فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة على واردات الصين وتأثيراتها على دول الخليج
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
أثير – ريما الشيخ
أعلن البيت الأبيض زيادة الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة الأميركية من السلع الصينية بقيمة 18 مليار دولار، حيث سيتم رفع الرسوم ابتداءً من هذا العام:
– رفع الرسوم إلى الضعف وأكثر: استيراد أشباه الموصلات من 25% إلى 50%، والرسوم الجمركية على أشباه الموصلات من 25% إلى 50% بحلول عام 2025، والرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية من 25% إلى 100%، والرسوم الجمركية على بعض منتجات الصُلب والألمنيوم من 7.
– فرض رسوم جديدة: المعادن النادرة من 0 إلى 25% هذا العام 2024.
حول هذا الجانب، حاورت ”أثير“ الدكتور يوسف بن خميس المبسلي، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الدراسات المصرفية والمالية، حيث قال: تثير الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين تساؤلات حول تداعياتها على دول الخليج العربية خاصة بعد القرار الأخير برفع رسوم الواردات الصينية، فهذه الدول تعد حليف إستراتيجي للولايات المتحدة من جهة، لكن تربطها علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين.
واعتبر المبسلي أن العلاقات الاقتصادية الوثيقة لدول الخليج مع الصين متينة؛ ويجعلها جزءًا من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، والتي تعرف بـ”طريق الحرير الجديد” وتشمل المبادرة، التي تبلغ قيمة الاستثمارات فيها تريليون دولار، إنشاء مشاريع بحرية وسكك حديد وشبكة طرق في آسيا وإفريقيا وأوروبا. هذا عدا عن الاستثمارات الكبيرة لدول الخليج في الداخل الصيني، كما تعد الصين من المستوردين الرئيسيين للنفط الخليجي. ولذا نظرا لارتباط اقتصاد دول الخليج الكبير بالصين فستسلك مسلك التوازن بين علاقاتها التجارية الأمريكية الصينية، موضحاً بأن الحرب الاقتصادية المستعرة بين الولايات المتحدة والصين هي حرب بين قوى اقتصادية وتجارية عالمية، ولكن في الوقت ذاته كلاهما يعد حليفا استراتيجيا واقتصاديا لدول الخليج، ولِذا فقد لا تكون هناك تاثيرات مباشرة وقوية على دول الخليج في المرحلة الحالية من قرار الولايات المتحدة الأخير حول رفع رسوم الواردات الصينية.
وأضاف: منذ تولي دونالد ترمب رئاسة أمريكا فرضت إدارته في 2018 رسوما على سلع من الصين بلغت قيمتها 300 مليار دولار، كما قامت إدارة بايدن مؤخرًا بمراجعة هذه الرسوم وأعلنت زيادة الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية بقيمة 18 مليار دولار، تضمنت مختلف الصناعات، مثل السيارات الكهربائية والبطاريات وأشباه الموصلات والصُلب والألومنيوم والمعادن النادرة والخلايا الشمسية ورافعات السفن والمنتجات الطبية.
وذكر: ترى الولايات المتحدة أن هذا الإجراء ضروري لحماية الصناعات الأميركية من المنافسة غير العادلة من جهة الصين وأن الصين تحاول إغراق الأسواق العالمية بصادرات منخفضة السعر. بالإضافة إلى ما سبق ترى واشنطن أن هذا الإجراء سيدعم استثماراتها ويخلق فرص عملٍ جيدة في القطاعات الرئيسية التي تعد حيوية لمستقبل أميركا الاقتصادي وأمنها القومي.
وفي ختام حديثه مع ”أثير“ ذكر الدكتور يوسف المبسلي بأن الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية وتعده انتهاكًا لقواعد منظمة التجارة العالمية، وستتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة. وترى أيضا أنَّ هذا سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع المستوردة بشكل كبير، وإلحاق خسائر أكبر بالشركات والمستهلكين الأمريكيين، وإجبار المستهلكين الأمريكيين على دفع المزيد من التكاليف، ويتوافق مع هذا ما نشرته وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، إذ أوضحت بأنه من المتوقع أن يتحمل المستهلكين الأمريكيين %92 من تكاليف رفع الرسوم الجمركية، بينما سيزيد متوسط إنفاق الأسر الأمريكية بمعدل 1300 دولار سنوياً.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الرسوم الجمرکیة على الولایات المتحدة دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
رحلة استسلام الاتحاد الأوروبي لسياسة ترامب الجمركية
بدأ الاتحاد الأوروبي رحلته نحو الاستسلام في 10 أبريل/نيسان الماضي في مواجهة حملة دونالد ترامب التجارية "الشرسة"، حسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وأدت رسوم "يوم التحرير" الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي على معظم دول العالم في وقت سابق من ذلك الشهر إلى حالة من الاضطراب في الأسواق المالية، وتخلى المستثمرون عن الأصول الأميركية خوفًا من الركود، ومع تصاعد موجة البيع، تراجع ترامب، وفي 9 أبريل/نيسان، وخفض الرسوم الجمركية إلى 10%، فيما وصفه بأنه إجراء مؤقت.
