هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة والحرب واليمين
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
كشف تحقيق مطول لصحيفة هآرتس حجم الضرر الذي لحق بالتعليم العالي والبحث العلمي الإسرائيلي منذ العام الماضي بسبب الحرب على غزة والتعديلات القضائية قبلها، حتى أن القطاع بات يواجَه بعداء شبه تام من الحكومة الحالية التي تحاول تحجيم موازنته، وليس لأسباب اقتصادية فحسب وإما أيديولوجية أيضا.
وفي تحقيق بعنوان "لن تصمد الدولة.
ووصف الدكتور الباحث في المعهد كيف أخذ يتنقل بين المخابر للعثور على أصص بلاستيكية قائلا "هذه أمور أسمعها من زملائي في الهند.. هذه إهانة.. نحن إمبراطورية علمية معروفة ومحل إعجاب الكرة الأرضية كلها لكننا الآن أشبه بشحاذ يجمع الصدقات في تقاطع طرقي".
"رائحة السياسة"وتوقفت الأبحاث في معهد فولكاني بعد تقليص موازنته (البالغة نحو 95 مليون دولار) بـ21%، لكنه مع ذلك ليس المثال الوحيد وإن كان الأبرز، فقد عبر أعضاء مجلس أكاديمية إسرائيل للعلوم والإنسانيات ورؤساء هذه الهيئة السابقون في رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن "بالغ القلق لسلوك الحكومة الحالية" الذي قد يلحق حسبهم ضررا غير مسبوق بالمؤسسة العلمية و"روح وثقافة إسرائيل".
وبين خطوات أخرى أقدمت عليها الحكومة تقليص موازنة مؤسسات التعليم العالي التي تمثل قاعدة كل الأبحاث العلمية بـ 163 مليون دولار، وهي تحاول الآن السيطرة على مجلس التعليم العالي وتعمل على إضعاف لجنة التخطيط والموازنة، وهما هيئتان مهمتهما الحفاظ على البحث العلمي والحرية الأكاديمية وجودة البحث والتدريس، ناهيك عن قرارات أخفقت في تنفيذها لكن لها رمزيتها العالية، مثل سعي وزير التعليم يوآف كيش -بذريعة الحرب- لإلغاء "جوائز إسرائيل" التي تقدم في كل الميادين وبينها المجالات العلمية.
واتهمت رسالة مجلس أكاديمية العلوم والإنسانيات الحكومة بالسعي منذ تنصيبها للتدخل في البحث العلمي وهيئات التعليم العالي والمؤسسات الثقافية "لأسباب غير مهنية تفوح منه رائحة السياسة".
وضرب المجلس مثلا بمحاولات السيطرة على "المكتبة الوطنية" حيث منحت الحكومة نفسها سلطات يختص بها مجلس إدارة هذه الهيئة مثل سلطة تعيين المديرين، ناهيك عن الضرر الذي لحق بالتعاون العلمي الدولي بسبب سياسات الحكومة خلال أزمة التعديلات القضائية والحرب الحالية.
"ليسوا جديرين بنا"وانتقدت شخصيات بارزة في عالم البحث العلمي ما وصفته بجهلٍ وقلة مهنية وجشع أبان عنه مسؤولون حكوميون في اللقاءات المختلطة وعند إصدارهم قرارات الموازنة وبمحاولتهم السيطرة على المراكز العلمية، وهو ما يضر حسبهم بقدرات إسرائيل المرتكزة على إمكانياتها العلمية.
وقال البروفيسور دفيد هاريل من معهد وايزمان ورئيس أكاديمية العلوم والإنسانيات لصحيفة هآرتس مقتبسا كلمات اللواء دان غولفاس "أستطيع أن أقول إن هذه الحكومة وخاصة وزيريْ المالية والتعليم ليسوا جديرين بنا، نحن أهل مجتمع العلوم والثقافة" قبل أن يضيف " أقضي نصف وقتي في محاربة هذه الحكومة".
