الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (١٣٤)
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
نستكمل حديثنا اليوم مع بيان الجماعة الإرهابية الحاد الذى اعتبره المجلس العسكرى تجاوزا فى حقه، حيث شككوا فى نزاهة المجلس وألمحوا إلى أن المحكمة الدستورية يمكن أن تحل البرلمان إرضاء للعسكرى، وكان مؤسفا أن تستخدم الجماعة تعبير «هيحطوا إيدهم فى الدرج يطلعوا الحكم»، لم يقف المجلس العسكرى مكتوف الأيدى، بل أصدر بيانا أظهر فيه العين الحمراء للجماعة، وكان أشد ما أغضب الجماعة فى هذا البيان ما جاء فيه من أن المجلس قد ترفع فى مرات سابقة عن الرد على الافتراءات، باعتبار أن القوات المسلحة المصرية العريقة أسمى من الدخول فى جدل مع فئة أو جماعة، لم تخف مصادر قريبة من المجلس العسكرى ضيق قيادات المجلس بشدة، مما أعلنه مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع الذى قال فى مؤتمر عقدته الجماعة فى كفر الشيخ من أن الجماعة لم تتزوج من المجلس العسكرى حتى يحدث بينهم طلاق، على اعتبار أن هذا تعبير لا يليق سياسيا، وكان يجب أن يترفع عنه مرشد الجماعة، الذى لا بد عليه أن يعرف عمن يتحدث بالضبط.
لم تستسلم الجماعة ولم يستسلم خيرت الشاطر، بل قام بما يشبه عملية الخداع الكاملة للمشير طنطاوى وسامى عنان، وهذه وقائع أخرى يمكن أن نوردها عزيزى القارئ، فهذه مجموعة من اللقاءات والاتصالات التى دارت بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين وقيادات المجلس العسكرى، وهى الاتصالات التى انفجرت خلالها قنبلة ترشيح الشاطر نفسه لرئاسة الجمهورية عن حزب الحرية والعدالة، الاجتماع الأول السبت ٢٤ مارس - مقر وزارة الدفاع، تحدد الموعد صباح السبت ٢٤ مارس ٢٠١٢، ووصل محمد مرسى إلى مقر وزارة الدفاع ومعه خيرت الشاطر النائب الأول لجماعة الإخوان، بدا أنهما يسعيان إلى التفاهم، فأشار مرسى إلى أن الجماعة تلقت تطمينات من الولايات المتحدة الأمريكية بشأن عدم اعتراضها على ترشيح الإخوان لأحد أعضائها فى انتخابات الرئاسة، وأكد الشاطر أن الإدارة الأمريكية تبارك بالفعل ترشحه للرئاسة، لكنه لا يفكر فى الأمر.
كان لدى الشاطر ومحمد مرسى عرض محدد، وهو أن يتدخل المشير طنطاوى بنفسه لينقذ الجمعية التأسيسية للدستور من الانهيار، وذلك من خلال اجتماع يدعو له بنفسه، يحضره ممثلو الأحزاب، وفيه سيبدى الإخوان مرونة شديدة، اعتقد خيرت الشاطر أنه عندما يبدى نيته فى عدم الاستجابة لما ادعى أنه ضغوط أمريكية عليه بالترشح للرئاسة، فإنه يمكن أن يجعل المجلس العسكرى يستجيب لكل ما يطلبه، ويبدو أن المجلس بالفعل أبدى مرونة مع ما طرحه خيرت ومرسى من الإبقاء على البرلمان، فلا داعى للإسراع بحله، فى مقابل مساندة من يرى المجلس العسكرى أنه المرشح الأنسب للرئاسة، فى هذا اليوم تحديدا تسلم خيرت الشاطر ثلاثة قرارات بالعفو الشامل والعام عنه من القضاء العسكرى فى كل العقوبات التى كانت تحول بينه وبين العمل السياسى، وقد يكون هذا سر إعلان محاميه عبدالمنعم عبدالمقصود بقوة أنه لا توجد أى عوائق تحول بين الشاطر والترشح للرئاسة.
