بين المفوضية ولبنان وسوريا.. أزمة ترحيل اللاجئين السوريين تتفاقم
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
بيروت- يحتل عنوان "ترحيل اللاجئين السوريين" صدارة المشهد اللبناني، حيث صار مطلبا رسميا وسياسيا مدعوما من شرائح اجتماعية واسعة، لكن لبنان يعجز عن إعادة أكثر من 2 مليون لاجئ سوري مع تفاقم أزمته، وخلافاته مع المجتمع الدولي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإدارة الملف.
وتعد القافلة الجديدة -التي أطلقها الأمن العام يوم 14 مايو/أيار الحالي- دليلا على عدم قدرة لبنان على اعتماد هذا الإجراء حصرا لإعادة جميع اللاجئين، إذ ضمت القافلة نحو 330 لاجئا سوريا فقط.
كادت أن تنفجر أزمة دبلوماسية بين لبنان والمفوضية، الاثنين الماضي، حين استدعى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ممثل المفوضية الرسمي إيفو فرايسن، وطالبه بسحب رسالة بعثتها المفوضية إلى وزير الداخلية بسام مولوي، أعربت فيها عن قلقها من "عمليات الإجلاء القسرية للسوريين".
وأصدر بو حبيب بيانا دعا فيه المفوضية لاحترام التخاطب مع الوزارات، ومنح فرايسن مهلة شهر لتسليم جزء إضافي من بيانات السوريين، التي سلمت جزءا منها للحكومة سابقا، استنادا لاتفاقية موقعة في آب/أغسطس 2023، وبدورها استجابت المفوضية بسحب رسالتها التي لقيت اعتراضا سياسيا، وشددت على تعاونها مع الحكومة.
وتفيد مصادر الجزيرة نت بأن الحكومة تصر على الحصول على معلومات إضافية من السوريين، كتواريخ دخولهم إلى لبنان وأماكن إقامتهم، في حين تواصل المفوضية مباحثاتها بما يتماشى مع القوانين الدولية لحماية بيانات اللاجئين.
ويُذكّر رئيس مؤسسة "جوستيسيا" المحامي والأكاديمي بول مرقص -عبر الجزيرة نت- بمذكرة التفاهم التي وقعتها المفوضية مع وزارة الداخلية والأمن العام سنة 2003، والتي تؤكد أن لبنان ليس بلد لجوء، وتنص على عدم السماح لأي شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية أن يتقدم بطلب لجوء لدى المفوضية بعد شهرين على دخوله.
ويستند الجيش اللبناني في إجراءاته إلى قرار مجلس الدفاع الأعلى الصادر في أبريل/نيسان 2019، الذي يقضي بترحيل السوريين الداخلين إلى لبنان دون المرور بالمعابر الرسمية.
مصير ملف اللاجئينيعتبر مراقبون أن تذرّع لبنان بعدم توقيعه على اتفاقية اللجوء لا يتماشى مع حقيقة الأزمة وتاريخ العلاقة بين لبنان وسوريا، وما حل في البلدين بعد عام 2011، سواء من ناحية ما استفاده لبنان طوال 12 عامًا من مليارات الدولارات التي وصلته في صورة هبات دولية دعما لاستضافته اللاجئين، أو من ناحية الواقع الحدودي المنفلت، حيث ينشط التهريب بشتى أشكاله منذ عقود بين البلدين.
وفي حديث مع الجزيرة نت، يشير وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين إلى أن القافلة التي نُظمت أخيرا هي الأولى بعد تجديد التكليف لوزارته بإدارة ملف العودة قبل شهرين، وأنها جاءت "استجابة للضغط الشعبي والبرلماني والحكومي، ثم جاء القرار السياسي".
ويقول الوزير إن "أهمية القافلة ليس بعددها بل برمزيتها، وتدل أن الأمن العام اللبناني يقوم بواجبه، وأن الأمن الوطني السوري يتجاوب معه"، ويتهم شرف الدين المنظمات الدولية بممارسة الترغيب والترهيب لعرقلة قوافل العودة الطوعية، بالضغط على اللاجئين.
وأفاد بأن هناك قوافل ستنطلق بعد نحو أسبوعين، وأنها تسير وفق آلية أن تسلم وزارة المهجرين قوائم الراغبين في العودة إلى سوريا للأمن العام اللبناني، الذي بدوره سيسلمها للأمن العام الوطني السوري لنيل الموافقة على الأسماء.
كما قدم البرلمان اللبناني -في جلسته المنعقدة حول ملف عودة اللاجئين والهبة الأوروبية المقدرة بمليار يورو- يوم 15 مايو/أيار الجاري، نحو 9 توصيات للحكومة، كان عنوانها الأبرز "إعادة السوريين من لبنان إلى سوريا بمهلة أقصاها سنة واحدة".
وهنا، يتحدث وزير المهجرين عن 3 فئات من السوريين يمكن لهم البقاء للبنان، وهم العمال والحرفيون وأصحاب المؤسسات، شرط أن يكون بحوزتهم إقامات شرعية وإجازة عمل، و"هؤلاء لا يتجاوز عددهم 400 ألف سوري"، حسب قوله.
