خطة العمل لرقمنة الوزارة.. منصات وبرامج لـ"التدريب المهني.. وخدمات إلكترونية للجمهور
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
تواصل الإدارات المُختصة بوزارة العمل تنفيذ توجيهات وزير العمل حسن شحاتة بسرعة الإنتهاء من إطلاق كافة الخدمات المُقدمة للمواطنين إلكترونيًا، وبشكل كامل، من بينها خدمات : كعب العمل،وتراخيص مزاولة المهنة، وشهادات قياس مستوى المهارة، وتراخيص عمل الأجانب فى مصر ،وكذلك منظومة العمالة غير المُنتظمة، وغيرها من الخدمات،وذلك في إطار خطة الدولة نحو التحول الرقمى وعالم التكنولوجيا، وتماشياً مع المُتغيرات التى طرأت على سوق العمل المحلى والدولى.
-منصة العمالة غير المنتظمة:
وتواصل وزارة العمل، إطلاق البث التجريبي للمنصة الإلكترونية لمنظومة "تشغيل وحماية العمالة غير المنتظمة"،في عددِ من المحافظات ،حيث الإنتهاء حتى الأن من محافظات "الأسكندرية وبور سعيد والجيزة"، بهدف التوسع فى تسجيل أعداد العمالة غير المنتظمة، وتسهيل عمليات التسجيل على المُقاولين لصالح هذه الفئة باعتبارها فئة أولى بالرعاية، فضلًا عن أنها تمثل شريحة كبيرة من المواطنين..وتستهدف الوزارة من خلال رقمنة ملف العمالة غير المنتظمة،مواصلة إنشاء قاعدة بيانات مُوحدة من أرض الواقع ترتكز على استهداف قطاعات وفئات العمالة غير المنتظمة التى تعمل داخل القطاعين الرسمى وغير الرسمى على مجموعة من المراحل، والتوسع فى الأعداد مما يُساهم فى توفير المعلومات لمُتخذ القرار وتقديم آليات محكمة ودقيقة للدعم ولتوفير فرص العمل، فضلًا عن تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والتواصل المستمر مع المستفيدين ومتابعة استلام المنح، بالإضافة إلى مواجهة كافة الأخطاء، وتأمين المنظومة لضمان وصول المستحقات لأصحابها، مع عرض كافة المستندات الخاصة بكل عامل من خلال قيام المقاول بتحميلها إلكترونيًا، لحوكمة الخدمات المقدمة لهم.
-البوابة الجيومكانية:
أما المشروع الثانى الذى تُنفذه وزارة العمل، فهو "البوابة الجيومكانية المعلوماتية" لمؤشرات أداء الوزارة، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمى WFP، لتوفير معلومات دقيقة وحديثة لكافة خدمات ومشروعات الوزارة،فضلًا عن مُتابعة الشكاوى المُقدمة من المواطنين وإجراءات بحثها، وتسهيل التخطيط، وعرض وتحليل البيانات على المستويات الإدارية المُتعددة باستخدام أدوات ونظم المعلومات الجغرافية ،وإتاحتها لمتخذى القرار، حيث يتم وضع كل ما يخص الوزارة، على البوابة الجغرافية، من: مراكز تدريب مهنى، والمديريات بالمحافظات، ومراكز التدريب المهني ،و مكاتب التفتيش، والجهات التى تنفذ خدمات للمواطنين مثل كعب العمل وغيرها، لتسهيل وصول خدمات من خلال "جوجل"، عن طريق الدخول على الخريطة، واختيار الخدمة المرغوب فيها، ومن ثم يظهر على الفور موقعها وكيفية الوصول لها على الهاتف الشخصى..وستوفر البوابة الجيومكانية أيضا حصر لفرص العمل المتاحة، والأعداد التى تم تعيينها خلال السنة مقارنة بما سبق، والخدمات التى تقدم لذوى الهمم، ودورات التدريب المهني حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى من البوابة، والتى تم إطلاقها تجريبيا للعاملين بالوزارة، وسيتم تفعيلها فور الانتهاء مراحلها الأخيرة، والتى ستُضيف بعض البيانات لخدمة الجماهير،وكذلك ربط خدمات الوزارة وأماكنها ببعضها ..