الاجتماع الثانى الثلاثاء ٢٧ مارس، دعا المشير طنطاوى ممثلى الأحزاب إلى اجتماع لإنقاذ الجمعية التأسيسية، وهو الاجتماع الذى حضره الفريق سامى عنان، فى هذا الاجتماع حاول طنطاوى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بدأ كلامه بالتأكيد على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع الشرعية الممثلة فى البرلمان وقراراته، المفاجأة أن محمد مرسى لم يلتزم فى الاجتماع بما سبق الاتفاق عليه، وكان صادما للمشير والفريق، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجماعة الإرهابية المجلس العسكري المجلس العسکرى خیرت الشاطر
إقرأ أيضاً:
«الانضباط العسكري» وجهود بناء الأجيال
يعتقد الكثيرون أن الفجوة الكبيرة التي نشهدها اليوم بين الأجيال وليدة اختلاف الوسائل، وسائل التواصل، ووسائل التعليم، ووسائل الترفيه، وهذا صحيح إلى حد كبير. لكن هذا الرأي يغفل عن نقطة مهمة جدا وهي فجوة في فهم معنى «الانضباط». كانت قيمة الانضباط في يوم من الأيام الشغل الشاغل لجميع الأسر وجميع مؤسسات المجتمع بما في ذلك المدارس والمساجد.. كيف تربي جيلا على قيم الانضباط والرجولة بكل ما تحمله هذه الأخيرة من تفاصيل.
وغالبا ما يُقال إن الفجوة بين جيل اليوم والأجيال السابقة لا تُردم بالمواعظ وحدها.. وهذا صحيح. فالقيم لا تُلقّن نظريا، بل تُكتسب عبر التجربة. وهنا تأتي أهمية البرامج التي تُشرك الطالب في مواقف حقيقية تُعيد تشكيل سلوكه، فتجعل من الالتزام عادة، ومن الصبر طبعا، ومن احترام الوقت والنظام نمط حياة لا يمكن تجاوزه أبدا.
وفي هذا السياق تبدو دورات الانضباط العسكري التي تنظمها الكثير من الدول لطلبة المدارس إحدى الوسائل المنهجية لإعادة تشكيل علاقة الناشئة بذواتهم وبمحيطهم، ووضعهم على محك صارم لبناء قيمة الانضباط بكل تفاصيله.. حيث يخرج الطالب من مساحة الراحة والروتين اليومي الذي اعتاد عليه بسبب ما يتوفر له من وسائل حديثة ليواجه تحديات بسيطة في ظاهرها، لكنها جوهرية في أثرها مثل ضبط مواعيد الاستيقاظ المبكر، وخدمة الذات، والانضباط ضمن الجماعة، والالتزام بالتعليمات، والعيش ضمن مجموعة متعاونة يتحمل فيها كل فرد مسؤولية الجماعة كما تتحمل الجماعة مسؤولية كل فرد.
وأمس أطلق صاحب السمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب شارة البدء لتنفيذ النسخة الثانية من برنامج الانضباط العسكري لطلبة المدارس لهذا العام والذي يُنفذ بمحافظة ظفار. وتُشرف على تنفيذه وزارة الثقافة والرياضة والشباب وبدعم من عدد من الجهات العسكرية والأمنية، وعدد من المؤسسات الحكومية الأخرى ذات العلاقة وبما يحقق الأهداف المتوخاة والغاية الوطنية المنشودة من تنفيذه.
ومن إشراف وزارة الثقافة والرياضة والشباب يمكن أن نقرأ الأهداف الجوهرية لهذا البرنامج الذي يتعمق في بناء الشخصية بناء وجدانيا وسلوكيا. حيث يرتكز على دعم قيم المواطنة والهُوية والانضباط الذاتي من خلال سلسلة من الأنشطة الثقافية والتدريبية والرياضية.
بهذا المعنى فإن الانضباط المراد من هذا البرنامج ليس نقيض الحرية، بل هو شرطها. فمن لا يضبط نفسه، يصبح أسيرا لأهوائه. وليس الانضباط هنا هو تغريب الجيل عن وسائل عصره ولكن ضبط سلوكه وتعامله معها ليكون في سياق من التوازن.. ولذلك، تأتي هذه الدورات لتعيد ربط الشاب بإيقاع مختلف، يعلّمه قيمة الوقت، وأن النظام ليس قيدا ولكنه حماية، وأن المسؤولية تبدأ من أبسط الأمور، من احترام الصف، وتنتهي إلى أعمقها، وهي الإخلاص للوطن.
وأثبتت التجارب أن الطالب الذي يخضع لتدريب عسكري تربوي متوازن، يكتسب قدرة أعلى على التركيز، ويتراجع سلوكه الفوضوي، وتزداد قدرته على التواصل والانضباط الذاتي.
على أن فوائد مثل هذه البرامج «الانضباطية» كثيرة جدا ليس آخرها اكتشاف الشاب للكثير من القدرات الذاتية التي كانت مغيبة بسبب نمط الحياة وطبيعتها، حيث يكتشف هذا الشاب أنه قادر على القيام بالكثير من الأعمال التي تزيد من ثقته بنفسه وتفتح له القدرة على تحديد مسارات حياته القادمة.