RT Arabic:
2025-07-30@14:21:40 GMT

فرنسا تتأرجح على حافة الهاوية

تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT

فرنسا تتأرجح على حافة الهاوية

إذا منح الناخبون الفرنسيون حزب التجمع الوطني مقاليد السلطة، فسوف ينتقمون من المظالم التي يتهمون بها ماكرون وحزبه، لكنهم قد يندمون على كل ما تمنوه. لي هوكشتادر – واشنطن بوست

لقد بينت لي إحدى صديقاتي التي تعمل في مجال الزراعة العضوية في شامبانيا، جنوب شرق باريس، ما رأته من موهبة حزب التجمع الوطني المتشدد والمناهض للمهاجرين في التعامل مع السياسات بالتجزئة وتحسين صورته، مما أدى لتحول الناخبين الفرنسيين باتجاهه.

وبالمناسبة صديقتي هذه مناهضة للحزب المذكور.

أخبرتني صديقتي أن المسؤولين المحليين من الأحزاب السياسية الأخرى تجاهلوا لسنوات الدعوات لحضور اجتماعات المزارعين والمعارض الزراعية. وقد ظهر ممثلو التجمع الوطني مستعدين ومطلعين ومستعدين للحديث عن المشاكل المحددة التي يواجهها المزارعون.

وعندما أعرب أحد تجار النبيذ عن قلقه من أن برنامج الحزب المناهض للمهاجرين قد يؤدي إلى خنق المعروض من العمالة المحلية، طمأنه أحد مسؤولي التجمع الوطني بعد أن حضر مسؤول آخر في الحزب حدثا مؤخرا، وأرسل له رسالة شكر مهذبة، مما يدل على أنهم "يعرفون كيف يتصرفون في المجتمع".

ولكن، وفقا لصديقتي، فإن كل الكياسة التي ينتهجها حزب التجمع الوطني غير كافية لتبييض صفحته أمام بعض الناخبين الفرنسيين بما يخص معاداة السامية وإنكار المحرقة. ولهذا السبب لا تصوت صديقتي للحزب.

لكن التحول الذي طرأ على الحزب، والمشروع الذي دام لسنوات بين مارين لوبان وتلميذها المسيطر جوردان بارديلا البالغ من العمر 28 عاما، كان ناجحا إلى حد مذهل. وعلى مدى سنوات على هامش السياسة الفرنسية، حقق نصرا ساحقا في الانتخابات الفرنسية للبرلمان الأوروبي هذا الشهر.

والآن، وقبل انتخابات المجلس التشريعي الفرنسي التي تجري على جولتين والتي تنتهي في السابع من يوليو، يقود حزب التجمع الوطني مجموعة من الأحزاب في مجال سياسي منقسم بشدة. وقد يؤدي فوزه إلى ترك الرئيس إيمانويل ماكرون في منصبه، ولكن كزعيم لمعارضة ضعيفة.

وبعيداً عن الحظوظ المرتفعة لحزب التجمع الوطني، هناك العديد من الأشياء المهمة التي يجب معرفتها عن الحزب، ولا شيء منها يبعث على الارتياح.

أولا، يدعم هذا الحزب سياسات الكرملين بوضوح، وقد تشكل سيطرته على مكتب رئيس الوزراء صدعا في الجبهة الغربية المحدة بشأن أوكرانيا.

ثانيا، يريد الحزب نظاما جديدا في فرنسا لا يعتبر الاتحاد الأوروبي ثقلا موازنا لروسيا والصين، ويسعى للتقشف القومي. وكما كتب المؤرخ البريطاني تيموثي جارتون آش هذا الشهر: "ستكون هذه بداية خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي كما حصل في بريطانيا".

ثالثا، عدم الترحيب بالمهاجرين وحرمانهم من المزايا الاجتماعية ومواصلة الترحيل يمكن أن يحدد مسارا للانحدار طويل الأجل في بلد يعتمد، مثل بلدان أخرى في أوروبا، على العمالة المهاجرة للحفاظ على اقتصاده.

