في 27 أبريل/نيسان 2024 الماضي، شهدت مدينة بورتسودان زيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والذي يشغل أيضا مهام مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا. كانت هذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب في السودان بين قوات الجيش السوداني وميليشيا “قوات الدعم السريع”.

على أثر تلك الزيارة، طفا الحديث مرة أخرى إلى السطح عن اتفاق إنشاء قاعدة بحرية روسية في سواحل السودان على البحر الأحمر.

بدأ الحديث عن هذه القاعدة خلال عهد النظام المخلوع، بعد زيارة الرئيس المخلوع عمر البشير إلى روسيا في 2017، وبالفعل وقّع البشير اتفاقا لإنشاء هذه القاعدة، وهو الأمر الذي عطله اندلاع “الثورة السودانية” في ديسمبر/كانون الأول 2018 بعد انتصارها بإسقاط البشير في أبريل 2019. لاحقا أوقفت “حكومة الثورة” ترجمة هذا الاتفاق على أرض الواقع، ولم يتم الحديث عنه ولا عن إنشاء القاعدة البحرية الروسية حتى انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

بعد الانقلاب وزيارة قائد “قوات الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى روسيا، والتي أيد فيها الغزو الروسي لأوكرانيا، ثم صرح بعد عودته بدعمه لإنشاء القاعدة الروسية على سواحل البحر الأحمر السودانية، عاد الحديث بقوة عن القاعدة اللوجستية الروسية.

عزز حميدتي بتصريحاته تلك التوأمة والشراكة بين ميليشياته وقوات مجموعة “فاغنر” التي ظلت تعتمد على إسناد “قوات الدعم السريع” في أنشطتها داخل ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، ممتدة عبر غرب أفريقيا حتى غانا ومالي.

ولم ينحصر التعاون على النواحي العسكرية فحسب، بل امتد إلى الأنشطة الاقتصادية وخصوصا التنقيب عن الذهب. ففي يوليو/تموز 2017 أعلنت شركة “كوش” الروسية عن اتفاقها مع شركة “الجنيد” المملوكة لـ”قوات الدعم السريع” للتنقيب عن الذهب في 14 مربعا جديدا بالإضافة إلى الترخيص الممنوح لها في المربع (30) بالبحر الأحمر. ولاحقا، وخلال زيارة الرئيس المخلوع عمر البشير إلى روسيا عام 2017، وُقع اتفاق لمنح عدد غير محدد من المربعات الإضافية لشركة “كوش” الروسية للتنقيب عن الذهب في السودان.
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد قررا في أوقات سابقة تطبيق عقوبات اقتصادية على شركات تنقيب عن الذهب تعمل في السودان تحت رعاية “قوات الدعم السريع” بخصوص علاقتها وارتباطاتها بمجموعة “فاغنر”، متهمة إياها بأنها شركات ظل تتبع في الحقيقة لمجموعة “فاغنر”. وكان لهذه الشركات نشاط اقتصادي مؤثر، إذ شهد عام 2021، نحو 16 رحلة جوية روسية لتهريب الذهب من السودان إلى روسيا عبر مطار اللاذقية في سوريا.

ولم ينحصر التعاون على النواحي العسكرية فحسب، بل امتد إلى الأنشطة الاقتصادية وخصوصا التنقيب عن الذهب. ففي يوليو/تموز 2017 أعلنت شركة “كوش” الروسية عن اتفاقها مع شركة “الجنيد” المملوكة لـ”قوات الدعم السريع” للتنقيب عن الذهب في 14 مربعا جديدا بالإضافة إلى الترخيص الممنوح لها في المربع (30) بالبحر الأحمر. ولاحقا، وخلال زيارة الرئيس المخلوع عمر البشير إلى روسيا عام 2017، وُقع اتفاق لمنح عدد غير محدد من المربعات الإضافية لشركة “كوش” الروسية للتنقيب عن الذهب في السودان.
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد قررا في أوقات سابقة تطبيق عقوبات اقتصادية على شركات تنقيب عن الذهب تعمل في السودان تحت رعاية “قوات الدعم السريع” بخصوص علاقتها وارتباطاتها بمجموعة “فاغنر”، متهمة إياها بأنها شركات ظل تتبع في الحقيقة لمجموعة “فاغنر”. وكان لهذه الشركات نشاط اقتصادي مؤثر، إذ شهد عام 2021، نحو 16 رحلة جوية روسية لتهريب الذهب من السودان إلى روسيا عبر مطار اللاذقية في سوريا.
وكانت هذه الشركات تعمل بشكل معلن، لدرجة أن بعض مواقع التعدين التي كانت تديرها تحت حراسة “قوات الدعم السريع” كانت ترفع العلم السوفياتي القديم. من جانبه أكد زعيم “فاغنر” السابق يفغيني بريغوجين وجود مستشارين تقنيين تابعين لمجموعته في السودان، فيما دافع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشكل صريح عن “فاغنر” ووجودها في السودان خلال زيارته الخرطوم في يناير/كانون الثاني 2023، قبل أسابيع من اندلاع الحرب.
ومنذ وقت مبكر في الحرب التي اندلعت منتصف أبريل 2023، انكشف مدى الدعم الروسي لميليشيا “قوات الدعم السريع” والذي كان امتدادا لعلاقة وطيدة تجاوزت آثارها حدود السودان، لتتضمن توفير الإسناد اللوجستي لوجود “فاغنر” في ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي امتدادا إلى غرب أفريقيا. وقد انخرطت قوات مجموعة “فاغنر” (والتي تمت إعادة تسميتها لاحقا بعد إنهاء تمرد زعيمها بريغوجين، ومقتله في أغسطس/آب 2023، بـ”الفيلق الأفريقي”) في الحرب السودانية في صفوف “قوات الدعم السريع”. وقتها، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن “قلقه العميق بشأن مشاركة فاغنر” هناك، متهما المجموعة بأنها “تجلب المزيد من الموت والدمار” أينما تعمل.

تعززت العلاقة بين “فاغنر” الروسية وميليشيا “الدعم السريع” بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023. وكشفت شبكة “سي إن إن” مسنودة بصور أقمار صناعية عن تورط “فاغنر” في تسليح “قوات الدعم السريع”، وإمدادها بصواريخ أرض– جو من ليبيا المجاورة. وتواصلت التقارير الصحافية عن الإمداد الذي تتلقاه ميليشيا “الدعم السريع” بالوقود والسلاح والمقاتلين من شرق ليبيا وأفريقيا الوسطى التي تتمتع فيهما “فاغنر” بنفوذ كبير، ولاحقا التقى مؤسس “فاغنر” مبعوثين من حميدتي في أفريقيا الوسطى قبل أيام من مقتله قرب موسكو. فيما أكدت لاحقا تقارير صحافية أوكرانية عن اعتقال القوات الأوكرانية لعدد من أفراد ومرتزقة مجموعة “فاغنر” الذين يقاتلون مع ميليشيا “الدعم السريع”.

في كل تلك الأثناء ظل الموقف الأميركي المتهاون تجاه جرائم “الدعم السريع” المتحالفة مع “فاغنر” مستغربا. ووصل هذا الموقف لدرجة التمويه على الجرائم التي يرتكبها مرتزقة الميليشيا والذي منح “الدعم السريع” ما يشبه الحصانة السياسية المؤسسية عن أي جرائم يرتكبها جنودها، وتزداد غرابة الموقف بعد تخلص بوتين من بريغوجين، والعمل بشكل معلن على إعادة هيكلة وجود “فاغنر” في أفريقيا تحت اسم “الفيلق الأفريقي” بما يعكس طبيعة عملها ومهامها الجديدة. وهو ما يبدو أنه قد دفع قيادة الجيش السوداني بعد أن طال انتظارها للمعسكر الغربي، للتوجه باتجاه روسيا بعد أن بدا واضحا للجميع استحالة إمكانية تحقيق انتصار لميليشيا “الدعم السريع” في حرب السودان.
ويبدو أن الروس كانوا حريصين على التقاط القفاز وفتح خطوط التفاهم مع طرفي النزاع في السودان، إذ عاد الحديث عن القاعدة الروسية، بل أعلن مساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا أن اتفاق إنشاء القاعدة جاهز للتوقيع، مؤكدا في الحين ذاته على استعداد الجيش السوداني وانفتاحه على التعاون مع كل القوى الدولية التي ترغب في ذلك.

وعلى الدوام لم تمتلك روسيا قوة بحرية كبيرة أو مؤثرة بشكل جاد. بل إن القاعدة البحرية الوحيدة التي تمتلكها خارج حدودها الإقليمية المباشرة هي قاعدة طرطوس بسوريا على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ولكن إنشاء هذه القاعدة على السواحل السودانية للبحر الأحمر سيوفر لروسيا ميزة استراتيجية فيما يخص السيطرة على حركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وإمكانية اعتراضها في حالة اندلاع أي نزاع عالمي، وذلك بالنظر إلى موقعها المتوسط بين مضيق باب المندب وقناة السويس والضيق النسبي للممر البحري عبر البحر الأحمر، بالإضافة إلى أنها ستساهم في تعزيز الوجود الروسي في البحر الأبيض المتوسط الذي توفره قاعدة طرطوس.
وتنص مسودة الاتفاق الذي لم يتم توقيعه بعد على إنشاء قاعدة إمداد لوجستية، بإمكانها استضافة أربع سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، بالإضافة إلى طاقم أرضي للمهمات اللوجستية، على أن لا يتجاوز الوجود الروسي في القاعدة في كل الأوقات 300 جندي. وأيضا اشتمل الاتفاق الذي مدته 25 عاما على نص يمنح إمكانية إلغاء الاتفاق في أي وقت برغبة أي من الطرفين.

وأفادت مصادر مطلعة عن وجود اتفاق منفصل لإمداد الجيش السوداني بالسلاح الروسي. وقد تزامن خروج كل هذه الأخبار إلى العلن مع زيارة لنائب القائد العام للجيش السوداني شمس الدين الكباشي إلى غرب أفريقيا وبالتحديد دولتي مالي والنيجر، والتي بدأت يوم 5 يونيو/حزيران. والدولتان تتمتع فيهما روسيا بنفوذ كبير. وهو ما يبدو أنه تحرك في منطقة الساحل يهدف إلى قطع خطوط دعم ميليشيا “قوات الدعم السريع” بالسلاح والجنود. وهو ما يعكس تغييرا كبيرا في الموقف الروسي.
وفي الحين ذاته، دشن نائب رئيس “مجلس السيادة” السوداني مالك عقار زيارة إلى الاتحاد الروسي في 4 يونيو، وأشيعت أنباء عن حمله رسالة مباشرة إلى الرئيس الروسي بوتين عندما يلتقي به خلال زيارته.
ومع عودة الحديث عن إعادة تفعيل التفاوض حول إنشاء القاعدة الروسية، قام وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بالاتصال بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ودعوته للعودة للتفاوض مع “الدعم السريع” في جدة. ومضت تلك المكالمة بشكل كارثي انتقدتها الدبلوماسية الأميركية سوزان بيج والتي وصفت طريقة حديث وزير الخارجية الأميركي بأنها غير لائقة. فيما سخر المحلل الأميركي كاميرون هدسون على أثرها من مجمل التحركات الدبلوماسية الأميركية تجاه السودان بالقول إنه لا يمكن توقع نتائج من التدخلات العابرة، مرة كل سنة من بلينكن، واصفا الدبلوماسية الأميركية تجاه السودان بأنها أشبه بمسلسل تلفزيوني رديء.

وتبدو هذه الانتقادات انعكاسا لانتقادات أوسع يتردد صداها داخل الإدارة الأميركية وبالتحديد دوائر في البنتاغون تنتقد سياسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تجاه السودان، والتي جعلته يتجه شرقا باتجاه موسكو بسبب تساهل السياسة الأميركية مع ميليشيا “الدعم السريع” المتحالفة مع أعداء الولايات المتحدة في المنطقة، من المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا إلى أفريقيا الوسطى إلى بوركينا فاسو. وفي الحين ذاته الذي تواصل فيه “قوات الدعم السريع” ارتكاب الجرائم والانتهاكات والفظائع ضد السودانيين، يتواصل تدفق السلاح الأميركي المتطور بما فيه مضادات الطائرات إلى الميليشيا عبر الدول الخارجية الداعمة لها. وهو ما دفع عضوة الكونغرس الأميركية سارة جاكوب مؤخرا إلى اقتراح قانون يحظر بيع السلاح إلى بعض الدول الثرية التي تدعم به ميليشيا “قوات الدعم السريع”.
وبالنظر إلى تطورات الحرب السودانية، فإن تحرك الجيش السوداني باتجاه روسيا وإعادة الحديث عن إنشاء قاعدة بحرية روسية في البحر الأحمر، ستكون انعكاساته أكبر بكثير من مجريات الحرب في السودان. فهذا تحرك ينعكس أيضا على توازنات الوضع الأمني المتداخل في البحر الأحمر ويمنح روسيا ميزة تفضيلية كبيرة وطويلة الأمد في السيطرة على مسار هام للتجارة الدولية ومسار صادرات النفط العالمية، وهو يعكس أيضا فشلا كبيرا في السياسة الخارجية الأميركية في قراءة وتحليل متغيرات الواقع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وأفريقيا.

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الأمیرکی للتنقیب عن الذهب فی قوات الدعم السریع الجیش السودانی أفریقیا الوسطى البحر الأحمر بالإضافة إلى فی السودان الحدیث عن إلى روسیا وهو ما

إقرأ أيضاً:

زوبعة الحكومة الموازية في السودان

يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.

الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.

الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.

داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.

ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.

وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.

الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.

المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.

الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • ذعادل الباز يكتب: الرباعية في خبر كان… لماذا؟ (2/2)
  • زوبعة الحكومة الموازية في السودان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع