وعي أيرلندا تجاه الإبادة الجماعية في غزة
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
خلال الأشهر السبعة الماضية، ارتكبت إسرائيل جريمة إبادة جماعية في غزة تفوق في وحشيتها ما فعله المسيحيون في العصور الوسطى وهتلر ضد اليهود. وأمام هذه الوحشية، واجه كل إنسان حي على وجه الأرض اختبارا. فكان هذا الاختبار اختبارا للإنسانية بأكملها.
وأظهرت الدول هويتها في مواجهة هذا الاختبار. وبصرف النظر عن الدول، أظهر السياسيون أيضا هوياتهم وشخصياتهم.
لقد بات واضحا أن العديد من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، تقع تحت حصار الصهيونية. لقد رأينا أن رؤساء الدول والبرلمانيين ليسوا أحرارا. وأدركنا من ردود فعل بعض الأشخاص في بلادنا أن الصهيونية قد وصلت إلى كل بقعة على وجه الأرض.
أدركنا مجددا أن الدول العربية، باستثناء مصر وقطر، لم تعد تمتلك القدرة على التأثير. واختبرنا بشكل خاص مدى ضعف تأثير المملكة العربية السعودية في السياسة الخارجية. اتخذت الصين وروسيا مواقف حذرة للغاية، مع أن مقارنة الحرب الأوكرانية والقضية الفلسطينية قد تمنح روسيا فرصة لالتقاط أنفاسها. وأما الصين فقد رجحت التزام الصمت إزاء هذه الإبادة الجماعية لضمان عدم تصاعد قضية تركستان الشرقية إلى الساحة العالمية. ولكن ستواجه الصين الغرب بشأن تايوان، ولن يفلت هذا الموقف المتناقض من انتباه الرأي العام العالمي.
أدرك الجميع، سواء كانوا أصدقاء أو أعداء، مدى قوة وسيطرة الصهيونية على العالمماغيرته إبادة غزة في العالم
من الآن فصاعدا، لن يتمكن أي يهودي أو صهيوني من ذرف دموع التماسيح والحديث عن المحرقة، لقد سقطت أقنعتهم وكشفت مدى سوء قلوبهم وتعطشها للدماء، ناهيك عن وجوههم. قبل الحرب لم يكن هناك أي نقاش حول وجود قيم الإنسانية والشعور بالعدالة والضمير. لقد أصبحت القضية الفلسطينية ومقاومة جيش القسام وصمود شعب غزة في مواجهة الدمار الكبير والإجراءات القاسية رمزا جديدا للأمل في سعي الإنسانية للعدالة والضمير في الكون.
في جامعات الولايات المتحدة وشوارع أوروبا والعديد من الأماكن الأخرى، تعرض الناس للضرب والاعتقال وواجهوا تهديدات كبيرة من أجل أشخاص لم يسبق لهم رؤيتهم. ورغم ذلك لم يتراجعوا عن تحديهم النظام العالمي. يمكننا أن نطلق على هذا الوضع صحوة إنسانية جديدة.
لقد أدرك الجميع، سواء كانوا أصدقاء أو أعداء، مدى قوة وسيطرة الصهيونية على العالم. وتحولت هذه السيطرة إلى حالة أكثر خطورة من سيطرة المافيا، حيث تحولت نظريات المؤامرة إلى حقيقة.
ورغم حصار وسائل الإعلام التقليدية، ومساعي فيسبوك وإنستغرام لإخفاء الإبادة الجماعية في غزة من خلال برامج خاصة، إلا أن شعوب العالم شهدت الوحشية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتمكنت من إبقاء الموضوع على جدول الأعمال من خلال سلسلة من الاحتجاجات. وأصبح من الواضح مدى اتساع الفجوة بين كبار صانعي القرار في النظام العالمي وبين الشعوب. وبدأ علماء السياسة وعلم الاجتماع يتحدثون عن هذه الفجوة. كما أظهرت الولايات المتحدة التي تروج للديمقراطية والليبرالية الجديدة للعالم، كيف يمكن أن تتخذ موقفا قمعيا تجاه مجموعات النخبة من الطلاب والأكاديميين الذين يمثلون مستقبلها.
يعتقد العديد من الأكاديميين والزعماء الفكريين الأمريكيين أن الولايات المتحدة ليست دولة كهذه، وأن هذا الوضع قد تسبب في صدمات عميقة في المجتمع، ستفهم تداعياتها مع مرور الوقت.
باختصار، انقسمت البشرية إلى قسمين: قسم يقف إلى جانب فلسطين - وبالتالي إلى جانب العدل والضمير - وقسم يقف إلى جانب الظلم والاستعمار، وخاصة الصهيونية.
الأيرلنديون والجامعات الأمريكية
تقدمت دولة جنوب أفريقيا بطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية. ووقفت تركيا في صفها في هذه القضية. وأكد أردوغان، الذي يعتبر قائد المظلومين في العالم، في كل فرصة أن إسرائيل دولة ترتكب الإبادة الجماعية. ولا تزال هذه الموجة آخذة في الارتفاع، ولم تواجه إسرائيل منذ تأسيسها مثل هذه العزلة.
تستحق أيرلندا وجامعات الولايات المتحدة مكانة متميزة لموقفها خلال هذه العملية. كما اتخذ نادي سلتيك، أحد أهم مؤسسات أيرلندا، موقفا جماعيا لدعم غزة، معتبرا أن كل ممتلكاته كمباراة بين فلسطين وإسرائيل. لقد أبدى الشعب الإيرلندي حساسية كبيرة تجاه القضية، وشهدت برلماناتهم خطابات من شأنها أن توقظ الضمير. وأوضح رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار، وهو ينظر إلى وجه بايدن، سبب وقوف الأيرلنديين إلى جانب فلسطين، قائلا: "عندما أسافر حول العالم، يسألني القادة غالبا "لماذا يشعر الأيرلنديون بمثل هذه التعاطف مع الشعب الفلسطيني؟". والجواب بسيط؛ نرى تاريخنا في أعينهم. قصة النزوح، ومصادرة الممتلكات، وعدم الاعتراف بالهوية الوطنية، والهجرة القسرية، والتمييز والجوع..."
أما طلاب الجامعات الأمريكية، الذين يمثلون مستقبل هذا البلد، فقد أظهروا وعيا كبيرا بقضية غزة. وأصبحوا نموذجا يحتذى به في الجامعات حول العالم. يمكن لمنظمات المجتمع المدني في الدول المسلمة، وللأشخاص الذين يشعرون بالمسؤولية، أن يتخذوا من الإيرلنديين كشعب ومن الجامعات الأمريكية، قدوة ونموذجا.
أصبحت هذه التضامنات والوعي رمزا يمثل ضمير الإنسانية وسعيها للعدالة. وأبرزت المواقف المساندة لغزة ضد هذه الإبادة، صحوة إنسانية جديدة وقوة التضامن العالمي.
المصدر: يني شفق
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة الاحتلال ايرلندا مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الإبادة الجماعیة إلى جانب
إقرأ أيضاً:
حرب الإبادة والأهداف الخفية!
كثيرة هي الأسباب والدوافع التي تقف خلف حرب الإبادة الدائرة في قطاع غزة، التي عجز العالم عن إيقافها، رغم بشاعتها ووحشيتها، وقذارة وانحطاط أساليبها، التي لم يسلم منها حتى حليب الأطفال الذي تحول إلى سلاح بيد قوات العدو، ناهيكم عن الغذاء والدواء وعجزت كل دول العالم عن إقناع العدو بإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، ليس لأنها عاجزة، بل لأنها لا تريد، وترغب في أن يحقق العدو أهدافه.
فأستشهد العديد من الأطفال والشيوخ والنساء جوعاً في القرن الواحد والعشرين، قرن الثورة التقنية، والتجارة عبر الانترنت، قرن أصبح فيها بعض الناس في دول الغرب يسافرون للفضاء لقضاء إجازتهم، فيما العربي الفلسطيني، تنتهي حياته إذا فكر أن يغادر خيمته ليذهب لمراكز توزيع المساعدات، التي حددتها دول العالم وبرعاية الأمم المتحدة، وبعلم قوات الاحتلال، التي وافقت علنا على خطة التوزيع المحدودة، ثم راحت تستهدف الجوعى ليستشهدوا جوعى وعطشى ومرضى، أمام أنظار العالم الذي أثبت أنه لا يقل انحطاطا عن قوات الاحتلال.
كثيرة هي الأهداف التي تقف وراء حرب الإبادة التي يشنها جيش العدو، بحق الشعب العربي المسلم في فلسطين، منها ضرب حواضن المقاومة، مع أن المقاومين في قطاع غزة، لم تجلبهم أجهزة المخابرات الغربية والعربية ليقاتلوا في فلسطين، كما فعلت وتفعل في بعض الدول العربية والإسلامية، بل إن من يقاتل في فلسطين هم أبناء الشعب الفلسطيني، ومن يتصدى ببطولة باسلة وأسطورية وغير مسبوقة للعدو في غزة ويسجلوا ملاحم بطولية منذ بداية العدوان، هم أبناء غزة، أبناء الأمهات والآباء، الذين قتلهم ويقتلهم الاحتلال بآلته العسكرية المتوحشة، وهم أبناء وأشقاء المقاومين الأبطال، والعدو لا تنحصر أهدافه في استهداف المقاومين، بل وحواضنهم وأسرهم، أبنائهم وآبائهم، أمهاتهم، وزوجاتهم، وشقيقاتهم و أشقائهم، أعمامهم وعماتهم، إنها حرب إبادة لشعب مقاوم، ورغبة العدو ليست التخلص من المقاومة وسلاحها، بل يريد التخلص من فكرة المقاومة، أي الفكر المقاوم وترسيخ ثقافة الاستسلام والتبعية والارتهان، وتبني ثقافة الاستلاب.
ألم يطالب المجرم نتنياهو في بداية العدوان بتطبيق الاستراتيجية التي طبقت على ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، على قطاع غزة؟!
ومع ذلك أعود وأقول، إن الهدف من حرب الإبادة في غزة، الذي يدخل في الوعي الصهيوني في بند أضعف الإيمان هو التغيير الديموغرافي داخل فلسطين، الذي يمثل قلق للعدو بل كابوس يشغل بالهم، ويستحوذ على اهتمامات نخبهم السياسية، وتنهمك مراكز أبحاثهم الاستراتيجية، في البحث عن حلول لهذه الإشكالية _ التفوق الديموغرافي الفلسطيني على العدو.
إذاً وحسب آخر إحصائيات مراكز الأبحاث الاستراتيجية فإن هناك «2.4» مليون فلسطيني في قطاع غزة، و «2.6» مليون في الداخل الفلسطيني-عرب 48-، و750 ألفاً في مدينة القدس، و«4.250» مليون في الضفة الغربية.
يعني أن هناك قرابة عشرة ملايين فلسطيني داخل فلسطين، إضافة إلى قرابة سبعة ملايين فلسطيني «مهجرين» في دول الشتات سوريا، لبنان، الأردن، ومنهم مهاجرين في دول العالم.
مقابل 7.5 مليوناً مستوطن داخل فلسطين، ومثلهم خارجها تقريبا، يعني كل « يهود» العالم إذا اجتمعوا لن يزيدوا عن 15 مليون، فيما تشير التوقعات أن تعداد الشعب العربي الفلسطيني بحلول عام 2050م قد يصلوا إلى ما بين 30_35 مليوناً، فيما تعداد اليهود لن يتجاوز بحلول العام نفسه 20 مليوناً إذا سارع الكيان في تنشيط عملية الإنجاب في أوساط مستوطنيه، أو استقطبت جماعة «الحريديم» أفراد إلى العقيدة اليهودية من بين شعوب العالم، وهذا رهان غير مضمون في الحالتين، فأسر المستوطنين دون استثناء جنسياتهم الأصلية القادمين إلى فلسطين تحدد إنجابها بين طفل إلى طفلين فقط، فيما نسبة الإنجاب بين الفلسطينيين تزيد في المتوسط عن خمسة أفراد لكل أسرة.
إذاً هذا القتل الوحشي، والرغبة في التهجير، يدخل أيضا ضمن نطاق هذه الحسابات الديموغرافية لدى العدو، الذي فعلا يواجه مأزقا، وحاول مواجهة هذا المأزق بداية بفكرة الدولة اليهودية وفكرة يهودة الدولة، تعني يهودة المجتمع، وتخلي الكيان عن نظريته السابقة التي بدأ بترويجها عند بداية التأسيس باعتباره كياناً علمانياً ديمقراطياً وحينها طرحت للتداول فكرة شعبين في دولة ودولة لشعبين وأخذت الفكرة سنوات من الاهتمام والتداول حتى داخل المحافل الدولية، لدرجة أن حزب العمل الصهيوني ارتبط بعلاقة صداقة رفاقية مع العديد من الأحزاب الشيوعية العربية وكان شريكها في المؤتمرات الاشتراكية الدولية التي كانت تعقد سنويا برعاية الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي.
وظل هذا التقليد حتى انهيار الاتحاد السوفييتي.
وقد فشلت كل محاولات الاحتيال الصهيونية هذه، حتى كشر العدو عن حقيقة أهدافه الاستيطانية برفع شعار “يهودية الدولة” بعد أن أدرك خطورة النمو الديموغرافي العربي وتنامي أعداد الشعب العربي داخل فلسطين وخارجها، فسعي يقدم حلولا تلفيقيه بدعم ورعاية أمريكية وعربية للأسف بهدف إسقاط “حق العودة” وكان هذا الحق من أهم نقاط الخلاف التي أدت إلى تنكر العدو لاتفاق «أوسلو» الذي وقعه الشهيد عرفات مع العدو، وفي يوم التوقيع وصف عرفات الاتفاق بـ “الفخ” لكنه كان يردد دائما “أريد كيلو متراً داخل فلسطين لنستقر فيه، ومنه إما أن نحرر وطننا أو ندفن فيه”.