وصلت الانتقادات الموجهة إلى سلوك إسرائيل في حربها مع حماس إلى "ذروة جديدة"، عندما أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إنه يسعى للحصول على مذكرات توقيف ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم تشمل "التجويع" و"القتل العمد" و"الإبادة و/أو القتل"، وفق تقرير لوكالة "بلومبرغ".

والإثنين، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن إسرائيل ارتكبت "جرائم ضد الإنسانية"، واتهمها بشن "هجوم واسع النطاق وممنهج ضدّ المدنيين الفلسطينيين".

كما طلب كريم خان إصدار أوامر اعتقال بحق ثلاثة من كبار قادة حماس هم يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، ومحمد دياب إبراهيم "ضيف"، قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، بتهم "الإبادة" و"الاغتصاب" و"العنف الجنسي" و"احتجاز رهائن".

وأكد خان أن "القانون الدولي وقوانين النزاعات المسلحة تنطبق على الجميع"، مضيفا "لا يمكن لأي جندي مشاة أو قائد أو زعيم مدني - لا أحد - أن يتصرف مع الإفلات من العقاب".

ما هي المحكمة الجنائية الدولية؟ وما صلاحياتها؟

الجنائية الدولية هي أول محكمة دولية دائمة لجرائم الحرب في العالم، وتم تأسيسها في عام 2002 بموجب معاهدة تسمى نظام روما الأساسي لمحاسبة أولئك الذين يرتكبون أعمالا وحشية جماعية. 

وتلتزم الدول الأعضاء فيها وعددها 124 دولة بالاعتقال الفوري للشخص المطلوب إذا كان موجودا على أراضي دولة عضو، لكن المحكمة ليس لديها وسيلة لتنفيذ أوامر الاعتقال، وفق وكالة "رويترز".

ولدى المحكمة، ومقرها لاهاي، مدع عام يمكنه التحقيق واقتراح اتهام الأفراد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

يمكن للمحكمة الجنائية الدولية متابعة القضايا عندما تطلب دولة ما إجراء تحقيق داخل أراضيها أو مع مواطنيها، أو عندما يطلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إجراء تحقيق، أو عندما تأذن لجنة من قضاة تلك المحكمة بإجراء تحقيق يبدأه المدعي العام.

ويجب على المدعي العام أيضا التأكد من أن الأنظمة القانونية المحلية "لا تسعى حقًا إلى تحقيق العدالة"، ولا يجوز للمحكمة أن تفرض حكم الإعدام. 

ويقضي المحكوم عليهم بالسجن مدة محكوميتهم في مركز الاحتجاز التابع للمحكمة الجنائية الدولية داخل أحد السجون الهولندية. 

وفي الوقت الحالي، هناك 124 دولة طرفا في نظام روما الأساسي، وإسرائيل والولايات المتحدة ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك الصين وروسيا.

تتدخل المحكمة الجنائية الدولية فقط عندما تكون الدولة غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك بنفسها، بينما تقول إسرائيل إن جرائم الحرب المزعومة في غزة يجري التحقيق فيها محليا.

ما هي التهم الموجهة لنتنياهو؟ وكيف رد عليها؟

يتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية نتنياهو، من بين أمور أخرى، بـ"تجويع المدنيين" كوسيلة من وسائل الحرب وتوجيه الهجمات عمدا ضد السكان المدنيين، وكلاهما جرائم حرب.

وبالإضافة إلى ذلك، فهو متهم بـ"الاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية".

مجاعة أم تجويع.. من يتحمل مسؤولية الكارثة في قطاع غزة؟ يعاني سكان قطاع غزة من "الجوع الشديد" نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس "المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى"، وسط اتهامات للحكومة الإسرائيلية باستخدام "سلاح التجويع" ونفي إسرائيلي، بينما يكشف مختصون لموقع "الحرة" معنى ذلك المصطلح ومن المستفاد من معاناة المدنيين في القطاع.

والإثنين، أكد نتانياهو أنه "يرفض باشمئزاز" طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحقه.

وقال نتانياهو في بيان "بوصفي رئيسا لوزراء اسرائيل، أرفض باشمئزاز مقارنة المدعي في لاهاي بين إسرائيل"، الدولة "الديموقراطية"، و"مرتكبي الجرائم الجماعية في حماس".

وأضاف نتانياهو "بأي وقاحة تتجرأ على تشبيه وحوش حماس بجنود جيش الدفاع، الجيش الأكثر أخلاقية في العالم؟".

واعتبر أن "الأمر أشبه بإقامة مساواة معنوية بعد الحادي عشر من سبتمبر بين الرئيس (جورج) بوش وأسامة بن لادن، أو خلال الحرب العالمية الثانية بين اف دي آر (فرانكلين د. روزفلت) وهتلر".

ماذا عن التهم الموجهة للسنوار؟

يحيى السنوار متهم بـ"الإبادة والقتل واحتجاز الرهائن والاغتصاب والتعذيب"، من بين جرائم حرب أخرى.

ويحيى السنوار، هو قائد الحركة في غزة، ووصفه الجيش الإسرائيلي، بأنه "رجل ميت يمشي"، قاصدا الهدف المتعلق بقتله، وتؤكد إسرائيل أنه "مهندس هجوم 7 أكتوبر".

عسكريا وسياسيا.. من هم بدائل يحيى السنوار في غزة؟ أثارت التصريحات الإسرائيلية التي أشارت إلى أن حركة حماس، المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة ودول أخرى، تبحث عن بديل لقائدها في غزة، يحيى السنوار، عدة تساؤلات عن من هم "بدائل مهندس هجوم ٧ أكتوبر"، ومدى إمكانية توقف الحرب إذا حدث هذا التغيير، وهو ما يكشفه مختصون تحدث معهم موقع "الحرة"

وانتُخب يحيى السنوار (61 عاما)، القيادي السابق في كتائب عز الدين القسام، كرئيس لحماس في غزة عام 2017، وهو مدرج على قائمة الولايات المتحدة لـ"الإرهابيين الدوليين" المطلوبين.

وقال سامي أبو زهري، القيادي البارز في حركة حماس، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق ثلاثة من قادة الحركة الفلسطينية "مساواة بين الضحية والجلاد".

وطالبت حماس بإلغاء طلب إصدار مذكرة اعتقال قادتها.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

ستنظر لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية فيما إذا كانت ستقبل طلب خان لمتابعة المحاكمات. 

وبالإضافة إلى اتهام نتنياهو والسنوار، أوصى خان برفع قضايا ضد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، واثنين آخرين من قادة حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، وهما القائد العسكري محمد دياب إبراهيم المصري "محمد ضيف" ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية. 

وانتُخب إسماعيل هنية (60 عاما) رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس عام 2017، خلفا لخالد مشعل لكنه كان في الأساس شخصية معروفة إذ تولى منصب رئيس الوزراء الفلسطيني عام 2006 بعد الفوز المفاجئ الذي حققته حماس في الانتخابات التشريعية ذلك العام.

ويعيش هنية الذي يعد براغماتيا في المنفى ويقضي وقته بين تركيا وقطر، وفق وكالة "فرانس برس".

ويتولى "محمد ضيف" منصب القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ويعد العدو العلني الأول لإسرائيل التي حاولت اغتياله ست مرات على الأقل.

وولد ضيف واسمه الحقيق محمد دياب المصري عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين في غزة، وهو مدرج على قائمة الولايات المتحدة لـ"الإرهابيين الدوليين" منذ العام 2015 

ولم تقدم المحكمة إطارا زمنيا بشأن الموعد المتوقع لإصدار القرار. 

في عام 2023، استغرق الأمر من لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية ما يزيد قليلا عن ثلاثة أسابيع للموافقة على طلب مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا.

هل يمكن محاكمة نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب؟

وفق "بلومبرغ" فهذا غير محتمل، ولا تسمح المحكمة الجنائية الدولية بإجراء "محاكمات غيابية"

و"من غير المرجح" أن تضع المحكمة يدها عليه أو على أي مسؤول إسرائيلي آخر، وهي تعتمد على الدول الأعضاء في "تنفيذ الاعتقالات"، وإسرائيل ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية. 

ولم تتمكن المحكمة من تنفيذ أمرها ضد بوتين، ولكن قد يؤدي توجيه الاتهامات إلى تقييد الدول التي يمكن لنتنياهو السفر إليها دون خوف من الاعتقال. 

وحتى بعض الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مثل المجر، قالت إن أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة ليست ملزمة في أراضيها.

ماذا عن قادة حماس؟

"دولة فلسطين" هي طرف في المحكمة الجنائية الدولية، لذلك من الناحية النظرية، يمكن لبعض السلطات الحاكمة المستقبلية في قطاع غزة، حيث يعتقد أن السنوار والمصري مختبئان، تسليمهما إلى المحكمة. 

ويقيم إسماعيل هنية في قطر، وهي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية.

46 أمر اعتقال سابق

أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية 46 أمر اعتقال حتى الآن واعتقلوا 21 شخصا في مركز الاحتجاز التابع لها. 

ولا يزال 17 شخصا، من بينهم بوتين والرئيس السوداني السابق، عمر البشير، طلقاء. 

ولم تسلم دول أعضاء في الماضي مشتبها بهم دخلوا أراضيها، بمن فيهم البشير، المطلوب منذ عام 2005 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، حسبما ذكرت "رويترز".

وتم إسقاط التهم الموجهة إلى سبعة أشخاص بسبب وفاتهم، بينما أصدر القضاة عشرة إدانات وأربعة أحكام بالبراءة.

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط 35562 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی المحکمة الجنائیة الدولیة للمحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة ارتکاب جرائم حرب المدعی العام یحیى السنوار حرکة حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

"كينيث روث" يطالب الجنائية الدولية بالتحقيق في مجزرة النصيرات

صفا

قال المدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث، إن الخسارة الفادحة في الأرواح الفلسطينية التي رافقت عملية إنقاذ جيش الاحتلال الإسرائيلي لأربعة من أسراه، في 8 حزيران/ يونيو، تستدعي التحقيق.

وأوضح روث، عبر مقال له، نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يجب أن يُعفى من واجب الالتزام بالقانون الإنساني الدولي في عملية الإنقاذ؛ مؤكدا أنه "وفق وزارة الصحة في غزة، التي ثبت أن أرقامها موثوقة بشكل عام، فإن 274 فلسطينيا على الأقل قُتلوا في العملية وأصيب أكثر من 600 آخرين".

وأفادت وزارة الصحة في غزة، حسب روث، أن الشهداء بينهم 64 طفلا و57 امرأة، أي 44 في المئة من العدد الإجمالي. مردفا بأنه نظرا لأن العديد من الرجال الذين استشهدوا أثناء العملية كانوا في سوق قريبة، فيجب أن نفترض أن نسبة كبيرة منهم كانوا من المدنيين. وهذه حصيلة مروعة".

وأشار روث، إلى أن "القانون الإنساني الدولي يتطلب أن يمتنع الجيش عن شن هجوم إذا كانت الخسائر المتوقعة في صفوف المدنيين مفرطة مقارنة بالفائدة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة". 

وأوضح أن العمليات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي تمكّنت من تحرير أربعة أسرى أحياء. وعلى النقيض من ذلك، تم إطلاق سراح أكثر من 100 أسير نتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمه الاحتلال مع حماس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. 

وتابع بالقول: "قليلون هم الذين يشككون في أن التوصل إلى اتفاق آخر سيكون ضروريا لإعادة معظم الأسرى المتبقين أحياء. وكانت المفاوضات بطيئة إلى حد مؤلم، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يبدو وكأنه يعطي الأولوية لهدفه بعيد المنال المتمثل في تدمير حماس على حساب تحرير الأسرى".

إلى ذلك، أكّد روث، أن "القانون الإنساني الدولي يُلزم الجيوش باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنيب المدنيين الخطر"، مشدّدا على أن "واجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة ينطبق على الجيش الإسرائيلي".

وتساءل، خلال التقرير نفسه: "ما هي عشرات الأهداف القريبة التي هاجمتها القوات الجوية الإسرائيلية؟ هل كانت قادرة على ضرب مقاتلي حماس بدقة في ظل الفوضى التي سادت تلك اللحظة؟ أم أنها ببساطة أسقطت قنابل في المنطقة المجاورة، على أمل تمهيد الطريق أمام رجال الإنقاذ للفرار على الرغم من امتلاء المنطقة بالمدنيين؟ لا نعرف، ولكن من الواضح أن هناك حاجة إلى إجراء تحقيق مستقل، وتعتبر الهجمات العشوائية جريمة حرب".

وخلص الكاتب إلى أنه: "لهذا السبب هناك حاجة إلى إجراء تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية. فقد سعى كريم خان، المدعي العام الرئيسي، بالفعل إلى الحصول على أوامر اعتقال فيما يتعلق باستراتيجية التجويع المزعومة التي يتبعها نتنياهو ووزيره يوآف غالانت في غزة، وألمح إلى أنه قد يحقق في استخدام إسرائيل لقنابل تزن 2000 رطل لتدمير الأحياء المدنية.. وينبغي إضافة إنقاذ الأسرى إلى قائمة الحوادث التي تستحق التدقيق".

مقالات مشابهة

  • باحثة: 93 دولة تتحرك لدعم المحكمة الجنائية في مواجهة إسرائيل
  • 93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة إسرائيل
  • بيان مشترك لـ93 دولة تجدد دعمها للمحكمة الجنائية الدولية
  • بيان مشترك لـ93 دولة يدعو لاحترام المحكمة الجنائية الدولية
  • 93 دولة تطالب الاحتلال بالتعاون مع مع المحكمة الجنائية الدولية
  • "كينيث روث" يطالب الجنائية الدولية بالتحقيق في مجزرة النصيرات
  • آليات التعامل مع الأطفال الشهود والضحايا في النزاعات المسلحة … أطفال السودان نموذجا
  • إلى أين يتجه تحقيق “الجنائية الدولية” الجديد بشأن دارفور؟
  • إلى أين يتجه تحقيق الجنائية الدولية الجديد بشأن دارفور؟
  • تكتيكات التجويع في ماريوبول.. هل ترقى أفعال روسيا إلى جرائم حرب؟