لكن النازحين الذين هربوا من الحرب والنازحين الاقتصاديين، وفق تعبير شرف الدين، "سيترتب عليهم العودة الطوعية"، وأضاف أن الوزارة تمتلك خطة لإعادة 15 ألف سوري كل شهر، إذ تمت الموافقة عليها من الجانب السوري والحكومة اللبنانية، "وننتظر القرار السياسي لتنفيذها" حسب قوله، وأضاف "كما لدينا ورقة تفاهم للبدء بتفكيك المخيمات".
أما اللاجئون السياسيون والمعارضون، فلديهم وفق الوزير 3 حلول:
الاستفادة من العفو الرئاسي السوري. الهجرة إلى دولة ثالثة بالتنسيق مع المفوضية لإعادة توطينهم هناك، وهو ما يرغب فيه غالبية السوريين. الذهاب إلى منطقة المعارضة في شمال شرق سوريا.ويردف الوزير بأن أميركا وأوروبا تتبعان معايير مزدوجة مع لبنان، في ظل تصويتهما على بقاء السوريين في لبنان كأنهما أوصياء عليه، "خوفا من هجرة القوارب نحو أوروبا، التي تضم نحو 400 مليون نسمة، ولا تتحمل مليوني لاجئ سوري من لبنان الصغير جدا".
عودة وترحيل قسريوفي السياق، تقول الناطقة الرسمية باسم المفوضية دلال حرب -للجزيرة نت- إن المفوضية تتعاون مع الأمن العام اللبناني، لتسهيل عودة السوريين الراغبين في ذلك والمسجلين لديه.
وتشير إلى أن الأمن العام، منذ 2018، يقوم بتسهيل رحلات العودة للسوريين الراغبين في العودة إلى سوريا، ومن بينهم لاجئون معروفون لدى المفوضية، لكن آخر رحلة مماثلة للقافلة الأخيرة كانت في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ووفق حرب، توجد المفوضية بنقاط الانطلاق المختلفة في اليوم المحدد لرحلة العودة، وذلك لمراقبة العملية، وتتولى فرق المفوضية القيام بمهمات مثل:
تقديم المشورة للاجئين بعد الاتصال بهم. التواصل مع الأمن العام بالنيابة عن اللاجئين. توزيع المنشورات التي توضح مراكز الخدمات المجتمعية المدعومة من المفوضية ومراكز المعلومات الأخرى في سوريا والخدمات المتاحة فيها. إحصاء الأعداد، والتواصل مع مكتب المفوضية بسوريا بشأن حجم العملية والتفاصيل اللوجستية، وتشارك معلومات خاصة باللاجئين العائدين، لتتصل بهم المفوضية في سوريا بعد عودتهم.وتؤكد الناطقة باسم المفوضية أنها تتحفّظ على مشاركة أي معلومات عن الحالات الفردية، لأسباب تتعلق بالسرية والحماية الشخصية، "لأن الطوعية والسلامة والكرامة معايير دولية رئيسية عند عودة اللاجئين".
وقبيل كل رحلة عودة للاجئين السوريين، تتعالى أصوات المنظمات الحقوقية، التي تحذر لبنان والمجتمع الدولي من تداعيات ما تسميه "الترحيل القسري" للاجئين السوريين.
وهنا، يعتبر مدير مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح أن ثمة علامات استفهام على رحلات العودة، لأنه يصعب تتبع حركتها ومدى ضمان سلامة اللاجئين العائدين، لضبابية الضمانات التي يقدمها النظام السوري.
ويتحدث المحامي عن عمليات ترحيل قسري يتعرض لها سوريون، عند مداهمة بعض المخيمات أو توقيف قوارب هجرة غير منتظمة، أو عند إنهاء بعض السجناء السوريين لمحكوميتهم، كما أن "مصير العشرات مجهول بعد تسليمهم للأمن السوري، إضافة لانقطاع الاتصال مع بعضهم".
ويفيد المحامي بأن الخوف تسلل إلى السجون اللبنانية، مع طرح الحكومة مشروع ترحيل السجناء السوريين وتسليمهم إلى النظام بحجة اكتظاظ السجون، ويذكر بما سبق أن أعلنه وزير الداخلية اللبناني بسام المولي أن نحو 80% من السجناء الموقوفين في لبنان لم تصدر أحكام بحقهم، مما يضاعف الخطر على السجناء السوريين في حال ترحيلهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأمن العام
إقرأ أيضاً:
إسرائيل منعت الجيش اللبناني تفتيش موقع بالضاحية الجنوبية قبل قصفه
نقلت وكالة فرانس برس للأنباء ، اليوم الجمعة 6 يونيو 2025 ، عن مسؤول عسكري لبناني ، قوله إن إسرائيل حالت دون قيام الجيش اللبناني بتفتيش موقع في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل قصفه مساء أمس الخميس.
