من أرقام تريليونية إلى نسب إنجاز ضئيلة: قصة كربلاء مع التمويل
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
3 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث: نشر النائب محمد الخغاجي بياناً حول التخصيصات الاستثمارية لمحافظة كربلاء، موضحاً الفروقات الكبيرة بين التخصيصات المعلنة والتمويل الفعلي. وأوضح الخغاجي أن التخصيصات الاستثمارية لكربلاء في سنة 2023 بلغت 430 تريليون دينار عراقي، في حين بلغت التخصيصات لعام 2024 حوالي 64 تريليون دينار عراقي.
لكن عند حساب المبالغ المدورة من تخصيصات الأمن الغذائي والأمانات، تصل التخصيصات لعام 2024 إلى 577 تريليون دينار عراقي. رغم ذلك، أشار الخغاجي إلى أن المشكلة تكمن في التمويل الفعلي لهذه التخصيصات. حيث تم تمويل كربلاء في عام 2023 بمبلغ 118 تريليون دينار فقط من أصل 430 تريليون دينار، ما يمثل نسبة إنجاز 27%.
وأعرب الخغاجي عن قلقه من أن زيادة التخصيصات دون القدرة على التمويل الفعلي قد تشكل مشكلة، مشيراً إلى أن التخصيص الحقيقي دون المبالغ المدورة يمكن أن يخفض الموازنة العامة إلى أقل من 211 تريليون دينار، مما يساهم في تقليل العجز البالغ حالياً 64 تريليون دينار عراقي. وأضاف أن الفارق في التخصيصات ذهب لتمويل مشاريع مركزية حكومية مثل الجسور، مما قلل بشكل كبير التخصيصات الحقيقية للمحافظات.
وتعد التخصيصات الاستثمارية جزءاً أساسياً من الموازنات المالية التي تُعدها الحكومات لتطوير البنى التحتية وتحسين الخدمات في المحافظات. في العراق، تواجه هذه التخصيصات تحديات عديدة تتعلق بالتمويل الفعلي والإدارة الفعالة للمشاريع.
في محافظة كربلاء، والتي تُعتبر من المحافظات ذات الأهمية الدينية والسياحية، تتزايد الحاجة لتطوير الخدمات والبنى التحتية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار، خاصة خلال المناسبات الدينية. ومع ذلك، فإن التفاوت الكبير بين التخصيصات المعلنة والتمويل الفعلي يعرقل تحقيق هذه الأهداف.
في عام 2023، بلغت التخصيصات الاستثمارية لكربلاء 430 تريليون دينار عراقي، لكن ما تم تمويله فعلياً كان 118 تريليون دينار فقط، مما يعكس نقصاً كبيراً في التنفيذ بنسبة إنجاز بلغت 27%. في عام 2024، ورغم زيادة التخصيصات المعلنة عند حساب المبالغ المدورة، فإن التحدي الرئيسي يظل في القدرة على تمويل هذه التخصيصات فعلياً.
والفساد وسوء الإدارة المالية من الأسباب الرئيسية التي تعيق تحقيق التخصيصات الاستثمارية لأهدافها. تقارير متعددة تشير إلى أن الأموال المخصصة للمشاريع يتم تحويلها أحياناً لمشاريع مركزية على حساب المحافظات، مما يؤدي إلى تفاوت كبير في التنمية بين المناطق.
