قال الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن ليس هناك فصل بين الإيمان والأخلاق والعمل، ونحن إنما ننطلق من الداخل، حيث لا يكون السلوك الخارجي إلا ترجمة حقيقية لما في الداخل، وهذا أساس الإيمان الذي هو قول واعتقاد يصدقه العمل، ثم تأتي مرحلة الإحسان، وهي مرتبة خاصة تختبر فيها الرجال، حيث الرقيب هو الله وحده.

والفصل بين الظاهر والباطن إنما هو من النفاق.

مفتي الجمهورية: القوانين والأحكام المعاصرة لا تخالف الشريعة الإسلامية المفتي: الرقابة الذاتية تدل على حقيقة الإيمان بالله

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا أن هذا القلب الذي يحوي جملةً من المعاني الخفية، ليست ظاهرة أمام الناس، هي أساس المعاملة القائمة على الأخلاق، وقد ركز الإسلام على أهمية الأخلاق، وهي مرتبة الإحسان التي ذكرها المصطفى في حديث سيدنا جبريل، والإحسان من حيث استقراره في القلب هو ما ينظم مسألة الأخلاق ويراقبها ليرقيها.

الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية

وأوضح مفتي الجمهورية أنه لم يتم التركيز كثيرًا على الأعمال في التشريع القرآني كما ركز على الأخلاق؛ جانب التدين الحقيقي، التي تنعكس على العمل في النهاية، حيث إن المنظومة الإسلامية كلها تركز على الجوهر وليس لها ارتباط كبير بالشكل، فضلًا عن الموازنة بين الجانب المادي والروحي، وهذا هو مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المسلك المنشود حديثًا كما أكدته أحدث الدراسات العلمية.

حكم إخراج زكاة على المال المودع في البنك

وردًّا على سؤال عن حكم إخراج زكاة على المال المودع في البنك قال مفتي الجمهورية: قيمة زكاة المال المودع في البنك هي 10% قياسًا على زكاة الزروع، وهذا اجتهاد لبعض أهل العلم المعاصرين كالشيخ عبد الله المشد رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، وغيره، فقد أفتوا بأن الزكاة في المال المودَع بالبنك الذي يتعيش منه صاحبُه تُستَحَقُّ على العوائد فقط؛ وهذا اجتهادٌ مبناه على اعتبار المال المودَع في البنك كالأرض التي تجب الزكاة فيما تخرجه من نتاجها بمقدار 10%، ولا نظر هنا إلى مرور الحول، ويكون ذلك مجزئًا له عن زكاة هذا المال؛ وهو اجتهاد فيه رؤية وحكمة.

هل الله غضبان علي لعدم إجابته دعائي؟ 

واختتم مفتي الجمهورية حواره بالرد على سؤال يقول هل الله غضبان علي لعدم إجابته دعائي؟ قائلًا: ينبغي للإنسان أن يوقن بإجابة الله عز وجل لدعوته لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ادعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن اللهَ لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ»، ومعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وأنتم موقنون بالإجابة»؛ أي: وأنتم على يقين بأن الله لا يردكم خائبين؛ لكرمه الواسع، وعلمه المحيط، وقدرته التامة، وذلك يتحقق بصدق رجاء الداعي وخلوص نيَّته، وأما عن أفضل صيغة للدعاء فهي الدعاء بما جاء بالقرآن والسنة، ولكن إذا تعذر ذلك فيمكن للمرء الدعاء بما شاء أو بما يحفظ ما دام ليس في دعائه مخالفة شرعية، فيمكن للإنسان الدعاء لنفسه ولأهله وجيرانه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء الإيمان والأخلاق القلب المال المودع زكاة المال زكاة الزروع مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: هناك توءَمة بين العلم والدين.. والنصوص الشرعيَّة تحثُّنا على إعمال العقل والتدبُّر

قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنَّ العلم هو السبيل الصحيح لرقيِّ الأمم وتقدمها، ولم نجد أمَّةً من الأمم سادت إلا بفضل العلم والبحث العلمي، فمن أراد أن يبني حضارة وعراقة فعليه بالعلم، ولم تكن كل الحضارات من وليد المصادفة أو عشوائية، بل كانت نتاج منهجية علمية رصينة.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "مع المفتي" تقديم الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس، مضيفًا أنَّ «العلم يحتلُّ مكانةً عظيمةً وقيمةً كبيرة في منظومةِ القيمِ الإسلامية، فالطريق إلى فهم الدين لا يكون إلَّا بالعلم، والعلمُ أساسٌ للدين والدنيا، ولذلك اهتمَّ المسلمون عبر تاريخهم بالعلم والعلماء والكِتَاب والمؤسسات التعليمية، وكان لهم السَّبْقُ في ميادينَ علميةٍ كثيرةٍ أنتجتها الحضارةُ الإسلاميةُ، أفادت بها البشريةَ جمعاء».

وأوضح مفتي الجمهورية أن القرآنَ حافل بالآيات التي تحضُّ على النظر، وتدعو إلى التفكر بأساليب شتَّى وصور متنوعة، والمراد بالنظر: النظر العقلي، وهو الذي يستخدم الإنسانُ فيه فكرَه بالتأمل والاعتبار.

وأكَّد المفتي على أنَّ الآيات والأخبار والدلائل الصريحة تواترت وتوافقت على فضيلة العلم والحثِّ على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه، منها -على سبيل المثال لا الحصر- قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 1-5].

