تحويل الأموال الساخنة إلى استثمارات مباشرة يحمى الاقتصاد من الأزمات
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
3 مستهدفات تعزز ريادة الشركة فى عام 2024
أطلق خيالك حتى تكتشف من أنت، فمهمتك ليست خلق النتائج، وإنما خلق الأسباب، فقط إبذل كل ما تستطيع، فالذى يبحث عن العبقرية والإنجاز، يجب أن تكون مسيرته كلها كفاح.. إعلم أن نجاح اتجاهك وفكرتك يكون بقوة الإيمان بها، وتوفير الإخلاص فى سبيلها، فالعمل والاجتهاد أفضل وسيلتان يرفعان من شأنك، فلن تصبح أنت إلا إذا كنت تؤمن حقا بقدرتك.
تجاوز كل ما هو محيط بك انطلق بعيدا، إحلم فليس الحلم عيبا، فهو من يشكل مسيرتك، كل العظماء لم يولدوا هكذا، وإنما تميزوا عن غيرهم بالإبداع والابتكار، وهكذا الرجل مشواره مغامرة مليئة بالفرص، والنجاحات.
على الغنام، رئيس مجلس إدارة شركة أسطول القابضة للاستثمارات المالية، لا يتوقف عن التعلم، والمعرفة كونهما مفتاح النجاح والتفوق، فى فلسفته لا وقت للراحة، وإنما العمل المستمر، العطاء وخدمة الآخرين أهم ما يشغله، غامض لمن لا يعرفه.
مساحة شاسعة من الأشجار والنباتات العطرية، أرض عشبية تتألق بسحر التصميم الداخلى والخارجى، لمسات خضراء تزين كل مكان فيها، اشجار زينة تحيط بالسور مجسدة لسحر الطبيعة، أناقة متناهية عند المدخل الرئيسى المصمم بشكل هندسى كلاسيكى، ألوان مريحة، وهادئة، أناقة فى الأثاث إلى جانب الأرضية السيراميكية، لوحات تحكى تفاصيل الطبيعية، برسومات أكثر تعبيرا، فازات، وانتيكات تقص كل واحدة تراث البلد التابعة لها، على بعد درجات من السلم الرخامى تبدو حجرة مكتبه، وقد اتسمت بالطراز الفريد، مجموعة أرفف متعددة تحتوى مجلدات نادرة من الثقافات المختلفة، وكتب تتعلق بمجال العمل.
مكتبه أكثر تنظيما، وترتيبا، قصاصات ورقية، يدون بسطورها أجندة أعماله اليومية، أجندة ذكريات تحتوى سطورها على محطات مهمة فى رحلته، غيرت من مسار مسيرته، بدأ افتتاحيتها ببعض الكلمات لكل من كان له فضل فى نجاحاته وأولهم زوجته بقوله «لحظات الدعم هى اللحظات التى تخلد فى الأذهان، وتحمل كل معانى السعادة، فشكرا زوجتى على دعمك فى مشوار الرحلة».
«الفكر ينقلب إلى عمل، والعمل إرادة تتحقق» هكذا يكون الرجل، يخطط باحترافية وهو سر نجاحه، لا يتحدث كثيرا، كل كلمة عنده بحساب، رؤية إيجابية، وتفاؤل مبنى على خطط، يحلل معتمدا على الأرقام، يفسر التغيرات التى شهدها الاقتصاد مؤخرا على خلفية تحرير سعر الصرف.. يقول، «إن استثمارات رأس الحكمة تعد من أهم الملفات التى كان لها التداعيات الإيجابية على مناخ الاستثمار، بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية نتيجة متغيرات خارجية، بدأت بجائحة كورونا، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، والتضخم العالمى ثم اضطرابات المنطقة، وكان لكل ذلك الأثر السلبى فى وقت تزامن مع استكمال الإصلاحات الاقتصادية، وإعادة بناء لبنية تحتية، قادرة على تهيئة السوق للاستثمار، واستقطاب الأموال الاجنبية».
التخطيط يساعدك لتصبح الشخص الذى تتمناه، وهو ما يتميز به محدثى، إذ أنه يرى أن خطوة استثمارات رأس الحكمة، لم يتأخر الإعلان عنها، حيث يعتبر أن المشروعات الكبرى، تستغرق وقتا حتى يمكن إعدادها بصورة جيدة، خاصة أن المشروع يعتبر من الاستثمارات الكبرى فى تاريخ الاستثمارات الأجنبية، التى تسهم فى حركة لكل القطاعات والانشطة المختلفة، وهو ما يدعم الرؤية التفاؤلية للاقتصاد، وذلك يحتاج إلى تعديل ثقافة البيع لدى السواد الأعظم عن بيع الاصول إلى المستثمرين سواء الأجانب، أو المستثمرين المحليين.