وأضاف : "أرسل الإسرائيليون خلال النهار، رسالة مفادها أن هناك هدفا في الضاحية الجنوبية لبيروت، يستفسرون عنه (للاشتباه) بأنه قد يحتوي أسلحة".
وتابع "استطلع الجيش اللبناني المكان الذي كان مشروع أبنية مدمرة، ورد الجيش عبر الميكانيزم (آلية وقف إطلاق النار ولجنة الإشراف على تطبيقه)، بأن المكان لا يحتوي على شيء".
وشنّت إسرائيل غارات على الضاحية الجنوبية، التي تعد معقلا لحزب الله، للمرة الرابعة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين حيّز التنفيذ أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد حرب امتدّت لأكثر من عام على خلفية الحرب في غزة .
وذكر الجيش الإسرائيلي أنه هاجم أهدافا تابعة لـ"الوحدة الجوية" في حزب الله، خصوصا منشآت لإنتاج الطائرات المسيّرة، بعدما أصدر إنذارا بإخلاء محيط مبانٍ في الضاحية، تمهيدا لقصفها.
وفي حين أشار إلى أن الإسرائيليين لم يبعثوا بأي رسالة عبر لجنة الإشراف بشأن المواقع التي يعتزمون استهدافها خلال الليل، أضاف: "عندما انتشر بيان أفيخاي أدرعي، حاول الجيش (اللبناني) أن يتجه إلى أول موقع أشار إليه؛ لكن ضربات إسرائيلية تحذيرية حالت دون أن يكمل الجيش اللبناني مهمته".
وتضم اللجنة لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، وتتولى مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحزب الله، منذ أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر.
وحذّر الجيش اللبناني في بيان، اليوم الجمعة من أن "إمعان العدو الإسرائيلي في خرق الاتفاقية ورفضه التجاوب مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، ما هو إلا إضعاف لدور اللجنة والجيش، ومن شأنه أن يدفع المؤسسة العسكرية إلى تجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية".
مصابون بالقصف الإسرائيليّ على عين قانا
وفي سياق ذي صلة، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الجمعة، إصابة ثلاثة أشخاص، إثر غارة إسرائيلية استهدفت بلدة عين قانا في قضاء النبطية جنوبيّ لبنان.
وأفاد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة في بيان بأن "غارة للعدو الإسرائيلي على بلدة عين قانا بقضاء النبطية، الليلة الماضية، أدت إلى إصابة ثلاثة مواطنين بجروح".
وسبق وقالت الوكالة الوطنية للإعلام، إن بلدة عين قانا "عاشت ليلة من التوتر والقلق بفعل العدوان الإسرائيلي، الذي استهدفها بعدة غارات جوية من خلال الطيران الحربي والمسير".
وذكرت الوكالة أن الطائرات الحربيّة والمسيّرة الإسرائيليّة، "شنّت غارات عدة على البلدة بعد إنذار وجهه الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة"، أسفرت عن دمار كبير في المباني والشوارع والمركبات.
وفي وقت سابق، الجمعة، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن طائراته الحربية شنت غارات استهدفت ما أسماه "مواقع إنتاج ومستودعات لتخزين مسيّرات تابعة للوحدة الجوية بحزب الله (الوحدة 127) بالضاحية الجنوبية وفي جنوب لبنان".
وادعى أنه "رغم التفاهمات بين إسرائيل ولبنان واصلت الوحدة الجوية لحزب الله الأنشطة المعادية وتطوير قدراتها"، على حد زعمه.
كما "هاجم الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان ورشة، لتصنيع مسيّرات تستخدم لأعمال هجومية، وجمع معلومات، وتحسين قدرات الاستطلاع لحزب الله"، وفق البيان.
وتتزامن هذه التطورات مع تهديد وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، لبنان بأنه لن ينعم بسلام ولا استقرار، دون ما سماها "أمن إسرائيل".
وجاء التهديد ردا على إدانة الرئيس اللبناني، جوزيف عون، لغارات إسرائيل على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، مساء الخميس.
وقال عون إن الغارات عشية عيد الأضحى تمثل "استباحة سافرة لاتفاق دولي، ودليل دامغ على رفض تل أبيب لمقتضيات السلام العادل بمنطقتنا".
ومساء الخميس، شنّت مقاتلات إسرائيلية 8 غارات على الضاحية الجنوبية، عقب إنذارات للسكان بالإخلاء.
ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، ارتكبت إسرائيل آلاف الخروقات التي خلفت ما لا يقل عن 208 شهداء، و501 جريح.
وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية فرنسا: عازمون على الاعتراف بدولة فلسطين حجاج بيت الله يرمون الجمرات في منى صباح أول أيام عيد الأضحى 2025 فرض عقوبات أميركية على 4 قضاة في المحكمة الجنائية الدولية الأكثر قراءة الهباش ونجم يستقبلان رئيس مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية فتوح يدين تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي تفاصيل اجتماع حماس مع الجبهة الشعبية "القيادة العامة" بلدية برشلونة تقرر قطع علاقتها مع إسرائيل عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025