جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-01@07:53:43 GMT

مرض الكساد الاقتصادي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

مرض الكساد الاقتصادي

 

محمد بن رضا اللواتي

[email protected]

 

رُغم المؤشرات الإيجابية لحالة الميزانية الفعلية للسنة المالية المنقضية 2023، من حيث زيادة الايرادات الفعلية والفائض المالي في ظل ارتفاع أسعار النفط، وتحسُّن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، إلّا أن المراقبين ما يزالون يرون أن الاقتصاد العماني يُعاني حقيقة من كساد؛ ذلك لأنه لا بُد من الفصل بين الميزانية التي ترتكز على ارتفاع سعر برميل النفط وما يُسببه من نمو في الناتج المحلي، وبين القاعدة الاستهلاكية والإنتاجية اللتين باتساعهما أو انكماشهما تكشفان عن حالة الاقتصاد، وبحسب المؤشرات التي يُتابعها أولئك المراقبين، فمن وجهة نظرهم فإن ثمّة كساد جاثم على صدر اقتصادنا الوطني بشكل واضح!

إذا غضضنا النظر عن ملف الباحثين عن العمل، والذي يزداد ضخامة مع كل سنة؛ حيث ترفد الجامعات والكليات الألوف من الشباب إلى سوق العمل الذي لا يستطيع استيعاب ثُلث تلك الأعداد، إذ ترى وظيفة واحدة متاحة قد يتقدم لها أكثر من 5 آلاف شاب!

وإذا غضضنا النظر عن هذا الملف، فإن المؤشر الأبرز المعتمد في تشخيص هذه الحالة هو طبيعة الاقتصاد المحلي، فهو اقتصاد ريعي، مستند بالدرجة الأولى وبشكل كامل على ارتفاع أسعار النفط، والذي يتيح للحكومة الانفاق على المشاريع الكبيرة.

دلالة أخرى تميط اللثام عن جانب من وضع الاقتصاد، تتمثل في ضعف الإنتاجية المجتمعية؛ حيث إن المجتمعات المُنتِجة هي تلك التي تُنعش خزينة الدولة بإنفاقها الناتج عن العمل، ومن خلال الضرائب التي تدفعها، وهذه المجتمعات رغم فقدانها للثروة النفطية إلّا أن اقتصاداتها نشطة وفاعلة، لكن عندما تعيش المجتمعات على إيرادات الحكومة من مواردها الطبيعية التي قد تنضب في أي وقت، يغيبُ طابع الانتاج عنها، وتصبح عالة على الإنفاق الحكومي، وعلى الرواتب التي تقصم ظهر الحكومة لأجل توفيرها.

مؤشر آخر يأتي بعده هو حجم استفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة مما تصرفه الحكومة على المشاريع الكبيرة، فحاليًا، مجموعة قليلة من الشركات الكبرى تتداول هذا الإنفاق، أما الشركات المتوسطة أو الصغيرة فليست على مستوى المنافسة لأخذ حصة من الاقتصاد، ما يعني محدودية تداول الثروات وفقدان الفرص.

من المؤشرات التي يعتمدها خبراء الاقتصاد، متابعة حالة القطاع السياحي، الذي ما يزال غير جاذب بالدرجة الكافية كي يعمل فيه المواطنون في ظل الأجور المنخفضة، كما إن هذا القطاع إلى اليوم لم يتمكن من المنافسة المأمولة على مستوى السياحة الداخلية نظرًا لتباين عوامل الجذب المحلي.

وتُعد حالات انخفاض ايجارات العقارات، وبطء زيادة أعداد الكوادر العمانية في القطاع الخاص، وتأثر حركة البيع والشراء في الأسواق، وإقبال الكثير من المشترين على المنتجات الرخيصة، كلها مؤشرات مُقلقة تدل على تراجع الأنشطة الاقتصادية.

لذلك نرى أهمية طرح حلول تتمثل بالدرجة الأولى في إعادة هيكلة الاقتصاد، وهذا يحتاج ما بين 3 إلى 10 سنوات لإطلاق نموذج اقتصادي مُغاير ومتطور ومُستدام، لكن هناك حلول سريعة تعمل على انعاش الاقتصاد تتمثل في:

تقديم حزمة حوافز حقيقية للشركات لتوظيف العمانيين. تقديم حوافز ضريبية للشركات الأجنبية لزيادة مستوى التعمين فيها. تدريب الخريجين على العمل بكفاءة في محلات البيع بالتجزئة. تسهيل عمليات البيع والشراء في قطاع العقارات.

لله الحمد إننا نملك بُنى أساسية مُمتازة، ومُدننا ومناطقنا الاقتصادية جاهزة، كما إن برامج استقطاب الاستثمارات فاعلة، ومع هذا نجد أن الإجابة عن التساؤل حول "أين الخلل إذن؟" ربما حائرة ولا نستطيع الإمساك بها.

يقولون إن الاقتصادات الريعية تُرجئ حل المشكلات، فطالما أن الانفاق الحكومي متاح، عادة لا يتم البحث الجاد عن أسباب الأزمات، تطبيقًا لمبدأ البعض بأن "الأمور طيبة"؛ بل لا يحب أحد أن يُشار إلى وجود مشكلة ما!

وأخيرًا.. إنَّ إعادة هيكلة الاقتصاد العماني مطلبٌ ضروريٌ لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، بهدف خلق بيئة مُحفِّزة للقطاع الخاص وتعزيز ريادة الأعمال في مسار التنويع الاقتصادي، وتحفيز القطاعات غير النفطية مثل السياحية واللوجستيات والخدمية، مع نظام حوكمة مستمر يمتلك الأجوبة ويمكنه تمريرها، لأن الأيادي المرتعشة لن تصنع الفارق، كما إن الخمول على مستوى التفكير وتوقُّف البحث عن الحلول لن يصنع النجاح.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لرفع مستوى الامتثال وتثبيت قواعد الحوكمة.. “الموارد البشرية” تُنفّذ 411 ألف زيارة رقابية خلال الربع الأول من 2025

كشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن تنفيذ فرقها الرقابية أكثر من 411 ألف زيارة رقابية خلال الربع الأول من عام 2025، واستهداف أكثر من 250 ألف زيارة لبرامج التوطين، أسفرت عن ضبط 115,278 مخالفة، وتوجيه أكثر من 46 ألف إنذار، في وقت بلغ فيه معدل جودة الرقابة 93.65%، متجاوزًا النسبة المستهدفة

وأوضحت الوزارة أنها تعاملت خلال الفترة ذاتها مع 14,657 بلاغًا و13,611 اعتراضًا، ضمن آليات تضمن العدالة والاستجابة السريعة، وتعزز الثقة في منظومة الرقابة، مواصلة تعزيز حضورها الميداني في سوق العمل، عبر أدوات رقابية ذكية ومنهجيات استباقية، أسهمت في رفع مستوى الامتثال، وتثبيت قواعد الحوكمة في المنشآت.
وعلى مستوى الكوادر البشرية، واصلت الوزارة تمكين فرقها الميدانية معرفيًا ومهنيًا، فيما نفّذت 53 برنامجًا تدريبيًا متخصصًا، استفاد منها أكثر من 1,330 مراقبًا ومراقبة، إلى جانب تنظيم لقاءات “الساعات الحوارية” التي جمعت 314 مراقبًا لتبادل الخبرات وتوحيد المفاهيم المهنية.
وأصدرت الوزارة 7 تعاميم رقابية وتنظيمية، تهدف إلى توحيد الإجراءات، وتحديد مرجعيات الضبط، بما يضمن تقليص التباين ورفع مستوى الالتزام الميداني.
وفي إطار التطوير المؤسسي المتواصل حصلت وكالة الرقابة وتطوير بيئة العمل على شهادة ISO-9001 في الجودة الإدارية نتيجة دمجها لأدوات رقابية تقنية، شملت منصة “تمام”، وبرنامج “حماية الأجور”، ومنصة “تشارك”، وبرنامج “مواءمة”، الذي يُعد من أبرز المبادرات المؤهلة للمشاركة في جوائز الأمم المتحدة للخدمات العامة 2026.
وتُظهر البيانات الرقابية الصادرة عن الوزارة أن نسبة امتثال منشآت القطاع الخاص لقرارات التوطين تجاوزت 94%، مما يعكس التفاعل الإيجابي من المنشآت مع السياسات التنظيمية، فيما تُعد هذه الأرقام مؤشرًا مباشرًا على تحسّن بيئة العمل في المملكة، واستقرار العلاقة التعاقدية، ونجاح الوزارة في ضبط التوازن بين الحزم في الرقابة والدعم في التمكين.
يذكر أن معدل البطالة بين السعوديين سجّل انخفاضًا إلى 6.3% خلال الربع الأول من 2025، في أدنى مستوى تاريخي له، ضمن نتائج تعكس فاعلية نهج الوزارة في تنظيم سوق العمل وضمان امتثاله، وفق مسار منسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وسعيها المستمر نحو سوق عمل تنافسي، منظم وجاذب للكفاءات الوطنية، وقائم على الإنتاجية والاستدامة.

مقالات مشابهة

  • السياسات الأمريكية والعبث بالنظام الاقتصادي العالمي
  • السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة
  • المرأة الأردنية والتحديث الاقتصادي … الاستثمار في التعليم لا يكتمل إلا بالإدماج في سوق العمل
  • التكامل بين الشركات الناشئة والكبيرة.. شراكة استراتيجية للنهوض بقطاع التجارة والتجزئة
  • 411 ألف زيارة رقابية ساهمت في خفض البطالة.. الموارد: أدوات ذكية ترفع نسب الامتثال الوظيفي إلى %94  
  • لماذا تسيطر الشركات الأجنبية على قطاع الهايبر ماركت؟
  • استعراض مستوى تنفيذ المشاريع التنموية في خطط محافظة صنعاء
  • “الموارد البشرية”: أدوات رقابية ذكية رفعت نسب الامتثال إلى 94% وخفض معدل البطالة
  • "الموارد البشرية" تُسهم بأدوات رقابية ذكية في رفع نسب الامتثال إلى 94% وخفض معدل البطالة
  • لرفع مستوى الامتثال وتثبيت قواعد الحوكمة.. “الموارد البشرية” تُنفّذ 411 ألف زيارة رقابية خلال الربع الأول من 2025