وأشار إلى أن الإسلام يسعى إلى بناء إنسان متعلِّم، فالعلم هو الضامن الحقيقي لإعادة صياغة الشخصية وتطويرها بالقدر الذي تستطيع به مواكبة متطلبات العصر وتحدياته، ومن ثم لا توجد ازدواجية بين العلوم الدينية والدنيوية، كما أنه من دون العلم لا يكون الإنسان مؤهلًا لمهمة الاستخلاف في الأرض، وبغيره لا تتحقق مصالحه.

وقال مفتي الجمهورية: "إنَّ العلم في نظر الإسلام لا يقتصرُ على تحصيل العلوم الدينيَّة، أي تلك العلوم التي تدور حول فهم الكتاب المسطور فقط، بل إنَّ العلم في الإسلام شامل لكُلٍّ من الكتاب المسطور والكتاب المنظُور، فعلم الكتاب المسطور هو ذلك العلم الدائر حول القرآن الكريم والوحي الشريف، وعلم الكتاب المنظور هو ذلك العلم الناظر في الكون وآياته، وقد أبدع المسلمون في تلك العلوم أيَّما إبداع، ولهم في ذلك علامات براقة يشهد لها تاريخ العلوم، وأعلامٌ كان لهم أعظم الأثر في تطور العلوم بل في نشأتها، كالخوارزمي في علم الجبر، وابن الهيثم في علم البصريَّات، وابنِ سينا وابن رشد وأبي بكر الرَّازي وغيرهم الكثير".

وشدد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على أن هناك توءَمة بين العلم والدين، فالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة تحدثنا وتحثنا على إعمال العقل والتدبر والتفكر والبحث، فطلب العلم بكافة تخصصاته من ضمن التكليفات الشرعية بل يُعد من فروض الكفاية في الشرع الشريف.

وأوضح أن العلماء والفقهاء قسموا الأمور الواجبة إلى أمور واجبةٍ على الأفراد بحيث يتحمل مسئوليتها الفرد بعينه، ولا يغني عنه فيها غيره، ويحاسب عليها وحده ثوابًا وعقابًا والتي تنبع أهميتها في تقوية الجانب الإيماني الفردي، كأداء العبادات من صلاة وصيام وغيرها والتي تندرج تحت فروض العين، والأمور الأخرى هي الواجبة على مجموع الأفراد بحيث يتحمل مسئوليتها المجتمع بأسره، وهذا ما يُسمَّى بالواجب الكفائي، وهو يتضمن معنى المسئولية الجماعية، أي: أنه إذا فرط جميع المكلفين من أفراد المجتمع في هذه المسئولية كانوا جميعًا آثمين، وإذا نهضوا وحدَّدوا من يقوم بأعبائها بحيث يسدون الحاجة ويقومون بالفعل المطلوب، أو وجد من يقوم بذلك تبرعًا وهو كفء له سقط الإثم عن الجميع.

وأضاف: ومن أمثلة هذه المسئولية الجماعية التي تنشأ عن فروض الكفاية والتي تحتاج إلى عقل باحث ومفكر ومبدع ضرورة أن يكون في المجتمع الأطباء والمهندسون وأرباب الصناعات والحرف والمهن والتجارات والقائمون على الولايات العامة والخاصة، وغير ذلك من الأمور الدنيوية التي يتوقف عليها صلاح المعاش، فإن هذه الأمور كلها فروض كفايات يجب أن ينهض في المجتمع من يقوم بها سدًّا لحاجات أفراد المجتمع، كما أن تعلم العلوم المختلفة العقلية والنقلية والتجريبية وإتقان الصناعات فرض كفاية لا يسلم المجتمع من الإثم إلا بوجود من يتصدر لها.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على ضرورة طلب العلم قائلًا: أنصحكم وإياي بالسعي الجاد والمثابرة في طلب العلم، فإن العلم لا يُنال بالرغبات ولا الأمنيات والأحلام، بل بالجهد والتعب والإصرار، واجعلوا من العلم رفيقًا دائمًا، واسلكوا دروبه بإصرار وعزيمة، فالنجاح لا يأتي إلا لمن عمل واجتهد وصبر وثابر.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الأرملة التي ترفض توثيق زواجها الجديد لتستمر في الحصول على المعاش «تأكل مالا حراما»

مفتي الجمهورية ناعيا والدة وزيرة الثقافة: «أنزلها الله منازل الأبرار»

مفتي الجمهورية: ليس من سلطة العلماء تكفير أي إنسان.. وتحديد مصائر الناس «تألي على الله»

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: يستحب للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • إبراهيم البيومي غانم يكتب: كيف نتوضأ بأخلاق النبوة.. كتاب طال انتظاره
  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب
  • مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • مفتي الجمهورية: هناك توءَمة بين العلم والدين.. والنصوص الشرعيَّة تحثُّنا على إعمال العقل والتدبُّر
  • مفتي الجمهورية: المذاهب الفقهية المعتبرة حفظت لنا الدين
  • مفتي الجمهورية: غياب المقوِّمات العلمية عن المتصدِّر للإفتاء يُنتج آراء وفتاوى مشوَّهة
  • مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة
  • مفتي الجمهورية ناعيا والدة وزيرة الثقافة: «أنزلها الله منازل الأبرار»