-منصة التدريب المهني:
فى سياق مُتصل، انتهت وزارة العمل من منصة للتدريب المهنى إلكترونيًا،ستُطلقها قريبًا لإتاحة التدريب عليها على 3 مهن هي :التفصيل والخياطة ،وصيانة الموبايل، والتبريد والتكييف، وتضم المنصة نظام تعليم إلكترونى وفصول افتراضية ومحتوى رقمى مطور، وجارى تأهيل فريق عمل من الوزارة على إدارة المنصة وإنتاج المحتوى، بحيث ترفع من كفاءة المستفيدين من نظم التدريب المتاحة والاعتماد عليها فى حالات الكوارث مثل جائحة كورونا.. وإعداد صفحة جديدة للوزارة يُمكن من خلالها خروج خدمات الوزارة إلى منصة مصر الرقمية، وذلك بالتزامن مع الانتهاء من تطوير مكاتب التشغيل ونظم التدريب المهني ،وربطها إلكترونياً بالمديريات التابعة لها والوزارة..كما أن مشروع "مهني 2030"،الذي أطلقه وزير العمل حسن شحاتة منتصف يناير الماضي ،بالتعاون مع القطاع الخاص ،لتدريب مليون متدرب سنويا ،على المهن التي يحتاجها سوق العمل في الداخل والخارج ،لديه منصات وروابط الكترونية بالفعل ،تعطي مساحات واسعة للتواصل وتسجيل البيانات من خلال شبكة معلوماتية موحدة على مستوى الجمهورية ...
-تراخيص الأجانب:
..وبدأت الإدارة العامة لترخيص وتنظيم عمل الأجانب في عملية التطوير لأداء الخدمة بشكل إلكتروني ،حيث بدأ بالفعل إستخدام البرنامج التجريبي لميكنة الخدمات في الشهر الماضي ،في المكاتب التابعة للإدارة داخل هيئات الإستثمار والبترول في عدد من المحافظات،لتسهيل استخراج تراخيص عمل العاملين الأجانب المتواجدين بمصر..حيث تعمل وزارة العمل بشكل مُستمر على ضبط العمالة الأجنبية فى مصر وتسهيل حصول المستثمرين على الإقامة بقصد العمل،واتخذت مجموعة من الإجراءت لتحقيق هذا الهدف ،منها إصدار القرارات الوزارية اللازمة لضبط العمالة الأجنبية وإحكام الرقابة عليها وتحديد فئاتها، ومُدد الخبرة اللازمة ، وتدريب مساعدين مصريين،وبحسب أحدث المعلومات زادت الإيرادات السنوية المُحصلة من رسوم استخراج تراخيص عمل الأجانب من 28 مليون جنيه فى عام 2014 إلى أكثر من 211 مليون جنيه ،كما تقوم الوزارة بتقديم كافة التيسيرات للعمالة الاجنبية التى تعمل فى مشاريع قومية منها مترو الأنفاق ،والكهرباء ،وكذلك بالنسبة لمشروع هيئة الطاقه النووية بالضبعة فقد تم إنشاء مكتب تراخيص عمل الأجانب بالضبعة لتسهيل استخراج التراخيص،كما تتواصل الوزارة مع الجهات المعنية والهيئة العامة للاستثمار لتسهيل اجراءات منح تراخيص عمل لمدة ثلاث سنوات لفئات أصحاب العمل من أعضاء مجالس الإدارة والمديرين التنفيذيين ومديرى الفروع،والتنسيق بين الوزارة والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على إنشاء قاعدة بيانات موحدة للعمالة الأجنبية والمستثمرين الأجانب الحاصلين على إقامة مستثمر وذلك بهدف الحصر الدقيق لجميع فئات الأجانب ومتابعة موقفهم الفعلى داخل البلاد،ويقوم جهاز التفتيش فى الوزارة والمديريات بالتفتيش على المنشآت ورصد أية تجاوزات تتعلق بتنظيم عمل الأجانب وموافاة الوزارة بتقارير دورية فى هذا الشأن..
-العنصر البشري:
ونظرًا لأهمية العنصر البشرى وتأهيله للتعامل مع التحول الرقمى، فقد تم تدريب مفتشي العمل فى محافظات :القاهرة، الجيزة، الفيوم، الغربية، الشرقية، دمياط، البحيرة، وأسوان، على استخدام التابلت فى عملية التفتيش على المنشآت، لتسهيل التفتيش وحوكمة نظام التفتيش مما يدعم استقرار بيئة العمل، بالتزامن مع تطبيق خطة التحول الرقمى لمكاتب التفتيش من خلال "منظومة حوسبة نظم تفتيش العمل والسلامة والصحة المهنية' بالمحافظات، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، حيث انتهت الوزارة بالكامل من 8 محافظات، هى: الإسكندرية، بورسعيد فى المرحلة الأولى، وكل من: السويس، دمياط، القليوبية، البحيرة، الجيزة، والغربية فى المرحلة الثانية، ومازالت تعمل الوزارة على استكمال الحوسبة لباقى مكاتب التفتيش.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العمالة غیر المنتظمة العمالة غیر الم التدریب المهنی عمل الأجانب وزارة العمل تراخیص عمل فضل ا عن من خلال على الم
إقرأ أيضاً:
رئيس قسم البرامج بـ «قطر للتطوير المهني» في حوار لـ «العرب»: التوجيه السليم مرتكز بناء هوية المعلم القطري
رحلة التمكين المهني تبدأ من المراحل التعليمية الأولى
الوعي المبكر يجعل التعليم خياراً مهنياً نبيلاً وهادفاً
الإرشاد يضمن استدامة الكادر الوطني بالحقل التربوي
الدولة تسعى لبناء اقتصاد معرفي يجعل التعليم ركيزة أساسية
أكد السيد محمد علي اليافعي، رئيس قسم البرامج والخدمات المهنية في مركز قطر للتطوير المهني، من إنشاء مؤسسة قطر، أن وجود نظام توجيه مهني فعّال داخل المدارس أحد المرتكزات الأساسية لاستقطاب الشباب القطري نحو سلك التعليم، مشدداً على أن رحلة التمكين المهني تبدأ من المراحل التعليمية الأولى، منوها بضرورة الاستكشاف المبكر لمسار التدريس.
وقال في حوار مع «العرب» إن وعي الطلبة المبكر بالمهن وبيئات العمل، يعزّز فرص تبنّيهم لمسارات تتماشى مع قيمهم الشخصية، وان إتاحة فرصة الاطلاع على واقع العمل التربوي للطالب في سن مبكرة يكون صورة واقعية وإيجابية عن التعليم كخيار مهني نبيل وهادف، مشيراً إلى أن نظام التوجيه المهني السليم يؤدي إلى بناء الهوية المهنية للمعلم القطري، ويُسهم في القدرة على التكيّف مع المتغيرات السريعة في بيئة التعليم.. إلى نص الحوار..
◆ كيف يُساهم وجود نظام توجيه فعّال داخل المدارس في دعم المعلّمين القطريين الجدد؟
¶ يُعدّ وجود نظام توجيه مهني فعّال داخل المدارس أحد المرتكزات الأساسية لاستقطاب الشباب القطري نحو سلك التعليم، إذ تبدأ رحلة التمكين المهني منذ المراحل التعليمية الأولى، وتُبنى تدريجيًا عبر منظومات متكاملة تصقل الهوية وتُعزّز الانتماء للمهنة التربوية.
فأولًا، يساهم هذا النظام في الاستكشاف المبكر لمسار التدريس، إذ تشير نظريات التطوير المهني الحديثة إلى أن وعي الطلبة المبكر بالمهن وبيئات العمل المرتبطة بها يعزّز من فرص تبنّيهم لمسارات تتماشى مع قيمهم الشخصية. وهذا ما يُعزز دور طموحاتهم الفردية في تشكيل ملامح مستقبلهم المهني. فعندما تتاح للطالب فرصة الاطلاع على واقع العمل التربوي في سن مبكرة، أو يشارك في تجارب واقعية كبرامج «المعايشة المهنية» التي يقدّمها مركز قطر للتطوير المهني ضمن مبادراته المختلفة، تتكوّن لديه صورة واقعية وإيجابية عن التعليم كخيار مهني نبيل وهادف، مما يُسهم في توسيع قاعدة المُقبلين على هذه المهنة من أبناء الوطن.
علاوة على ذلك، يؤدي نظام التوجيه إلى بناء الهوية المهنية للمعلم القطري، لأن توفير منظومة توجيه متكاملة تدمج بين التدريب الفردي، والتوجيه الجماعي داخل الصفوف، بالإضافة إلى برامج المعايشة في بيئة العمل الحقيقية داخل المدارس، يُسهم في تسهيل المرحلة الانتقالية من الدراسة إلى سوق العمل. كما يمنح المعلم الجديد دعمًا مهنيًا متواصلاً خلال سنواته التأسيسية، والتي تُعدّ من أدق وأهم مراحل المهنة، نظرًا لتأثيرها الكبير على قراره بالاستمرار في المسار التربوي أو الانسحاب منه. ومن هنا، يصبح التوجيه وسيلة استراتيجية لمواجهة ظاهرة التسرب الوظيفي وتعزيز الاستقرار المهني.
