العراق الحائر بين السقيفة والغدير
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
آخر تحديث: 21 ماي 2024 - 10:02 صبقلم:فاروق يوسف يتداول العراقيون نكاتا غالبا ما تكون خشنة. ليست الرقة من طبعهم كما يُشاع عنهم. لا أحد يدري مَن هو المسؤول عن ذلك الخطأ. ربما لأن العراقي يظهر قدرا من الرقة حين يكون غريبا. وهو ما ليس من طبعه دائما. والعراقيون يصفون حياتهم بأنها “سينما” لما تتضمنه من تناقضات.
ذلك ما استفاد منه الأميركان حين احتلوا العراق. لقد استنهضوا كل العناصر التاريخية التي في إمكانها أن تحول حياة العراقيين إلى “سينما”. وكم كان بعض المثقفين التابعين للمحتل ظريفا بالطريقة العراقية حين أعان سلطة الاحتلال على الانفتاح على ثقافة فلكلورية، كان العراقيون قد غادروها منذ أن استقرت أحوال الدولة المدنية في بلادهم. ما فعله مثقفو الاحتلال أنهم مرروا الكثير من مفردات التخلف بحجج ذرائعية، كان من أهمها استحضار الهوية العراقية والتخلص من الهوية العربية ولم تكن تلك الهوية إلا مزيجا من الأعراف العشائرية والمرويات الطائفية التي ليس لها سند في التاريخ. ليس العراقيون هم الشعب الوحيد الذي يميل إلى الخرافة. غير أنهم ألغوا صلتهم بالعصر حين وضعوا خرافاتهم في مكان لا يُمس وأضفوا عليها هالات القداسة. مضت عشرون سنة تقريبا على الاحتلال الأميركي الذي قضى على الدولة العراقية التي أقيمت في عشرينات القرن العشرين. عبر تلك السنوات المريرة لم يتمكن العراقيون من أن يبنوا دولتهم الجديدة. كانوا ينتظرون من سلطة الاحتلال أن تبني لهم تلك الدولة. وتلك عادتهم. بريطانيا بنت دولتهم الأولى. غير أن الولايات المتحدة لم تتعهد ببناء دولة على أنقاض الدولة التي هدمتها. كان مشروعها يقوم على تدمير دولة اسمها العراق. لم تكن محاولات مثقفي الاحتلال إلا جزءا من ذلك المشروع. كشفت الأحزاب الحاكمة في العراق عن واحد من أهم مظاهر إفلاسها السياسي حين وزعت فئات الدولة المغدورة بين العشائر والطوائف بما يخدم الهدف الذي عملت على ترسيخه وهو تغييب العقل. وبدلا من أن تنفق الدولة العراقية الناشئة الأموال على التعليم، صارت تنفق أضعاف ما يحتاجه التعليم من أموال على التجهيل، فصار العراقيون يقضون أكثر من نصف سنتهم وهم يؤدون طقوسا ينتمي الجزء الأكبر منها إلى المرويات الطائفية التي لا تمت إلى الدين بصلة. وإذا ما كانت ذاكرة العراقيين قد اكتظت بمآسي الحرب الأهلية التي وقعت بين عامي 2006 و2008 فإن الأحزاب الطائفية عملت على تجذير أسباب الفتنة من أجل تطبيع الطائفية اجتماعيا لا حبا في المذهب الغالب، بل لضمان الاستمرار للنظام الطائفي الذي فرضه الأميركان خيارا وحيدا.ولأن أسباب الفتنة الطائفية تعود إلى ما قبل ألف وأربعمئة سنة فقد كان استحضارها يتم بطريقة تدعو إلى الضحك كما جرى في المحاكمات التي شهدتها النجف للخليفة الأموي يزيد بن معاوية وكبار ضباطه بسبب تورطهم في مقتل الإمام الحسين بن علي في واقعة الطف المشهورة التي حدثت في كربلاء عام 680. كانت تلك المحاكمات المضحكة مسرحيات رثة، ليس الغرض منها البحث عن الحقيقة وقد صارت ملك التاريخ، بل كان الهدف منها الارتفاع بمنسوب الكراهية تحت شعار “أتباع الحسين وأتباع يزيد”. ذلك شعار مضلل رفعه الفاسدون من أجل أن يمرروا عمليات فسادهم في ظل فوضى “مَن قتل مَن؟”. لن يتمكن العراق من الخروج من المغطس الطائفي إلا بإرادة وطنية عمل الأميركان على طمسها. لذلك فإن التجاذبات الطائفية ستكون بمثابة درس مفتوح على الكثير من المفاجآت المضحكة التي تنطوي على قدر لا يستهان به من الحزن لما يتعرض له العقل البشري من اعتداءات فظة. وما تفتقت عنه عبقرية مقتدى الصدر في الدعوة إلى اعتبار “يوم الغدير” عطلة رسمية لا يخرج عن ذلك الإطار. إضافة يوم عطلة إلى العطلات التي يتمتع بها العراقيون لا يضر في شيء لولا أن ذلك اليوم يزيد من منسوب الفتنة الطائفية.سيضحك مَن لا يزال يملك عقلا. فسواء كان الأمام علي أول الخلفاء الراشدين أو غيرهم فإن المسألة باتت في ذمة التاريخ. غير أن النظام الطائفي يحتاج إلى رافعة تاريخية تعلي من شأنه. لذلك طالب آخرون أن يكون يوم السقيفة عطلة رسمية أيضا. حوار بائس، هو ما لا يستحقه العراق. جدل مهين للعقل العراقي الذي جرى سحقه.الطائفيون يتسابقون على الضحالة والرثاثة فيما يكتفي الشعب العراقي بدور المتفرج الذي لا حول له ولا قوة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
احتجاجات أميركا في عيون العرب.. ما الذي يحدث في لوس أنجلوس؟
شهدت مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأميركية تصاعدا غير مسبوق في حدة التوترات، دفع منصات التواصل الاجتماعي العربية إلى التفاعل على نطاق واسع مع الأحداث الجارية، وذلك عقب اعتقال ضباط من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة عشرات الأشخاص بتهمة ارتكاب مخالفات للهجرة.
ومع نزول آلاف المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنشر قوات من الحرس الوطني، أقدم المحتجون على إغلاق الطرق وإحراق مركبات، لتتطور المواجهات إلى استخدام قوات إنفاذ القانون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية في محاولة للسيطرة على الحشود.
وتصدرت وسوم مثل #لوس_أنجلوس_تحترق و#لوس_انجلس و#كاليفورنيا ساحة التفاعل الرقمي حيث شارك آلاف المغردين تعليقاتهم وآراءهم حول تطورات الأزمة.
وأبدى ناشطون دهشتهم من تحول "مدينة الملائكة" إلى ما وصفوه "بغابة يحكمها العنف"، معبرين عن قلقهم من فقدان السيطرة الأمنية، واعتبر بعضهم أن المشهد يعكس عمق الخلافات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة في عهد ترامب.
لوس أنجلوس الأمريكية، مدينة الملائكة ،كما يعني اسمها تواجه معضلة أمنية في التعامل مع المحتجين ضد ترحيل وابعاد المهاجرين غير الشرعيين.. pic.twitter.com/VJQkH0Qsfr
— khaled mahmoued (@khaledmahmoued1) June 7, 2025
إعلانورأى آخرون في قرار ترامب بشأن نشر الحرس الوطني تصعيدا غير مسبوق منذ عقود، وتوقعوا مزيدًا من التصعيد، خاصة في ظل الخلاف المتفاقم مع رئيسة بلدية المدينة واتساع الفجوة بين حاكم كاليفورنيا والرئيس الأميركي، مع الحديث عن رفع دعاوى قضائية وتهديدات متبادلة.
وانعكست حدة الاحتجاجات على تعليقات المغردين، إذ لجأ بعضهم إلى السخرية من الفوضى التي عمّت المدينة، مشبهين ما يحدث بما تشهده بعض دول الشرق الأوسط من أعمال شغب واضطرابات.
وفي تعليق ساخر، كتب أحد الحسابات على الفيديوهات المتداولة: "ثوار العشائر في لوس أنجلوس ينصبون كمينًا لقوات ترامب. ليس هناك وطن وليس هناك دوام".
وصف حاكم ولاية #كاليفورنيا قرار الرئيس الأمريكى #ترامب بنشر 2000 جندي إضافي من #الحرس_الوطني في #لوس_أنجلوس بأنه تصرف متهور وعديم الجدوى ومهين للقوات الأمريكية.
واعتبر أن هذا الأمر لا علاقة له بسلامة العامة. بل هو محاولة لإرضاء غرور رئيس خطير على حد قوله.
وأوضح أن أول 2000… https://t.co/OuWdgF38PL pic.twitter.com/uHmB2cVVTH
— khaled mahmoued (@khaledmahmoued1) June 9, 2025
وأبدى مغردون استغرابهم مما آلت إليه الأوضاع في ما يعتبرونه دولًا متقدمة ونموذجًا للحداثة، متسائلين: "هل هذا هو الغرب المتحضر في أجمل صوره عام 2025؟".
وتساءل آخرون عن مشاهد قمع الشرطة للمتظاهرين ووصفوا ذلك "بالمناظر المرفوضة"، داعين إلى تنشيط دور منظمات المجتمع المدني دفاعًا عن حقوق الشباب المحتج.
وفي المقابل، رأى كثيرون أن الولايات المتحدة "تجني حصاد سياساتها في الدول العربية، لا سيما في غزة"، إذ اتهموا واشنطن بدعم ما وصفوه بالعدوان الإسرائيلي المستمر منذ عامين على القطاع.
عدت للتو إلى لوس أنجلوس، ولم تفاجئني مظاهر الشغب ولا العنف.
ولا حتى حدة تعامل #ترامب مع هذه الأزمة؛ فالرجل لا يُكنّ إلا مشاعر البغض لهذه الولاية الليبرالية الديمقراطية، والولاية تبادله نفس الشعور، إذ ترفض سياساته، خصوصاً المتعلقة بمطاردة المهاجرين غير الشرعيين، وتذهب إلى حد تأمين… pic.twitter.com/Gp9xH0pKrG
— نظام المهداوي – Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) June 9, 2025
إعلان
واعتبر كتّاب وإعلاميون عرب أن ما يجري في لوس أنجلوس يتجاوز احتجاجات على سياسات الهجرة، ليبلغ حدود "معركة على شكل السلطة"، مشددين على أن البلاد تمر بلحظة مفصلية "يتقابل فيها الشعب مع السلطة ويصارع المستقبل ماضيا لم يُحاسب".
وطالب مدونون بإبقاء الأضواء مسلطة على لوس أنجلوس لمراقبة تعامل "بلد الديمقراطية وحرية التظاهر" مع الاحتجاجات، محذرين من "انزلاق الدولة إلى توظيف القوة على حساب الحقوق".
♦️من لوس انجلس بالولايات المتحدة الامريكية احداث عنف وشغب ومواجهات بين الشرطة والمتظاهرين وتدخل الجيش
????لسنوات طويلة صدّرت لنا الولايات المتحدة دروسًا في “الديمقراطية حسب الطلب” تدخلت، فجّرت، قسمت، صنعت فوضى ثم وقفت ترفع لافتة “حقوق الإنسان” فوق أنقاض الدول التي ساهمت في تدميرها pic.twitter.com/4gdyqsSLh8
— YAAKOUBE IDRISS (@YaakoubeI) June 9, 2025
وشكك آخرون في شرعية خطوات ترامب القانونية، خاصة بعد طرد قرابة 2.5 مليون مهاجر، متسائلين عن مصير عائلاتهم ومستقبلهم في ظل حالة الخوف المستمرة.