- بثقة وفكر إيجابى يجيبنى قائلا «إن هذه الإجراءات تعمل على استقطاب المزيد من الاستثمارات للسوق، سواء على مستوى الاستثمارات المباشرة، أو غير المباشرة التى قد تتحول إلى استثمار حقيقى، يعمل على توفير فرص عمل، ونشاط فى القطاعات المختلفة، خاصة فى ظل توافر الفرص الاستثمارية المتنوعة، التى من شأنها تعمل على تدفقات الأموال الأجنبية».
الأفكار المتجددة أهم مفردات يبنى عليها الرجل رؤيته، يتبين ذلك فى تحليله لملف السياسة النقدية، التى واجهت ارتباكا، طوال الفترات الماضية، نتيجة عدم توافر النقد الأجنبي، لكن مع انفراج الأزمة، شهد النقد الأجنبى تدفقات كبيرة، مما ساهم فى تحسن المشهد، نتيجة هذه الإصلاحات التى مرت بها السياسة النقدية، واستخدام أدواتها لتحقيق الاستقرار للاقتصاد، ونشاط استثمارات المحفظة أو الأموال الساخنة، أمرا لا يدعو للقلق، حيث أن كل اقتصاديات العالم التى شهدت تحريرا فى سعر الصرف، تزايدت فيها حجم الأموال الساخنة، وعلى الحكومة فى هذا الصدد الاستفادة من هذه الاستثمارات، وتحويلها إلى استثمار مباشر حتى لا تواجه عند التخارج مشكلات متعددة، مثلما حدث قبل ذلك، بالإضافة أنه لا بد من أن ينعكس ذلك على المواطن فى تراجع الدولار أمام العملة المحلية.
الاعتماد على النفس من الصفات المستمدة من والده، ويتبين ذلك فى حديثه عن الاقتراض الأجنبى، إذ يرى أن الاقتراض الخارجى أمرا طبيعيا، إذ نجحت مصر فى سداد التزاماتها من الديون المستحقة لدى المؤسسات العالمية، وهو ما يسهم فى زيادة الثقة فى الاستثمار الوطنى، فى ظل التدفقات الاستثمارية التى بدأت بصفقة رأس الحكمة، ومتوقع تزايد هذه الاستثمارات فى كل القطاعات، وسيكون لها دور فى الوضع الاقتصادى، مع ضرورة التركيز على الإنتاج والتصدير.
- علامات تفاؤل ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا، «إن السياسة النقدية والمالية تواجهان انتقادات وعدم رضا من المراقبين والمحللين، ورغم ذلك لا بد من التماس العذر للسياستين نتيجة الضربات القوية من الأزمات الاقتصادية العالمية، وأثرت على السوق المحلى، مما دفع الحكومة إلى تعزيز إيراداتها من المنظومة الضريبية التى أثرت سلبا على الاستثمار والمستثمرين، ويسهم ذلك أيضاً فى الوصول إلى العمل على دعم الاقتصاد غير الرسمى، لضمه لمنظومة الاقتصاد الرسمى، مع تقديم محفزات متنوعة لتشجيع أصحاب هذا القطاع والانضمام للمنظومة الرسمية.
فى ظل المتغيرات التى شهدها الاقتصاد مؤخرا مع تحرير سعر الصرف، تباينت الآراء بين المراقبين والمحللين حول أثر ذلك على مناخ الاستثمار فى السوق الوطنى، لكن محدثى له رؤية خاصة فى هذا الملف تبنى على الاحترافية فى التعامل، إذ يعتبر أن عام 2024 يكون عام التدفقات الاستثمارية، عبر طروحات كبيرة وفرص متنوعة بالسوق، وفى ظل تدفق الأموال، لابد من تطبيق قوانين الاستثمار، لتحقيق الحماية للاستثمارات المتنوعة فى السوق والعمل على التوسع بها، مما يعزز التدفقات الاستثمارية بالسوق، وأيضاً تعزيز الثقة للمستثمر، خاصة المستثمر المحلى الذى يعد اللاعب الرئيسى فى جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، لذلك لا بد أن يتم تقديم المزيد من المحفزات المهمة الخاصة بالاستثمار، وذلك بعد زيادة التنافسية الاستثمارية فى المنطقة، وعلى الدولة العمل على الاستغلال الامثل للفرص الاستثمارية.
