الحلبي: تبقى وزارة التربية والتعليم العالي واحة من الأمل
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
لفت وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي إلى انه " في ظلّ التحديّات الجسام التي عايشها لبنان عبر العقود، تبقى وزارة التربية والتعليم العالي واحة من الأمل، تنسج خططًا واستراتيجيات تهدف إلى تعزيز التربية على التنمية المستدامة من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة لأجيالنا القادمة".
كلام الحلبي جاء خلال تلبيته دعوة منظمة اليونسكو في باريس، للمشاركة في لقاء عالي المستوى ، لمتابعة الخطوات التي حققتها الدول والحكومات لجهة تحقيق الهدف الرابع من اهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالتعليم الدامج العالي الجودة، تمهيدا للتعلّم مدى الحياة، وترجمة التزامات الدول والحكومات إلى برامج فعلية، والانخراط في الجهد العالمي نحو تحول التعليم، من اجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخصوصا الهدف الرابع .
وفي هذا الإطار، شارك الوزير الحلبي في طاولة مستديرة برئاسة نائبة المديرة العامة لليونسكو ستيفانيا جيانيني، حيث تمت مناقشة تجارب الدول الأعضاء وإسهاماتها في موضوع تطوير المناهج وهيكليات التعليم، وتحوّل التربية وتخضير التعليم عبر المدارس الخضراء والموارد المستدامة والطاقة البديلة .
واشار إلى "ان المشاركين في هذا الحدث هم وزراء وممثلون عن الشركات التكنولوجية الكبرى في العالم، والتي لها تأثيرها المباشر في تحول التعليم واستخدام الذكاء الإصطناعي في التربية والتعليم، وبالتالي فإنها شركات عملاقة مثل مايكروسوفت التي كان مندوبها مشاركا في المؤتمر، ومن المتوقع ان يدر عليها التحول الرقمي أرباحا كبيرة، وبالتالي فإنه يترتب عليها واجبات تجاه الدول التي تحتاج إلى الخبرات والتمويل مثل لبنان".
وعن الخطط الإستراتيجية للوزارة وصولا إلى رؤيتها لجهة تخضير التعليم، لفت الوزير الحلبي إلى أنه "منذ العام 2016 وحتى 2022، أطلقت الوزارة مجموعة من الأطر المرجعية والأدلة والمؤلفات التي أسهمت في دفع عجلة التطوير التربوي متخذة من أهداف التنمية المستدامة منارة لها".
وفي إطار تحقيق هذه الأهداف السامية، يبرز دور الشبكة الوطنية للمدارس المنتسبة لليونسكو (ASPNET)، التي تأسست بجهود اللجنة الوطنية لليونسكو في العام 1994، وتضم اليوم 76 مؤسسة تعليمية من القطاعين العام والخاص في جميع أرجاء لبنان، لتكون منارة تشع بالتعليم المستدام. وتجسد الخطّة الخمسية الحالية للوزارة (2021-2025) رؤية "المدارس الخضراء" من خلال إنشاء فصول دراسية خارجية، وحدائق مدرسية، وأجهزة صديقة للبيئة، بالإضافة إلى تعليم بيئي متكامل على مستوى المدرسة".
وردا على سؤال حول المدارس الخضراء، كشف الوزير الحلبي أنه "في العام 2017، أطلقت وزارة التربية - المركز التربوي للبحوث والإنماء مبادرة "الغرفة الخضراء"، التي أُعيد تفعيلها بالتعاون مع اليونسكو في أيار 2023. هذه المبادرة دعمت المناهج التعليمية المتعلقة بالحفاظ على البيئة واستخدام الطاقات البديلة، وأسهمت في تدريب المئات من معلمي العلوم والجغرافيا في المدارس الحكومية على وحدة "مدرستي الخضراء"، ليشاركوا في تنفيذ مشاريع ومسابقات تعزز مفاهيم التربية الخضراء".
وفي إطار إدخال تخضير التعليم من خلال تطوير المناهج التربوية ، اعتبر الوزير الحلبي "ان إصرارنا على تطبيق أهداف التنمية المستدامة وتخضير التعليم تجسّد في ورشة تطوير المناهج التي نعمل عليها، حيث شدّد الإطار الوطني اللبناني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي على هذه الأهداف في أسسه ورؤيته وتوجهاته، وفي الأوراق الأساسية المساندة له أو ما يعرف بالسياسات. إذ تبرز الكفايات المستعرضة الأساسية، مثل المواطنة والاستدامة والتربية من أجل التنمية المستدامة، كركائز أساسية في هذا الإطار الذي يهدف إلى تنشئة مواطنين يتبنون مفهوم التنمية المستدامة، ويواجهون تحدياتها بالمساءلة والشفافية والمسؤولية والعدالة."
اما في ما يتعلق بتنسيق الجهود المتعلقة بتخضير التعليم ، فقد أشار الوزير الحلبي إلى انه "ومن أجل توحيد الرؤية وتنسيق الجهود بين اليونسكو ووزارة التربية والتعليم العالي والوزارات المعنية الأخرى والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المحلي (البلديات)، كان من الضروري القيام بعمل منسق وفعّال في موضوع تخضير التعليم، لذا، تم إعداد استراتيجية وطنية لتخضير التعليم بدعم من منظمة اليونسكو، مشكورة على تنفيذ هذا الجهد الوطني الكبير. وهدفت الاستراتيجية إلى إنشاء إطار تنظيمي يوضح الأدوار والمسؤوليات بين مختلف أصحاب المصلحة، من أجل النهوض بتخضير التعليم في شكل جماعي في السياسات التعليمية، والثقافة، وممارسات الاستدامة".
ورأى أن "وزارة التربية والتعليم العالي، إذ تقدّم للمجتمع التربوي بمكوناته كافة هذه الاستراتيجية، فإنها تعتزم إعداد الخطوات الإدارية والتربوية والقانونية اللازمة لوضع الأنشطة والتدابير المقترحة في هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ بالتعاون مع الشركاء والمجتمع التربوي".
وردا على سؤال حول تدريب الموارد البشرية وتأهيلها للقيام بهذا المشروع بصورة متكاملة، أشار الوزير الحلبي إلى ان "وضع استراتيجية تخضير التعليم تزامن مع سعي لبنان، من خلال عملية تطوير المناهج، إلى توفير الاحتياجات اللازمة لتطبيق المناهج بطريقة فعّالة تحقق رؤيته وأهدافه التربوية، بما في ذلك تخضير التعليم من أجل التنمية المستدامة والتطوير المهني المستمر. وتشمل هذه الاحتياجات توفير موارد تعليمية ملائمة وكافية، وتصميم استراتيجيات تعليمية وأدوات تقييم مناسبة. علاوة على ذلك، فإنّ تنفيذ المعلمين هذه النماذج واكتسابها الفعّال يتطلب تطويرًا مهنيًا مستمرًا عالي الجودة. فكان أن نظّم المركز التربوي للبحوث والإنماء، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، تدريبًا متخصصًا حول تخضير التعليم في أيلول 2023 لمدربي المركز التربوي لكي ينقلوا هذا التدريب إلى كافة الكوادر التربوية في مختلف أنحاء البلاد".
وفي ما يتعلق بالتزام المجتمع والجهات الدولية، اكد الوزير الحلبي "اننا عازمون على المضي قدمًا في تحقيق تحول التربية بالارتكاز على مبادئ الاستدامة، ونحن منفتحون على شتى أنواع الشراكات، وخصوصا مع منظمة اليونسكو، ولن ندخر جهدًا لتخضير التعليم، فهو من أولويات عملنا، وتحقيق خطوات ملموسة فيه هو جزء من التزامنا بنوعية التعليم وإيماننا بقدرة التربية على تحويل المجتمع".
ولفت إلى "أهمية الشراكة مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو التي توفر للبنان دعما قيّما وموارد تساعد في تطوير استراتيجية وطنية لتخضير التعليم ، وإن ما نقوم به في لبنان راهنا هو خير مثال على نجاح هذه الشراكة".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وزارة التربیة والتعلیم العالی التنمیة المستدامة منظمة الیونسکو الوزیر الحلبی تطویر المناهج تطویر ا من أجل
إقرأ أيضاً:
التحركات الميدانية في الحوز: بين مقاربة التنمية المستدامة واتهامات الاستغلال السياسي
بقلم: شعيب متوكل
بعد مرور عامين على الزلزال الذي هزّ منطقة الحوز وخلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، عادت الأضواء مجددًا إلى المنطقة، ليس بسبب كارثة جديدة، وإنما بفعل زيارات ميدانية مفاجئة قامت بها أحزاب سياسية، جمعيات مدنية، وشخصيات معروفة في المشهد العام. هذه التحركات، التي جاءت بعد فترة من الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية من طرف السكان المتضررين، تثير تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها.
خلال العامين الماضيين، شهدت عدة مناطق متضررة من الزلزال وقفات احتجاجية متكررة، طالب فيها السكان بالإسراع في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية، دون أن تلقى تفاعلاً ملموسًا من أغلب الجهات السياسية، باستثناء بعض المداخلات المحدودة تحت قبة البرلمان. هذا الغياب فسّره البعض بالتقصير، فيما رأى آخرون أن طبيعة المرحلة فرضت أولويات وإكراهات حالت دون استجابة شاملة.
ومع عودة الوفود إلى المنطقة في الأيام الأخيرة، تتباين الآراء بين من يرى فيها تفاعلًا إيجابيًا حتى وإن جاء متأخرًا، وبين من يخشى أن يكون مرتبطًا بتحضيرات انتخابية أو حسابات ظرفية. ورغم أن بعض المبادرات تحمل طابعًا تنمويًا أو إنسانيًا، إلا أن توقيتها يظل محل نقاش في أوساط المتتبعين وتفوح منه رائحة العنبر السياسي.
كما أن السكان المحليون، الذين ذاقوا مرارة الزلزال وتبعاته، وذاقو مرارة الصدود عنهم في وقت الحاجة. لم يخفوا شكوكهم إزاء هذه التحركات المفاجئة، متسائلين عن سبب الغياب الطويل للمسؤولين.
من جانبهم، يؤكد عدد من الفاعلين المحليين على أهمية أي تدخل يساهم في تحسين أوضاع المتضررين، مشددين في الوقت ذاته على ضرورة اعتماد مقاربة مستدامة، تتجاوز منطق المناسبات أو التحركات الموسمية. كما يشددون على ضرورة التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان عدالة الإنصاف وفعالية الإنجاز.
في النهاية، تظل هذه الزيارات، مهما كانت خلفياتها، فرصة لإعادة تسليط الضوء على معاناة استمرت طويلاً، وربما تشكل بداية لتصحيح مسار التفاعل مع الأزمات. غير أن نجاح أي تدخل يظل رهينًا بمدى استمراريته، وابتعاده عن منطق التوظيف السياسي، لصالح مصلحة المواطن أولاً وأخيرًا.
ما يحدث اليوم بالحوز يعكس أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات، ويؤكد الحاجة إلى مقاربة تنموية عادلة تتجاوز منطق الاستغلال الظرفي وتضع مصلحة الساكنة فوق الحسابات السياسية.