أما رئيس مجلس عمداء الجامعات البروفيسور آري زبان (عميد جامعة بار إيلان) فذكّر حكومة نتنياهو بمخاطر ما تفعله مع قطاع البحث قائلا "التعليم العالي أساس إعادة بناء إسرائيل عندما تنتهي الحرب".
ويقول البروفيسور هاغيت ميسير يارون من جامعة تل أبيب ورئيس دائرة البحوث بوزارة العلوم سابقا إن الاستثمار في العلوم والبحث طويل المدى، لذا لا يميل السياسيون إلى تحبيذ هذا القطاع وإنه "حتى وإن شهد كل نائب ووزير بأهمية التعليم والابتكار، فإن للسياسيين أولياتهم وهم يفضلون خدمة مجموعتهم وقطاعهم. البحث العلمي الممول حكوميا يجب ألا تحكمه الأجندة السياسية".
وحسب البروفيسور آرييل بورات رئيس جامعة تل أبيب فإن الرأي العام مشغول بغزة والشمال الآن، لذا لا تستغرق النقاشات والقرارات الوقت اللازم، وضرب مثلا بوزير العدل ياريف ليفين حين دعا لضرورة "إصلاح" الجامعات بعد الانتهاء من إصلاح النظام القضائي، وهو تصريح تبعته فعلا محاولة السيطرة على مجلس التعليم العالي بالسعي لتعيين نائب رئيس هذه الهيئة مثلا، وبالسعي لتنصيب لجنة منوط بها مراجعة موازنة التعليم العالي يقودها وزيرا التعليم والميزانية، وقال إن كل ذلك يشي بنهاية استقلالية التعليم الجامعي في إسرائيل.
المقاطعة الدوليةويضيف البروفيسور بورات أن كل ذلك يشي بقلة اهتمام وسوء فهم لتبعات هذه القرارات، وأيضا بعداء شديد للجامعات "التي تعامل وكأنها خصم.. وهو أمر له علاقة بالموقف من النخب".
ويشير البروفيسور بورات إلى ضرر كبير آخر يلحقه سلوك الحكومة بالمؤسسة العلمية الإسرائيلية وهو تراجع مكانتها العالمية حيث لا يقاطعها أعضاء عالم الأكاديميا فرادى فحسب (حتى لو كانوا عمداء جامعات أو أستاذة محاضرين) وإنما تقاطعها أيضا مؤسسات أكاديمية كاملة بالغرب، وهو أمر غير مسبوق.
وبين هذه المؤسسات البارزة "جامعة أوسلو ميتروبوليتان" التي أوقفت التبادل الطلابي مع إسرائيل أو جامعة خنت البلجيكية التي قررت إحدى لجانها تعليق مشاريع يشارك فيا باحثون إسرائيليون، أو حتى جامعة تورينو الإيطالية التي قرر مجلس إدارتها مقاطعة الجامعات الإسرائيلية عموما.
ويقول البروفيسور بورات إن هذا العداء جعل الباحثين الإسرائيليين يخشون على فرصهم في الظفر بمنح تقدمها صناديق دولية لتمويل الأبحاث، ويترددون في الانخراط في مشاريع تعاون دولية.
هاجس البقاءويظهر القلق بجلاء في استطلاع رأي أجري في ديسمبر/كانون الأول الماضي شمل 1015 باحثا، وأظهر أن الرغبة في مغادرة إسرائيل، قفزت بعد أزمة الإصلاحات القضائية والحرب الحالية من 0.91 إلى 3.3 (على سلم من 10 درجات).
وقالت البروفيسورة روث شيرتس شوفال من معهد وايزمان "تتجاهل الحكومة أن على من أوتوا العلم والتعليم العالي البقاءَ في البلاد لتخرج إسرائيل من أزمتها".