لكل جهد منظم عائد مضاعف ونفس الحال يراه الرجل فى القطاع الخاص الذى نجح فى أن يخطو خطوات سريعة ليتحمل المسئولية والمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادى، خاصة فى ظل الدعم الكبير من الحكومة للقطاع الخاص، والذى بدأ يتخذ منحنى آخر تكشف فى العديد من المشروعات الاستثمارية مؤخرا.
- بثقة وتفاؤل يجيبنى قائلا، «إن كل القطاعات تستفيد من هذه المتغيرات، حيث تشهد قطاعات السياحة، والتشييد والبناء، والزراعة، خلال الفترة القادمة قفزات كبيرة، وتحصد هذه القطاعات مع الاقتصاد ثمار الإجراءات الإصلاحية خلال عام 2025، مع التشديد على الاستمرار فى عملية الإصلاح».
التفكير بصورة أكثر إبداعا، سر تميز الرجل، يتبين ذلك فى حديثه عن عودة برنامج الطروحات سواء الحكومية أو الخاصة، حيث أن الفترات الماضية لم يكن السوق جاهزا لتلقى الطروحات بسبب الأزمات المتلاحقة، وكان لها التأثير الأكبر فى عدم الرغبة للطرح، خاصة فى السيولة واحتياج الحكومة للعملة الصعبة من خلال اللجوء إلى مستثمر استراتيجى، لكن مع تغير المشهد باتت البورصة مؤهلة لاستقبال الطروحات، لذلك على الحكومة التوسع فى الطروحات، فى ظل أيضاً تذليل الرقابة المالية والبورصة للإجراءات التى تسهم فى استقطاب الشركات، وتهيئة المناخ للاستثمار فى سوق الأسهم.
الطموح اللامحدود هو الوقود الذى يساعد الإنسان على الوصول إلى طريق النجاح، وهو الذى نجح فى تحقيقه من خلال بذل الجهد والعمل، حماسى وهو سر تفرده، تجده ينتهج استراتيجية أكثر احترافية للحفاظ على القمة، وذلك من خلال خطط متكاملة للشركة بنيت على استراتيجية توسعية رغم مرور السوق فى فترة بالعديد من الصعوبات، وذلك بفتح فروع جديدة، والتوسع فى استقطاب المستثمرين وتوسيع قاعدة العملاء، فى ظل الفرص الكبيرة المتوافرة فى السوق، مع الاهتمام بالتسويق للسوق الوطنى بالدول الخليجية، خاصة السوق الاماراتى والسعودى، وكذلك زيادة المؤسسات الحكومية.
الآمال الكبيرة عندما يتشبث أصحاب المبادئ بالحق والصبر والكفاح، ونفس الحال للرجل، لذلك تجده يستهدف مع مجلس الإدارة تعزيز ريادة الشركة فى السوق من خلال 3 مستهدفات عام 2024، بتعزيز قاعدة العملاء من كل الفئات العمرية، سواء مؤسسات أو أفراد خاصة الشباب، فى ظل جاذبية السوق، وأيضاً استكمال السياسة التوسعية بفتح فروع جديدة للشركة بواقع 5 فروع أخرى، خاصة بمحافظات الصعيد، وأيضاً استقطاب المزيد من الاستثمارات الخليجية للسوق.
التخطيط والابتكار من السمات التى تميزه، لذلك يحث أولاده على اتباعهما، بالإضافة إلى بذل المزيد من المجهود، والكفاح، وعدم الاعتماد على الذكاء فقط، لكن يظل شغله الشاغل مع مجلس الإدارة الحفاظ على ريادة الشركة فى السوق.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاقتصاد من الأزمات استثمارات مباشرة ريادة الشركة
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري بعد الأسد.. بين إرث الانهيار وتحديات التحول
تشهد سوريا لحظة تحول فارقة في تاريخها السياسي والاقتصادي منذ إسقاط نظام بشار الأسد أواخر عام 2024، فقد ورثت الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع اقتصادا منهكا وبنية تحتية شبه مدمرة ومجتمعا متعبا بفعل أكثر من 13 عاما من الحرب.
وتحاول القيادة الحالية إعادة تعريف هوية الاقتصاد السوري منتقلة من نموذج مركزي بيروقراطي إلى اقتصاد السوق الحر، في محاولة لإنقاذ البلاد من الانهيار الكامل، والانخراط من جديد في النظام المالي والاقتصادي العالمي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دراسة: ما خسرته إسرائيل في الطوفان عوضته بالتطبيعlist 2 of 2هل خذلت النخب العربية غزة؟end of listونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "الاقتصاد السوري.. تحديات التحول نحو نظام السوق ومواجهة إرث النظام السابق" للباحث عبد العظيم المغربل بحثت الواقع الاقتصادي لسوريا في ظل الظروف السياسية الراهنة، وناقشت رؤية الحكم الجديد للبلاد والتحديات التي تواجهها، إضافة إلى المآلات التي تنتظر دمشق في ظل الظروف الجيوسياسية الإقليمية والدولية المتقلبة.
اقتصاد هش وإرث ثقيليعاني الاقتصاد السوري من تشوهات كبيرة في بنيته وقطاعاته، وهي تشكل تحديا للحكومة السورية، من أهمها:
وضع سياسي هش:ورثت الحكومة السورية نظاما سياسيا منهارا إثر هروب بشار الأسد من البلاد إلى روسيا، إلى جانب وجود مطالبات باللامركزية الإدارية من قبل ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية الموجودة شرق الفرات، وبعض الفصائل الدرزية جنوب البلاد.
وقد أطلقت الإدارة السورية الجديدة مؤتمر الحوار الوطني، ومن أهم التحولات التي تشهدها سوريا في هذه المرحلة اعتماد نموذج السوق المفتوح، حيث يؤدي القطاع الخاص دورا محوريا، وسيؤدي إلى انفتاح سوريا تجاه الدول الإقليمية والعالمية بشكل أكبر ويعزز اندماجها بالاقتصاد العالمي.
مؤشرات اقتصادية متراجعة:وتشير الدراسة إلى أن وضع الاقتصاد السوري حاليا يتميز بـ"الهشاشة البنيوية"، حيث لا تزال آثار الحرب تهيمن على مختلف نواحي الحياة، فقد أدى القتال والدمار إلى تراجع الناتج المحلي بنسبة هائلة.
إعلانوتعاني البلاد من نسب فقر كارثية، إذ يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر، وتضاعف الفقر المدقع إلى 66%، في حين تبلغ معدلات البطالة 25%، ويعتمد نحو 75% من المواطنين على المساعدات الإنسانية، كما تراجعت العملة الوطنية إلى مستويات غير مسبوقة، مما أفقدها دورها في التداول المحلي لصالح الدولار.
وركزت القيادة السورية جهودها منذ اليوم الأول نحو الحصول على الشرعية السياسية ورفع العقوبات ودمج سوريا في النظام العالمي وإعادة تفعيل القطاع التجاري، وسينعكس هذا على تحسين المؤشرات الكلية تدريجيا.
تراجع قطاعات الإنتاج الحيوية:خلال سنوات الحرب تعرضت القطاعات الإنتاجية الرئيسية لتدمير واسع، وأدت إلى تهجير اليد العاملة الخبيرة وتدمير المنشآت الصناعية وحرق الأراضي الزراعية، وتعرضت رؤوس الأموال للضغط والابتزاز وغيرها من الإكراهات.
وبعد سقوط النظام بدأت هذه القطاعات تسعى إلى تأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الرئيسية التي تساعدها على الاستمرار فقط.
وعلى صعيد إجراءات الحكومة بدأت العمل على إصلاح القطاع الزراعي والصناعي، وسط رغبة محلية وعربية بضخ استثمارات في هذين القطاعين عبر تقديم تسهيلات وإعفاءات ضريبية ومحاولة تأمين الطاقة اللازمة لتشغيل القطاعين.
البنية التحتية وإعادة الإعمار:تشير التقديرات الدولية إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تقدر بـ400 مليار دولار، فالبنى التحتية مثل الكهرباء والماء والطرقات تحتاج لإعادة تهيئة وإصلاح، بل وإنشاء بنى جديدة لها.
ويبدو أن الحكومة السورية تراهن على مزيج من التمويل الخليجي والدولي كخطة مشابهة لمشروع مارشال لإعادة إعمار البلاد، وتركز جهودها على جذب مشاريع استثمارية كبرى.
قطاع تجاري مترهل:تأثرت خطوط الإمداد والنقل وسلاسل الإمداد والتوريد إلى حد كبير خلال الحرب في سوريا بسبب النشاط العسكري الذي حصل والانقسامات في الجغرافيا العسكرية والسياسية داخل البلاد وغياب القوانين الضابطة والناظمة للعمل التجاري، إلى جانب فرض العقوبات.
وتعمل الحكومة السورية على ضبط الاقتصاد غير الرسمي، سواء على مستوى مكافحة الفساد والتهريب وغيرها.
حياة صعبة:لا تزال الحياة المعيشية للمواطنين السوريين تعتمد إلى حد كبير على التحويلات الخارجية والمساعدات الإنسانية وبعض الأعمال الحرة في ظل وجود مؤشرات تضخم وبطالة مرتفعة، خاصة أن الإدارة الجديدة أعلنت التحول نحو اقتصاد السوق الحر، في حين كان الاقتصاد إلى عهد قريب جدا يعتمد على الحكومة بشكل مركزي.
وقد جعلت الحكومة الانتقالية من أهم أولوياتها محاربة الفساد وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية والتركيز على حماية المواطنين وتعزيز الاستقرار، لكن تحقيق نتائج على صعيد هذه الأولويات فضلا عن أن تنعكس على حياة المواطنين اليومية يحتاج إلى مسار ليس بالقصير.
فقدان الثقة بالعملة المحلية والقطاع المصرفي:تراجعت قيمة الليرة السورية أمام الدولار خلال سنوات الحرب، وجرى اعتماد الدولار بدلا من الليرة، وذلك نتيجة السياسات النقدية غير العقلانية والتي أدت إلى انتهاء الاحتياطي من العملات الأجنبية وطباعة كميات ضخمة من الليرة السورية، وغياب الثقة بالنظام المصرفي، إلى جانب العقوبات المفروضة على البنوك، خصوصا البنك المركزي.
إعلانوعملت الحكومة الجديدة على إعادة تفعيل القطاع المالي والنقدي وضخ الثقة به، فاستأنفت سوق دمشق للأوراق المالية التداول بعد 6 أشهر من التوقف، مما يشير إلى أن الاقتصاد السوري بدأ يتعافى، وأن سوريا تحولت من اقتصاد مركزي يديره القطاع العام واقتصاد الظل إلى اقتصاد قائم على الحرية الاقتصادية.
الآفاق المستقبلية.. فرص مشروطة بنجاح الإصلاحترى الدراسة أن الفرصة اليوم متاحة أمام سوريا لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة خلال السنوات العشر المقبلة، شريطة استمرار الإصلاحات واستقرار البيئة السياسية والأمنية، فالنمو المتوقع في القطاعين الزراعي والصناعي قد يسهم في تقليص البطالة وتحقيق الأمن الغذائي، كما أن فتح سلاسل التوريد وخطوط النقل تدريجيا سيعزز التجارة الداخلية والخارجية.
وفي حال استمرت الاستثمارات الخليجية والتركية وتوفرت الشفافية والثقة لدى المانحين فقد تتمكن سوريا من تجاوز "مرحلة الإغاثة" والانتقال إلى مرحلة "التنمية المستدامة".
وتتوقع الحكومة انخفاضا تدريجيا في معدلات التضخم والبطالة خلال 5 سنوات، بالتزامن مع تحسن العملة الوطنية وانخفاض الاعتماد على الدولار.
اختبار كبيروتخلص الدراسة إلى أن مستقبل الاقتصاد السوري يعتمد أساسا على قدرة الحكومة على خلق بيئة سياسية مستقرة، واستكمال مسار العدالة الانتقالية، وضبط الأمن الداخلي، وبناء مؤسسات كفؤة وشفافة.
وتبقى إعادة تعريف هوية الاقتصاد السوري -كمجتمع منفتح قائم على اقتصاد السوق- مرهونة بجدية الحكم الجديد في محاربة الفساد، وبناء الثقة، والتفاعل النشط مع المجتمع الدولي.
ورغم أن الطريق لا يزال طويلا فإن التحولات الجارية -سياسيا واقتصاديا- تشير إلى لحظة حاسمة في تاريخ سوريا، وفرصة لإعادة بناء البلاد على أسس جديدة، ربما تكون الأعمق منذ الاستقلال.