أما على صعيد المهارات الشخصية والمهنية، فإن التوجيه المهني السليم والفعّال يُسهم أيضًا في تعزيز مهارات التكيّف المهني، مثل المرونة، والابتكار، والقدرة على التكيّف مع المتغيرات السريعة في بيئة التعليم. فالتوجيه المهني الصحيح يقلل من صدمة الواقع التي قد يواجهها المعلم عند الانتقال من التصوّرات النظرية إلى التجربة العملية، لا سيما إذا كانت تلك التصوّرات مبنية على انطباعات مغلوطة أو معرفة مجتزأة. ومع خفض هذه الفجوة، تزداد فرص تحقيق الرضا المهني، ويترسّخ الالتزام بالمهنة، ما ينعكس إيجابًا على البيئة التعليمية بأكملها.
◆ ما دور الإرشاد الأكاديمي والمهني في تعزيز استدامة الكادر القطري؟
¶ في ظلّ التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم حول العالم، بات من الضروري النظر إلى الإرشاد الأكاديمي والمهني ليس كخدمة مكمّلة، بل كعنصر جوهري لضمان استدامة الكادر الوطني في الحقل التربوي، خصوصًا في دولة مثل قطر تسعى إلى بناء اقتصاد معرفي يعوّل على التعليم كركيزة أساسية.
ويتمثل أحد أبرز أدوار الإرشاد الأكاديمي والمهني في تصميم مسارات تقدّم مهنية واضحة للمعلمين. فقد أظهرت الأبحاث أن غياب الرؤية الواضحة حول آفاق التطور المهني يشكل عاملًا أساسيًا في انخفاض الرضا الوظيفي، بل وقد يؤدي إلى تسرب الكوادر من المهنة. وهذا الواقع لا يستثني المعلمين، بل يُعدّ أكثر إلحاحًا في القطاع التربوي. ومن هنا، يبرز دور الإرشاد المهني في رسم خارطة واضحة للمسار الوظيفي، تُظهر الكفاءات والمهارات التي يحتاج المعلم إلى تطويرها تدريجيًا للانتقال من موقع المعلم المبتدئ إلى موقع القائد التربوي.
علاوة على ذلك، فإن الإرشاد المهني الفعّال يسهم في الربط بين القيم الفردية للمعلمين وأهداف التنمية الوطنية. فعندما يحصل المعلم على توجيه يوضح كيف يتقاطع دوره اليومي داخل الفصل الدراسي مع رسالة الدولة الكبرى في بناء مجتمع قائم على المعرفة والتنمية المستدامة، يشعر بأهمية مساهمته في دفع عجلة التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وهذا الشعور بالجدوى يشكل محفزًا داخليًا قويًا يدفعه للاستمرار والعطاء في مهنته على المدى الطويل.
ولأنّ استدامة الكادر الوطني لا تتحقّق دون تأسيس ثقافة مؤسسية محفّزة، يُعد ترسيخ ثقافة التعلم مدى الحياة من خلال التطوير المهني خطوة محورية. فالإرشاد لا يهدف فقط إلى تحسين المهارات الحالية، بل إلى بناء عقلية النمو والتطور المستمر. وعندما يصبح التطوير المهني جزءًا لا يتجزأ من البيئة التعليمية، وليس مجرد مبادرة مؤقتة، يصبح المعلم القطري أكثر قدرة على التكيّف مع التحولات التربوية والتكنولوجية. بل ويغدو مؤهلًا لتوسيع نطاق أثره، فينتقل من أداء المهام التدريسية إلى شغل أدوار قيادية وإدارية داخل المنظومة التعليمية.
في المحصلة، فإن بناء منظومة إرشادية قوية وديناميكية لا يقتصر أثره على دعم الأفراد، بل يمتد ليضمن بقاء الكفاءات الوطنية في صميم العملية التعليمية، ويعزز من جاهزيتها للمساهمة في تحقيق رؤية قطر الوطنية وتنمية رأس المال البشري المستدام.
◆ كيف يسهم ربط التدريب المهني باحتياجات الخريجين في تقليص الفجوة مع سوق العمل؟
¶ الخريج حول العالم، ودولة قطر ليست استثناءً، لم يعد قادرًا على الاكتفاء بالمعرفة النظرية فحسب، بل يحتاج إلى بناء باقة من المهارات والخبرات العملية التي تتيح له دخول السوق بثقة وكفاءة. وتعزيز قابلية التوظيف والاستعداد المهني الفعلي للخريجين يبدأ بمرحلة تصميم البرامج الأكاديمية. فعندما يستند التدريب الجامعي إلى احتياجات فعلية ومباشرة في سوق العمل، يتحوّل من كونه تجربة تعليمية نظرية إلى مسار تأهيلي عملي وموجه. وهنا، يظهر الفارق الكبير بين خريج تلقى تدريبًا عامًا، وآخر أُعدّ داخل بيئة تحاكي واقعه المهني المستقبلي. الخريجون الذين يتلقون هذا النوع من التدريب يكونون أكثر إدراكًا لطبيعة الوظيفة، ويحتاجون وقتًا أقل للتكيّف بعد التعيين، مما ينعكس إيجابًا على معدلات استقرارهم واستمرارهم الوظيفي، لا سيما في القطاع الخاص، الذي يتطلّب مرونة وكفاءة عالية. هذا التوجه يقلل من معدلات التسرب الوظيفي، ويُسهم في خلق جيل من الكوادر الوطنية الجاهزة للعمل بمجرد تخرّجها.