ونقل الباحثون في حديثهم لهآرتس صورة تحفل بالاحتقار وقلة المهنية، تجلت مثلا في رعاية الحكومة مشروع قرار حاولت به إعفاء الطلبة ممن يخدمون في قوات الاحتياط من ثلث المواد المقررة للظفر بالشهادة الجامعية، وهي محاولات تصدى لها مجلس التعليم العالي وانتهى الأمر بتنازلات أقل، لكنها قوبلت مع ذلك بهجوم شرس من النائب الليكودي خانوخ ملبيتسكي.
وحمل ملبيتسكي في تصريح تلفزيوني على "الضمير الأكاديمي الذي يتيح في بعض الجامعات جوا يدعم الإرهاب ويسمح بانتشار معاداة السامية والعداء لإسرائيل.. وها هو يستكمل فعله الآن باستثناء جنود الاحتياط والجنود النظاميين من الدروس الجامعية ويشارك في الدعوات لمقاطعة إسرائيل من حول العالم".
ووصلت قلة المهنية هذه -مؤخرا- حد عدم اشتراط أي مؤهلات تعليمية لمنصب حساس شغَر في وزارة الصحة هو مدير أمن المعلومات.
ويقول البروفيسور هاغاي ليفين من الجامعة العبرية لصحيفة هآرتس "البعض في الحكومة يناصب المهنية العداء، لأنها تمنعه من خدمة مصالحه القِطاعية والضيقة".
نظام شعبويوتشبه هآرتس ما تفعله حكومة نتنياهو في علاقتها بالمجتمعات العلمية بما تفعله الأنظمة الشعبوية التي تميل إلى أن تصم بالعداء مجموعات معينة بدل الاستثمار في حلول حقيقية مثل ما اقترحه مجلس التعليم العالي والمتمثل في تخصيص تمويل حكومي يسمح للطلبة ممن التحقوا بالاحتياط باستكمال ما تخلف من دروس في سنة جامعية أخرى.
وقال البروفيسور آري زبان في جلسة نقاش بالكنيست "في لحظة انفعال، تقدمون حلا مؤقتا لخيرة شبابنا لكنكم تقضون على حياتهم، فالدراسات تظهر أن التسهيلات (أي إعفاء الطلبة ممن يقاتلون مع الجيش من ثلث المواد الدراسية) سيجعلهم يكسبون أجرا أقل بـ 20% طيلة حياتهم".
وتقول هآرتس إن العلاقة بين الشعبوية والمواقف المعادية للمؤسسات العلمية تناولتها بحوث كثيرة السنوات الأخيرة، أحدها مشروع تقوده الدكتورة نيلز مييدا من جامعة زيورخ ويشارك فيه باحثون من 59 بلدا لدراسة علاقة الشعبوية بقلة الثقة في العلوم.
وقالت الدكتورة نيلز ميدا لهآرتس "القادة الشعبويون لا يميلون بالضرورة إلى معارضة العلم عموما. لكن، هناك تضارب بين الشعبوية والمنهج العلمي الذي تنتجه نخبة اجتماعية صغيرة" وهو ما يجعل هذه الأنظمة تروج لسياسات تطعن في العلم، كالرئيس البرازيلي السابق بولسونارو الذي قلص موازنة البحث العلمي.
وأضافت الدكتورة نيلز أن إسرائيل حلت في المرتبة 35 عالميا من حيث الدعم الشعبي للسياسات الشعبوية المناوئة للعلم، وخلص الاستطلاع إلى أن السمة الغالبة على ممن ينتمون إلى هذه الفئة هي التدين والميل إلى تبني خط سياسي محافظ.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مجلس التعلیم العالی البحث العلمی السیطرة على
إقرأ أيضاً:
التعليم العالي تناقش واقع الجامعات الخاصة في الشمال السوري وسبل تطويرها
دمشق-سانا
ناقش وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي خلال لقائه اليوم، مع وفد من ممثلي الجامعات الخاصة في الشمال السوري برئاسة الدكتور عز الدين قدور، رئيس جامعة الشام الخاصة في مدينة اعزاز بريف حلب، واقع الجامعات الخاصة وسبل تطويرها ودعم برامجها، بما يعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص في التعليم العالي.