لقد دفع انتصار حزب التجمع الوطني هذا الشهر ماكرون إلى الدعوة لانتخابات مبكرة لانتخاب المجلس التشريعي الفرنسي، مما أثار اضطرابات سياسية. وتتلخص مقامرته الضخمة في أن الناخبين لن يكرروا، في الاقتراع المحلي، ما بدا وكأنه تصويت احتجاجي على المستوى القاري. لكن الزخم السياسي واستطلاعات الرأي في الوقت الراهن يشيران إلى أن الحزب سيفوز بأكبر حصة من المشرعين في الجمعية الوطنية المؤلفة من 577 مقعدا.

ولا يوجد عزاء كبير في حقيقة مفادها أن منافس الحزب الرئيسي يبدو وكأنه كتلة يسارية يهيمن عليها الاشتراكيون الراديكاليون الذين من شأن برنامجهم المبذر أن يؤدي إلى تفجير الاقتصاد الفرنسي. أما بالنسبة للفصيل الوسطي الذي ينتمي إليه ماكرون، فهو يحتل المركز الثالث بفارق كبير في استطلاعات الرأي.

ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن أحد كبار رجال الأعمال الفرنسيين قوله إن احتمال دخول اليمين المتشدد أو اليسار المتشدد في فرنسا إلى الحكومة هو "الاختيار بين الطاعون والكوليرا".

إن خطاب حزب التجمع الوطني الكارثي، الذي يصور فرنسا وهي واقعة في قبضة الفوضى والجريمة والانحدار، يتعارض مع نجاح الحكومة في خفض معدلات البطالة والتضخم. لكن ماكرون لم يبتكر أي علاج للاستياء والحنين المرير الناتج عن الهجرة الجماعية، والذي يظل في قلب رسالة لوبان-بارديلا بأن "الشمولية الإسلامية" ستؤدي إلى "محو" فرنسا.

تخيل، كما قال بارديلا أمام حشد من الناس في العام الماضي، فرنسا "حيث يعيش كل فرنسي وفرنسي تحت نفس العلم، ونفس اللغة، ونفس الثقافة". إن إيقاعه المدروس لا ينفي التطرف المتمثل في تجانس بلد يضم ملايين المسلمين سكانه المولودين في الخارج، والذين يشكلون حوالي 13% من السكان. ومن الجدير بالذكر أن فرنسا أضافت عددًا أقل من المهاجرين، كنسبة من السكان، مقارنة بالعديد من الدول الغربية الكبرى الأخرى على مدى العقدين الماضيين.

هناك شيء غريب في احتمال أن يتلاعب الناخبون بالاضطرابات في بلد مدعوم بثقافة المشاريع البادئة النابضة بالحياة، والإنفاق الاجتماعي القوي، والاقتصاد الذي تفوق في أدائه على كثيرين في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن قطاعات واسعة من البلاد ساخطة، وخاصة الفقراء الذين يشعرون بالاستياء من النخبة الحضرية التي يرون عزلتها وغطرستها متجسدة في ماكرون.

وإذا نجح الناخبون الفرنسيون في منح التجمع الوطني مقاليد السلطة، فسوف ينتقمون من تلك المظالم. لكنهم قد يندمون على كل ما تمنوه.

المصدر: واشنطن بوست

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكرملين الهولوكوست اليمين المتطرف انتخابات بريكست مؤشرات اقتصادية مارين لوبان معاداة السامية حزب التجمع الوطنی

إقرأ أيضاً:

هآرتس: الطبقة السياسية في إسرائيل تسير خلف نتنياهو نحو الهاوية

في مقال نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، شبّه الكاتب عودة بشارات الطبقة السياسية في إسرائيل بقطيع يسوقه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نحو الهاوية، في إشارة إلى غياب القيادة الواعية وحالة الانقياد الجماعي الأعمى في الساحة السياسية.

وقال الكاتب إنه شاهد على الشبكة مقطع فيديو متداولا يُظهر راعي أغنام عراقي يقود قطيعه نحو النهر ثم يقفز في الماء فيتبعه الكلب، ثم تقفز الأغنام الواحدة تلو الأخرى، بترتيب مثالي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب إسرائيلي: تجويع غزة لا يمكن تبريره للعالمlist 2 of 2صحيفة بريطانية: غزة مشرحة مفتوحة ورائحة الموت تزكم الأنوف في كل مكانend of list

وأضاف أن هناك فيديو آخر يقدم قصة مشابهة بالرسوم المتحركة، ولكن على متن سفينة في عرض البحر، حيث تقفز الحيوانات المسكينة بحماس في أعماق البحر.

وعلّق قائلا "يؤسفني أنني لا أستطيع أن أدخل إلى عقل الخروف الذي يقفز بحماس أو استسلام خلف الراعي وكلبه الوفي. هل هو انقياد أعمى للزعيم؟ أم ضغط اجتماعي؟ أم هو الخوف من أن تُكسر قواعد الجماعة؟".

"بيبي قال"

كما يؤكد الكاتب أن الواقع السياسي في إسرائيل يذكّره بلعبة شهيرة في الطفولة تُعرف بـ"حسن قال"، حيث يطيع اللاعبون الأوامر فقط عندما تبدأ بجملة "حسن قال"، بينما يخسر من يطيع أمرا لا تسبقه تلك الجملة.

واعتبر بشارات أن هذه اللعبة تُمارس اليوم في الساحة السياسية الإسرائيلية، لكن اسمها "بيبي قال"، فإذا قال نتنياهو إنه لن يعترف بالدولة الفلسطينية، يقفز خلفه يائير لابيد ثم بيني غانتس، ثم بقية المعارضة، دون أي تفكير، فالكل ينفذ فقط ما يقوله بيبي.

ويرى الكاتب أن تفاخر إسرائيل بديمقراطيتها وتعدد الآراء فيها، ليس إلا ادعاء زائفا لأن تلك الآراء فارغة وتفتقد إلى العمق ولا تناقش القضية الأهم، أي طريقة إنهاء الصراع مع الفلسطينيين.

وأشار إلى أن الإجماع شبه التام بين الأحزاب الكبرى على رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية يفضح العجز الجماعي عن اتخاذ قرارات مصيرية تتجاوز شعارات التعددية.

عودة بشارات: إذا قال نتنياهو إنه لن يعترف بالدولة الفلسطينية يقفز خلفه يائير لابيد ثم بيني غانتس ثم بقية المعارضة دون أي تفكير لا حلول

ويقول الكاتب إنه في ظل صمت الطبقة السياسية الإسرائيلية عن المجاعة في غزة باستثناء عضو الكنيست غلعاد كاريف، وغياب أي أفكار لحل الأزمة واستشراف اليوم التالي للحرب، شعر ببعض التفاؤل قبل أيام عندما وجد مقالا لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك بعنوان "نداء طارئ"، لكن سرعان ما تبددت آماله عندما انتهى من قراءة المقال ولم يجد فيه أي خطة عملية أو فكرة للخروج من الأزمة.

إعلان

أما من تبقى من "أنصار السلام"، فقد وصفهم الكاتب بمقولة القائد الإسلامي طارق بن زياد "أيتام على موائد اللئام"، في إشارة إلى أنهم معزولون، بلا دعم ولا ظهير سياسي، مثل عضو الكنيست، اليساري عوفر كسيف، الذي حُوصر إعلاميا بسبب مواقفه الجريئة المدعومة بمعرفة تاريخية دقيقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • التجمع الوطني للأحرار يعلن أنه مستعد لتنزيل وتنفيذ رؤية الملك من مختلف المواقع والمسؤوليات
  • التجمع الوطني للأحرار يعلن أنه مستعد لتنزيل وتنفيذ رؤية  الملك من مختلف المواقع والمسؤوليات
  • هآرتس: الطبقة السياسية في إسرائيل تسير خلف نتنياهو نحو الهاوية
  • جيرمي كوربن يعود من بوابة الشباب.. هل يهدد الحزب الذي أخرجه؟
  • لماذا اعترف ماكرون بفلسطين الآن؟
  • أبو العينين: أبناء الجيزة لهم باع طويل في العمل الوطني وكفاءات مشهود لها
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • حادث خطير في تعز.. سيارة تتوقف على حافة هاوية والركاب ينجون بأعجوبة
  • مستشار ماكرون: مندهشون لزوبعة إسرائيل تجاه الاعتراف بفلسطين
  • وزير إسرائيلي يهاجم ماكرون ويتهمه بتعزيز الإرهاب واتباع النازية