وفي هذا السياق، يُبرز النائب محمد الخغاجي ضرورة مراجعة التخصيصات والتمويل لضمان تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة في جميع المحافظات، وتحقيق الشفافية في إدارة الأموال العامة لمكافحة الفساد وتحقيق التوزيع العادل للموارد المالية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: تریلیون دینار عراقی
إقرأ أيضاً:
مستثمر عراقي:العراق بيئة طاردة للاستثمار وانعدام الثقة بالدولة
آخر تحديث: 31 يوليوز 2025 - 12:04 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- لم يكن قرار المستثمر العراقي بإنشاء مصنع حديث لإنتاج المياه الصحية في الأردن بدلاً من العراق قرارًا اقتصاديًا بحتًا، بل تجسيدًا ملموسًا لفكرة “الهروب من بلد الفرص المعطلة إلى بلد القواعد الواضحة”.فالمصنع، الذي من المقرر أن يبدأ إنتاجه في آذار 2026، بمنتجات زجاجية تشمل البروبايوتك، المياه الغازية، والمياه المدعّمة بالفيتامينات، سيوجَّه معظمه إلى أسواق الخليج وأوروبا، فيما بقي العراق – بلد المنشأ – مجرد احتمال غير قابل للتنفيذ، في نظر صاحب المشروع.الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، الذي نقل هذه التجربة في تدوينة ، لم يقدّم مجرد قصة، بل أشار إلى خلل بنيوي أعمق، قائلاً: “بدأ أحد رجال الأعمال العراقيين بإنشاء مصنع حديث لإنتاج المياه الصحية والمعدنية في الأردن، بمختلف أنواعها، باستخدام علب زجاجية، تشمل البروبايوتك، والمولتي فايتمنز، والمياه الغازية والعادية ومياه بنكهات الفواكه، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في آذار 2026، ومعظم الإنتاج محجوز للتصدير إلى الخليج وأوروبا”. وبحسب ما نقله المرسومي عن المستثمر، فإن قرار عدم تنفيذ المشروع في العراق يعود إلى ما وصفه بـ”البيئة الطاردة للاستثمار”، موضحًا: “قراري بعدم إقامة المشروع في العراق يعود إلى معوقات الصناعة والرُخص والتعقيدات البيروقراطية، إضافة إلى ضعف ثقة الأسواق الخارجية بالمنتج العراقي، وهو ما اعتبره عاملاً حاسماً في اتخاذ القرار”.وأضاف المستثمر: “حاولت سابقًا إضافة خط إنتاجي لأحد معامل المياه في العراق، وصارلي سنتين بالضبط بالمعاملات، خلوني أكفر باليوم الي فكرت بي أستثمر بالعراق”. تُظهِر قراءات اقتصادية مستقلة أن العراق يُعد من أكثر بلدان المنطقة ثراءً بالفرص الاستثمارية غير المستغلة: سوق استهلاكية واسعة، موقع جغرافي محوري، موارد طبيعية هائلة، وقطاع خاص طامح للنمو. ومع ذلك، فإن هذه المؤهلات لا تتحوّل إلى مشاريع قائمة إلا نادرًا، بسبب ما يُعرف بفجوة الثقة، أي الفجوة بين المستثمر والمنظومة المفترضة لحمايته وتمكينه. في بيئة تتداخل فيها صلاحيات المركز والمحافظات، وتتقاطع فيها سلطات الهيئات الرسمية، وتتكاثر فيها الجهات الرقابية بلا سند قانوني واضح، يتحوّل أي مشروع إنتاجي إلى معركة يومية، لا علاقة لها بالمنتج أو جدواه، بل بإرهاق الإجراءات.وتشير بيانات صادرة عن وزارة التخطيط العراقية إلى أن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 32.4٪ عام 2020 إلى نحو 39.5٪ عام 2024. لكن هذه النسبة، وإن بدت مشجعة على الورق، لا تعكس تحوّلًا حقيقيًا في فلسفة الدولة تجاه الاستثمار، بقدر ما تُظهر ضغوطًا على الدولة نفسها في ظل الأزمات المالية المتكررة وتقلص قدرة القطاع العام على استيعاب المزيد من التوظيف. في المقابل، تواصل دول الجوار – مثل الأردن وتركيا والإمارات – جذب المشاريع العراقية، ليس بامتيازات مالية استثنائية، بل بوضوح الإجراءات وثبات السياسات، وثقة الأسواق العالمية بأنظمتها القانونية والرقابية، وهو ما لا يزال العراق يفتقر إليه حتى اليوم.تجربة هذا المستثمر، كما نقلها المرسومي، لا تُعد استثناءً، بل تُجسّد نمطًا متكررًا، وفقًا لمتابعين للشأن الاستثماري العراقي، يمتد من قطاع الزراعة إلى الصناعة، ومن التكنولوجيا إلى الخدمات. المعاملات المرهقة، انعدام الشفافية، غياب التحكيم التجاري، وتضارب الصلاحيات؛ كلها تشكّل ما يمكن تسميته بـ”البيئة الطاردة الناعمة”، بيئة لا تطرد المستثمر بأمر إداري، بل تُنهكه حتى ينسحب طوعًا، مثقلاً بخيبة وتردد.ويذهب بعض الباحثين إلى أن السؤال لا يكمن في “لماذا فضّل الأردن؟”، بل في “لماذا لم يجد في بلده حافزًا للبقاء؟”.وحين تصبح الدول المجاورة أكثر جاذبية للمشاريع العراقية من العراق نفسه، فإن الخلل لا يكون في رأس المال، بل في البنية التي يُفترض أن تحتويه. وعندما يُبنى مصنع مياه بتمويل عراقي في عمّان، فإن المفارقة لا تكون في الموقع، بل في ما تكشفه من فجوة عميقة في الثقة بالدولة، لا بالمشروع.