وأكد الوزير الحلبي خلال اللقاء الذي عقد في الوزارة بدمشق أن الجامعات الخاصة تُعد جزءاً لا يتجزأ من منظومة التعليم العالي، والتي تهدف إلى خدمة الطالب وتعزيز البحث العلمي.
وشدّد الوزير الحلبي على أن الوزارة تدعم أي جامعة تبدي جدية في التغيير والتطوير وتسعى لبناء بنية أكاديمية متينة، وأن إرادة العمل هي الأساس الحقيقي للتطوير، مبيناً أنه تم تشكيل لجنة خاصة لمتابعة الجامعات الخاصة في الشمال السوري تعمل بكل شفافية، وتضم مختصين من مختلف المجالات، لتقييم إنجاز الجامعات ونسب تطبيق المعايير الأكاديمية.
وفيما يخص مفاضلة الجامعات الخاصة خلال الفترة المقبلة، أشار الوزير إلى أنها ستكون موحدة على مستوى سوريا، وأن برامج الدراسات العليا في الجامعات الخاصة ستخضع لمعايير واضحة ومحكمة لضمان جودة التعليم واستدامته.
من جانبهم، استعرض ممثلو الوفد التحديات التي تواجه الجامعات الخاصة وخصوصاً شمال حلب التي تضم ثماني جامعات، منها ست جامعات غير ربحية، وجامعتان ربحيّتان، مؤكدين أن معظمها يعمل بروح الجامعات العامة، ويهدف إلى تقديم خدمة تعليمية حقيقية.
كما دعا الوفد إلى تسهيل إجراءات معادلة الشهادات الصادرة عنها، ودعم هذه الجامعات في مواجهة الصعوبات فيما يخص البنية التحتية والأكاديمية، بما يُسهم في تحسين جودة التعليم العالي وتوسيع فرصه للطلبة في المنطقة.
حضر اللقاء معاونا الوزير لشؤون الطلاب الدكتور عبد الحميد الخالد، ولشؤون التعليم الخاص الدكتور محمد سويد.
الجامعات الخاصة الشمال السوري 2025-07-28Zeinaسابق واقع وتحديات مياه الشرب والحلول اللازمة في ورشة عمل بمحافظة حلب انظر ايضاً الواقع التعليمي في الجامعات الخاصة للعام الدراسي المقبل خلال اجتماع بين التعليم العالي واتحاد الطلبة
دمشق-سانا النهوض بواقع العملية التعليمية والتدريسية في الجامعات الخاصة للعام الدراسي المقبل والارتقاء بوظيفتها الاجتماعية، كانت …
آخر الأخبار 2025-07-28التعليم العالي تناقش واقع الجامعات الخاصة في الشمال السوري وسبل تطويرها 2025-07-28الاتصالات السورية تطلق مبادرة “شبكة المستثمرين السوريين” 2025-07-28وزارة الاقتصاد السورية: جميع مخابز السويداء تعمل حالياً بكامل طاقتها الإنتاجية 2025-07-28وزير الثقافة يبحث مع المفكر جورج صبرة دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة 2025-07-28وزير التربية ومعاون وزير الداخلية يتفقدان مراكز امتحانات الشهادة الثانوية بدمشق 2025-07-28منتدى الاستثمار السوري السعودي… توقيت مفصلي ورسائل داخلية وخارجية 2025-07-28إخماد حريق حراجي على طريق مصياف في ريف حماة الغربي 2025-07-28غرام الذهب ينخفض 10 آلاف ليرة في السوق السورية 2025-07-28ألباريس: المجاعة الحاصلة بغزة جراء الحصار الإسرائيلي “مخزية” 2025-07-28لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً
صور من سورية منوعات اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28 رجل صيني يثير جدلاً بتحويل سيارته إلى حوض أسماك متنقل 2025-07-28
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |