رفض ما دسّه الغلاة فقهاء الإماميَّة الاثنيّ عشريَّة… الولاية في الأذان
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
آخر تحديث: 25 يونيو 2024 - 10:24 صبقلم:رشيد الخيّون حشد التّيار الصّدريَّ، الممثل بمقتدى محمد محمد صادق الصّدر، ليكون (18 ذو الحجة) عيداً رسمياً بدأ مِن هذا العام (1445هـ)، تحت عنوان “عيد الغدير”، ومثلما هو معروف القرارات التي تؤخذ في البرلمان العراقيّ، تؤخذ وفقاً لمصلحة المحاصصة، فصوت الأعضاء الأكراد، ولم يعترضوا على اعتبار الغدير عطلة رسمية، للعراق كافة، مقابل اعتبار مناسبة الأنفال عطلة رسمية وهكذا، لا أحد يعنيه العراق، وهنا لا نبحث بصحة أو عدم صحة أن يكون تاريخ (18 من ذي الحّجة)، تتويجاً إلهياً للإمام والخليفة الرَّابع الرَّاشدي علي بن أبي طالب(اغتيل: 40هـ)، إنما نبحث في موقف فقهاء الشّيعة، في هذه الولاية، واعتبارها فقرة من فقرات الأذان أم لا؟ مِن المعلوم، ليس هناك خلاف بين المسلمين كافة على الوحدانية، ويعبر عنها في الأذان بـ”أشهد أنَّ لا إله إلا الله”، ولا اختلاف بينهم في الرسالة، ويعبر عنها بـ”أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله”، لكن الخلاف وقع على “الولاية”، والتي عُرفت بالشّهادة الثّالثة، ورفعها في الأذان بعبارة “أشهد أنَّ علياً ولي الله”.
لا يقرها السّنَّة على مختلف مذاهبهم، كذلك فرق شيعيَّة، مِن غير الإماميَّة الاثني عشريَّة، كالزَّيدية مثلاً، لا يقرون بها، كولاية سياسية، أو تتويجاً إلهيّاً، ويعتبرون علياً أحد أعاظم الصّحابة، ويقرون بولايته عندما تسلم الخلافة بما قُرُّ بالحل والعقد، لكن عدم اعتبار الشّهادة الثّالثة(إنَّ علياً ولي الله) في الأذان الإماميّ الاثني عشري، ناهيك عن الزّيدية وتفرعات التشيع الأُخر، يؤكد هناك اختلاف على الإمامة نفسها، لذا ففقهاء الاثني عشرية أنفسهم تجنبوا ما أدخله “الغلاة” على التشيع، وبثوه في الأذان، ومعلوم أنَّ الغلاة يعدون في الرسائل الفقهيّة الشّيعيّة الاثني عشريةكفاراً أنجاساً، شأنهم شأنه شأن “النَّواصب”، الذي ينصبون العداء بالقذف والسّب لعلي وبنيه. خلو الأذان مِن الولاية ألتفت فقهاء شيعة، مِن الذين كانوا يقرون بولاية الفقيه، ثم حادوا عنها، وتخلوا عن جعل الأئمة فوق البشر، وإنما أخذوا بمن سبقهم من القدماء واعتبروهم مجرد “علماء أبرار”، وليسوا مثلما يقدمون في الأدب الشّيعيّ اليوم بالمعصومين، وبنواب الله، ومنها ظهرت ولاية الفقيه أو نيابته. بينهم مَن تعرض إلى المحاكمة والاعتقال، لأن تشكيكهم هذا يؤدي إلى رفض ولاية الفقيه، المفروضة دستوريَّاً بالجمهورية الإسلاميَّة الإيرانيَّة، منهم الفقيه محسن كديور، وقد جاء في كتابه “القراءة المنسية إعادة قراءة نظرية: الأئمة الاثنا عشر علماء أبرار”، اعتبر فيه أن الإمامة بما هو معروف اليوم مِن تراث الغلاة، وليس التشيع الأصيل. قال متسائلاً: “هل كان تلقي الشّيعة في العصور المختلفة لأصل الإمامة، وفهمهم له، هو ذات تلقي الشّيعة الإماميَّة اليوم لهذا الأصل، وفهمهم له؟ أم أنَّ المفهوم”الإمامة” قد تطوَّر عبر الزَّمن، وشهد تحوُّلاً وتبدلاً في العصور، التي تلت ظهوره لا سيما في القرون الخمسة الأولى”(كديور، القراءة المنسية). يُجيب الشيخ كديور بالتحول والتبدل، ولم يكن هذا في أصل التشيع. أقول: على هذا لم ترد الولاية في الأذان، إلا أن بعص الفقهاء جعلوها مستحبة مسايرة لمزاج العوام، الذي تأسس منذ العهد الصّفويّ. يقول أبو جعفر محمَّد بن عليّ القُميّ، المعروف، عند الشّيعة الإماميَّة، بالشيخ الصّدوق(تـ: 381هـ)، ويُعد مِن أقدم وأهم راوية حديث إماميّ: فقرات الأذان: “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أكبر، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمداً رسول الله، أشهد أنَّ محمداً رسول الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، حيّ على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله”(القُميّ، مَن لا يحضره الفقيه، منشورات الحوزة العلمية بقّم). ثم أردف موضحاً ومؤكداً: “هذا هو الأذان الصَّحيح، لا يزاد فيه ولا ينقص منه، والمفوضة(من فرق الغلاة) لعنهم الله قد وضعوا أخباراً، وزادوا في الأذان محمَّد وآل محمَّد خير البرية مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أنَّ محمداً رسول الله أشهد أنَّ علياً ولي الله مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك أشهد أنَّ علياً أمير المؤمنين حقاً مرتين، ولا شك في أنَّ عليا ولي الله، وأنه أمير المؤمنين حقاً، وأنَّ محمداً وآله صلوات الله عليهم خير البرية، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان، وإنما ذُكرت ذلك ليعرف بهذه لزيادة المتهمون بالتفويض، المدلسون أنفسهم في جملتنا”(المصدر نفسه). رفض ما دسه الغلاة رفض فقهاء الشِّيعة رأي الغلاة “المفوضيَّة”، أي القائلين بتفويض الأئمة مِن الله، في ما يختص به، فقالوا: “لا جبر ولا تفويض”(الشيخ المظفر، عقائد الإماميَّة).إذا كان التوحيد ورد قطعياً في القرآن والسُّنة، وكذلك الرّسالة أو النّبوة، لم يُختلف عليها، فأمر الإمامة اُختلف بها، ليس بين المسلمين، إنما بين فرق الشّيعة المتعددة، فالزّيديّة يرونها إمامة الفقه، والإسماعيليّة حولها منهم إلى أئمتهم المستورين، لا يطلبون بهم أمراً سياسياً اليوم، إنما عقيدة داخليَّة، تخصهم، ولا تخصهم سواهم. غير أنّ زيادة الشَّهادة الثَّالثة في الأذان التي أُضيفت رسميّاً في العهد الصَّفويّ(تيرنر، التَّشيّع والتَّحول في العصر الصَّفويّ)، كان العديد مِن الشِّيعة يرفعونها قبل هذا العهد بكثير، ولكنها لم تُحسب مِن عبادات المذهب رسمياً، إنما مِن فعل الغلاة المرفوضين مِن قبل فقهاء الشّيعة أنفسهم. مثال على ذلك: أنَّ القاضي التّنوخي (تـ: 384هـ) ينقُل التَّالي عن أبي فرج الأصفهاني (تـ: 356هـ)، قال: “سمعتُ رجلاً مِن القطعية، يؤذن: الله أكبر الله أكبر، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمداً رسول الله، أشهد أنَّ علياً ولي الله”(التَّنوخي، نشوار المحاضرة). مع إضافة تكفير تقول: “محمَّد وعلي خير البشر، فمَن أبى فقد كفر، ومَن رضي فقد شكر…”(المصدر نفسه). هذا، والقطعيَّة ظهروا بعد وفاة موسى بن جعفر (183هـ) عندما انقسم الأتباع إلى فرقتين، واحدة وقفت عنده، أي اعتبرته المهدي ولم يمت، وسميت بالواقفة، أي وقفت عنده، وأخرى عُرفت بالقطعية، لأنها قطعت بوفاته وتولت إمامة نجله علي الرضا (تـ: 203هـ)، وعلى هذا أن امتدادها هو قسم مِن الشِّيعة