لكن بروكسل تراجعت هي الأخرى، ففي 10 أبريل/نيسان الماضي، علّقت رسومها الجمركية الانتقامية، وقبلت عرض الولايات المتحدة بإجراء محادثات في ظل رسوم جمركية بنسبة 10% على معظم تجارتها، إلى جانب رسوم أعلى على الصلب والألمنيوم والمركبات، مما اعتُبر حينها تهديدا.
وبدلا من الانضمام إلى كندا والصين في اتخاذ إجراءات انتقامية فورية، اختار الاتحاد الأوروبي -الذي أعاقته اختلافات وجهات النظر بين دوله الأعضاء- السعي إلى حل وسط على أمل الحصول على صفقة أفضل.
وبموجب الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وترامب في منتجع تيرنبيري للغولف أمس الأحد، اضطر الاتحاد الأوروبي لقبول تعريفة أميركية أساسية واسعة النطاق بنسبة 15%، شملت بشكل أساسي السيارات، لكنها لم تشمل الصلب، الذي سيخضع لنظام الحصص.
"من لا يتعاون يُشنق منفردًا"لكن، حسب الصحيفة، فإن الارتياح بين صانعي السياسات بشأن تجنب حرب تجارية عبر الأطلسي فورية شابه بعض الندم، فهل كان بإمكان الاتحاد الأوروبي، أكبر تكتل تجاري في العالم، والذي يُفترض أنه ذو وزن اقتصادي كبير، أن يحصل على شروط أفضل لو لم يخفف من حدة تصرفاته في البداية؟، تساءلت الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين، قوله: "إنه المتنمر في ساحة المدرسة، لم ننضم إلى الآخرين في مواجهته. من لا يتعاون يُشنق منفردًا".
إعلانوقال المسؤول السابق في المفوضية الذي ساعد في التفاوض على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، جورج يركيليس إن أحدث تهديد من الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات جمركية انتقامية بقيمة 93 مليار يورو (108.33 مليارات دولار) على السلع الأميركية جاء متأخرًا جدًا.
وأضاف يركيليس، الذي يعمل الآن في مركز السياسة الأوروبية للأبحاث (European Policy Centre): "بالاستفادة من الماضي، كان من الأفضل للاتحاد الأوروبي الرد بقوة على الولايات المتحدة في أبريل/نيسان، وذلك من خلال رد الصين على زيادات الرسوم الجمركية الأميركية، والتي تركت الأسواق وترامب في حالة من الترنح".
وحسب الصحيفة، فإن ترامب ينظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه طفيلي، يتغذى على السوق الأميركية المربحة بينما يغلق سوقه الخاص من خلال اللوائح والمعايير، وقال الرئيس الأميركي إن الاتحاد "نشأ لخداع الولايات المتحدة" و"أكثر فظاظة من الصين".
وحسب التقرير، جاء رد فعل الاتحاد الأوروبي على عودة ترامب إلى السلطة في يناير/كانون الثاني مُتعثرًا، وأضاع أشهرًا من تخطيط فريق مُختص، ضمّ مسؤولين تجاريين كبارًا بقيادة الخبيرة المُخضرمة في محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سابين وياند، وتوماس بيرت، المستشار التجاري لفون دير لاين.
وضع الفريق المتخصص خطة من 3 نقاط على غرار النهج المتبع في ولاية ترامب كالتالي:
الأولى: عرض لخفض عجز تجارة السلع البالغ نحو 200 مليار يورو (233 مليار دولار) من خلال شراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال والأسلحة والمنتجات الزراعية. الثانية: عرض تخفيضات متبادلة للرسوم الجمركية على سلع كل طرف. الثالثة: في حال فشل الأولى والثانية، سيُعدّون إجراءات انتقامية ويعتمدون على رد فعل السوق تجاه حرب تجارية محتملة، أو ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، لإجبار ترامب على التراجع.لكن ترامب تحرّك أسرع من المتوقع، وبحلول مارس/آذار الماضي، فرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم والسيارات.
وفي اجتماع عُقد في لوكسمبورغ في ذلك الشهر، كان العديد من وزراء التجارة على وشك الحرب (التجارية).
مواقف متباينةودفعت ألمانيا وفرنسا وعدد قليل من الدول الأخرى المفوضية للتشاور بشأن استخدام "بازوكا التجارة" الجديدة، وهي أداة مكافحة الإكراه، والتي صُممت بعد ولاية ترامب الأولى لمواجهة استخدام السياسة التجارية للضغط على الحكومات في مسائل أخرى، ومن شأنها أن تسمح لبروكسل بمنع الشركات الأميركية من المشاركة في المناقصات العامة، وإلغاء حماية الملكية الفكرية، وتقييد الواردات والصادرات.
وقال دبلوماسيون إنه لم يتضح ما إذا كانت أغلبية الدول الأعضاء توافق على التهديد باستخدام أداة مكافحة الإكراه، ودعت سابين وياند سفراء الاتحاد الأوروبي، الذين كانوا يجتمعون أسبوعيًا على الأقل لمناقشة الأمر إلى التحلي "بالصبر الإستراتيجي".
وعندما أبرمت بريطانيا اتفاقا تجاريا مع واشنطن في مايو/أيار، وقبلت التعريفة الجمركية الأساسية التي فرضها ترامب بنسبة 10%، شجعت هذه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى التوصل إلى تسوية، وخاصة ألمانيا، على القبول بشرط مماثل.
إعلانوتمسكت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، لأشهرٍ بعرض الاتحاد الأوروبي المُبكّر بإلغاء جميع الرسوم الجمركية الصناعية إذا فعلت الولايات المتحدة الشيء نفسه، على الرغم من أن واشنطن لطالما أوضحت رغبتها في تنازلاتٍ أحادية الجانب.
وأرسل الاتحاد الأوروبي المفوض التجاري المقرب منه، ماروش شيفكوفيتش، إلى واشنطن 7 مرات لاقتراح مجالات الاتفاق، والتعبير عن أهمية العلاقة عبر الأطلسي، والترويج لبرنامج تعويض السيارات الألماني، وفي المجمل، أجرى شيفكوفيتش أكثر من 100 ساعة من المحادثات المحبطة مع نظرائه الأميركيين، وفق الصحيفة.
ورفض ترامب رفضًا قاطعًا صفقة فرض تعريفة جمركية دائمة بنسبة 10% "متبادلة"، والتي تم التوصل إليها في يوليو/ تموز مع الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك، وهدد بدلا من ذلك برفع الرسوم على الاتحاد الأوروبي إلى 30%، بدلا من 20%، اعتبارًا من أغسطس/آب.
انقسام أوروبيخلال أشهر من المحادثات، حث شيفكوفيتش الوزراء الأوروبيين على الحذر، وكان وزير التجارة الأيرلندي، سيمون هاريس من المتصلين الدائمين، وقد أراد إنقاذ صناعة الأدوية ولحوم البقر في بلاده من أي هجوم أميركي مضاد، وإعلام العالم – لا سيما الأميركيين – بذلك من خلال منشورات متكررة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ودعا قادة الأعمال بصوت عالٍ إلى ضبط النفس، مفضلين قبول خفض هوامش الربح على المخاطرة برسوم جمركية عقابية من شأنها أن تؤثر سلبًا على المبيعات.
وخفض الاتحاد الأوروبي حزمة ثانية من الرسوم الجمركية الانتقامية على الولايات المتحدة إلى 72 مليار يورو (83.86 مليار دولار) قبل الموافقة عليها نهائيًا في 24 يوليو/تموز الحالي لاستخدامها في حال انهيار المحادثات، ليصل إجمالي الرسوم إلى 93 مليار يورو (108.33 مليارات دولار).
وكشف عدم اليقين المستمر منذ أشهر بشأن اتجاه المفاوضات عن انقسامات داخل المفوضية نفسها.
وعلى الرغم من محاولات الحكومة الفرنسية لحماية الشركات الفرنسية من الانتقام، فقد دعت مرارًا وتكرارًا إلى نهج أكثر حزمًا من جانب المفوضية تجاه رسوم ترامب الجمركية.
لكن رئيسة المفوضية ومساعديها المقربين دفعوا بأن الضرر المحتمل من إجراءات ترامب الإضافية، بما في ذلك التهديدات بفرض رسوم جمركية محددة على قطاعات حيوية مثل الأدوية في الاتحاد الأوروبي، يعني أن خطر اندلاع حرب تجارية متصاعدة كان كبيرًا للغاية.
وكان ثمة قلق من أن الموقف الأكثر مواجهة تجاه واشنطن قد يمتد إلى مجالات أخرى.
وكان اعتماد أوروبا على ضمان الأمن الأميركي حجة أخرى ضد المواجهة التجارية، وخاصة بالنسبة لأعضاء الكتلة الشرقية والشمالية، فقال دبلوماسيون إن المخاوف من أن يقطع ترامب إمدادات الأسلحة عن أوكرانيا، أو يسحب قواته من أوروبا، أو حتى ينسحب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قد طغت على المحادثات.