"نيويورك تايمز": حفاوة ترحيب جينبينج ببوتين في بكين رسالة إلى الغرب بقوة دعم الصين لروسيا
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على حفاوة استقبال الرئيس الصيني شي جينبينج لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في بكين، ورأت أنها رسالة إلى دول الغرب بأن دعمه لروسيا مازال قويا،بالرغم من أن هذه القمة الثنائية كانت بعد أيام فقط من رحلة جينبينج إلى أوروبا التي شدد خلالها الجانب الأوربي على ضرورة كبح جماح روسيا.
ووصفت الصحيفة - في تقرير على موقعها الإلكتروني،اليوم"السبت"- ترحيب جينبينج الشديد ببوتين بأنه "واقع غير مريح بالنسبة للغرب"،مشيرة إلى أن المحادثات الثنائية بين الرئيسين الصيني والروسي كانت بمثابة إظهار للتضامن المتبادل في وجه الضغوط الغربية.
وأصدر الزعيمان بيانا مطولا بعد القمة أدانوا فيه ما اعتبروه تدخلا وتنمرا أمريكيا،وأكدا توافقهما على تبعية الصين لتايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي،وكذلك المصالح الأمنية المشروعة لروسيا في أوكرانيا.
وتعهد الرئيسان بتوسيع العلاقات الاقتصادية والعسكرية، وهو ما أبرزته زيارة بوتين لمعهد صيني متطور لأبحاث الدفاع،حتى أن الرئيس الصيني قام بعناق بوتين أثناء توديعه، الخميس الماضي، بعد نزهة مسائية في مجمع قيادة الحزب الشيوعي الصيني في بكين.
وشددت الصحيفة على أن زعماء دول الغرب الذين يبحثون عن أي علامات تشير إلى اختلاف ملموس بين جينبينج وبوتين، وخاصة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، لم يجدوا أي شيء خلال هذه الزيارة.
ورأت الصحيفة أنه لا حتى خطر استعداء أوروبا،الشريك التجاري الرئيسي اللازم للمساعدة في إنعاش اقتصاد الصين،ولا التهديد بفرض عقوبات أمريكية تستهدف البنوك الصينية التي تساعد روسيا في جهود الحرب،قد ردع احتضان الرئيس الصيني لنظيره الروسي.
وفي هذا الصدد، قالت خبيرة السياسة الخارجية الصينية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أليسيا باتشولسكا، إن "الهدف الشامل لكل من بوتين وجينبينج هو القتال ضد ما يعتبرونه عدوهم الوجودي، وهو الولايات المتحدة والنظام الدولي الذي تقوده واشنطن".
وأضافت باتشولسكا أنه بالنسبة للصين، هناك توترات بينها وبين دول الغرب، لكن هذه التوترات لن تؤدي إلى أي تغيير ملموس في الطريقة التي تتعامل بها الصين مع روسيا والحرب في أوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن المحللين السياسيين يرون أن الرئيس الصيني قد قام بالفعل بتسعير العقوبات والرسوم الجمركية المحتمل تكبدها كتكلفة مقبولة لشراكته الاستراتيجية مع روسيا، خاصة وأنه يعتبر بوتين صديقًا لا يمكن الاستغناء عنه، وحليف في رحلة إعادة تشكيل النظام العالمي لصالح الصين، موضحة أنه كلما قاومت الولايات المتحدة بفرض المزيد من العقوبات أو القيود ضد الصين، كلما شعر جينبينج أنه على الطريق الصحيح.
وفي السياق نفسه، قالت خبيرة الشئون الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جود بلانشيت، إن "القيمة الاستراتيجية لموسكو بالنسبة للرئيس الصيني تتعزز مع اشتداد المنافسة الجيوسياسية مع الولايات المتحدة".
وأوضحت بلانشيت أن الأمر الأهم بالنسبة لجينبينج وبوتين هو ما يسمونه بـ"إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية"،لافتة إلى أن ذلك في الأساس يعني تآكل هيمنة الولايات المتحدة وتمكين دول عدم الانحياز حول مظالمها المشتركة تجاه الغرب.
وذكرت الصحيفة أن التهديد بفرض رسوم جمركية أوروبية على السيارات الكهربائية الصينية،قد يكون مصدر قلق كبيرا لبكين،لكن على الجانب الآخر فإن هناك تحذيرات في أوروبا من اتباع الولايات المتحدة في فرض رسوم على السيارات الصينية،لما يشكله من خطر على التجارة العالمية،وهو ما يشير أيضا إلى وجود انقسامات داخل أوروبا حول كيفية التعامل مع الصين.
وفي هذا الشأن، أوضحت الخبيرة السياسية باتشولسكا أن فكرة الانتقام الاقتصادي ضد الصين مخيفة للغاية بالنسبة للعديد من صناع القرار الأوروبيين،مضيفة أن "هناك بالتأكيد تحول يتطور في العواصم الأوروبية مفاده أن الصين منافس استراتيجي، لكنه لا يترجم بالضرورة إلى قدرة أو رغبة سياسية في التحرك"، مؤكدة أنه "كلما مالت كفة حرب أوكرانيا في اتجاه موسكو، كلما رأى الرئيس الصيني أن دعمه لروسيا له مبرر".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بكين روسيا الصين الغرب أوروبا الحرب الولایات المتحدة الرئیس الصینی
إقرأ أيضاً:
رسالة مفتوحة من إعلامي تونسي إلى الرئيس سعيّد: أوقف الانحدار.. واحمِ الحريات
وجّه الصحفي والناشط الإعلامي زياد الهاني رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، نشرها على صفحته الرسمية على فيسبوك، عبّر فيها عن قلقه الشديد إزاء ما وصفه بـ"تدهور الأوضاع العامة" في البلاد، خاصة في ما يتعلق بالحريات السياسية والإعلامية.
وفي رسالة لافتة حملت عنوان "سيدي الرئيس، الكارثة قادمة.. أوقفها"، أشار الهاني إلى ما اعتبره “انحدارًا خطيرًا” في مناخ الحريات، محذرًا من تداعيات استمرار ما وصفه بـ"النهج الأحادي في الحكم، وتوظيف القضاء لاستهداف الخصوم والمعارضين".
وقال الهاني في رسالته: "سيدي الرئيس، بلدنا في خطر! لم يعد الأمر مجرّد خلافات سياسية أو صراعات أيديولوجية، بل أصبحنا أمام منعرج خطير يهدد الحريات، ويغلق أبواب الأمل أمام شباب هذا الوطن".
انتقاد لواقع الحريات وتضامن مع معتقلات الرأي
الهاني خصّ في رسالته عددًا من المعتقلات على خلفية آرائهن السياسية، مثل شذى الحاج مبارك ونجلاء بن عيسى، داعيًا إلى الإفراج عنهن فورًا، ورافضًا ما سماه "ترهيب النساء الحرائر"، في إشارة إلى اعتقال ناشطات بارزات في المجتمع المدني.
كما دعا الهاني رئيس الجمهورية إلى "تحكيم صوت العقل وفتح حوار وطني شامل"، موجهًا نداءً شخصيًا إلى الرئيس قال فيه: "إنّ التاريخ لن يرحم، والشعب لن ينسى. حافظ على ما تبقّى من رصيدك الشعبي، وكن رئيسًا لكل التونسيين".
أحكام قضائية صادمة في قضايا التآمر
تأتي رسالة الهاني بعد أيام من صدور أحكام قضائية وُصفت بالصادمة بحق عدد من قيادات المعارضة الموقوفين على خلفية ما يُعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة"، وهي أحكام غير مسبوقة في تاريخ القضاء التونسي، حيث تجاوزت بعضها 60 سنة سجنًا، وسط غياب شبه تام لضمانات المحاكمة العادلة، بحسب ما أكدته منظمات حقوقية ومحامو الدفاع.
من بين المحكومين قيادات سياسية معروفة من جبهة الخلاص الوطني، ونشطاء بارزين من أحزاب معارضة لخيارات الرئيس سعيّد. وقد أثارت هذه الأحكام موجة تنديد واسعة، خاصة بعد أن طالت شخصيات لم تُوجَّه لها أدلة دامغة على ضلوعها في أي نشاط يمسّ الأمن القومي، بحسب تقارير الدفاع.
النقابة الوطنية للمحامين اعتبرت أن هذه الأحكام تمثل منعرجًا خطيرًا في العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، وتفتح الباب أمام "قضاء انتقامي يخدم الحسابات السياسية".
تركيز للسلطة وتراجع للحقوق
تأتي هذه التطورات في ظل سياق سياسي محتقن تشهده تونس منذ إعلان قيس سعيّد عن تجميد عمل البرلمان في 25 تموز / يوليو 2021، ثم حلّه لاحقًا، واعتماد دستور جديد في تموز / يوليو 2022 عبر استفتاء قاطعته أغلب القوى السياسية.
منذ ذلك التاريخ، اتّجه النظام نحو تركيز السلطات في يد الرئيس، وسط تحذيرات منظمات حقوقية من العودة إلى الحكم الفردي، وتراجع استقلالية القضاء بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بهيئة مؤقتة يعينها الرئيس.
تدهور لافت في حرية الصحافة والتعبير
في السنوات الثلاث الأخيرة، سجلت المنظمات الدولية تراجعًا مقلقًا للحريات في تونس: تقرير "مراسلون بلا حدود" لعام 2024 وضع تونس في المرتبة 121 عالميًا في حرية الصحافة، منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش أعربتا عن قلقهما من استخدام مرسوم 54 لملاحقة الصحفيين والمدونين، واعتقال نشطاء بسبب منشورات على مواقع التواصل، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين رصدت أكثر من 50 انتهاكًا ضد الصحفيين خلال سنة واحدة، مندّدة بما سمّته "عودة الدولة البوليسية في ثوب قانوني".
أصوات معارضة رغم القمع
ورغم هذه الأوضاع، تتصاعد الأصوات المنتقدة. فقد عبّر عدد من القضاة والمحامين والحقوقيين عن رفضهم لممارسات التضييق، ونددوا بالاستعمال السياسي للقضاء، فيما شهدت العاصمة وبعض المدن مظاهرات متفرقة تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، واحترام الحريات الدستورية.
وفي هذا المناخ، تأتي رسالة زياد الهاني كواحدة من أقوى الأصوات الصادرة من داخل الجسم الصحفي، تذكّر بوجوب احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان، وتدعو إلى التهدئة السياسية وفتح حوار جامع.
رسالة الهاني ليست مجرّد نداء فردي، بل تمثل صدىً لمخاوف شريحة واسعة من التونسيين القلقين على مستقبل الديمقراطية في البلاد. في لحظة يتزايد فيها الاستقطاب والتأزيم، يظل الحوار والتشاركية، كما شدد الهاني، الطريق الوحيد الممكن لإنقاذ تونس من "الانهيار القادم".
يُذكر أن زياد الهاني هو صحفي وناشط حقوقي تونسي بارز، عُرف بدفاعه المستمر عن حرية التعبير والصحافة منذ عهد النظام السابق. وهو من أبرز الأصوات الناقدة للمسار السياسي الحالي، وقد واجه في الأشهر الأخيرة ملاحقات قضائية مثيرة للجدل بسبب تصريحاته الإعلامية، ما جعله رمزاً للضغوط المتزايدة على الإعلاميين في تونس.