كما يجب الاعتراف بأن سدّ الفجوة بين التعليم وسوق العمل لم يعد خيارًا، بل أولوية وطنية. فمن أبرز التحديات التي قد تواجه المنظومات التعليمية في أي دولة اليوم هو التباين بين ما يتلقاه الطالب من معارف داخل المؤسسة الأكاديمية، وبين المهارات المطلوبة في بيئة العمل الحقيقية. وتُشجع هذه الفجوة، التي قد تؤدي إلى بطالة مقنّعة أو الحاجة إلى إعادة تأهيل الخريجين، المؤسسات التعليمية على تحديث برامجها وتطوير مناهجها. ويأتي ذلك بالتنسيق الوثيق مع سوق العمل، لضمان توافق المخرجات الأكاديمية مع الواقع العملي، وإدماج مهارات قابلية التوظيف والمهارات الشخصية القابلة للنقل ضمن محتوى التدريب الجامعي.
◆ ما دور المبادرات القائمة على التطوير المهني في فتح آفاق جديدة أمام الخريجين القطريين؟
¶ في ظلّ التحديات المتزايدة التي تواجه الخريجين القطريين في سوق العمل، تبرز أهمية المبادرات التي تركز على التطوير المهني كوسيلة فعّالة لإعادة توجيه الكوادر الوطنية، وتمكينها من الانخراط في مسارات وظيفية متنوعة تواكب تطلعات التنمية الوطنية. فهذه المبادرات لا تقتصر على تقديم مهارات تقنية فقط، بل تُعيد تعريف العلاقة بين التعليم وسوق العمل، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الشباب القطري لتبنّي مهن كانت قد تبدو سابقًا بعيدة عن تخصصاتهم الأكاديمية.
ومن بين هذه المبادرات الناجحة التي يمكن الاستشهاد بها كنموذج يحتذى به، تأتي مبادرة «علّم لأجل قطر»، التي تُعد مثالًا رائدًا في تأهيل الخريجين من مختلف التخصصات الأكاديمية للانخراط في مهنة التعليم، عبر اعتماد نهج علمي واستراتيجي يجمع بين التدريب الأكاديمي والتطوير المهني المستمر. وقد حققت المبادرة نجاحًا ملحوظًا في تحفيز الكفاءات الوطنية للانضمام إلى هذا المجال الحيوي.
وساهمت المبادرة في تغيير التصورات التقليدية عن التدريس، فأصبح يُنظر إليه ليس فقط كمهنة، بل كرسالة ذات أثر مجتمعي مباشر، ما ساعد في جذب الكفاءات الوطنية التي ربما لم تكن تفكر سابقًا في هذا المسار. ويرجع الفضل في نجاح هذه التجربة إلى تبني مفهوم التطوير المهني كعنصر محوري، إذ وفّر الإطار المنهجي والتوجيه المستمر للخريجين الجدد، ودمجهم في بيئة تعليمية داعمة تعتمد على ثقافة التعلّم مدى الحياة، ما ضمن لهم بداية مهنية قوية ورؤية واضحة لمسارهم الوظيفي.
وانطلاقًا من هذه التجربة الناجحة، ومن القناعة الراسخة بأهمية التخطيط المهني المستدام، يعمل مركز قطر للتطوير المهني، بالتعاون مع مختلف الشركاء، وفي مقدمتهم وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ووزارة العمل، على بناء منظومة متكاملة للتطوير المهني على المستوى الوطني. وتهدف هذه المنظومة إلى تعميم النهج المتبع في «علّم لأجل قطر» ليشمل قطاعات متعددة، وتعزيز ثقافة التخطيط المهني والتعلّم المستمر، بما يمكّن الأجيال القادمة من اتخاذ قرارات مهنية مدروسة تتماشى مع متطلبات سوق العمل، وتخدم أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 في إعداد رأس مال بشري عالي الكفاءة.