من الواضح وفق جميع المعنيين والمطلعين أن "قوى الثامن من اذار" و"حزب الله" بشكل اساسي أكثر المتمسكين بتأجيل البتّ بالإستحقاقات الداخلية الدستورية إلى حين إنتهاء المعركة في غزة والمنطقة، وهذا يوحي بأن رهان الحزب على تطورات وتبدلات في المواقف الاقليمية، أو على إنعكاس النتائج الميدانية على التوازنات الداخلية، أكثر تماسكاً من رهانات خصومه الذين لا يمانعون بشكل كلي الدخول في مفاوضات داخلية للوصول إلى حل سياسي ورئاسي قريب.



يتعامل "حزب الله" برؤية واضحة للمرحلة المقبلة، وهو كان قد وضع تصوراً كاملاً للواقع الداخلي قبل الحرب الحالية، اذ تحاول حارة حريك بشكل حاسم تعزيز حضورها ونفوذها وموقعها داخل النظام اللبناني، لأنها وبعكس كل ما يقال عن كونها متضررة من الانخراط في السياسة الداخلية، تجد أن الحضور داخل الدولة وأجهزتها وإداراتها وحتى في مؤسساتها الدستورية يعزز مناعتها ويحصنها خلال صراعها مع إسرائيل، وعليه لا يبحث الحزب عن الإنسحاب من  التفاصيل الداخلية بل الى زيادة حضوره فيها.

لقد فتحت الحرب الحالية، كما حرب تموز سابقاً، باباً كبيراً لـ "حزب الله" لكي ينخرط أكثر في عملية المبازرة السياسية مع الأفرقاء، فبعد العام 2006 قرر الحزب أن التوازنات المعمول بها منذ الانسحاب السوري من لبنان او الاصح منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري لم تعد تناسبه، فقرر الذهاب بعيداً ونجح في ذلك عام 2008 اذ ادخل فكرة الثلث المعطل إلى القاموس السياسي اللبناني وبات له عرفاً حق الفيتو في القرارات الحكومية، وهذا ما اوصله مؤخراً الى ايصال الرئيس ميشال عون الى بعبدا.

اليوم قد يسعى الحزب بعد الحرب الى تعزيز حضوره، ولعل صرف إنجازه المفترض في الميدان في تعزيز حظوظ مرشحه الرئاسي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، سيكون خير دليل على ذلك، من هنا يصبح الحزب اكثر قدرة على استيعاب مفاعيل التسوية و"تقريشها" لصالحه، خصوصاً إذا ارتبطت بعملية الانعاش الاقتصادي واستخراج الغاز وغيرها من القضايا التي تتم إدارتها من داخل السلطة السياسية.

لكن في الوقت نفسه، لدى الحزب قناعة كبرى ان حجمه، مهما كبر، سيبقى ممثلاً لطائفة لا اكثر وعليه فإن الانخراط في عملية ترميم تحالفاته السابقة وبناء تحالفات جديدة، لأن عملية السيطرة المفترضة على الحكم او السلطة لا يمكن ان يتم إلا من خلال تشبيك سياسي واسعة كما حصل معه عام 2018 قبيل فوزه بالأكثرية النيابية وحصوله على اكثرية مع حلفائه في مجلس الوزراء، اضافة الى ايصال حليف له للرئاسة.

سيستغل الحزب تحسن علاقاته مع القوى السياسية في مختلف الساحات الطائفية وسيسعى بشكل حتمي الى تحسين وترميم علاقته ب"التيار الوطني الحرّ"، لان التهدئة مع الساحة المسيحية صعبة للغاية من دون حليفه السابق وفي ظل انسداد افق التقارب مع "القوات اللبنانية" أو مع "الكتائب اللبنانية"، من هنا سيكون امام الحزب تحدي جدي مرتبط بتصفير المشاكل في الداخل اللبناني وسيكون هذا المعيار اساسياً في تحديد مسار الحزب في المرحلة المقبلة. 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران

بيروت ـ في لحظة إقليمية حرجة، شنت إسرائيل هجوما جويا واسع النطاق، على أهداف داخل الأراضي الإيرانية، أطلقت عليه اسم "الأسد الصاعد"، مستهدفة ما وصفتها بـ"عشرات المواقع النووية والعسكرية"، من أبرزها منشأة نطنز، ومقرات تابعة للجيش والحرس الثوري.

ومع إعلان طهران، أنها سترد بقوة على الهجوم الإسرائيلي تتجه الأنظار إلى "محور المقاومة"، لا سيما إلى حزب الله اللبناني، الحليف الإستراتيجي لطهران، وسط تساؤلات متزايدة: هل سيكون الحزب جزءا من الرد الإيراني، أم سيكتفي بالمراقبة في ظل توازنات داخلية وإقليمية معقدة؟

ويرى محللون تحدثوا للجزيرة نت، أن الوضع الحالي، رغم تصعيده اللافت، لا يستدعي تدخلا عسكريا مباشرا من حزب الله، مشيرين إلى أن طبيعة الصراع لا تزال ديناميكية ولم تبلغ حد التهديد الوجودي للنظام الإيراني.

وبحسب هؤلاء، فإن إيران، رغم المساس بسيادتها، تسعى -انطلاقا من منطق الدولة- إلى تولي الرد بنفسها لإثبات قدرتها على الردع، والحفاظ على مكانتها الإقليمية والدولية. فـ"أي رد يصدر من خارج مؤسسات الدولة، أو ينفذ من حلفائها، قد ينظر إليه كعلامة ضعف، ويفقد قيمته الاعتبارية"، بحسب ما أكد أكثر من خبير.

الكاتب والمحلل السياسي علي حيدر اعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن قراءة المشهد الإقليمي تتطلب فهما لطبيعته المتغيرة، فهو ليس مسارا خطيا بل تطور دائم التأثر بمتغيرات داخلية وخارجية.

محللون يتوقعون أن ترد إيران على الهجوم الإسرائيلي (الأوروبية) التهديد الوجودي

ويرى حيدر، أن التدخل العسكري من حزب الله "غير مطروح في الوقت الحالي"، مضيفا أن "المعطيات لا تفرض على الحزب أن يزج بنفسه في مواجهة مباشرة، خاصة أن الهجوم، رغم خطورته، لا يشكل تهديدا وجوديا فوريا لإيران".

إعلان

وعن موقف طهران، أوضح حيدر أن إيران نفسها، رغم تعرض أراضيها لهجوم مباشر، لا تحتاج إلى دعم حلفائها في هذه المرحلة، قائلا "الرد الإيراني المباشر هو الخيار الطبيعي والمنطقي، كونه يعكس قدرة الدولة على حماية سيادتها، كما يؤكد مركزية القرار الإيراني".

واستشهد حيدر بمواقف سابقة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، الذي كان يشدد دوما على أن إيران سترد بنفسها في حال تعرضت لعدوان مباشر، معتبرا أن "الاستعانة بالحلفاء في هذه الحالة قد تفسر على أنها نقطة ضعف".

وخلص حيدر إلى أن "مرحلة تهديد النظام الإيراني، إن حصلت، ستشكل مستوى مختلفا من التصعيد، وقد تفتح الجبهات على مصراعيها، بما فيها الجبهة اللبنانية. أما حتى اللحظة، فلا مؤشرات على نية إسرائيل استهداف حزب الله مباشرة، وعليه لا تبدو هناك ضرورة لتغيير تموضع الحزب الحالي".

عاجل | رويترز عن مسؤول في #حزب_الله: الحزب لن يبادر بمهاجمة إسرائيل ردا على غاراتها على #إيران pic.twitter.com/82zvNxKTVR

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 13, 2025

الرد الحتمي

من جهته، رأى المحلل السياسي توفيق شومان، أن الهجوم الإسرائيلي يعد "اعتداء سافرا على دولة ذات سيادة لها حضور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي"، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت، أن "الرد الإيراني الحتمي يجب أن يصدر من الدولة نفسها، لا من وكلائها أو حلفائها".

ويؤكد شومان أن "القيمة المعنوية والسياسية لأي رد، لا تتحقق إلا إذا جاء من مؤسسات الدولة الإيرانية، بما يُظهر قدرتها الذاتية على الردع"، موضحا أن الرد من حلفاء، مثل حزب الله قد يُضعف الرسالة السياسية التي تسعى طهران إلى توجيهها، خاصة للمجتمع الدولي.

ويضيف "منطق الدولة يحتم أن تكون الجهة المعتدى عليها هي المسؤولة عن الرد، وهذا ما ينطبق على إيران الآن. فالمسألة لم تعد تتعلق بتقديرات ميدانية أو تكتيكية، بل بهيبة الدولة ومكانتها الإستراتيجية".

إعلان

وفي تقديره، فإن إيران ستسعى إلى تنفيذ رد محسوب، يردع إسرائيل دون أن يؤدي إلى انفجار إقليمي شامل، في الوقت ذاته لن تُفرط في صمت قد يُفسّر على أنه تراجع.

بيان حزب الله

بين الرد المباشر والمراقبة المحسوبة، يجد حزب الله نفسه في موقع حساس. فمن جهة، يشكل جزءا من "محور المقاومة"، ومن جهة أخرى، يرزح لبنان تحت أعباء اقتصادية وأمنية قد لا تحتمل مزيدا من التصعيد.

وفي بيان له، وصف حزب الله الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه يشكل ‏تصعيدا خطيرا في "مسار التفلت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ‏ورعاية أميركيتين كاملتين"، مؤكدا أن إسرائيل لا تلتزم بأي منطق أو قوانين، ولا تعرف إلا ‏لغة القتل والنار والدمار.

ودعا بيان الحزب ‏شعوب المنطقة ودولها إلى أن "تعي أن هذا العدوان إذا لم يواجه بالرفض ‏والإدانة والوقوف إلى جانب إيران وشعبها، ‏سيزداد هذا الكيان المجرم عدوانية وجبروتا وسيعزز ‏مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة ‏والإضرار بمصالح شعوبها وسلب ثرواتها".

وأشار الحزب إلى أن مثل هذه الاعتداءات لن تضعف إيران، ‏بل ستزيدها قوة وصلابة في مواجهة ‏الأخطار، وإصرارا على الدفاع عن سيادتها وأمنها.‎‎

مقالات مشابهة

  • حزب الله يدين الضربة الإسرائيلية على إيران ولا نيّة بالتدخل
  • حزب الله يدين الهجمات الإسرائيلية على إيران
  • خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران
  • استشاري: مرضى الربو والأزمات الصدرية أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا بشكل عام
  • الخرباوي: أفكار سيد قطب كشفت بشكل واضح نوايا الإخوان نحو إقامة كيان بديل للدولة
  • استمرار الافتراء كذبا على الحزب الشيوعي بعد الحرب «2/ 2»
  • اللقاء اللبناني السرّي في القاهرة
  • الغفري: قوات اليونيفيل تنفذ أنشطتها مع الجيش اللبناني أو بشكل مستقل
  • استمرار الافتراء كذباً على الحزب الشيوعي بعد الحرب «1/ 2»
  • «الداخلية» تنظم احتفالية لذوي الهمم داخل وادي الفروسية (فيديو)