في الذكري السنويه لفض إعتصام القيادة العامة
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
تعتبر جريمة فض الإعتصام التي هلت علينا ذكراها السنويه من أكبر الجرائم التي إرتكبها تحالف فلول النظام السابق من الاسلاميين مع جنرالات الجيش، فبرغم الحرب الطاحنة والتشريد والموت وفقد الممتلكات وشقاء العمر الذي يحدث الآن بسبب الحرب، برغم ذلك فإنها ستبقي في الذاكرة الجمعيه للسودانيين ربما لأجيال عديدة.
السبب في ذلك يعود إلي الغدر والوحشية التي تم بها القتل والتحقير والتعذيب و الإغتصاب لشباب مسالم لا يملك من السلاح غير إيمانه بضرورة الإنتقال السلمي نحو دولة القانون والعدالة والتنميه بعد ثلاثة عقود من الفساد والاستبداد.
سبب آخر يميز جريمة فض إعتصام القيادة العامة عن قائمة جرائم الكيزان المتطاولة الأخري ويجعلها حية في الذاكرة الجمعية، أنها كانت قد تمت أمام سمع وبصر الجيش السوداني وأمام مقره، وفي ذلك رمزية عالية لأن إختيار دافع الضرائب للإعتصام أمام مقر قيادة جيشه أمر له مدلولات عميقة تعبر عن الوضع " الطبيعي لجيش أي بلد" في ذهن المواطن وليس عن الوضع " الشاذ" الذي نعيشه الآن.
لكننا حينما نضع تلك الجريمة في السياق العام للاحداث منذ إندلاع ثورة ديسمبر التي نجحت في إقتلاع عمر البشير ، سنكتشف وبسهولة أنها كانت تقريبا بدايات التحرك الجاد من قبل الفلول لقطع الطريق علي التفاوض حول الوثيقة الدستورية بإعتباره قد يقود إلي توافق يمكن البلاد من الانتقال السلمي الديمقراطي. من الأشياء التي ميزت قوي الحرية والتغيير رغم محاولات الفلول المستمرة، بمساعدة آخرين للأسف، شيطنتها، أنها، أي قوي الحرية والتغيير، تميزت بالمرونة والصبر في التفاوض مع العسكر وإستطاعت أن تمتص الصدمة وكذلك فعل الشعب الذي لم يخضع للإبتزاز بعد فض الإعتصام والقتل والترويع الذي صاحبه كما كان الكيزان يتوقعون.
بيد أن تحالف الفلول مع جنرالات الحيش كان قد واصل في محاولاته المستميتة لإجهاض ثورة ديسمبر بإستخدام ما عرف ب " حاضنة الموز" وحمايتها كي يتعلل بفرية التمثيل representstion ثم اردف ذلك بالإنقلاب علي الوثيقة الدستورية في اكتوبر وإعادة تمكين عناصر النظام السابق، رغم كل ماعرفوا به من فساد وإفساد ، وصولا إلي مسئوليته الراهنة عن الحرب الكارثية منذ ١٥ أبريل من العام الماضي.
أيضا، من الأشياء التي ستجعل هذه الجريمه عالقة بالاذهان في تاريخنا الحديث، إنه لم يتم الكشف بعد عن تفاصيلها وتمليك الشعب الحقائق كاملة بما حدث، وتعتبر قيادات الجيش والدعم السريع إضافة إلي لجنه " أديب" هي المسؤولة عن ذلك التعتيم رغم أن كل الدلائل تشير وبقوة إلي أن كتائب الاسلاميين وفلول النظام السابق هي من نفذ الجريمة ضد المدنيين السلميين بتلك الوحشية والقذاره التي شهدناها عبر وسائل التواصل الحديثة.
وتعتبر ثقافة العنف المقدس أو "الجهاد" والتي تتعارض مع مفهوم التعددية والتعايش السلمي في المجتمعات المدنية الحديثة، هي المسئولة عن الكراهية والعداء وشيطنة الأبرياء وإستباحتهم بتلك الدرجة من الفظاعة، كذلك لا يمكن ابدا إهمال الدوافع السياسية للفلول بالعودة إلي حكم البلاد والإنفراد بخيراتها.
أهم درس يجب أن نعيه بعد هذه التجارب القاسية هو ضرورة إحداث إختراق داخل عش الدبابير لمعرفه التآمر والتصدي له قبل وقوعه. ولنا في التجربة الإنسانية ما يمكن أن نتعلمه خاصة إذا عرفنا أن أقدم ديمقراطية في العالم لم تكن لتصمد لولا حسن التدبير وإختراق جسد الأعداء وهذا ما فعله المستنيرون حينما قاموا بطرد الملك جيمس السادس الكاثوليكي المتطرف وتتويج الملكه ميري وزوجها فيما عرف بالثورة المجيده في العام ١٦٨٨م Glorious Revolution.
وبذلك كانوا قد تمكنوا من بسط الحريات العامة ما أمكن ودعم مبدأ التسامح وضرورة التعايش السلمي بين الأديان في المجتمع البريطاني. كان ذلك قد تزامن مع الدور العظيم للسكرتير العام في ذلك الوقت فرانسيس وولسنقهام Francis Walsingham الذي استطاع تجنيد عدد من الوطنيين لمعرفه ما يدور من تآمر علي بريطانيا في الدوائر الكاثوليكية المتطرفة داخل الفاتيكان وفرنسا واسبانيا.
كان لذلك العمل تأثيره العظيم في كشف المؤامرات ووأدها في المهد ، قبل أن يستفحل شرها، وذلك حماية لأول نظام كان يخطو حثيثا نحو التحديث والدمقرطة ولكن دون أن يهمل مسألة تقليم أظافر التطرف الديني.
طلعت محمد الطيب
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
“هيئة النقل” تُعلن إطلاق تجربة التوصيل الذاتي باستخدام مركبات ذاتية القيادة
رعاية معالي نائب وزير النقل والخدمات اللوجستية رئيس الهيئة العامة للنقل المكلف الدكتور رميح بن محمد الرميح، أعلنت الهيئة العامة للنقل عن إطلاق تجربة تشغيل خدمة التوصيل باستخدام مركبات ذاتية القيادة، ضمن شراكة إستراتيجية بين شركة “جاهز” ومجموعة “روشن”، وذلك في واجهة روشن بمنطقة الأعمال.
وأكد معاليه بهذه المناسبة، أن منظومة النقل والخدمات اللوجستية تولي اهتمامًا بالغًا بتسريع تبني التقنيات الحديثة في القطاع، عادًا هذه التجربة خطوة مهمة نحو بناء منظومة نقل متقدمة تدعم المدن الذكية، وتعزز جودة الحياة.
ويمثل إطلاق تجربة تشغيل خدمة التوصيل باستخدام مركبات ذاتية القيادة، امتدادًا لجهود منظومة النقل والخدمات اللوجستية لتبني التقنيات الحديثة في القطاع، بما يسهم في تطوير منظومة نقل ذكية ترتقي بجودة الحياة وتدعم الاستدامة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030.
اقرأ أيضاًالمملكة“البيئة” تؤكّد أهمية التكامل العربي في تطوير نظم إنتاج وحفظ البذور لتحقيق الأمن الغذائي
وتهدف التجربة إلى تقديم حلول توصيل مبتكرة وآمنة تعتمد على المركبات ذاتية القيادة، بما يعزز من كفاءة الخدمات اللوجستية، ويوفر تجربة تقنية حديثة داخل المجتمعات السكنية والتجارية.
وتُعدّ هذه المبادرة نموذجًا عمليًا للتكامل بين القطاعين العام والخاص في تطوير خدمات لوجستية ذكية، وتجسيدًا لتوجهات الهيئة العامة للنقل نحو مستقبل أكثر تطورًا واستدامة.
ويأتي هذا الإطلاق امتدادًا لتبني أحدث الحلول التقنية، حيث دشّنت الهيئة العامة للنقل الأسبوع الماضي المرحلة التطبيقية الأولى للمركبات ذاتية القيادة لنقل الركاب في مدينة الرياض، ضمن خطوة نوعية لتبني أحدث الابتكارات الذكية في قطاع النقل.