشترك فى مجال الربط الكهربائي، وفى مجال بناء الجسور مع الأسواق العالمية، ووضع ترتيبات تعاونية بينية فى مجال الأمن الغذائى والمائي، والأهم هو إقرار الأشقاء بدعم دور العراق المركزى فى إرساء دعائم هذا التعاون، إضافة الى تأكيد الإلتزام بمبادئ حسن الجوار فى العلاقات الإقليمية، وهى مسألة ضرورية وحساسة لإحداث التنمية وإنهاء التوترات.


وأوضح السودانى أن العراق مستمر فى إحداث إصلاحات اقتصادية، مضيفا أن مشروع «طريق التنمية» سيعمل على تنمية المنطقة بأسرها، وليس اقتصاد العراق فقط، خاصة أن العراق برجالها بالفعل ماضون فى إحداث إصلاحات إقتصادية ومالية ومصرفية، بدأت تطرح ثمارها مبكراً، وتحريك عجلة الاقتصاد، وبالأخص الاقتصاد غير النفطي، وإحداث تغيير عميق فى مستويات الخدمة الصحية والاجتماعية المقدمة للمواطن، إضافة إلى مشروع طريق التنمية، وهو مشروع استراتيجى سيعمل على تنمية المنطقة بأسرها وليس فقط الإقتصاد العراقي، وهو حالياً محل اجتذاب للاستثمارات، سواء فى المدينة الصناعية، أو ما يتعلق بميناء الفاو الكبير، والعراق الجديد ليس مجرد وصف، لكنه خطوات واقعية على الارض، وذات مقاييس رقمية، حيث جرى تحديث النظام المصرفي، وهو عامل جذب للاستثمارات والشركات الراغبة بفتح نشاطات لها فى العراق. وتطرق الحوار مع رئيس وزراء العراق إلى علاقات العراق مع الجيران، وتقييم الحالة العربية فى ضوء العدوان الإسرائيلى على غزة، ومستقبل داعش فى العراق، والوضع فى كردستان.. وغيرها من الملفات الداخلية والخارجية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوزراء الوزراء العراقى رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني السوداني الاقتصاد العالمى الاستثمارات المتبادلة التغير المناخي التكامل الاقتصادي التنمية المستدامة رئيس تحرير الاهرام بغداد فى مجال

إقرأ أيضاً:

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

عمر سيد أحمد

العقوبات من واشنطن إلى الخرطوم… ما بين الحساب والعقاب

في 24 أبريل 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها فرض عقوبات صارمة على السودان بموجب “قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991”، وذلك بعد تأكيد استخدام الحكومة السودانية لأسلحة كيميائية في عام 2024، في خرق صريح لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي تُعد السودان طرفًا فيها.

القرار، الذي سُلِّم إلى الكونغرس الأميركي مرفقًا بتقرير يؤكد “عدم امتثال السودان”، يُمهّد لتطبيق حزمة من التدابير العقابية، تشمل حظر الوصول إلى خطوط الائتمان الأميركية، وتقييد الصادرات، وتجميد الأصول. ومن المتوقع أن تدخل هذه العقوبات حيّز التنفيذ في أو حوالي 6 يونيو 2025، عقب نشرها في السجل الفيدرالي الأميركي.

ورغم أن هذه العقوبات تأتي ردًا على خروقات خطيرة للقانون الدولي، فإن توقيتها في ظل حرب أهلية طاحنة، وانهيار اقتصادي شامل، وتوسع المجاعة والنزوح، يطرح تساؤلات أخلاقية واستراتيجية حول فاعليتها وجدواها، ومدى تأثيرها الفعلي على النخبة الحاكمة مقارنة بما تلحقه من أضرار مباشرة بحياة المواطنين واقتصاد الدولة.

تجربة السودان السابقة مع العقوبات (1997–2020)

بين عامي 1997 و2020، خضع السودان لعقوبات أميركية شاملة فرضت عليه عزلة اقتصادية ومصرفية خانقة، بتهم دعم الإرهاب واحتضان تنظيمات متطرفة. طالت العقوبات المؤسسات الحكومية والمالية، وحرمت السودان من:

استخدام النظام المصرفي العالمي المرتبط بالدولار. استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر أو التمويلات الإنمائية. التحديث التكنولوجي والاتصال بأسواق المال.

أدت هذه العقوبات إلى تدهور البنية الاقتصادية، وزيادة الاعتماد على التهريب والاقتصاد الموازي، وهروب الكفاءات ورؤوس الأموال. ورغم الرفع التدريجي للعقوبات في 2017، إلا أن استمرار وضع السودان على قائمة الإرهاب حتى أواخر 2020 أعاق أي تعافٍ جاد، خصوصًا مع تعاقب الأزمات السياسية والانقلابات والحرب الأخيرة.

 العقوبات الجديدة – البنود والتوقيت

العقوبات الأميركية الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، جاءت كرد مباشر على ما وصفته واشنطن بـ”استخدام موثّق للأسلحة الكيميائية من قبل حكومة السودان”. وتشمل:

حظر التعاملات بالدولار الأميركي. تجميد أصول الحكومة والشخصيات المتورطة. منع الشركات الأميركية من تصدير تقنيات أو منتجات للسودان. حرمان السودان من الوصول إلى التمويل الأميركي أو الدولي المدعوم أميركيًا، خصوصًا عبر خطوط الائتمان أو التسهيلات المالية.

ما يضاعف من أثر هذه العقوبات هو هشاشة الوضع الداخلي، حيث يخوض السودان واحدة من أسوأ حروبه الأهلية، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة المدنية.

ثالثًا: التأثيرات الاقتصادية المباشرة خروج فعلي من النظام المالي العالمي

السودان اليوم شبه معزول عن النظام المالي العالمي، ومع تنفيذ هذه العقوبات، ستفقد البنوك السودانية القدرة على:

فتح الاعتمادات المستندية لشراء السلع. تنفيذ التحويلات البنكية الرسمية. التعامل مع المؤسسات الوسيطة في التجارة الخارجية.

هذا يعني عمليًا إغلاق باب التجارة القانونية، وتوجيه كل النشاطات نحو السوق السوداء أو التهريب.

تهديد الأمن الغذائي والدوائي

مع صعوبة الاستيراد الرسمي، تتراجع واردات القمح، الدواء، الوقود، والأدوية المنقذة للحياة. ويؤدي ذلك إلى:

نقص حاد في الإمدادات الأساسية. تضاعف الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين والنقل. توسّع الفجوة في الخدمات الصحية. ضياع موارد الدولة من الذهب

في ظل غياب الرقابة وازدهار اقتصاد الظل، يُقدّر حجم الذهب السوداني المُهرّب بأنه يفوق 50 إلى 80% من الإنتاج السنوي. وقدرت الخسائر من التهريب خلال العقد الماضي بما بين 23 و36 مليار دولار. العقوبات الحالية تدفع بهذا المورد نحو مزيد من التهريب، وتُفقد الدولة فرصة استثمار أكبر كنز نقدي تملكه.

تعميق أزمة سعر الصرف

كل هذه التطورات تؤدي إلى:

تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار. تزايد التضخم المفرط. انهيار القدرة الشرائية للمواطنين. رابعًا: من يدفع الثمن؟

رغم أن العقوبات تستهدف النظام السياسي والعسكري، إلا أن من يدفع الثمن فعليًا هو المواطن العادي:

العامل الذي فقد وظيفته بسبب توقف المصنع عن الاستيراد. المزارع الذي لا يجد سمادًا ولا وقودًا. المريض الذي لا يحصل على دواء. التاجر الذي يُجبر على التعامل عبر السوق السوداء. خامسًا: العقوبات كأداة سياسية – فعالة أم عقوبة جماعية؟

تاريخيًا، نادرًا ما أسقطت العقوبات الأنظمة القمعية. بل كثيرًا ما زادت من تماسكها عبر:

خطاب “الحصار الخارجي”. عسكرة الاقتصاد. قمع المعارضة بحجة الطوارئ.

وفي السودان، حيث الاقتصاد منهار أصلًا، ستدفع العقوبات الناس نحو مزيد من الفقر واليأس، دون ضمان أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في سلوك النظام.

سادسًا: أهمية وقف الحرب فورًا

العقوبات في حد ذاتها خطيرة، لكن الحرب تجعلها كارثية. فكل يوم يستمر فيه القتال:

يُفقد السودان مزيدًا من موارده. ينهار الأمن الغذائي. يتوسع النزوح والدمار.

وقف الحرب هو الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا للخروج من هذه الدوامة. فبدون وقف إطلاق النار، لا يمكن التفاوض، ولا يمكن الإصلاح، ولا يمكن للعالم أن يستجيب لدعوات تخفيف العقوبات.

الآثار المتوقعة على إعادة الإعمار بعد الحرب

من أبرز التداعيات الخطيرة للعقوبات الأميركية المرتقبة أنها ستُقوّض بشدة فرص إعادة الإعمار بعد الحرب، حتى إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. إذ أن إعادة بناء البنية التحتية المدمرة – من طرق ومرافق وخدمات عامة – تتطلب تمويلات ضخمة، لا يمكن تغطيتها من الموارد المحلية وحدها، خصوصًا في ظل الانهيار الكامل للإيرادات العامة وغياب مؤسسات الدولة الفاعلة. وبما أن العقوبات تشمل حظر الوصول إلى التمويل الأميركي وخطوط الائتمان، فإنها تحرم السودان من أي فرص واقعية للحصول على قروض ميسّرة، أو دعم من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد، أو حتى من شركات مقاولات عالمية. كما أن استمرار العقوبات يُعزّز مناخ عدم الثقة في السودان كبيئة استثمارية، ما يدفع المستثمرين للابتعاد عنه، ويطيل أمد العزلة الاقتصادية، وبالتالي يُجمّد أي مسار حقيقي نحو التعافي والتنمية بعد الحرب.

خاتمة: بين المحاسبة والإنقاذ

العقوبات الأميركية على السودان تُعبّر عن موقف دولي حازم ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، لكنها في سياق حرب داخلية وانهيار اقتصادي، تتحول إلى عقوبة جماعية تهدد بقاء الدولة ذاتها. المطلوب اليوم ليس فقط التعامل مع العقوبات، بل تغيير المسار السياسي والاقتصادي كاملاً.

وذلك يتطلب:

وقف الحرب فورًا. تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية. إصلاح شامل للقطاع المالي والمؤسسي. الشروع في مفاوضات مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات تدريجيًا مقابل التزامات واضحة بالسلام والشفافية.

فالعالم لن يستثمر في بلد يحكمه الرصاص والتهريب، ولن يخفف عقوبات ما لم يرَ إرادة حقيقية للتغيير. والسودان، برغم الجراح، لا يزال يملك فرصة – لكنها تضيق كل يوم.

* خبير مصرفي ومالي وتمويل

مايو 2025

الوسومالإنقاذ الحرب الخرطوم السودان العقوبات الأمريكية على السودان القطاع المالي والمؤسسي النظام المالي العالمي سعر الصرف عمر سيد أحمد واشنطن

مقالات مشابهة

  • خلال زيارة معالي وزير العدل د. خالد شواني الى ايران .. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان بين بغداد وطهران
  • عاجل- رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى ويؤكد استمرار جهود التنمية الشاملة
  • العراق وإيران يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان
  • نائب رئيس المؤتمر: دعم الدولة للقطاع الخاص حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة
  • رئيس لبنان يصل العراق لبحث العلاقات والتعاون الثنائي
  • الهيمص: دليل المعايير البيئية والاجتماعية يعزز الشفافية في جميع القطاعات الاقتصادية
  • رئيس الوزراء: مساحة الدلتا الجديدة تعادل 4 أو 5 محافظات كاملين في مصر
  • محافظ الدقهلية يستقبل وفد مركز معلومات مجلس الوزراء لبحث سبل التعاون فى مجال البيانات
  • رئيس الجمهورية يستقبل نظيره اللبناني في قصر بغداد
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