الإمامية (انظر: النُّوبختي، فرق الشِّيعة، ومشكور، موسوعة الفِرق الإسلامية). نقول هذا لأنَّ الإمامية انشطرت بُعيد وفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (260هـ)، وتفرعت إلى الإمامية الاثني عشرية، وإلى النَّصيرية المعروفة الآن بسورية، وجماعة تولت جعفر بن علي الهادي إماماً. كذلك يذكر ابن بطوطة (تـ: 779هـ)، مما أدخلخ الغلاة وتلقفه العوام في الأذان، أنه زار منطقة القطيف التابعة الآن إلى الإمارة الشرقيّة بالمملكة العربيّة السُّعوديّة، وهي مدينة شيعيّة قديماً، كان يُرفع فيها الأذان مع الشَّهادة الثَّالثة. قال: “يقول مؤذنهم في أذانه بعد الشَّهادتين: أشهد أنّ عليًّا وليّ الله، ويزيد بعد الحيعلتين حيّ على خير العمل، ويزيد بعد التَّكبير الأخير: محمّد وعليّ خيرُ البشر مَن خالفهما فقد كفر”(ابن بطوطة، الرحلة). كذلك كان الزائرون للضريح العلوي بالنجف مِن طالبي الشَّفاعة بالبراءة مِن مرض، يقولون: “لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله”(المصدر نفسه). اطلعنا على كتاب خاصّ بالأذان، وهو “الأذان بين الأصالة والتَّحريف”، وقد أهداه مؤلفه إلى أوّل مؤذن وهو بلال بن رباح الحبشيّ (تـ: 20هـ)، الذي لا يرفع في الأذان “الولاية لعليّ” ولا لغيره قائلاً: “إلى مَن لا يؤذن لأحدٍ بعد رسول الله إلا للزَّهراء والحسنين”(الشهرستانيّ، الأذان بين الأصالة والتَّحريف، قم). الكتاب فيه بحث واستقصاء، وكان موضوعه إجمالاً لتأكيد الهيعلة الثَّالثة “حيَّ على خير العمل”، التي تُعتبر أساساً في أذان الشِّيعة، ومنهم الزيديّة أيضاً، ولم يتعرض لرفع الشَّهادة الثَّالثة “علياً ولي الله”. من الطُّوسي إلى السِّيستاني لا يقر مراجع الشّيعة كافة، مِن الأولين والمتأخرين، في رسائلهم الفقهيَّة “الشّهادة الثّالثة”، فصيغة الأذان لدى مؤسس حوزة النَّجف الشّيعية(448هـ) الشَّيخ أبو جعفر محمَّد الطوسي (تـ: 460هـ) كالآتي:” التكبير أربع مرات، والشَّهادتان مرتين مرتين، وحيَّ على الصَّلاة مرتين، وحيَّ على الفلاح مرتين، وحيَّ على خير العمل مرتين، والله أكبر مرتين، ولا إله إلا الله مرتين”(الطُّوسي، كتاب الخلاف). كما أن فصول الأذان ثمانية عشر نفسها عند المرجع، الذي خلف أبي القاسم الخوئي(تـ: 1992)، آية الله أبو الأعلى السبزواريّ(تـ: 1993)، سائراً على مَن سبقه مِن فقهاء الإماميّة كافة، ليس بينها الشَّهادة بالولاية، وذكرها استحباباً، بمعنى ليست مِن فقرات الأذان(السبزواريّ، منهاج الصَّالحين). كذلك جاء الأذان عند المرجع الشِّيعي الإمامي الحالي آية الله السَّيد علي السِّيستاني، مع إشارته إلى أن الشهادة بالولاية «لم تكن جزءاً من الأذان ولا الإقامة، وكذا الصَّلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشَّريف»(السّيستاني، منهاج الصَّالحين). أما آية الله الخميني (تـ: 1989)- نذكره كونه مؤسس دولة إسلامية- فلا يذكر تفاصيل صيغة الأذان من الأساس، على اعتبار أنها ليس من موجبات الصَّلاة، قال: “لا إشكال في تأكد استحبابهما للصلوات الخمس”(الخميني، تحرير الوسيلة)، ويقصد الأذان كافة. يدل مما تقدم أنَّ علماء الشِّيعة لم يسايروا ما أدخله العهد الصَّفوي (1501-1732) على فقرات الأذان؛ التي أخذها مِن أفواه “الغلاة”، وهي الشَّهادة الثَّالثة، التي أعلنها إسماعيل الصَّفوي رسمياً عند دخوله تبريز، العام 907 هـ 1502 م (تيرنر، التَّشيع والتَّحول في العصر الصفوي)، فالذين أثبتوا الشّهادة الثّالثة في الأذان ممن تبنوا رأي الغلاة، مثل محمَّد باقر المجلسيّ(تـ: 1699)، أحد أبرز فقهاء الفترة الصّفويّة، واعتبر ما جاء به الشّيخ الصدوق هو مِن أجل التقيّة، لكن الشيخ المجلسيّ، غفل عن أن الشيخ الصّدوق القُمي عاش وكتب “مَن لا يحضره الفقيه” في ظل السلطنة البويهيَّة، وهي التي تبنت رأي الغلاة، في الطقوس وما يتعلق بالغدير، حالها حال الفاطميين، وثبتت المناسبات المذهبيّة أعياداً ببغداد، فإذا كانت التّقية مفروضة على الشّيخ الصّدوق فالأولى به مجاملة أو مسايرة البويهيين ببغداد وفارس، والمصريين بمصر، ويقر بالشّهادة الثالثة، مِما أدخله الغلاة على المذهب، لا يلغيها. لا يُعد ما ورد في «بحار الأنوار»(110 مجلد) للمجلسيّ، وهو أبرز فقهاء العهد الصفوي، مثلما تقدم، معتبراً لدى أساطين المرجعية الاثني عشرية في هذه المسألة،، وقد وردت روايته، ضمن قصة خيالية، عن الجزيرة الخضراء، وذلك عندما زار أحدهم قرية بغية الوصول إلى تلك الجزيرة، وأنه قدمَ مذهبه لهم بالشَّهادتين فقالوا له: “لم تنفعك هاتان الشَّهادتان … لِم لا تقول: الشَّهادة الأخرى(علياً ولي الله) لتدخل الجنَّة بغير حساب”، (المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار). ضرورة المراجعة لابد مِن العمل على نزع أداة من أدوات الخلاف الحادة؛ وعدم ترك الغلاة يتلاعبون بالشيعة نفسها قبل غيرها، ويعملون على تسميم العلاقات الاجتماعيَّة داخل الوطن الواحد، وما تثبيت “الغدير” عيداً إلا فتنة مذهبيّة، ادخلها غلاة الأمس وعابثو اليوم، مثلما عبر عنها أحد الباحثين، الذي كان على نهج حزب الدعوة في ما مضى، بشجاعة، وعاد إلى عراقيته بقوة.أقول: إنها ستكون فتنة أشد، ليست لجيلنا، فهو سيذهب بأمراضه وعقده، بل لأجيال شهدت طفولتهم الذبح على الهوية، فدعوهم يوصلون النِّداء إلى السَّماء بلا ضغائن وأحقاد، فالأمر مثلما رأيتم من صنع الرِّجال، وبدوافع يبرأ الدِّين منها. عموماً، يحتاج التشيع مراجعة، وتنقية مما أدخله الغلاة، وإذا كان الشّيعة الاثنا عشرية، قد تولوا السّلطة، ولهم الكلمة الفصل بإيران والعراق، فعليهم حماية الأوطان مِن التفتت، ويفرضون ما جاء في الروايات المختلف عليها، فالإمامة نفسها أمر مختلف عليه، وليس حالها حال الإلوهية والنبوة، المتفق تمام الاتفاق عليهما بين المسلمين كافة وداخل الشيعة، لا يجب أن يأخذهم الغرور، بتمثل دور المظلوميّة، وهم في السُّلطة وخارجها.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: لا إله إلا الله على خیر العمل الله أکبر رسول الله فی الأذان ولی الله ة الاثنی الأذان م
إقرأ أيضاً:
هات حَسَنَة وأنا سيدك!
مواضيع عديدة تزاحمت في رأسي، عندما شرعت في الكتابة، وآخرها عنوان المقال!
مصر الاسكندنافية!
تصريح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الجنرال المنقلب ياسر جلال الذي إذا قرأته دون صورته، خُيِّل إليك أنك تقرأ تصريحا لرئيس وزراء إحدى الدول الاسكندنافية التي ترفل في السندس والإستبرق، ولا تتناول إلا "الأورجانيك" من الطعام!
"لقد أثبتت الدولة المصرية، منذ 30 يونيو، أنها دولة الحماية التي لا تدخر جهدا؛ لصون مواطنيها من الوقوع في براثن الفقر والعوز.. مصر لم تترك مواطنيها في العراء أمام موجات التضخم"..
"دولة الحماية".. "صون مواطنيها من الوقوع في براثن الفقر والعوز".. " لم تترك مواطنيها في العراء أمام موجات التضخم".. إنجازات عظيمة لا ينكرها ولا يجحدها إلا "أهل الشر".. والدليل على صدق مدبولي أن أكثر من ثلثي الشعب المصري باتوا تحت خط الفقر، والثلث الثالث (إلا مليونا) يكافحون لئلا يلحقوا بالثلثين!
"أكثر من 66 في المئة يعيشون تحت خط الفقر.. تقرير حديث للبنك الدولي يكشف ارتفاع معدل الفقر في مصر من 29.7 في المئة في 2019، إلى 33.5 في المئة في 2021، بحسب مقياس تعادل القوة الشرائية".. (نقلا عن الجزيرة- مصر).
الجدير بالذكر أن تعداد المصريين بلغ 110 ملايين نسمة.. احسب سعادتك مع نفسك كده، كم عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر، والذين يكافحون لئلا يلحقوا بهم.. وخلِّي المليون اللي واكلها والعة على جنب!
كذب.. بجاحة.. استخفاف.. اطمئنان مزيف ناشئ عن تسليم الناس بالأمر الواقع، أو "استسلامهم" لعجزهم عن إحداث تغيير بات حتميا!
الانقلاب عبر الصندوق!
"جماعة الإخوان نفَّذت أكبر وأخطر الانقلابات في مصر، وهو الانقلاب عبر الصندوق"!
هذا ليس قول حشاش أذهبت المخدرات عقله، على حصيرة قذرة في "غُرزة" بلدي.. ولا قول جاهل يظن نفسه سياسيا بين جهلاء أكثر منه جهلا.. ولا قول مُهرِّج أراد أن يطلق نكتة؛ لإنعاش الجمهور.. إنه قول شخص يحمل شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية، ويرأس هيئة الاستعلامات المصرية المنوط بها التعامل مع الإعلام الخارجي، ورفع وعي الجماهير في الداخل، عبر حملات مدروسة بعناية! إنه "الدكتور" ضياء رشوان، الباحث، والمؤلف، والسياسي، ومقدم البرامج التلفزيونية، وحاجات تانية كتير!
"انقلاب عبر الصندوق"! مبلغ علمي أن التخطيط للانقلاب لا يكون إلا سرا (تآمر وخيانة يعني).. أما أن تدعو الهيئة العامة للانتخابات شعبا إلى الانقلاب على السلطة عبر صناديق الانتخاب، فهذا ما لم أسمع به إلا من الباحث المؤلف السياسي مقدم البرامج التلفزيونية رئيس هيئة الاستعلامات "الدكتور" ضياء رشوان!
إذا كان الإخوان "نفَّذوا انقلابا عبر الصندوق"، يا ضياء، فالحلف الصهيو-أعرابي نفَّذ انقلابا على هذا "الانقلاب"، عبر الجيش المصري العظيم، وزاد فحرَق الصندوق كمان! يا ريت كان فِضل "السندوء"، يا ضياء، وأي فريق يقدر يعمل انقلاب كل أربع سنين يتفضل!
إهانة للعقول، إهانة للعلم.. احتقار للمتلقي.. لكن "يعمل إيه التعليم في وطن ضايع"؟ زي ما قال طبيب الفلاسفة ياسر جلال!
"الإخوان اخترعوا الشماتة"!
هذا ما قاله عمرو أديب الإعلامي ذائع الصيت جدا أوي خالص، وأضاف: "لو أنا مت دي الوقت، هيشمتوا فيّا"!
لا أعرف من أين يأتي هؤلاء بكل هذه "البجاحة"، ولا أدري كيف يتعايشون مع جهلهم وجهالتهم بهذا القدر اللامحدود من الرضى عن النفس!
الإخوان لم يخترعوا الشماتة يا عمرو! ألم يبلغك قوله تعالى: "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"؟ ولما نقول: "قوله تعالى"، يعني هذا الكلام "قرآن"، يا عمرو، وليس اقتباسا من رسائل حسن البنا، ولا من ظلال سيد قطب!
-"فَقُطِعَ دَابِرُ.."= هلاك.. موت.. ذهاب بلا رجعة..
- "الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا..".. هذا وصف الله تعالى لمن يظلم، ويعلم أنه يظلم، ويصر على ظلمه حتى يهلك..
فهل كان قاضي الإعدامات شعبان الشامي عادلا يا عمرو؟! وإذا كان عادلا، فهل كل هذه الملايين التي تلعنه وتنعته بالظالم عميان وأغبياء، وأنت الوحيد اللي مفتَّح وذكي؟!
- "وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ..".. لماذا أتبع الله تعالى هلاك الظالمين بالثناء على نفسه؟ لأن هلاك الظالم المُصر على ظلمه، المُصَعِّر لملك الملوك خَدّه، راحة للمضطهَد الذي لا يملك دفع الاضطهاد عن نفسه وأهله.. وهذا هو الخير الوافر.. وهذه هي أعظم مواساة للمظلومين في الدنيا..
فكيف لا يُشكر اللهُ العادلُ على عدله الذي يتجلى في عقابه الظالمَ، أثناء انتزاع روحه انتزاعا، وقبل دفنه؟ وكيف لا يُشكر اللهُ اللطيفُ على لطفه بأن أزاح الشر من حياة المستضعفين؟ وكيف لا يُشكر اللهُ الحنَّانُ على جميل عطفه ومواساته للمظلومين المكلومين؟
اعلم أن الله تعالى هو الذي شرع لنا الشماتة في هلاك الظالمين، بل وعلمنا كيف نشمت.. ذلك، بأن نحمده سبحانه على هلاكهم: "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".
"وأنا لو مت"! لو مت! وهل عندك شك في إنك هتموت يا عمرو؟ أكيد هتموت.. كن على يقين من هذا.
هات حَسَنَة وأنا سيدك!
هذا هو عنوان جولة ترامب الخليجية! وهو وصف مصري لحال وسلوك ذلك المتسول المتكبر "عديم الذوق" الذي يطلب الحَسنة من المحسن بأسلوب أقرب إلى الابتزاز أو التوبيخ: احمد ربك؛ لأني سمحت لك تمد لي إيدك بحَسَنة.. آه.. أنا مبخدش (لا آخذ) حسنة من أي حد.. صحيح.. بتكلم جد..
شكر ترامب قطر على هديتها الثمينة له (طائرة فاخرة ثمنها 400 مليون دولار).. شكرها على طريقة المتسول المتكبر عديم الذوق، قبل بدء جولته: "هذه البلاد (دول الخليج) تتمتع بحمياتنا، ولولا الحماية الأمريكية لما كان لهذه الدول وجود اليوم"!
هكذا كان رد ترامب على "حسنة" قطر"، وعلى "حسنة" السعودية (تريليون دولار)، وعلى "حسنة" الإمارات (أكثر من تريليون دولار) تحت عنوان "الاستثمار"، وفي نظر "الخبثاء" ليست "حسنة"، وإنما "جزية" مقابل الحماية!
هكذا بِتنا نؤدي "الجزية" للروم، بعد أن كان الروم يؤدونها لنا، مع الفرق الهائل.. إذ لم أقرأ في التاريخ ما يفيد أن أمراء المسلمين تعاملوا مع الروم على طريقة "هات حسنة وأنا سيدك"! بل كان المسلمون يعتبرون حماية الروم "واجبا شرعيا" مقابل هذه الجزية، وكانوا يقابلونها (الجزية) بالعدل والإحسان، لا بالمَنِّ والأذى!
إن ما نحن فيه اليوم من ذُل وصَغار، ما هو إلا نتيجة طبيعية ومنطقية لسلوك الأمة الجمعي (حكاما ومحكومين).. كل منا "طاغية" في موقعه.. الأب في بيته، والسيدة مع الخادمة، والمدير في المدرسة، والمدرس مع الطلبة، والضابط مع المواطن، والوزير مع معاونيه، والرئيس أو الملك مع الوزراء.. فلا غرابة في أن يرسل الله من يطغى علينا، ويُخضع أعناقنا، وينهب أموالنا، ونحن له شاكرون..
في قلب هذا الطغيان، فار التنور، وكان الطوفان..
وهذا حديث آخر..
x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com